الشعب اليمني… مدرسة الثورة وعنوان الحرية… والطوفان القادم / أحمد الخزان
أحمد الخزان ( الجمعة ) 27/3/2015 م …
كان الشعب اليمني على مدى العصور مدرسة للثورة وعنواناً للحرية يقدم دروساً تلو الدروس، لم تخلُ فترة زمنية مرت من دون أن يثور على حكام الجور وسلاطين الظلم والفساد، كما أن أرضه مقبرة للغزاة والتاريخ خير دليل على أنه شعب لا يعرف المستحيل. وما زال يقدّم المزيد من الدروس في مدرسة متكاملة المراحل التعليمية وفق خطوات منهجية ووسائل ثورية حديثة وفريدة تكفلها جميع التشريعات السماوية والدساتير الوضعية.
نعم إنه الإنسان اليمني، الماضي والحاضر والمستقبل، الذي يستمد أصالته من جذور التاريخ، يصبر لكنه لا يجبن، يجوع لكنه لا يضعف.
ها هو اليوم يقدم للعالم درساً ثورياً جديداً يسحق من خلاله أحلام وأماني دول الاستكبار وممالك الرمال تحت أقدام ثواره من خلال ثورة انطلقت شرارتها في الـ 11 من شباط 2011، تدحرجت معها عجلة التغيير باقتلاع أول أركان العمالة والفساد وعنوان الانبطاح والاستبداد علي صالح اليد اليمنى للخارج.
وعلى رغم محاولة بعض دول الإقليم وعلى رأسها السعودية ومعها أميركا الالتفاف عليها واختزالها في ما سمي بـ المبادرة الخليجية ، فجعلت منها دستوراً وقانوناً وأغلالاً تطوق أعناق اليمنيين وتتحكم بجميع تفاصيل حياتهم وبمصير بلدهم، وعملت تلك الدول على إعطاء المبادرة أكبر من حجمها الحقيقي الذي لا يتعدى مساحة الورق المكتوب عليها في محاولة منها عن طريق قوى نفوذها في الساحة اليمنية مع اختلاف مسميات ومواضع وجودها، تلك القوى إلا أنها كانت تلعب الدور نفسه وتدور في حلقة العمالة والتبعية نفسها نصفها يحكم والنصف الآخر في هيئة معارضة والتي كانت هي المتحكم الوحيد في المشهد المتصدرة لشاشات التلفزة والصفحات الأولى للصحف التابعة لها والمسيطرة على جميع مفاصل الدولة، إذ عملت تلك القوى على محاولة إقناع الشعب اليمني بأن المبادرة نزلت كالغيث من السماء هي المعبود ولا معبود سواها، وحدها لا شريك لها، لا يجوز الخروج عليها ولا مخالفة نص من نصوصها فنصبت رئيساً أشبه بالمومياء وجاءت بحكومة خرقاء لم تستطيع أن تستوعب معنى ثورة شعب ولم تحقق له ما خرج من أجله.
إلا أن الوعي الثوري الشعبي كان أدهى وأكبر وإرادته لا تقهر وهمته لا تفتر، شعب خلق مكافحاً لعيش تحت أي ظرف وفي أصعب الأزمات والمراحل.
شعب إذا ثار ينتصر، وإذا عزم أمراً لا ينكسر يداوي جراحه بتراب وطنه. ظل متمسكاً بساحاته مواصلاً ثورته مستمراً في نضاله مستعيناً بالله يسير بخطى ثابتة ومدروسة وبعزيمة صلبة وهمة عالية استمرت 4 سنواتة لم يأبه بالقوى ولا بمبادرة أربابها.
واستطاع خلال الـ4 السنوات أن يستنزف كل طاقات ومخططات تلك القوى وأن يفتر عزيمتها ويكشف سوءتها ويجعلها تتخبط، وفي طغيانها تعمه حتى اقتربت الساعة وانشق القمر وإذا بها تدخل في حالة هستيرية عاليه لهول ما رأت لا تعلم ماذا تصنع ولا كيف تتصرف مع تنامي الوعي الثوري الذي يزداد في كل يوم توهجاً واجتاح خلال تلك الفترة الريف والحضر والسهل والجبل والبراري والقفار، حتى أطبق ذلك الوعي حصاره على العاصمة وبدأ الشعب في تشكيل لجان شعبية تحافظ على الأمن وترعى مصالح الناس وتتولى هي مهمة التصدي ومواجهة عصابات الإجرام التي كان يقودها ثاني أركان الفساد والذراع اليسرى للخارج علي محسن الأحمر . واستطاعت اللجان الشعبية أن تسيطر على العاصمة خلال ساعات بعد فرار الأحمر الذي سقطت بسقوطه المبادرة وحكومتها.
فاستمر الشعب في المضي بمزيد من قرارات وخطوات الثورة، وقال لجميع القوى والمكونات السياسية تعالوا لنتشارك في حكومة كفاءات بدلاً من أن نتعارك بعد أن شكل لجانه الثورية والتي أسند إليها مراقبة أعمال الحكومة واجتثاث دابر الفساد فقامت القوى بتفويض الرئيس المومياء بتشكيل حكومة كفاءات، إلا أن الجبل تمخض ووضع فأراً فبدلاً من أن يشكل حكومة كفاءات شكل حكومة ولاءات نالت رضا أسياده السعودية وأميركا .
فكانت النتيجة حكومة هزيلة وذليلة لم يعجبها وجود اللجان الثورية في جميع مرافقها لأنها لم تكن بحجم آمال وتطلعات «الشعب» فأرادت إخضاعه وإعادته إلى سابق أوضاعه.
وعندما يئست منه قدمت استقالتها غير مجبرة ومعها قدم «المومياء» استقالته في محاولة منه لإخافة الشعب والضغط عليه إلا أنه لم يعره أي اهتمام فمضى يستمر في تقديم دروسه الثورية بتنفيذ المزيد من خطواته التي نزلت عليه وعلى أسياده بالويلات وبالمزيد من الصفعات فصاغ إعلانه الدستوري الذي ينظم حياته ويحافظ على أمنه واستقراره قاطعاً بذلك دابرهم، فجن جنونهم فقاموا بنقل السفارات إلى عدن التي أباحوها لعناصرهم القاعدية وهددوا بالعقوبات وبالمزيد من التهويلات وبأنه إذا اقتضى الأمر سيتدخلون عسكرياً «ببعبع» ما يسمى بقوات «درع الجزيرة» فأمروا أزلامهم بسفك الدماء وإثارة الفوضى هنا وهناك، وعندما ازداد حجم جرائمهم وتعاظمت قبائح أعمالهم اضطر الشعب اليمني إلى أن يتخذ مزيداً من الخطوات الدروس فقرر أن يخوض المواجهة وأعلن التعبئة العامة وأعطى إشارته للجيش والأمن واللجان الشعبية بسرعة التحرك فكانت المفاجئة.
لم تمض ساعات حتى استطاع الشعب أن يحرر ما بيدهم من محافظات ووصل بجيشه ولجانه الشعبية إلى عدن وحررها في رسالة واضحة منه لقوات «درع الجزيرة» ولدول الخليج يقول فيها: لا تتعبوا أنفسكم لتأتوا إلينا… فنحن من سيأتي إليكم بطوفان بشري عارم.
نعم إنه الشعب اليمني… مدرسة الثورة… وعنوان الحرية… والطوفان القادم.
التعليقات مغلقة.