حكاية ” حراق ” جزائري في إسبانيا / رابح بوكريش

رابح بوكريش ( الجزائر ) الخميس 16/11/2017 م …




[email protected]

البداية ستكون مع جزائري مقيم في إسبانيا منذ أكثر من 30 سنة، يحدثنا عن رأيه في المشكل الكتالوني وتأثيره على التجارة وعلى الحياة اليومية.

السؤال الأول: سنوات طوال وسيادتكم تعيش في إسبانيا، الى أي حد أثر ذلك في حياتكم وماذا أضاف لكم ؟

ج . في إسبانيا شعرت حقيقة بحياة تختلف تماما عن الجزائر، في إسبانيا  كل وسائل الحياة متوفرة، وما على العامل إلا أن يجتهد وكل ما كان العمل مثمرا كلما كانت الحياة جليلة، هنا الملبس والغذاء والاطمئنان والسكن متوفر. وقد تعلمت هنا أن أساس الحياة هو العمل ويمكن  للإنسان بهذا الأخير أن يصل الى ما يريد عكس الإنسان العربي الذي لا يمكنه أن يصل الى ما يريد حتى ولو كانت له إرادة.

لنعود الآن الى المشاكل التي عرفتها إسبانيا في الأسابيع الماضية… وسؤالي هنا هو :

س. كيف عاش الجزائريين  المقيمين هنا أحداث كتالونيا ؟

ج. تابعنا الأحداث بنوع من الخوف بالرغم أن الأمر لا يعنينا تقريبا وقد اندهشنا عندما عرفنا مطالب الكتالونيين  ” لأن حقوقهم مضمونة ولهم حكومة محلية لها سلطات واسعة ” وبكل صراحة فإن مطالب الكتالونيين غير موضوعية.

س. تقصد مطلب دولة مستقلة؟

ج. نعم،

س. وما رأيك في العملية سواء كانت في كتالونية أو في أية دولة أخرى ؟

ج. حسب ما قرأنا في التاريخ فإن كل محاولات الانفصال تنتهي بتدخل عسكري أو حرب اهلية

س. سيدي: هذا المطعم ملك لك وسؤالي هنا هو ” هل الاقبال على المطعم في هذه الأيام هو نفسه قبل اندلاع الأحداث ؟

ج . ان الإقبال على المطاعم هنا خلال الأحداث، انخفض نحو 65%، عن العام الماضي، الأمر الذي كبد أًصحاب تلك المطاعم خسائر فادحة … على الرغم من العروض والتنزيلات الهائلة التي اتبعها أصحاب المطاعم والفنادق لجذب

الزبائن إلا أن الإقبال كان خجلاً جداً، مرجعاً ذلك بشكل رئيسي إلى غياب السياح.

لنترك هذه القضية بجانب ونتحدث عن مشاكل الهجرة غير الشرعية…

وسؤالي هنا:هو:

س. كيف يعيش الشاب الجزائري الذي لا يملك شهادة الإقامة ؟

ج .  حقيقة كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الأزمة التي يمر بها المهاجرون الجزائريون في إسبانيا. سجلت عشرات الحالات من محافظات الغرب والشرق ممن دخلوا السجن 4 مرات، وعلى رغم ذلك لا يردعهم لا القانون ولا السجن في المخاطرة مجدداً بحياتهم للوصول إلى الضفة الأخرى من سواحل إيطاليا أو إسبانيا. في الأسابيع الماضية فقط كانت هنا محاولة مكونة من 4 قوارب الموت جاءوا من مدينة دلس ” مدينة ساحلية تقع شرق العاصمة “.

نسيت أن اقول لك بأنني ناشط سياسي ومتعاون مع شرطة الحدود كمترجم .

س. ولماذا مدينة دلس بالذات ؟

ج. المسافة من هناك ليست بعيدة ” 270 كيلومتر ” ، ويستغرق الابحار من دلس الى هنا 30 ساعة تقريبا ومن المؤسف القول أن هؤلاء لم تردعهم النجاة من الموت ولا عقوبة السجن عن تكرار مغامرة محفوفة بالألم والأمل.

س. وما رأي الشرطة الإسبانية في هذه الظاهرة الخطيرة ؟

ج . الشرطة الاسبانية عاجزة عن فهم تدفق المهاجرين غير الشرعيين لأنهم يسمعون عن الجزائر كونها  أكبر بلاد في أفريقيا و مستقرة  وغنية وثرواتها لا تحصى.

س. نريد أن نعرف الآن وجهة نظرك في القضية بحكم أنك تحدثت مع الكثيرين منهم.

ج . الحقيقة الواضحة تماما هي أن الشاب الجزائري فقد الأمل في الحصول على وظيفة مستقرة في الجزائر …ويقول بعضهم حتى الوظيفة في الجزائر أصبحت لا تكفي لشراء سكن أو سيارة أو حتى دراجة نارية !! وبعد انهيار العملة

الوطنية أصبح الوضع اصعب ! أي أصبحت المعيشة لا تطاق وبالتالي يفكرون في الهجرة الغير شرعية. في هذه اللحظة دخل شاب من ” الحراقين ” وصدفة وقف صاحب المطعم وقال اسأل هذا الشاب كيف وصل الى اسبانيا .

حكايتي  باختصار : في الساعة الخامسة صباحا وصلت الى المكان المحدد لانطلاق عملية الهجرة، وجدت هناك مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة . بدأت الرحلة مع مهرب الشباب ، عندما كان الليل حالك السواد شعرنا بالخوف ، وكنا في بعض الوقت ننتظر الموت في كل لحظة وخاصة أن الرحلة كانت على متن قارب صغير ، وبعد ما يقارب 30 ساعة من الخوف والأمل ، توقف القارب  في مكان مخيف بالقرب من جبل ، و قد بدأ الرعب يخالط قلوبنا خوفا من فشل رحلتنا وخاصة أننا دفعنا كل ما نملك من أموال “.  أحد الشباب باع ذهب أمه للقيام بهذه العملية “.

أصيبت المجموعة بالذهول عندما سمعت محرك سيارة فعمت الفوضى في المكان، اختلطت الأمور على الشباب، وأصبحوا لا يميزون بين الحقيقة والخيال ، وكان همنا الوحيد أن يروا المباني. المهم  لقد تم القبض على الجميع من طرف الشرطة الاسبانية ومن حسن حظي أنني استطعت الهروب من مكان الحجز. وبعد ساعة من السير وجدت نفسي في وادي عريض وعر واجتيازه خطر محقق. وغصت في الوادي وبدأت الاجتياز ببطء. على كل حال لا استطيع أن احكي لك ما عانيته للوصول الى الأراضي الاسبانية ، وأنا هنا منذ 6 سنوات .

س. وهل تحصلت على شهادة الإقامة ؟

ج. رفع رأسه الى السماء وقال وهو يبكي لا ولم أر عائلتي منذ 6 سنوات .

س. وماذا تشتغل ؟

ج.  الشغل حكاية أخرى أنت تعرف الأزمة الاقتصادية التي تعيشها اسبانيا فقد أثرت فعليا على الاسباني قبل المهاجر،  إذ أصبح الكثير من الشباب الاسباني بدون وظيفة ، والأعمال التي كان يرفضها الشاب الاسباني أصبح يقبلها بكل سرور” ثلاثة ملايين وسبعة وسبعين ألف شخص ما زالوا بلا عمل في اسبانيا ”  وبالتالي لم يبقى لنا شيئا ، في بعض الأحيان نجد عمل في فصل الصيف وما نقبضه في الصيف يذهب  في الشتاء وهكذا .

س. لو تحصلت على الوثائق هل تعود الى الجزائر ؟

ج. تنفس بقوة وقال :

سأعود الى الجزائر الحبيبة حتى لو أعيش في فقر محدق . وهل مشكلتك تنطبق على باقي الجزائريين . نعم هي نفس المشاكل تقريبا باستثناء بعض الحالات.

س. ماهي ؟

ج. هناك بعض الشباب يحبون العيش في اسبانيا لأنها تتوفر على المرافقة الضرورية للحياة اليومية بينما في الجزائر منعدمة تقريبا ، توقف عن الكلام قليلا ثم قال :

هل مازالت العاصمة الجزائرية تغلق أبوابها على الساعة السابعة مساءا. ابتسمت وقلت له للأسف مازالت .

كلمة أخيرة :الهجرة للخارج هي عادة سيئة، فكل شيء ان زاد عن حده انقلب الى ضده، والمسؤولية الكبرى يتقاسمها المواطنون و المسؤولون على حد سواء، كلنا مسؤولون عمّا يحل بنا من مشاكل في جميع الميادين تقريبا.

أنصح المهاجرين ان يبتعدوا عن المشاكل و خاصة الذين لا يملكون اوراق الإقامة لانهم تحت المراقبة، و لا يذهبون الى اسبانيا لأن العمل فيها أصبح من المستحيلات السبع.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.