مملكة تدمير العرب … تقتل وتنتحر / امين محمد حطيط

 

العميد أمين حطيط ( لبنان ) الثلاثاء 31/3/2015 م …

في قرار لا تفسره القواعد العسكرية والاستراتيجية ذهبت السعودية إلى حرب مسدودة الأفق معدومة الأمل بالانتصار، ولكن تقود بشكل حتمي إلى تحقيق تدمير عام وانتحار ذاتي خاص. فالحرب التي أعلنتها السعودية على اليمن وشكلت لها تحالفا عربيا على الطريقة الأميركية هي حرب عقيمة يستحيل انتصار المهاجم فيها.

وعندما نقول باستحالة انتصار العدوان فأننا ننطلق من القواعد العسكرية التي تقوم على القول بان الانتصار في الحروب يعني تحقيق الأهداف المعلنة بالنسبة للمهاجم، ومنع تحقيق المهاجم لأهدافه بالنسبة للمدافع، وبما أن السعودية هي التي هاجمت وشنت الاعتداء على اليمن من اجل تحقيق هدف تدعي بانها حركت كل أنواع الأسلحة للوصول اليه ويتمثل بإعادة عبد ربه منصور هادي إلى الحكم كرئيس للدولة فيكون السؤال هل ستتمكن من ذلك وكيف؟

قبل الإجابة نرى من المفيد التذكير بان تمسك السعودية بالشرعية هو ادعاء واهي لان تلك الشرعية باتت منتقية الصلاحية إثر انصرام مهلة السنتين المحددة لرئاسة هادي وبعد أن تقدم باستقالته أيضا وقبلها مجلس النواب اليمني وبالتالي فان ما تتذرع به السعودية ليس له موقع في عالم الحقيقة والقانون، كما أن السلوك السعودي هنا في دعم ما تدعيه شرعية يناقض سعيها لتقويض الشرعية في دولة أخرى كسورية.

أما عن تحقيق الهدف وإعادة هادي إلى الحكم فانه يستلزم سيطرة ميدانية على الأرض وهذه السيطرة لا يمكن أن تحققها الغارات الجوية وحدها مهما بلغ حجم الدمار الذي تحدثه وبالغا ما بلغت أرقام الضحايا الذين تقضي عليهم، فالسيطرة لا تكون إلا بعمل بري تنفذه القوات العسكرية البرية الأمر غير المتوفر الشروط في الحالة العدوانية السعودية.

فالسعودية لا تستطيع أن تحشد برا أكثر من 80 ألف جندي من كل أنواع الأسلحة البرية من اجل اليمن، وهذه القوة غير مؤهلة لتحقيق الإنجاز المطلوب في الظرف القائم بمواجهة خصم يملك قدرة القتال على وجهين: الحرب التقليدية التي يمكن للجيش اليمني أن يخوضها وحرب الجيل الرابع وهي الأهم التي يمكن للجان الشعبية وقوى أنصار الله أن ينخرطوا فيها في مواجهة من يهاجم الأراضي اليمنية ذات المساحة والتضاريس الملائمة لعملهم.

ومن جهة أخرى فان ما تعول عليه السعودية من مدد عربي أو إسلامي تحت عنوان القوات البرية فانه امر منخفض السقف خاصة بعد أن اتخذت باكستان قرارا بالأحجام عن المشاركة معللة قرارها وهي محقة في ذلك بانه من جل عدم المساهمة في انقسام المسلمين وهو الخطر الذي لم تتفاداه السعودية عندما اتخذت قرارها بالعدوان على اليمن.

بعد هذا نسأل هل أن السعودية في هذا المستوى من الجهل العسكري والاستراتيجي حتى تتخذ قرارا بهجوم يستحيل عليها تنفيذ أهدافه؟ ا م أن في الأمر شيء أخر؟

أننا لا نستبعد الرعونة في اتخاذ القرار غير المناسب للمصالح السعودية، خاصة إذا توفر من يشجع عليه من اجل إغراق السعودية في مستنقع ووحول لا تتمكن من الخروج منها إلا بعد أن تكون تهشمت وفي التاريخ القريب شيء من هذا القبيل يمكن العودة اليه لدعم هذه الفكرة حيث شجعت أميركا صدام حسين على غزو العراق وما أن فعل مستجيبا للإغراء الأميركي حتى بدأت الكارثة التي عصفت بالعراق ولم تتوقف حتى الآن.

وهنا يمكن القول بان أميركا تعلم جيدا بان فرص النصر على اليمن من قبل السعودية هي فرص معدومة، ف”تفهمت ” على حد ما أعلن وشجعت على حد ما نعتقد، ودفعت السعودية بموقفها هذا لأشغالها بشيء يصرفها عن المنطقة والملفات الأساسية ذات الصلة بها وفي طليعتها الملف لنووي الإيراني كما والقضية السورية والعراقية.

أما إسرائيل العاجزة عن حرب تخوضها لتتخلص مما تقول انه يؤرقها – أي المقاومة ومحورها وسلاحها – فإنها تجد في حرب من قبيل الحرب التي تشنها السعودية على اليمن اليوم والتي تتوخى أن تتوسع لتشمل المنطقة كلها، وأن تتحول إلى حرب مذهبية شاملة بين السنة والشيعة، وبين العرب وإيران أو بين العرب أنفسهم، ترى إسرائيل في هذه الحرب خير طريق للتعويض عن إخفاقها في أسقاط سورية ومعها محور المقاومة لذا أكدت عن وحدة المصالح مع السعودية في الحرب.

أما بعض من في الخليج من أشباه الدول فقد ترى في هذه الحرب التي لن تحقق فيها السعودية شيئا من أغراضها وأنها سترفع منسوب الكراهية والحقد لدى شعب اليمن ضد السعودية، ترى في هذه الحرب خير مسار للتخلص من الهيمنة السعودية وتهشيم المملكة ووضع خريطتها بعد الهزيمة على طاولة التفاوض.

إن عدوان السعودية على اليمن ليس امرأ بسيطا في تاريخ المنطقة، ولا نجد له مثيلا في التاريخ العربي المعاصر، فعلى الصعيد العربي قد يعتبر الحرب الأولى بين دولتين عربيتين أو جهتين عربيتين، وعلى الصعيد الإسلامي قد يعتبر في العصر الحديث الحرب الأولى التي تتخذ علانية عنوانا مذهبيا تماما كما قررت إسرائيل في مؤتمر هرتز ليا إضرام قنته بين السنة والشيعة والعرب والفرس تقود إلى حرب لا تنتهي إلا بالتدمير المتبادل الشامل.

لقد شنت السعودية حربا يعلم العادي والمحترف أنها حرب لا تحقق الأهداف المعلنة لها وهذا امر بديهي عند العقلاء، ومع هذا ذهبت السعودية “وبحزم ” مضحك مثير للسخرية، ذهبت اليها، حرب تفسيرنا الوحيد لها بانها حرب إسرائيلية صهيونية غربية، تشكل لخصوم العرب والمسلمين الحرب البديلة عن حرب لا يستطيعون شنها. إنها الحرب الخدمة-الخدمة الكبرى التي تسديها السعودية للصهيونية وللمشروع الاستعماري الغربي الاحتلالي. حرب لن تخرج منها السعودية في النهاية إلا مثخنة بالجروح هذا إذا بقيت على قيد الحياة كدولة كما هي الآن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.