«جنيف8 «تواجه الفشل.. «سوتشي» تنتظر! / محمد خروب
اليوم تنتهي الجولة الثامنة من «محادثات» جنيف 8 بفشل ذريع, بعد اصرار معارضات الخارج ومنصّاتِه التي انتشى بعض اطرافها بـ»بيان الرياض 2 «فتأبّطه هؤلاء وطاروا الى جنيف متمسّكين بشرطهم (مستحيل التحقيق) بان «لا دور للرئيس بشار الاسد وزمرته(…) في المرحلة الانتقالية»، الامر الذي كان حُكمَاً مُسبَقا بالفشل على هذه النسخة من جولات جنيف, ولم يعد ثمة قدرة او امكانية لدى الوسيط الدولي دي ميستورا على إحداث اختراق جديّ, وبخاصة بعد ان جاءت معارَضات الخارِج ومنصاته بوفد واحد (وليس مُوحَّداً) ما منح رئيسه نصر الحريري والناطق باسمه يحيى العريضي ثقة زائدة ومتوهّمَة بأنفسهم, فراحوا «يُشدِّدون» على انهم جاءوا للتفاوض على «المرحلة الإنتقالية» وانهم يريدون مفاوضات «مباشرة» مع وفد النظام, وانهم ليسوا في وارد التخلي عن قناعاتهم وقدرتهم على «إجبار» النظام للتسليم بمطالبهم وغيرها من الترَّهات التي اضطرّوا في النهاية الى ابتلاعها والتخلي عنها, بعد ان فَهِموا أو أُفهِموا من قِبل دي مستورا نفسه وغيره, وخصوصاً من المُشغِّلين انهم صعدوا شجرة عالية وان السلّم المتوفر الان للنزول عليه, لن يكون متوَفِرا في مرحلة لاحقة, وبخاصة ان اسبوعا واحدا يفصلنا عن جولة جديدة من مؤتمر استانا (الخميس المقبِل) وأشهر قليلة عن مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري الشامل. سارع وفد المعارضات والمنصات الى اصدار بيان (الثلاثاء الماضي) بدا واضحا فيه انهم قد تخلَّوا عن شرطهم «رحيل الاسد» وإن كانوا استخدموا لغة مطاطة تُخفي ارتباكهم وتراجعهم, خالعين على انفسهم صفة «الثوار»جاء فيه (..لا يغيب عنا إطلاقا ان كل العمليات التفاوضية تقوم على مبدأ التوافق، ولكننا كثوريين اولاً قبل ان نكون سياسيين, نُناضِل لكي تكون كلمة الشعب السوري هي العليا وان تعود السلطة له, وذلك عبر تطبيق القرار 2254 بحذافيره ودون اي شروط مُسبَقة».. ولم ينسوا بالطبع الزعم بانهم «سيعملون كل ما يلزم لتحقيق ذلك, وانهم يرون في الاسبوع المُتبقّي من جولة جنيف الحالية، هو فرصة جدية لبدء المفاوضات المباشِرة ودعوة النظام الى الإنخراط الجدي فيها». كلام انشائي يقول الكثير, وفي الوقت نفسه لا يوفِّر «البضاعة» او المناخ الملائم لاستمرار الجولة الراهنة, التي من المشكوك جدا ان تستمر لإسبوع مقبِل, بعد ان لم يعد ثمة ما يدعو «وفد النظام» للبقاء في جنيف بسبب رفض وفد المعارضات والمنصات سحب (بيان الرياض2 (كي يكون هناك ما يمكن «التفاوض» عليه في اطار «السِلالْ الأربع» وفي مقدمتها محاربة الارهاب، دون ان تكون بالضرورة في اطار «مفاوضات مباشرة» والتي يهدف وفد المعارضات ان يمنح لنفسه اولوية ومكانة متقدمة على الهيئات والأحزاب والمنصّات والقوى الوطنية الشعبية السورية, التي ستُشارِك في حوار سوتشي القريب والمهيأ اكثر من جولات جنيف, لإحراز تقدُّم على طريق ايجاد حل سياسي للازمة السورية, وبالتأكيد برعاية الامم المتحدة، الامر الذي يثير مخاوف لدى وفد المعارضات والمنصات الذي بدأ يشعر ان البساط يُسحَب من تحت اقدامه. وأن إفرازات الميادين العسكرية وانجازاتها ودحر داعش, قد بدأت تفرض تداعياته السياسية وخصوصا «التمثيلية», التي ستطال هذه المعارضات ذات الصناعة الاميركية الإسرائيلية والاقليمية المعروفة. الجدل الذي اندلع بعد بدء الجولة الراهنة من محادثات جنيف, وما قيل عن تقديم المبعوث الدولي دي ميستورا للوفدين (ورقة المبادئ الـ»12 «للحل السياسي) وما تسرّب حول وثيقة مشابهة طرَحَها وفد المعارضات والمنصات، يكشف بوضوح كيف تفكِّر هذه المعارضات, والى اين تريد اخذ سوريا وخصوصا في اسقاطها كلمة «العربية» من اسم «الجمهورية العربية السورية» لتصبح «الدولة السورية» فقط , في الوقت ذاته الذي رأينا فيه الوفد الرسمي السوري يرفض تسلم ورقة دي ميستورا مُعلِنا انه (المعبوث الدولي) تجاوز دوره, وان تقديم المقترحات ليس جزءاً من مهمته بل هو «وسيط وراعٍ» وانتهى الخلاف, الى اعتبارها «مقترحات» قام الوفد السوري بالرد عليها بعد عودته من دمشق لاستئناف الجولة الحالية, حيث رشح انه قد يغادر جنيف اليوم الخميس. واذ راجت انباء عن طلب المبعوث الاممي من وفد المعارضات ان يكون «واقِعياً اكثر» معتبرا انه(وفد المعارضات) فَقَدَ الدعم الدولي, وِفقَ ما نقلت وكالة انباء الاناضول التركية عن مصادر لم تُسمِها، بل قيل ان دي ميستورا طالب الوفد بان يتعامل وفق ذلك «مع المعطيات» مُحذِّراً من ان «المعارضة» اذا شاركت في مؤتمر سوتشي المقبِل, دون تحقيق تقدم في سلة «الدستور» في اجتماعات جنيف الحالية، فانها (المعارضة) ستتلاشى وتضيع هناك, وسيكون – وفق ما نُسِب للمبعوث الاممي – سوتشي بديلا لجنيف».. فان من الاهمية بمكان التوقف عند «النفي المرتِبك» الذي بادر اليه «مَصدَر» في وفد المعارَضات, عندما عاد لِيتمسَّك بجنيف كمسار «اساسي» للعملية السياسية حول سوريا, زاعما ان ما نُسِبَ لدي ميستورا غير دقيق بـ»المُجمَل». ازمة الجولة الراهنة من محادثات جنيف ستتواصل, وسحْبُ بيان الرياض2 ،ربما يُسهِم في استمرارها وخروجها بنتائج اوّلية. أما صيغة بيان الثلاثاء الذي اصدره وفد المعارضات فهو غير كاف, وان كان تحدّث عن القرار 2254 ولم يأتِ بذكر على بيان جنيف1 ،كذلك فإن المفاوضات «المباشرة» فيبدو انها لن تحصل, وستبقى في إطار «مفاوضات الغرفتين» هذا إذا لم تنتَهِ الى الفشل, او تؤجَّل الى موعد لاحق من العام الوشيك
التعليقات مغلقة.