اغتيال عبد الله صالح ، الاسئلة و الاجوبة

احمد الحباسي ( الثلاثاء ) 5/12/2017 م …




” المنطقة العربية و الشرق الاوسط ككل على حافة حدث كبير اما أنه صدام غير محسوب أو تسوية بهدف تجنب هذا الصدام   ، كل طرف اقليمى يعد نفسه لهذه البدائل بحيث حينما يدخلها يكون ممسكا بأدوات الصراع أو اوراق التسوية ” …هذه مقدمة مقال مثير للكاتب عماد الدين اديب  بعنوان  ” بيزنس الدم  أهم من عائد التسوية السياسية ” … لكنها مقدمة لافتة للانتباه أو عبارة شبه نبوءة اعلامية  و على كل حال حدث الحدث الجلل الذى أكد هذا التحليل الصائب جدا  و تم اغتيال  الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح  على يد من اعتبروه  خائنا و عميلا لجهات أجنبية يقصد منها دول التحالف الذى يدمر اليمن منذ ثلاثة سنوات بدون موجب أو مبرر ، هنا و بمجرد أن عرف السبب لم يعد مطلوبا البحث عن الجهة المنفذة للاعتداء لان دم الخيانة قد وزع بين القبائل ، لكن من المهم  التساؤل حول سبب الاغتيال و حول توقيت تصريح الرئيس صالح  و حول الاهداف الذى اراد تحقيقها و ما هى الوعود السابقة التى تلقاها الرجل من جهات خليجية او اقليمية او دولية معينة بهدف  دفعه الى اعلان موقفه المفاجئ خاصة و أن اطلاق مثل تلك المواقف  و من شخص محنك  مثل الرئيس صالح لم تكن مجرد زلة لسان او اطلاق بالونة اختبار سياسية  .

هناك حقيقة ثابتة معلنة  تقول ان دول التحالف الغادر  ضد اليمن قد فشلت فى اقتلاع انتصار معنوى يرمم المعنويات السعودية  المنهارة نتيجة تراكم الخيبات السياسية و العسكرية بمعنى أن النظام السعودى الذى سعى لإنشاء هذه القوات و استعمالها لخدمة اغراض سيئة لا علاقة لها لا بالديمقراطية و لا بالشرعية الدستورية و لا بالمصالح اليمنية و لا بالشرعية الدولية تنحصر اساسا فى رغبة النظام السعودى فى ضرب  جزء مهم من الشعب اليمنى بعلة انحيازه العقائدى لجهة اقليمية  يرى فيها الامريكان و الصهاينة و بعض دول الخليج و على رأسها السعودية طبعا  العدو الاساسى قبل اسرائيل  نفسها ، قلت ان هذا النظام السعودى كان يبحث عن قشة تبن للنجاة من البؤرة اليمنية  فى ظل تصاعد اصوات من داخل العائلة الملكية نفسها تنادى منذ فترة بضرورة مراجعة السياسة السعودية خارجيا و اتخاذ قرارات مؤلمة يقصد منها بالطبع وقف الحرب  العبثية الفاشلة و المكلفة على اليمن و اخراج الميليشيات الارهابية التى وزعتها السعودية فى الاراضى السورية و العراقية لخدمة الاغراض الصهيونية كما اكدتها عدة وسائل اعلام صهيونية ، فى هذه الفترة الحرجة يخرج تصريح الرئيس صالح المعروف ببراعته السياسية و قدرته على المشى فوق الثعابين كما يقول ليعطى للنظام السعودى حبل النجاة و يوفر لنفسه فرصة غير متوقعة للعودة الى كرس الحكم .

من الطبيعى ان يمثل هذا التصريح انقلابا  بالمفهوم السياسى و ربما العسكرى لان هناك مؤشرات كثيرة على انه قد سبق هذا التصريح  القنبلة اتصالات ببعض جهات العدوان و منها الامارات كما تقول وسائل اعلام كثيرة ، بهذا المعنى  لم يكن من الهين على الحليف الحوثى ابتلاع مثل هذا القرص المسموم  و كما يحدث عند الانقلابات الفاشلة فان الجهة الانقلابية تدفع الثمن بصرف النظر عن النتائج المحتملة لمثل هذا الحكم بالإعدام ، ليبقى السؤال الملح لماذا  قامرت دول التحالف بفضح الرئيس صالح فى هذا التوقيت بالذات و لماذا دفعته الى اعلان الانقلاب على الحلفاء  و كيف لم يتفطن الرئيس السابق الى  قدرة هؤلاء الحلفاء على استباق عملية الانقلاب  و معرفة المخطط و القيام بإحباط مفعول و تحركات كل اذرعه العسكرية بما فيها الحرس الجمهورى ، طبعا  ، كان على البعض لفهم ما حصل و للإجابة على هذه الاسئلة ان يعود الى بداية العدوان و الى يومياته بالذات لأدراك ان الحليف الحوثى لم يكن مجرد ميليشيات  او قطاع طرق بل كان هيكلا منظما  على كل المستويات و يسير وفق ادارة عارفة بكل خفايا و دهاليز السياسة اليمنية و الخليجية و الاقليمية و صموده كافة هذه الفترة رغم استعمال قوات التحالف السعودى  كامل قدرتها و خططها العسكرية  يعطى الجواب على قدرته على المواجهة  و من عناصر القدرة على المواجهة امتلاك  جهاز استخبارى  قادر على توفير المعلومات حول الحليف و العدو  و لعل هناك من المعلومات من كان يؤكد وجود علاقة متآمرة بين الرئيس صالح و قوات العدوان .

لقد قيل الكثير عن الصاروخ  الذى ضرب السعودية  و تم اتهام ايران  بكونها قد  كانت تقف وراء تزويد اصدقاءها الحوثيين بهذا النوع من الصواريخ البالستية ، هذا الصاروخ كان مجرد رسالة عاجلة  موجعة تلقتها جهات العدوان  و اربكتها لتدفعها الى تغيير سياستها 360 درجة باتجاه الرئيس صالح عبر قنواتها العديدة  لدفعه دفعا الى تقديم ساعة الانقلاب و لعل تغير اللهجة الاعلامية لكل  وسائل الاعلام السعودية تجاه الرئيس  الراحل يؤكد أن أمر التصريح قد جاء على عجل  و أن الترتيبات العسكرية لم تكن مكتملة  فضلا على عدم  توقع علم الجهات الحوثية بهذا  الترتيب الخفى ، يمكن القول بعد كل ما حدث  أن الرئيس قد خسر المعركة قبل ان يبدأها  و أن دول التحالف قد خسرت معركة حاسمة و مهمة  ستجعلها تعيش حالة من الفوضى و الارتباك  فى الاسابيع القادمة  كما يمكن القول  مجددا أن هذه الحرب الدموية  التى ولدت من رحم التآمر على الامة العربية ستعرف  مصيرا فاشلا محتوما  و ستكون لها ارتدادات خطيرة على السعودية  فى المدى القريب  بل من المؤكد اليوم ان ايران تكسب معارك مهمة على ارض لعبة الامم الجارية فى المنطقة  و ان دول الخليج المرتبطة بتحالف غبى مع النظام السعودى قد تدفع اثمانا باهظة .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.