توضيح حول مقال تناول إساءات “عبيدات” و”عايش” للمعلمين
رائد العزام ( الأردن ) السبت 11/11/2017 م …
بداية وحول جملة (الكبر عبر) التي وردت في مقالي السابق تحت عنوان: نصيحة إلى “عبيدات وعايش”.. “الكبر عبر” اتركا المعلمين والمعلمات. والذي هدفتُ من خلاله انتقاد مواقف كلّ من الدكتور ذوقان عبيدات والدكتور حسني عايش من المعلمين والمعلمات، فإني أؤكد: لم ولن أقصد فيها أي إساءة لكبار السن، وكيف يكون ذلك ومنهم والديّ وأخي وأساتذتي ومثلي الأعلى؟ وما كان استخدامها إلا من باب (العاميّة) وفكرة النسيان التي تصيب الصغير والكبير معا، ولو عاد الوقت لما استخدمتها، وعليه اعتذر عنها.
وأسجّل للدكتور ذوقان عبيدات تفهمه لمقصد الجملة الذي عنيته وبالتالي عدم وقوفه عندها (كما فهمت منه)، وكذلك أقدر موقف الدكتور حسني عايش (حسب ما وصلني).
أما مضمون انتقادي ومخالفتي لمواقف الرجلين حول قضايا التعليم، فما زال قائما رغم حالة الودّ بعلاقتي بهما، وتتلخص:
بالنسبة للدكتور عبيدات، انتقد موقفه ونظرته إلى معلمي ومعلمات المدارس الحكومية، وكنت وما زلت أتمنى عليه تغيير هذه الصورة النمطية الغريبة منه، سيما وأنه دأب التأكيد على ضرورة التربية الأخلاقية بتعميق نهج الاعتذار من الآخر، فليته يبادر فيها ليعلمنا إياها درسا عمليا نقدره.
أما الدكتور عايش، والذي نال انتقادي له معارضة واضحة من معجبيه، فأؤكد على أنني انتقد مواقفه التي أراها تقفز عن الحقيقة، ولا يجد جهة إلا المعلم/ة لتحميله مسؤولية الفشل التربوي، رغم أنه في مقالاته ذاتها يغالط نفسه، وربما نعزو السبب لنظرته المسبقة بإلقاء التقصير على الجانب الأضعف، ما يؤدي إلى حرف الانتباه عن القضايا الجوهرية وإيهام القارئ أن المعلم هو سبب التراجع والكارثة، وهذا ما لا أرضاه لشخص بمكانة الدكتور حسني عايش.
أمثلة:
أولا: في مقال له بعنوان: إلى المعلمين والمعلمات مباشرة: دعوهم يتكلمون.
من العنوان والسرد الطويل حول أساليب التلقين التي ينتهجها معلمنا ومعلمتنا، يؤكد على تقصير المعلم في تنمية مهارات التحدث لدى الطلبة، وفي نهاية مقاله يشير إلى صعوبات تحقيق ذلك ومعيقاته، وهي: الإكتظاظ، وقصر اليوم والأسبوع الدراسي.
والسؤال هنا لدكتورنا الذي احترم: بما أن المعيقات لا يدا للمعلم والمعلمة فيها، فما مناسبة العنوان إذن؟ أليس من الصواب والشجاعة توجيهه إلى الحكومة أو وزراء التربية؟ ثم لماذا تتجاهل مناهجنا التلقينية بداية؟ وهل تقوم الوزارة باختبار طلبتها في التوجيهي من خلال مهارات التحدث والتفكير أم من خلال مهارات التلقين؟
لا أختلف مع الدكتور عايش بالمضمون ولكن العنوان وأسلوب الطرح حرف مساره وقاده لجهة لا تخدم الهدف، وتُوهم القارئ بالنتيجة والموقف السلبي من المعلم مسبقا.
ثانيا: في مقاله: هندام المعلم/ة
وقع دكتورنا في مغالطتين أخرجتا مضمون مقاله عن مساره الصحيح، فاختزال المعضلة في بنطال الجنز يُسخّف من قضايا مشاكل التعليم ومعيقاته، فهل انتهت مشاكلنا ولم يبق إلا بنطال الجنز الذي يزعج دكتورنا؟ ثم أليس من العدل الوقوف على أسباب التراجع في هيئة هندام المعلم/ة كما يرى؟ أليس من الشجاعة التوجه لأصحاب القرار الذين أفقروا المعلمين والمعلمات أولا؟
كنت أتمنى على الدكتور عايش أن يزور مدرسة حكومية بالقرب من سكنه ويحاور معلميها؛ ليقف على ظروف عملهم ومعيقاته؛ ليكون أقدر على المساهمة في طروحاته من أجل الإصلاح، وحينها سيجد أن بنطال الجنز ليس هو الكارثة الآن.
وفي المقال نفسه يعرّج الدكتور عايش (وليته لم يفعل) على الخلاف الذي وقع بين الدكتور ابراهيم بدران، حين كان وزيرا للتربية والتعليم في 2010، ومجموعة من المعلمين والمعلمات انتفضوا من أجل إحياء نقابتهم وإصلاح التعليم.
من يقرأ طرحه حول الخلاف يستنتج أن سبب الهجوم على بدران حينها هو دعوته المعلمين والمعلمات إلى الاهتمام بهندامهم، أي أنها مجموعة متخلفة، تحاملت على بدران لهذا السبب فقط.
وهذا طرح مجاف للحقيقة ويؤكد على؛ إما أن دكتورنا “عايش” لم يكن حاضرا من أصله تلك الأحداث، وسمع بها من أشخاص فقط، أو أنه كان يقف ضد حراك المعلمين للمطالبة بحقوقهم وقتها، لذلك يؤيد ويتبنى موقف الوزير بدران.
الحقيقة يا دكتورنا هي أن بدران أهان مجموعة من المعلمات والمعلمين، اعتصموا أمام نادي المعلمين الذي أغلق بوجوههم؛ للمطالبة بحقوقهم النقابية والمهنية، وإساءته جاءت ردا على سؤال حول موقفه من تحركهم، وقال حينها: “يروحوا يحلقوا لحاهم بالأول ويهتموا بهيآتهم”، علما أن المعتصمين وقتها يا دكتورنا لم يكونوا ملتحين أصلا، وكانوا نخبة من المثقفات والمثقفين الشجعان، وردة فعلنا الأولى كانت أن طالبناه الاعتذار فقط، لكن مواقفه التعنتية والقمعية اللاحقة هي من أزمت المشهد، فهل تعلم أن معاليه عاقب ما يزيد على 50 معلما ومعلمة بالنقل والتقاعد والاستيداع، فقط لأنهم طالبوا بإحياء نقابتهم؟
المحصلة يا دكتورينا عبيدات وعايش، أننا في مرحلة تراجع تعليمي خطير، تتطلب من الجميع المساهمة والتحرك الجاد من أجل ثورة إصلاحية حقيقية أعداؤها كثر، تحتم بالضرورة الجرأة والوقوف على الأسباب والقضايا الكبيرة الحقيقية، ومخاطبة المعنيين مباشرة دون القفز عن الحقائق وحرف المسارات إلى قضايا جانبية تشتت العمل وتسخّفه أحيانا أخرى.
التعليقات مغلقة.