وصفي التل … مشروع زعامة وطنية لم يكتمل / عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود
عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود ( الأردن ) الثلاثاء 28/11/2017 م …
في الذكرى السادسة والاربعين لاستشهاد وصفي التل نستذكر دور الزعامة الوطنية في ادارة حكم البلاد ، ونتوقف هنا عند العام 1962 ،حين شكل وصفي الوزارة لأول مرة ، وهي بالنسبة لمسيرة الاردن السياسية ؛ محطة و تاريخ لحقبة استيلاد الزعامات العملاقة ويوم استشهاده نهاية زمن اختفاء الزعامات الوطنية وتغيبها عن ادارة الحكم.
نعم؛ وصفي التل ، شخصيه سياسية وطنية من رجالات البلاد العظماء ،اكتملت لديه اعمدة الزعامة الوطنية ،فكان عروبيا قوميا واعيا ؛ صافي الفؤاد والسريرة وله نفسا كلها اباء وشهامة، وقد اثر في عطائه الوطني منذ نعومة اظفاره وانخراطه في العمل العام ، وفي جيش الانقاذ الى لحظة استشهاده في قاهرة المعز في 28/ تشرين ثان/1971 ،
وترك وصفي ارثا سياسيا غنيا واثارا حميدة تستذكرها الاجيال الاتية ،حيث اصبح يوم استشهاد وصفي فاصل بين عهدين؛حقبة تاريخية فيها المضاهاة بين الرجال العظماء في الفضل والعطاء والاقزام من اصحاب الاجندة الخارجية والخاصة.
اننا حين نستذكر وصفي الزعيم الوطني انما نريد ان نستزيد ونستفيد ،فمن خلاصات علمه وافكاره واعماله لتؤخذ عبر ودروس وتختزن في العقول حتى يستفاد منها عندما يتعلق الامر بالعمل العام وادارة الحكم .
ان محاولة الاصلاح السياسي الاولى والاخيرة للنسق في محاوره الثلاث.. لولوج مرحلة الدولة المدنية الديمقراطية المنتجة وفق مبدأ التناوب السلمي على السلطة” دولة المواطنة وسيادة القانون “، في فكر الزعيم الوطني وصفي التل كانت في تجربة” الاتحاد الوطني “في تنظيم قوى الشعب وتأهليه لممارسة العمل السياسي في دولة مدنية ديمقراطية تتناوب مكوناتها السياسية والاجتماعية السلطة سلميا .
لكن التجربة وأدت في المهد باستشهاده . لان مشروعها لا وجود لها في فكر وعقلية اركان النسق وسياساته ، لان متطلبات الوظيفة الإقليمية تبقى الوضع القائم مستمرا في النسق الريعي وليس الدولة المدنية المنتجة .
إستحضار الزعامات الوطنية وهم كثر وموجودون في ساحة العمل السياسي ، ومنهم وصفي ،يغني التجربة النضالية للجماهير في الاصلاح العام للنسق ،الذي يحتاج في هذه المرحلة من بنائه الوطني زعامات وطنية من النموذج الوصفي تؤسس الى روافع وقواعد اجتماعية جديدة لتحويله الى دولة منتجة. لان “الفئة الحاكمة ” من فئة “البزنس والاقطاع السياسي ” ائتلاف العوائل الحاكمة الموازية وارباب الاجندة الداخلية والخارجية” ليست برافعة للحكم في زمن الاصلاح العام.
فالحوار المؤسسي بين مكونات النسيج الاجتماعي للتوافق الوطني المتعلق بالنظام الدستوري والثوابت الوطنية ،ومصالح الارادنة ونظام الحكم والانجازات التي تحققت وتحويل “النسق الريعي ” الى دولة منتجة ، والرعية الى مواطنين واقتصاد الخدمات الى اقتصاد انتاجي والحكم والادارة الرشيد ” لتنظيم قوى الشعب في اطر تنظيميه ” لممارسة العمل السياسي والعام .
فالاتحاد الوطني ” الذي قدمه وصفي كمنبر سياسي للأردنيين ؛خطوة اولى لتنظيم قوى الشعب
للانخراط في الاحزاب السياسية والمنتديات الاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني .. العمالية والنقابية والجمعيات الخيرية والانسانية والتعاونية والمهنية ، والتأهيل السياسي والتشريعي والتنظيمي ومقدمة للإصلاح العام وليس الوصفات المصنعة من خارج الحدود.
ان الاصلاح العام للنسق في محاوره الثلاث بدون التأهيل السياسي لنشر ثقافة ممارسة العمل العام بشكل سليم وفق اليات وخطط مرسومة تستهدف الافراد والجماعات للوصول الى “التنمية السياسية المستدامة ” على المستوى الوطني ،لاستكمال متطلبات تكوين المجتمع والدولة ، حتى لا نكون في حلقة مفرغة وللخلف در.
ان عملية التأهيل السياسي والتنظيمي والقانوني للرعية ؛ خطوة ومقدمة اولى للإصلاح السياسي والعام في محاوره الثلاث .. إصلاح النسق .. إصلاح الموروث المجتمعي .. وإصلاح الدين في بعده السياسي ،ليكون الشعب مصدرا للسلطات باعتباره الركيزة الاساسية لبناء دولة المواطنة وسيادة القانون . فالدولة المدنية الديمقراطية المنتجة وفق مبدأ التناوب السلمي على السلطة محور اساس للحوار الوطني المؤسسي بين الارادنة في اطار “الملكية الدستورية “، حيث يتوجب إخضاع وادي عربة للاستفتاء الشعبي العام من حيث الالغاء او التعديل.
فالواقع والوقائع ؛ يشيران الى ان الزعامات الوطنية غائبة عن المشهد السياسي والعام في زمن وادي عربة للسبب حتى لا يتكرر” النموذج الوصفي” في الحكم والادارة الرشيدة . والحكومات في نظر وحسبان الرعية لم تعد ذات شأن او قيمة ولم يعد شخص رئيسها من النوابغ و لا ينطبق عليه وصف “الزعيم الوطني “، لكنه يختار من ائتلاف فئة العوائل الحاكمة الموازية والبزنس السياسي ” الاقطاع السياسي “. واصبحت اصغر و وظيفتها الاساس تصريف الاعمال . حيث لا يوجد على بوابة “الدوار الرابع ” يافطة مكتوب عليها ” ممنوع تنصيب الزعامات الوطنية “، لكي يمنع “الحرس ” هؤلاء من الدخول لإدارة الحكم بالعدل والامانة، او بهدف حجب الرؤيا عن الرعية للتعرف على ماهية شخصية “الزعيم” وخصائص رهطه سواء الظرفاء وغير الظرفاء في زمن الدمقرطة ، لكن النفوذ الاسرائيلي لهم بالمرصاد .
فأما وصفي الشاهد والشهيد ، فالي رحمة الله، ؛ كان مشروع زعامة وطنية لم يستو سوقها بالاغتيال السافر، لان القائمين على تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ؛ وأدت فكرة المشروع من اساسه في المهد واغتالت صاحبها لتعميم ثقافة التسوية للتمهيد للمصالحة المكشوفة مع اسرائيل بالإملاءات الامريكية ، وتصفية قضية فلسطين على حساب المستقبل السياسي للأردن وفلسطين.
وصفي التل ؛ ذاكرة وطن، واضحت حقبة حكمه فاصل تاريخي بين عهدين. فالأردن لا يفتقر الى الزعامات الوطنية من نموذج وصفي .. فهم كثر وموجودون باستمرار ولله الحمد . لكن الاردن وعربه بحاجة الى العزيمة والارادة الصادقة في استحضارهم لأداء الواجب وتحمل المسؤولية وهم اهل لها .
لن و لم يتكرر نموذج وصفي في الادارة والحكم الرشيد في البلاد في المدى المنظور !!!.هل “المجتمع المحارب” في العقيدة القتالية شلتحرير فلسطين لدى وصفي ، ام مسار الكامب وملحقاتها ام امور اخرى ؛ كانت وراء عملية الاغتيال الاثمة في القاهرة قي الثامن والعشرين من تشرين الثاني في العام 1971؟!!!.
· صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.