دائرة المكتبة الوطنية صرحٌ مَعرفيٌ ثقافيٌ / حنا ميخائيل سلامة

 

حنا ميخائيل سلامة ( الأردن ) الأربعاء 1/4/2015 م …

     صرحٌ مَعرفيٌ ثقافيٌ ترتاح له النفس وينشرح له الصدر ، مُهماته متعددة ومسؤولياته كبيرة ومُنجزاته تبعث الحياة  في تذكارات الماضي الدفين من جانبٍ ، وتُغني الحاضر من جانبٍ آخر  ، ومن ثالثٍ تُضيء طريق المستقبل وتُزيل عتمته .. هذا الصرح هو دائرة المكتبة الوطنية أحد المُنجزات الوطنية المُشرقة على أرضنا الأردنية .

      فأنْ تقتني الدائرة نحو مليوني وثيقة من تاريخ الأردن، أي منذ تأسيس الأمارة ولغاية الثمانينيات من القرن الماضي وتقوم بتخزينها وأرشفتها حسب الأصول ثم التعريف بها مسألة تستحق الوقوف عندها بزهوٍ لِما تحمله من ثمارٍ لجلاء حِقب تاريخية خافية على كثرة ساحقة من أبناء اليوم وسيكون لها أيضاً الأثر الكبير في تحديد معالم مستقبل أبنائنا من بعد. والحال عينه عندما تحتفظ المكتبة بمئات آلاف الصور التاريخية وغيرها ،  وَتُخزِّن عشرات آلافٍ منها على موقعها الالكتروني لتكون مُتاحة لمن يشاء من الباحثين والمهتمين . يضاف لما سبق، توفير الدائرة لقاعدة بيانات ومعلومات عن تاريخ الأردن ومجريات الأحداث  وكل ما يتعلق  بالتراث ، وما يمثل الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية بما يُعزز  التأصل على هذه الأرض ، ويؤكد الهوية الوطنية ، ويبرهن على مراحل النماء والتطوير التي مرّت على بلدنا  بفضل البُناة الأوائل . إن مُجمل هذه الجهود تبعث الراحة في النفس وتدعونا  للطُمأنينة أنه لا يمكن لأحدٍ من بعد أن يتعرض فيعبث أو يشوه مراحل تاريخية أو جهود الرواد الأوائل لتوفر الوثائق الأصلية والشواهد الناطقة بالحق في خزائن الدائرة.

    وفي السياق، لقد أحسن القائمون على إدارة المكتبة الوطنية صنيعاً بمخاطبة الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية بمنع إتلاف أيّ وثائق إلا بعد الرجوع للدائرة لتقييم قيمتها حسب أهداف الدائرة وقوانينها وتحويل المُهِم منها لتُخزن وما يتبع ذلك من إجراءات . وقد سُرَّ المواطن لقيام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بإهداء نحو ثلاثة ملايين وثيقة إلى الدائرة حيث سيُصار إلى دراستها وتصنيفها وتبويبها حسب الأصول. كما وقدمت مؤسسات رسمية وشخصيات معروفة بحسها الوطني ما لديها من كُتب نادرة ووثائق وصور لتخزن في المكتبة وتكتسب بوجودها هناك مع العناية صفة الديمومة مع ما تقدمه من فائدة للوطن وأبنائه .  وعليه نُحفِّز كل من لديه وثائق وصور تاريخية نادرة أن يبادر لتسليمها للدائرة التي ستحتفظ بها على الوجه اللائق مع تكريم اسمه وتخليد عطائه .

    وتحتضن الدائرة ما يزيد عن مائة وخمسين ألف كتاب باللغة العربية ولغات أجنبية مختلفة بالإضافة إلى المراجع والحوليات ضمن مكتبة نفيسة زاد تنوع الكتب من نضارتها. وهي بحقٍ غاية في التنظيم والترتيب مع جملة تسهيلات تقدمها الكوادر القائمة على المكتبة لتلبية حاجات الباحثين والدارسين. يجيء هذا إلى جانب مكتبة مخصصة للأطفال نراها تُسْعِف النشء الجديد فتراهم يهرعون إليها لتقوية مداركهم وفتح أذهانهم للإطلاع على كل ما هو جديد ونافع. وفي السياق يُسجَّل للقائمين على دائرة  المكتبة نهجهم  الجديد في تعميم المعرفة على جيل المستقبل من خلال التوجه مباشرة  إلى القُرى والبلدات والمحافظات لتوزيع كتب على الأطفال ، لتكون بين أيدي هذه الشريحة التي لم يكن بوسعها من قبل الحصول على هذه الفرصة. إن هذا الإجراء يعني تحصين هذه الشريحة من أبناء الوطن وتوعيتهم بالحقائق والثوابت  ويغذي عقولهم بما هو جديد .

      إن الكتابة عن مجمل الأعمال التي تقوم بها الدائرة يحتاج لمقال آخر موسَّع يتم تسليط الضوء فيه على مهمات الأقسام المختصة بحماية حق المؤلف والملكية الفكرية حسب القوانين المعتمدة ، كذلك ما يجري دون انقطاع في صالة خُصصت للأنشطة والندوات الثقافية والتربوية بما في ذلك معارض الصور والوثائق النادرة حيث  تستقطب هذه الأنشطة أصحاب الفكر والمهتمين ، يُضاف إلى هذا قيام الدائرة بتزويد وسائل الإعلام بالصور الوثائقية ما يفتح الأذهان عن حقب تاريخية هامة وعن  التطور والنماء الذي جرى في الأصعدة المختلفة ، بالإضافة لتسليط الضوء على قامات أجزلت العطاء وكاد النسيان أن يمحو ذكرها!

     ويبقى القول :تحية تقدير لِمن يُحرِّكهم الالتزام بالواجب والحس الوطني في دائرة المكتبة الوطنية هذه الدائرة التي وصفها  بحقٍ مديرها العام المؤرخ الأستاذ محمد يونس العبادي بقوله  ” إنها  ذاكرة أمة وتاريخ وطن وشعاع معرفة “.

 كاتب وباحث

حنا ميخائيل سلامة

[email protected]

 

 

  

               

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.