الاستغراب”.. لمواجهة مخرجات حركة “الاستشراق”2/2 / عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود
عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود ( الأردن ) الثلاثاء 14/11/2017 م …
الانسجام بين الجغرافية السياسية والكتلة السياسية التاريخية” القادة التاريخيين ” في بلاد المثلث الحاكمة، يكمن اجتماعيا ـ سياسياً في الأهمية الحاسمة لدور النخب السياسية العربية و انخراطها ألفعال في العملية التاريخية والمنجزات المطلوبة منها في كل الحقب المتعاقبة لبناء دولة اتحادية عملاقة في بلاد الشام وارض الرافدين.والكنانة .
نعم ؛ إنه الإصرار الفكري العقلاني المتنور والإرادة الحرة والحاذقة والتشبث بالاستقلال السياسي الاقتصادي للعرب والفوز الكامل بسيادة الأمة ووحدتها ،التي لا يمكن المساومة عليها باي ثمن حتى يكون لها مكانا تحت الشمس مثل باقي الامم والشعوب في ظل هذا الجهاد العروبي بالتقدم والتراجع من نمط هؤلاء القادة العظام بدون أسياد لهم في الخارج ، يوجب الادراك جيداً أن في الاندماج لهؤلاء القادة اليومي في الصراع السياسي في داخل الأمة وخارجها ، لا بد أن يتجنبوا أحد احتمالين صاعقين، يؤديان حتماً إلى التدمير العضوي الشامل:
الأول:- المهام الصعبة في دولة عملاقة لا ينفذ اليها قيادي باسم الانتهازية والوصولية بعيدة المدى ، بحيث يكون المنفذ اليها في هذا الاسلوب مضللا وانتهازياً ومدمرا في النهاية ؛ عملاء الاجهزة الاستخبارية العالمية ” السادات نموذجا”.
الثاني:- المهام الصعبة لقيادة المرحلة المقبلة باسم الواقعية للقيام بالمهام السهلة سيكون عدمياً في الشأن العربي السياسي العام والاقتصادي في أفضل الاحتمالات و”عميلا” للقوى الأجنبية المعادية للامة في أسوأها، مسار “السادات الاستسلامي ” نموذجا.
محاولات الولايات المتحدة الامريكية، ومنذ العام 1951،حيث طرحت ولأول مرة مشروع “الشرق الأوسط” الجديد؛ استهدفت من خلالها وأد “المشروع النهضوي العربي” في تحطيم “الدولة الوطنية “الاتحادية في سورية ومصر ، واحتلال العراق وتدمير حضارته واسقاط نسقه المقاوم وتفتيت سورية وتدمير دولتها ألوطنية، واخراج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي الى الابد ، في اطار مؤامرة تفتيت الجغرافيا العربية وبعثرة تاريخها في الحاضر والمستقبل ،وضمن سياسة الانشغال بالذات والحروب المذهبية والطائفية والاثنية، او الانخراط في مصالحة مكشوفة مع إسرائيل والاعتراف بيهودية الدولة في فلسطين المحتلة لحماية مصالحها الحيوية في الاقليم والمنطقة ،لضمان امن إسرائيل لديمومة المشروع الصهيوني .
الخلاصة والاستنتاج ؛
– أن “المسألة العربية” في العصر الحديث لن تكون فقط في إطار الدفاع عن الأمن القومي فحسب ،بل تتعدى ذلك إلى الصراع الحضاري الانساني للبشرية في عالم متعدد الاقطاب والثقافات في زمن التطور غير المتكافئ وحضر المعرفة لتقانيه الناتو لامتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر، وفي زمن الحروب الاقليمية والاحتلالية المتلاحقة والدائمة المباشرة وبالوكالة ، إلا في اطار فاعلية الوراث للحضارة العربية الاسلامية الانسانية المتراكمة.
– نمط الرجال من القادة العظماء بدون أسياد ،اي ليس “عبدا لعبد” شرط اساس، أن تكون النخب المتنورة في قيادة بناء الدولة المدنية الديمقراطية العملاقة في بلاد الشام وارض الرافدين ذات المرجعية الدينية الاسلامية ،وبدون هذه الطبقة السياسية من القادة العمالقة وشرائحها الثورية المتقدمة ،لا يمكن استيلاد “الكتلة التاريخية” من القادة العظام ،ولا يمكن أيضاً تحقيق التطابق بين قوتها الفكرية والمادية وبين مواصفات ومحتويات جغرافيتها السياسية الخاصة الا من خلال نمط القادة التاريخيين غير عملاء للأجهزة الاستخبارية الغربية.
– الدولة المدنية الديمقراطية العملاقة ذات المرجعية الدينية الاسلامية ، وبقيادة الكتلة التاريخية “من هؤلاء القادة العظام غير الموالين للغرب المتصهين ،هي؛ الخطوة الاولى لولوج الامة العربية الدورة الثالثة في سلم الحضارة الانسانية ، ليكون لها مكانا تحت الشمس بين الامم والشعوب في عالم متعدد الاقطاب والثقافات .
– لقد دشنت في البلاد العربية تجارب ومشاريع عديدة للاستنهاض الحضاري للامة ؛ اصطدمت بتأمر الغرب المتصهين لإجهاضها في المهد ،حيث تأكد من خلالها سابقا ولاحقا أكذوبة” الرأسمالية المسالمة “، وخاصة بعد احتضان الغرب” المشروع الصهيوني ” وأقامه إسرائيل في فلسطين المحتلة، وانفراد الغرب بالمنطقة والسيطرة على ثرواتها والتحكم بمقدراتها، ومنعها من المساهمة في التراكم الحضاري للبشرية ” حضر المعرفة الانسانية ” ، وعدم امتلاكها “ تقانيه الناتو “، لتصنيع السلاح الاستراتيجي الكاسر للدفاع عن مقدراتها وثرواتها الطبيعية واستقلالها السياسي والاقتصادي وموروثها الثقافي والاجتماعي من خلال دول مصنعة وموالية للغرب المتصهين وتسير في ركب ثقافة حضارته .
– الدور الجوهري للنخب والقادة العظام ،يجب ان لا تخضع نهائياً لقوانين الصراع السياسي والاجتماعي في النسق القطري الاقليمي ” جامعة الدول العربية ، رتبة وراتبا، وتعيش لتأكل وتأكل لتعيش ، وعدم الارتهان لإسرائيل والتواطئي مع الغرب المتصهين ، ويكمن في انهم رجال بدون أسياد ؛ هم ” الكاريزما” لزعماء النخب السياسية والاجتماعية، الذين يتفردون بخصائص نادرة في تحرير المعرفة الانسانية من الحضر الغربي المتصهين من أوهام الماضي وأحلام المستقبل لبناء الدولة العملاقة في الشرق.
– الدور الغربي المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الامريكية في تدمير المشاريع النهضوية العربية ؛ ظاهر للعيان في رعاية مسار الاستسلام في مواجهة المسار المقاوم والممانع ، لابد من مواجهة الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية المشتركة بذات الادوات والمنهاج والاستراتيجية المضادة.
– لمواجهة هيمنة وسيطرة قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وادواتها للتدخل السريع حول العالم .. المجمع الصناعي العسكري والشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات واذرع النظام الاقتصادي .. منظمة التجارة الدولية ، والبنك الدولي و صندوق النقد الدولي والاجهزة الاستخبارية العالمية والبنتاغون وحلف شمال الاطلسي ” الناتو “، ومنظومة التحالف الامني الاقليمي التي تحكمها اتفاقيات الحماية الامنية المباشرة ومذكرات التفاهم والتعاون العسكري والحلف من خارج الناتو ومعاهدة التعاون الاستراتيجي ؛ وجوب قيام حركة ” استغراب ” لمواجهة مخرجات حركة” الاستشراق ” التي ينفذها الغرب منذ قرون لتفتيت الامة والملة ؛ فالحركة المطلوبة تحتاج الى جهد مؤسسي ضخم يسهر على تنفيذه نمط من القادة العظام لتبني مشروع الاستنهاض الحضاري لقيادة الامة والملة ليكون لهما ؛ مكانا تحت الشمس في اطار نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات.
– الاصلاح العام للنسق القومي ، وذلك بترسيخ ثقافة علوم ” فن الحياة ” ” الديمقراطية ” والتأهيل لممارستها في الحياة العامة والسياسية والاجتماعية ، وادراجها في المناهج في المستويات التعليمية كافة للخروج من ظلمات الاستبداد والدكتاريويات والفساد والافساد الى فضاء الدولة المدنية الديمقراطية المنتجة العملاقة الاتحادية ،وتتناوب مكونات نسيجها الاجتماعي؛ السلطة سلميا عبر تنافس تيارين سياسيين في المجتمع السياسي ؛ اصلاحي ومحافظ بانسجام تام . انتهى
* صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.