هل تنفض القدس الغبار عن الضمير العربي؟ / احمد الهزايمة

احمد الهزايمة ( الأردن ) الخميس 14/12/2017 م …



لم يكن يعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدى حماقته حين استعرض متباهيا، توقيعه على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعلان نيته على نقل السفارة من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، ان هذا القرار من شأنه إعادة إحياء القضية الفلسطينية برُمتها ، ووضعها من جديد على أعلى سلم أولويات المواطن العربي بعد أن كادت أن تتلاشى وأنه قراره علي قبحه سيعيد تسليط الضوء من جديد على حلم إقامة الدولة الفلسطينية.

الإعلان جاء في مصلحة فلسطين و الفلسطينيين ، فلا يخفى على أحد أن القدس حاضنة أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين وهي الدافع لإحياء الضمير العربي الذي يغط في سبات عميق.

جميلة وجديرة بالاحترام مظاهرات الغضب التي خرجت في العديد من عواصم العالم تنديدا بقرار ترمب الهمجي والذي ضرب بعرض الحائط مشاعر المليارات من المسلمين والمسيحين عربا وعجما.

فما كاد أن يجف حبر توقيعه الأضحوكة حتى انطلقت التظاهرات في أكثر من عاصمة ومدينة مطلقة صرخة يقظة صادقة وصحوة ضمير ووجدان ظُنَّ على نطاق واسع أنه مات ودُفن.

أساء التقدير ترامب وحاشيته في قراءة أهمية القضية الفلسطينية على العموم ومدينة القدس على الخصوص، واتخذ قرارا ينم عن غباء سياسي وجهل مدقع لتركيبة المنطقة، وهنا يبدأ الجزء الذي يخصنا عربيا، ويجعل قذيفة ترامب تنطلق لتواجه الجميع بدرجات مختلفة.

ففي الوقت الذي هاجم الكثر ترامب لاستهانته بمشاعر العرب والمسمين والمسيحيين، استدرك آخرون أن الكثير من الأنظمة العربية والاسلامية شريكة في هذا التواطؤ على القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية ووصل بالبعض إلى توجيه أصابع الاتهام وبشكل مباشر لأنظمة بعينها متهمينها بالشراكة مع النظام الأمريكي في التآمر على قضية الشرق الأوسط المركزية.

فإلى جانب الترحيب بترامب، رغم العداء المعلن، لم تُتّخذ مواقف عربية قوية قبل إعلان القرار إلى لحظة التوقيع في ديسمبر 2017. ولربما يقول البعض أن الأنظمة العربية ما زالت غير قادرة في الوقوف في وجه العنجهية الأمريكية واللوبي الصهويني، إلا أن هذا يشكل تبريرا ينافي الواقع. هذا في حال كان هناك فعلا إرادة عربية إسلامية لاتخاذ موقف حازم يلزم الأمريكان وغيرهم بالتفكير مليون مرة قبل اتخاذا قرارات مصيرية تمس وجدانية وروحانية الفكر العربي والإسلامي.

وما يدمي القلب أن بعض التصريحات التي صدرت من قبل بعض المسؤولين الأمريكان ونظرائهم الصهانية أكدت لدى البعض نظرية المؤامرة وأن العديد من الأنظمة العربية كانت على علم مسبق بهذا القرار وأن العنتريات التي تابعناها من شجب واستنكار وإدانة جميعها متفق عليها من أجل إمتصاص غضب الشارع العربي.

على مدى عقود مضت ومنذ وعد بلفور المشؤوم، استخدمت الأنظمة العربية القضية الفلسطينية منصة للشعارات الرنانة والمزيد من الشعبويات لرفع أرصدتهم الوطنية المزعومة في الوقت الذي نرى معظم أفعالهم علي إرض الواقع لا ترقى لحجم المصاب.

إلا أن هذه الورقة انكشفت ولم تعد مثل هذه الإفعال تنطلي على الشعوب، فقد سقطت ورقة التوت وانكشف الموقف العربي والإسلامي الذي راوح بين التواطؤ والتسليم، لمدينة القدس العاصمة الأبدية لفلسطين.

قبح وفسـاد وانطوائية بعض الحكام يعملان عـلى هـدف واحـد وهـو تمزيق العالم الإسـلامي وشـرذمتـه وإلحاقه جبرًا أو تفـويضًا بالماكنـة الفكـريـة الغربيـة الراميـة للتبشـير بالأرض الموعـودة للـيهود عـلى أرض فلسـطين الحبيبـة.

لم تبق إلا صدور المناضلين وحجارة الكفاح الفلسطيني الثابت على أرض بيت المقدس وأكناف بيت المقدس لتتصدى للإحتلال الغاصب وستثبت قادم الأيام أن الحق لا يضيع وأن المحتل سيندثر وستبقى فلسطين عربية وستبقى القدس عاصمتها وإلى الأبد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.