حوار حول الفلسفة مع د. توفيق شومر / د. بشرى الحمداني
الأردن العربي ( الإثنين ) 30/3/2015 م …
* غياب تعليم الفلسفة في البلدان العربية وراء انتشار التطرف والارهاب
* حاورته د. بشرى الحمداني
د. توفيق شومر مواليد الفحيص / الاردن 1952 ، أستاذ مشارك ورئيس قسم العلوم الإنسانية رئيس قسم دراسات التنمية كلية الآداب والفنون/جامعة فيلادلفيا ، حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة علوم، جامعة لندن للعلوم الاقتصادية عنوان الأطروحة: “الواقعية الظاهراتية، الموصلية الفائقة وميكانيكا الكم 1992 – 1996
ماجستير في فلسفة علوم، الجامعة الأردنية (مع مرتبة الشرف: الأول في القسم). عنوان الأطروحة: “بعض الأبعاد الفلسفية لميكانيكا الكم” 1988- 19990
دبلوم في الدراسات فلسفية، الجامعة الأردنية، (مع مرتبة الشرف: الأول في القسم) 1986 – 1988 بكالوريوس فيزياء، الجامعة الأردنية 1980 -1984
له العديد من المؤلفات منها :
– الواقعية الظاهراتية، الموصلية الفائقة وميكانيكا الكم، رسائل جامعية، دار لمبرت الأكاديمية، بون 2010 .
– مهارات التفكير، دار أزمنة، عمان 2010 .
– المراقبة والتقويم للمشاريع التنموية: دار أزمنة، 2010.
– مهارات العصر الرقمي؛ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة؛ 2008.
– اما منشوراته في الصحف والمجلات وخبراته العلمية فتحتاج الى كتب لتدوينها
حصل على العديد من الجوائز منها :
1995/1996 جائزة لاكاتوش للفلسفة على مستوى الدراسات العليا، قسم الفلسفة والمنطق والمنهج العلمي، جامعة لندن للعلوم الاقتصادية.
1990 مرتبة الشرف، الأول على برنامج الماجستير، قسم الفلسفة، الجامعة الأردنية.
1988 مرتبة الشرف، الأول على برنامج الدبلوم، قسم الفلسفة، الجامعة الأردنية . التقيناه على هامش احدى الفعاليات الثقافية فكان هذا الحوار :
* س:باعتبارك من الباحثين المتخصصين في فلسفة الفيزياء ، نتساءل معك عن دوافع هذا الاهتمام بهذا النوع من الدراسة ؟
– يمكن القول أن الجواب عن هذا السؤال يجرني للحديث عن مساري الدراسي . فاهتمامي بالفلسفة المعاصرة لم يبدأ فقط مع إعدادي لشهادة الدكتوراه بل يعود اهتمامي بها إلى مرحلة اعدادي رسالة الماجستير في الجامعة الاردنية وتعرفي على اساتذة اعلام في مجال الفلسفة وكان لهم الفضل في دخولي هدا النوع من الدراسة بعد ان غيروا اتجاهي بمناقشاتهم لي وإقناعي بأهمية التخصص في فلسفة الفيزياء فكنت اول يلج هذا الجانب من الفلسفة .
* س: بالرغم من اهمية دراسة الفلسفة لا نجد له حضوراً قوياً في الساحة العربية مثلما هو الأمر بالنسبة لدول اوربا ؟
ج:هذا سؤال مهم ، فالمشكلة كبيرة جدا ومحصورة بعدد من البلدان العربية التي تعطي اهتمام بل تفتح الابواب على مصرعيها لدراسة الفلسفة في مدارسها وبالتالي في جامعاتها وهي ، مصر ، سوريا ، المغرب ، الجزائر ، في بريطانيا حيث كنت ادرس كان يشترط على المتقدم لدراسة الفلسفة ان يكون متفوقاً بل متميزاً بين اقرانه من الطلبة بحصوله على معدل عال يأهله لدراسة الفلسفة والامر مختلف تماماً في الدول العربية التي تستقطب الطلبة من اصحاب المعدلات المتدنية مما ينعكس على مستوى الخريجيين ممن لا يفقهون شيئاً من الف باء الفلسفة .
* س: كما تعرف فقدت الساحة العربية الكثير من رموز البحث الجامعي في مجال الفلسفة : محمد عابد الجابري ، محمد أركون،فؤاد زكرياء،عبد الرحمن بدوي ،لكن هناك من الباحثين الشباب من يحاول أن يكمل المسير، وهل من تفاؤل بمستقبل البحث الفلسفي ؟
– صحيح أن لكل عصر أجياله . أنا شخصيا لست متشائما ، ولكن ما ألاحظه هو أن كل باحث من هؤلاء لم يترك خلفا ليتابع المشوار من بعده، لأن هناك غياب لبحث فلسفي ممأسس في عالمنا العربي فالشباب الباحث إذا لم يؤطر في إطار مؤسسات من هذا النوع ،و التي يكون لها مشروع للبحث طويل الأمد، فلن يمكننا من تخطي هذه الوضعية.وستظل المجهودات الفردية وحدها غير كافية لمواصلة ما بدأه السلف.
*س: هناك الكثير من مراكز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ، في المقابل لانجد مراكز مختصة في الفلسفة ، إلى ماذا تعزو في نظرك هذا الغياب ؟
ج:أعتقد أن حتى مراكز البحث في العلوم الاجتماعية قليلة و تعد على رؤوس الأصابع و هذا راجع إلى نظرة القائمين على الشأن العام إلى العلوم الاجتماعية باعتبارها علوما مزعجة على حد تعبير بيير بورديو . فالعلوم الاجتماعية من مهامها تعرية المجتمع و كشف تناقضاته. فعالم الاجتماع هو طبيب المجتمع الذي يشخص أمراضه بطريقة علمية و موضوعية في أفق اقتراح العلاج الملائم لها.وهذا ما كانت ترفضه الدولة خاصة ي فترة السبعينيات و الثمانينيات .أما الآن فاعتقد انه لم يعد هناك من مبرر للاستمرار في التشبث بهذه النظرة المتجاوزة ، لأن مساهمة السوسيولوجي يمكن أن تكون لها فائدة على الدولة و المجتمع في الآن نفسه. و لهذا حان الوقت لتشجيع الأبحاث الاجتماعية و الإنسانية عموما ودعمها لإيجاد حلول للعديد من الظواهر التي تواجه مجتمعنا . فإذا كان هذا هو واقع العلوم الاجتماعية، فان واقع الفلسفة أسوء بكثير، فلا وجود إطلاقا لمعاهد و مؤسسات البحث الفلسفي كما نجد في أوربا و أمريكا باستثناء بعض المراكز الموجودة في الكليات و التي لم تستطع أن تقدم الشئ الكثير. فالبحث الفلسفي لازال مهمة فردية يقوم بها الباحث لوحده في عزلة تامة.
والاهم ان نظرة الدولة في العالم العربي إلى الفلسفة و العلوم الاجتماعية النقدية لا زالت نظرة مشوبة بالحيطة والحذر . و لهذا أعتقد أن تطور الفكر الفلسفي رهين بمأسسته من جهة، ارتباطه بحضور الفكر الديمقراطي في مجتمع يؤمن بحرية التعبير والتفكير. و مادام هذا الأمر لم يحدث بعد فإن على المهتم بالفلسفة أن يضاعف مجوداته حتى يغير من واقع حال الفلسفة .
*س : ما هي منزلة الفلسفة في العصر الحديث وماهي الوظيفة التي ترى أنّها ينبغي أن تضطلع بها؟
– لا شكّ أن كل حضارة عالمية على مدى التاريخ البشري خلّفت أثرًا معرفيًّا أصبح مرجعية يقتدى بها قد كان للفلسفة نصيب فيها. فعندما نعود إلى الحضارة الصينية القديمة أو الحضارة الهندية أو اليونانية فسنجد الفكر الفلسفي متجذّرًا فيها. وقد أشار الفيلسوف الألماني كارل ياسبير في القرن الماضي إلى المحور المشترك بين كونفوشيوس وبوذا وسقراط في القرن الخامس قبل الميلاد والذي جمع بين هؤلاء العباقرة بحيث ظهرت معهم الفلسفة وحدّدت بذلك معالم هذه الحضارات الثلاث. كذا الأمر بالنسبة إلى الحضارة الرومانية فيما بعد والحضارة الأوربية الحديثة التي تلتها بعد قرون. فهذه الأخيرة برزت مع تحرّر الفكر من هيمنة الكنيسة وظهور المقولة الديكارتية الشهيرة: “أنا أفكّر، إذن أنا موجود” التي فتحت المجال للفكر الحرّ المتعطّش إلى المعرفة، حيث أصبح الإنسان سيّد الموقف وفرض على الطبيعة القوانين التي بموجبها يمكن التحكّم فيها حسب عبارة الفيلسوف الشهير إمانويل كانط. من هذا المنطلق نستجلي أنّ الفلسفة كان ومازال لها دور أساسي وتأسيسي لكلّ حضارة ولا يمكن التخلّي عنها.
أمّا عن الوظيفة التي ينبغي أن تضطلع بها اليوم، فهذه تعود إلى الأهداف والغايات التي ترسمها الشعوب لتكريس حضارتها وبناء مستقبلها. فالعصر الحديث مثلاً عرف العديد من الأفكار والتيارات الفلسفية مثل العقلانية التي بادر بها ديكارت وتفرّعت عنها الثورتان العلمية والصناعية أو الأنوار التي تمخّضت عنها “الحرّيات وحقوق الإنسان” والثورتان الأميركية والفرنسية في القرن الثامن عشر، أو الماركسية التي حلّلت الظواهر الاجتماعية والاقتصادية بعد تطوّر الرأسمالية وتفاقم الفقر والاستغلال في المجتمعات التابعة لها، أو الوجودية التي أعادت النظر في مكانة الإنسان وخصوصًا الفرد في العالم، إلى جانب التيارات الأخرى، مثل الفينومينولوجيا التي لولاها لما ظهرت الوجودية أو المدرسة النقدية التي رفعت القناع عن الأطر الإيديولوجية الفاشية وحلّلت ظواهر الاغتراب في العالم الرأسمالي، وصولاً إلى الحركات الفلسفية الحديثة العهد مثل البنيوية والتفكيكية والتحليلية التي تعكس بدورها صورًا من المجتمعات التي نشأت فيها وتسعى إلى فهمها وتجاوز سلبياتها. فلكلّ هذه التيارات الفلسفية وظائف أفرزها الواقع المعيش وحدّدتها الحاجة بحيث تبلورت مفهوميًّا فعملت على تحقيق أهدافها وفتح آفاق جديدة لبناء مستقبل أفضل.
*س : كيف تفسر عدم اهتمام الدول العربية الاهتمام الكافي بدراسة علم الفلسفة حاليًّا؟
– عدم اهتمام الدول العربة او الدعم الدولي لدراسة الفلسفة مفاده التوجس والحذر هناك خوف من العقل على المستوى السياسي الامر الذي ساهم في انتاج ثقافة إقصائية ، فالفلسفة تساهم في ان يكون هناك حوار ونقاش ،
وان ما تمر به الامة العربية من تطرف وارهاب ناتجة عن فقدان تعليم الفلسفة على مستوى المدارس والجامعات وارى الاهتمام بتدريس الفلسفة هو الاسلوب الامثل لتجاوز الواقع السيء الذي تمر به الامة العربية واعادة الموقع المناسب للفلسفة في منظور التعليم والمنظومة التعليمية العربية، آمل ان تعود الفلسفة لسابق عهدها في ذروة الحضارات العربية حيث كانت النقاشات الفلسفية على قارعة الطريق فيما بتنا نتوجس النقاش حتى في الصالونات الادبية .
*س : وأخيراً كيف تنظر لواقع الفلسفة في الاردن ؟
في الاردن هناك الجمعية الفلسفية الاردنية تحاول جاهدة تعميم الفكر الفلسفي من خلال محاضرات اسبوعية كل ثلاثاء ومن خلال تلك المحاولات البسيطة نحاول ايصال صوتنا الى الصحف المحلية الا انني اعترف بانها بسيطة نظراً نوعية الجمهور الحاضر من المتخصصين ، كما ان التفكير بعقد مؤتمر متخصص يحتاج الى امكانيات مالية تعجز الجمعية عن تغطية نفقاتها في ظل غياب بل انعدام الدعم الحكومي وحتى المؤسساتي او مما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني
التعليقات مغلقة.