هل تتذكرون أزمة سوق المناخ في الكويت أواخر ثمانينيات القرن الماضي ؟ … تفاصيل للعبرة

 

الأردن العربي ( الجمعة ) 3/4/2015 م …

 

بالأسماء والأرقام … الحقائق التاريخية لأزمة سوق المناخ ؟

 

سوق المناخ الكويتي هو السوق الذي عصف بالكويت في أعنف أزمة اقتصادية في تاريخ الكويت الحديث … ويقع سوق المناخ خلف بنك الخليج الرئيسي بالقرب من سوق الكويت للأوراق المالية ( بورصة الكويت ) وبالقرب من أسواق المباركية  … وقد سمي بسوق المناخ لأنه تناخ ( تجلس ) فيه الإبل القادمة من نجد والشام والعراق والإحساء منذ القدم حاملةً مختلف أنواع البضائع وكذلك الإبل القادمة من الصحراء حاملةً العرفج والحطب والدهن والجلود وغيرها ؟ 

 

سوق المناخ الكويتي من عام 1979 إلى 1982 كان مثل السوق السوداء أو كبورصة الكويت الغير رسمية … يؤسسون شركات فيما بينهم ( مقفلة ) ثم يتداولون أسهمها فيتزاحم عبيد المال والطامعين في الثراء لشراء تلك الأسهم … وكلها أسهم وهمية لا وجود لها فعليا في سوق الكويت للأوراق المالية القانونية الرسمية حتى دخلوا فعليا إلى بورصة الكويت ودمروها تدميرا كبيرا … فيبيعون ويشترون وفعليا يتم تداول الأموال فيما بينهم فوصلت الأمور إلى الإقتراض من البنوك بعشرات ومئات الآلاف من الدنانير ثم تطورت الأمور فوصلت إلى الودائع والصناديق الإستثمارية ثم وصلت الأمور إلى بيع الأراضي والعقارات … فوصلت أموال التداول إلى المليارات من الدنانير … فظهر الثراء الفاحش فجأة على الكثير من المتداولين وتجار سوق المناخ الذين كان عددهم الإجمالي يلامس الـ100 ألف شخص ؟

 في عام 1982 ارتفعت القيمة الرأسمالية للأسهم في السوق الكويتية من 5 مليار دولار إلى 100 مليار دولار في غضون عدة أشهر … وهو ما أدى إلى تحول سوق الأوراق المالية في الكويت في أوائل الثمانينيات إلى ثالث أكبر سوق أسهم في العالم من حيث القيمة الرأسمالية أو عدد الأسهم التي يتم تداولها فيها … فكان الثراء الفاحش الذي أصاب كبار تجار سوق المناخ جعل منهم أسطورة وأعجوبة من أعاجيب ذلك الزمان من شدة جنونهم في الشراء والبيع … وحدث فعليا وحقيقة أن قطعة سجاد عاديه بيعت بـ600 ألف دينار وقطة سيامية كانت بيد أحدهم فبيعت بمليونين دينار ومن يحمل الأغراض العادية يمنح إكرامية 200 دينار ووكيل شركة رولز رويس في الكويت نفذت كل سياراته بل وحتى تم شراء كامل دفعات رولز رويس لسنتين مقدما وكيلو البخور بيع بـ900 ألف دينار وجنون في جنون … كانوا يتحدون بعض فيمن يملك أكثر ومن هو الأكثر صرفا للأموال فتزوج أحد تجار السوق يبلغ من العمر آنذاك 58 عام بابنة أخر يتعامل في السوق فكان مهرها 5 ملايين ومنزل وعمارة وتمت عملية البيع وأخر وضع له خادم فوصلت به الوقاحة أن يجعل الخادم يفك خيوط حذائه ومن ثم يربطها أمام العامة … وأخر يعزم صديق له في منزله فيكتشف الضيف أنه أمام مائدة من المنتجات البحرية من كفيار وأسماك وغيره بقيمة 200 ألف دينار تكفي لـ50 شخص بينما الجالسين على المائدة لا يتعدون 4 أشخاص … ومظاهر تكاد تطير عقل العاقل من هول ما يرى ويشاهد من أساليب ومناظر الثراء الغير عادي ففسقوا وبطروا وتكبروا وطغوا وأسرفوا فكانت النهاية مزلزلة لهم ؟ 

 

لم يكتفوا قبل الزلزال المدمر إلا بعد أن اقتحموا بورصة الكويت الرئيسية وأيضا عاثوا فيها فسادا لا يخطر ببال أحد … وكل ما حدث وما كان يحدث كان يتم بعلم الحكومة والمجلس مجتمعين ولم يجرؤ أحد على وقف أكبر صالات قمار بتاريخ الكويت التي كان يحدث فيها كل هذا الفساد وهذا العبث من قبل حفنة مستهترين وطامعين وعابثين ومغامرين بجهالة … لأنهم وببساطة شديدة كانوا مستفيدين ماديا من وزراء وأعضاء من هذه المليارات التي كانت تتداول بشكل قانوني أو بشكل غير قانوني … فهيمن سوق المناخ فعليا على الإقتصاد الكويتي بشكل خطير جدا … ويكفي أن تعرفوا حجم ما أقول إذا ما علمتم أن قيمة الشيكات الآجلة ومبالغ التداولات المالية لـ8 متداولين كويتيين فقط وصلت إلى 55 مليار دولار أي إلى 15.6 مليار دينار كويتي ؟

 

كيف حدث الزلزال ؟

البيع بالأجل هو كان بداية النهاية لأسطورة سوق المناخ الكويتي … على سبيل المثال : كان يشتري المضارب 5 ملايين سهم بقيمة دينـــار للسهم على أن يسدد المبلغ بشيك مؤجل بعد سنة … ثم يقوم يبيع نفس الأسهم  في فترة سريعة حتى يحصل على السيولة النقدية ( كـاش ) بمبلغ نصـف دينــار … ثم يقوم بشراء أسهم أخرى ويبيعها بملغ 12 مليون دينار على أن يستحق المبلغ بعد 10 أشهر … وفي هذه الحالة سيحصل المضارب على قيمة الشيك المطالب بسداده بـ10 مليون دينار ويربح مليونين دينار فقط لا غير … ونتيجة للأرباح الخيالية زاد حجم التداول حيث بلغ 208 مليار سهم في سوق المناخ مقارنة بـ255 مليون سهم في السوق الرسمي … وبناء على ذلك تفاقمت أزمة السيولة فبدأت الضربات فيما بينهم بتقديم شيكات الضمانات على بعضهم البعض … وبلغ عدد الشيكات التي تم رفعها فيما بين متداولين سوق المناخ بأكثر من 29 ألف شيك بدون رصيد والذي كان آنذاك يشكل جناية وليس جنحة في القانون الكويتي … ووصلت مبالغ تلك الشيكات لأكثر من 25.9 مليار دينار كويتي = 91 مليار دولار لعدد من المتهمين والمتداولين بلغ 6.100 شخص فقط لا غير … وأما باقي المتعاملين الذي نجو بأنفسهم من الغرق فمنهم من باع بيته ومنهم من أفلس تماما ومنهم من ساعدوه أقاربه وسددوا عنه مديونيته ومنهم من وصل إلى تسوية وقسط المبالغ لفترات قصيرة ومنهم من هرب للخارج وما إلى ذلك ؟

 

ماذا حدث لمن سقط في فخ أزمة سوق المناخ وعددهم ما أسلفت 6.100 شخص ؟

اتضح أن هناك من بين هذا العدد أسماء رنانه أي أسماء ذات مناصب ومكانه عالية في المجتمع الكويتي هم وزوجاتهم ومن أكبر العوائل شيوخ وتجار وشخصيات مرموقة جدا … فوجدت الحكومة نفسها في مأزق كبير جدا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا … فهي لا تستطيع أن تتخلى عن رجالها الذين تحتاجهم في أزماتها والذين يناصرونها في قراراتها السياسية وفي لعبتها مع مجلس الأمة  + لا تستطيع أن تتخلى عن نساء زوجات كبار الشخصيات فيسبب ذلك حرجا بالغا لأزواجهم أصحاب المراكز الهامة في الدولة بالإضافة إلى وجود نساء تاجرات زوجات تجار ونساء من الأسرة الحاكمة … فأخرجت لهم مخرج ألا وهو قانون المديونيات الصعبة الذي أنقذهم … والكثير منهم سدد كامل مديونيته من خلال منحه العشرات من المناقصات الحكومية … يعني أخذ من جيسه وعايده ؟

 

ما هو قانون المديونيات الصعبة ؟

هو قانون تقوم الحكومة بشراء مديونيات 6.100 شخص الذين خسروا في سوق المناخ بإرادتهم وبحريتهم … فيتم شراء ديونهم لدى الغير من المال العام أي من أموال الشعب … وتم فعليا ذلك بعد صفقات مالية وسياسية فاضحة تمت في مجلس الأمة لعام 1992 بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي … وكأن الكويت عادت من الغزو حتى تنقذ قلة مغامرين وليست من أجل شعب … وبالمناسبة هذا المجلس كان يضم أكبر عدد من الأسماء التي صدقها الشارع الكويتي ومن كان لهم ثقل شعبي … والمهزلة هم أنفسهم الأعضاء الذين وقتها أعطوا الحكومة الضوء الأخضر باستباحة أموال الشعب لحفنة مغامرين مستهترين مثل أعضاء مجلس 92 

عدنان عبدالصمد – يعقوب حياتي – حمد الجوعان – عبد الله النيباري – أحمد النصار – جاسم حمد الصقر – علي البغلي – عبد الله يوسف الرومي – أحمد باقر – مشاري العنجري – مشاري العصيمي – جاسم  العون – عبدالعزيز العدساني – أحمد الربعي – ناصر الصانع – أحمد الخطيب – صالح الفضالة – أحمد الكليب – أحمد السعدون – طلال السعيد – عبد المحسن المدعج – مبارك الدويلة – طلال العيار – مبارك الخرينج – أحمد الشريعان … وغيرهم الكثيرين في مجلس 1992م … وكانت نسبة التصويت 

موافقة : 41

امتناع : 7

رفض : 2

 طبخة قانون المديونيات الصعبة كانت بأيادي رئيس الحكومة آنذاك الشيخ سعد العبدالله ورئيس مجلس الأمة آنذاك أحمد عبدالعزيز السعدون … وبالنسبة لي شخصيا فأنا أعتبر الممتنع كالموافق خصوصا في هذا القانون ؟

  

أهم مواد  قانون المديونيات الصعبة

المادة 1

يؤذن لبنك الكويت المركزي بشراء إجمالي المديونيات الصعبة للعملاء الكويتيين لدى البنوك وشركات الاستثمار المحلية العائدة لبيت التمويل الكويتي وتنقل إلى البنك المركزي تلك المديونيات محملة بجميع ضماناتها العينية والشخصية القائمة مقابلها كما تنقل المحفظة العقارية محملة بأية مرهونات أو ضمانات مترتبة عليها للغير على أن يكون الشراء هو 31 ديسمبر 1991 ويتم رهن ما يكون لدى المدينتين وكفلاهم من أصول غير مرهونة مقابل المديونيات المشتراة بحيث لا تزيد جميع الأصول المرهونة عن قيمة المديونية مع مراعاة تغير قيم تلك الأصول .

 

المادة 3

يتم شراء المديونيات الصعبة والمحفظة العقارية طبقا لإحكام هذا القانون مقابل إصدار سندات على الحكومة أو مضمونة منها ويجوز أن تعطى هذه السندات عائدا يحدده البنك المركزي حسب الغرض الذي من اجله أصدرت هذه السندات وتستحق قيمة السندات المحررة مقابل المديونيات المشتراة خلال مدة لا تتجاوز عشرين سنة وتستحق السندات المحررة مقابل شراء المحفظة العقارية خلال مدة لا تتجاوز عشر سنوات ويكون الحد الأقصى للقيمة الأصلية المصدرة بها هذه السندات مبلغ 5.600 مليون د.ك

خمسة آلاف وستمائة مليون دينار كويتي = 5 مليار و600 مليون دينار كويتي

يعني بالعربي الحكومة وبموافقة مجلس الأمة بأعضائه أصحاب المبادئ والشعارات الطنانه ادفعو من الأموال العامة أي أموال الشعب مبلغ 5 مليار و600 مليون دينار لعدد 6.100 مغامر في لعبة قمار سوق المناخ ؟

 

والكارثة الأخرى التي تستر عليها الكثيرين هي فوائد قانون المديونيات الصعبة والتي تقدر نحو 5.500 مليار دينار = 18.7 مليار دولار … قد تم نسيانها أو تجاهلها عن عمد أو شطبت وهي التكلفة المالية فقط بعيدا عن تداعيات عدم استقرار واحترام النظم والقوانين المعمول فيها بالكويت … يعني أكال من هالشق لي هالشق ؟ 

 

هذه هي الحقيقة التاريخية للواقعة الإقتصادية التاريخية التي سميت آنذا بأزمة سوق المناخ ثم تبعها قانون المديونيات الصعبة الشهير … والتي سطرتها لحضراتكم ما هي إلا بنسبة 20% فقط لا غير والباقي غير قابل للنشر نهائيا … واليوم الحكومة تكاسر وتعصر المواطن الكويتي على زيادة 20 و50 دينار فعلا مهزلة موووو ؟؟؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.