تونس … أخونة الجامعة ، رسالة لمن يهمه الامر / احمد الحباسي

احمد الحباسي ( تونس ) الجمعة 1/12/2017 م …

مر  الخبر مرور الكرام  ، ربما لم يثر انتباه أحد و ربما تجاهله البعض عن سوء نية مقصودة و ربما  فرض التوافق المغشوش بين النداء و النهضة حالة من لا سلم و لا حرب  من الثابت أنها ستؤدى فى نهاية الامر بمستقبل الجامعة التونسية الى المجهول و الى صراعات لا يحمد عقباها  و لكن لان الخبر مهم و بحجم الوطن  و بحجم تضحيات  كامل جيل الاستقلال و ما قبل الاستقلال  فانه من الواجب اليوم أن نعيد  قراءته على مهل و بكل  الانتباه المطلوب  ، الخبر يأتى على لسان السيد  حسين بوجرة  كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالى  الذى أكد  على وجود توجه واضح من البعض لاخونة الجامعة التونسية  ، عملية قذرة بدأت منذ صعود حركة النهضة للحكم و تستمر بلا هوادة الى هذا الوقت  ،  يقول المتابعون أن  أخونة الجامعة  عملية دبرت بليل من طرف صقور حركة النهضة  و هى تأتى فى سياق تاريخى  معين  لما نعلم أن الحركة قد  عملت منذ نشأتها على فرض رؤيتها ” الاسلامية ” المغشوشة  و تسببت فى معارك طاحنة بين الطلبة  .




لماذا لم يحرك  هذا التصريح  الخطير و الخبر  الفاجعة ساكنا من كل الاطراف التى لها علاقة بالجامعة التونسية ؟ هل أن وثيقة قرطاج قد تضمنت ملاحق سرية  بين النهضة و النداء تبرر هذا الصمت الخجول المريب من الحزب الفائز بالانتخابات  و الذى تضمن  برنامجه  الانتخابى  الرفع من مستوى التعليم المنهار  و الوعد بإبعاد موضوع  اصلاح التعليم  فى تونس من التجاذب السياسى و من محاولات أخونة الجامعة و فرض اسلوب و مناهج تعليم بعيدة عن طموحات الاغلبية  الطلابية فى تعصير التعليم  لمواكبة  التقدم العلمى  الذى تشهده كبريات الجامعات الغربية ،  لماذا  تجاهلت دكاكين المجتمع المدنى  و نواب الشعب و اهل التعليم  هذا التصريح  الخطير  و لم تؤثث اليه “موائد  الافطار الاعلامية ” ؟  لماذا لم تخرج المظاهرات الشعبية  للمطالبة بفتح تحقيق جدى  و عاجل للنظر فى هذه البلية ؟  من يضغط  حتى يتم التعتيم على هذا الموضوع و من له مصلحة من احزاب المعارضة فى أخونة الجامعة  و لماذا  لم يثر أهل التعليم الشرفاء  لفضح هذه الممارسات المشبوهة  بل لنقل بمنتهى الصراحة هل أن التوافق بين الشيخين  سيكون على حساب مستقبل شباب تونس  و هل أن لعبة الكراسى  تبرر التضحية  بالجامعة التونسية احدى منارات التعليم  فى تونس .

فى حقيقة الامر  هناك مؤامرة مبيتة على الجامعة و الطرف الذى  يضر بالجامعة و يسعى لضربها  معلوم منذ سنوات  و هناك أيضا مشروع تخريب التعليم الحالى  لفائدة مشروع تعليم موازى يرتكز اساسا على  مناهج تعليمية قروسطية بالية  يراد منها اعادة بعث الروح فى خيار اثبت الايام فشله و عدم مسايرته للمستقبل  و لمتطلبات  البحث و التقدم العلمى فى كل المجالات ، محاولات أخونة الجامعة تعنى أيضا فى نظر الاسلام السياسى الذى تمثله حركة النهضة و توابعها العمل على اجبار الطلبة على اتباع انموذج طالبانى  بما يتبعه من القبول بالانخراط فى هذا المسلك الذى تدعو اليه مؤسسة  علماء المسلمين  المكلفة بإعداد خطاب دينى تكفيرى  يرفض الاخر  و يدعو الى قتله  و يجعل من العالم ساحة  ساخنة لصراع  متواصل  بين ” اسلام ” دموى و بين صليبية تدعو الى تفتيت الدول العربية ، بالنتيجة لن تتحول الجامعة الى منارة علم  و استعداد لمواجهة المستقبل بل  لساحة مواجهة بين قوى الظلام  التكفيرية و بين قوى التنوير الرافضة لهذا الخيار  و هذا الامر هدف مطلوب من حركة النهضة منذ سنوات  و هو يمثل فى نظرها كسبا  و نتيجة من نتائج محاولاتها المتكررة للقضاء على أسس الدولة المدنية المتحضرة و التى تحتل فيها الجامعة و التعليم بصفة خاصة مكانة مرموقة منذ الاستقلال .

لقد اراد الزعيم الحبيب بورقيبة ان يبنى العقل التونسى على اسس صحيحة و لهذا الغرض قامت دولة الاستقلال بجهود جبارة  للوصول الى هذا الهدف ، جهود بقدر ما نالت اعجاب الدول المتحضرة  بقدر ما اقضت مضاجع السلفيين و دعاة الفكر الظلامى لأنهم كانوا  يعلمون  من البداية ان العقل الجاهل اسهل  تطويعا بواسطة الخطاب الدينى المفبرك  من العقول المتعلمة المتنورة  و لهذا ايضا قامت الدنيا و لم تقعد من طرف دول الخليج ضد الزعيم بورقيبة و سياسته التعليم التى تم اتهامها  بالتغريب و بالانحياز الى الغرب  على حساب التعريب و الانحياز لدول المشرق العربى ، طبعا لم يفلح المتآمرون على اللغة العربية و على الجامعة فى ضرب التعليم  و المناهج التعليمية رغم الحملات الشعواء التى كان يشنها جماعة “الميول الشرقية ” من الاسلاميين المتشبعين بخطاب السلفية التكفيرية  و لم يفلح المتآمرون على بورقيبة لان الزعيم قد أرسى دعائم التعليم التنويرى  الطامح لمواكبة العصر  ، الان و لان الدولة مريضة هشة و منشغلة بكل هموم الدنيا فقد  استغل هؤلاء الخونة الوضع  لمحاولة اخونة الجامعة كل ذلك لمزيد تقسيم الوجدان التونسى و ضرب معقل من معاقل مواجهة المستقبل  ليؤكدوا مرة أخرى للمتابعين ان مشروعهم هو مشروع قد ولد ميتا لان عجلة التاريخ ترفض الرجوع الى الوراء .

يزعم  المتآمرون على الجامعة ان الهواجس التى اطلقها السيد حسين بوجرة  لا ترتقى الى الاتهام باخونة الجامعة معتبرين انه عبر عن هذه المخاوف ربما لان ” الاخوان ” قد اغلقوا المشرب فى رمضان  و فتحوا مصلى فى كلية الاداب او أنه ينبذ مشاركة زميلة محجبة فى التدريس ،  هكذا هم الاخوان ينافقون و يعتمون على الحقائق لأنهم يعلمون ان خوف الرجل لم يكن نابعا من هكذا ممارسات تعودت عليها الجامعة منذ سنوات  احتلال ابناء النهضة للساحة الجامعية و محاولتهم ازعاج الحياة العادية للطلبة بل من ممارسات واضحة يراد منها فرض نمط مجتمعى  جامعى و خاصة  استغلال بعض الاساتذة الذين صعدوا الى منبر الجامعة زمن حكم الترويكا  لمواقعهم  لمناصرة  ” الاهل و العشيرة ”  و خلط العملية الاكاديمية بالصراع السياسى الدائر على الساحة السياسية التونسية و فى ساحات بقية الجامعات التونسية  مما  سيزيد من تأجيج الوضع الاجتماعى ، يشار أيضا الى أن ” الحملات ” الاخوانية لغزو الجامعات التونسية ليست منفصلة عن الحرب الكلامية المستعمرة ضد مفتى الجمهورية و ضد  شخوص معينين فى وزارة  الشؤون الدينية ، ان جشع النهضة مكشوف اليوم للعموم  و لا داعى للتخفى وراء  مبررات واهية او حملات  فيسبوك يبرع فيها بعض الاخوان المفلسين  على بعض الصفحات الصفراء ، فى نهاية الامر  يعلم الجميع ان فكر يوسف القرضاوى لن يحل محل المناهج التعليمية التونسية  و مهما حصل تبقى الجامعات التونسية منارة علم متحضر لا مكان فيها للإخوان او لفكر الاخوان .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.