الدكتور يعقوب زيادين … انسانية النضال / مالك نصراوين
مالك نصراوين ( الأردن ) الثلاثاء 7/4/2015 م …
فقد الشعب الاردني والامة العربية واحرار العالم يوم امس ، المناضل الوطني الاردني البارز ، الدكتور يعقوب زيادين ، احد قادة الحركة الوطنية الاردنية منذ مطلع القرن العشرين ، بعد حياة حافلة بالنضال الوطني والاممي ، انهاها مخلصا لمبادئه ، لم يتغير ولم يتبدل ، رغم تغير وتبدل الكثيرين فكان بحق ، رمزا للنضال الوطني والانساني منذ عقود طويلة ، ورمزا للصمود والصلابة والثبات على المبدأ .
انه لشرف لي ، ان يكون الدكتور زيادين ابن بلدتي السماكية ، نشا وترعرع وسط الكادحين المسحوقين ، فكانت معاناتهم دافعه الاكبر للالتحاق بالحزب الشيوعي الاردني ، ساعيا من خلال ذلك الانتماء والاطار النضالي ، الى نقل معاناة المسحوقين الى اصحاب القرار ، وحشد الطاقات الشعبية ، وتوجيه مسيرة النضال الشعبي ، كي يعيش هولاء المسحوقين حياة كريمة لائقة ، تتوفر فيها كل المقومات الضرورية لبني البشر ، من غذاء ودواء ومسكن وتعليم وكرامة ، وحقوق سياسية واقتصادية واجتماعية .
ان من يطلع على سيرة حياة المناضل الدكتور يعقوب زيادين ، لا يحتاج الى جهد او عناء كبيرين ، ليدرك مرامي التحاقه بالحركة الوطنية الاردنية ، ونضاله الصلب وتضحياته الجسام من خلال الحزب الشيوعي الاردني ، التي فرضت عليه ان يعيش في غياهب السجون لسنوات طويلة ، ويعيش المطاردة والحرمان والمعاناة النفسية والجسدية ، انها العدالة الاجتماعية ، التي تحقق الانصاف لكل المواطنين ، وكان اجتهاده العقائدي، ان هذه العدالة لن تتحقق ، الا من خلال الاشتراكية ، كطريق وحيد لتحقيق انسانية الانسان ، وتوفير الكرامة له ، مترافقة مع توفير مقومات الحياة ، فاختار طريق النضال لا طريق استجداء الاحسان ، ودفع الثمن باهضا من هناء حياته ، وهو القادر على ان يعيش حياة الرفاهية ، بعلمه وعمله كطبيب اخصائي مشهور ، لو قبل ان يتخلى عن همومه الانسانية والوطنية ، وقبل على نفسه ان يقوم بدور المحسن للفقراء والكادحين ، وهو القادر على ذلك .
لقد كان الدكتور يعقوب زيادين ، رمزا وطنيا كبيرا ، رمزا للمناضلين من اجل كرامة والوطن وابنائه ، رمزا للثبات على المبدا طيلة 94 عاما من حياته في زمن التغير والتبدل ، رمزا للصمود والمثابرة رغم السجن والمعاناة ، رمزا للوحدة الوطنية ، عندما اصبح نائبا عن القدس عام 1956 ، وهو ابن قرية السماكية في محافظة الكرك الاردنية ، فاختاره الاشقاء الفلسطينيون بوعيهم السياسي الفريد ، نائبا لهم في البرلمان ، ففاز على مرشحين مخضرمين من اكبر العائلات المقدسية .
ما زلت اذكر اول لقاء لي صبيا يافعا ، مع الدكتور يعقوب زيادين عام 1972 ، في عيادته في شارع الملك طلال بعمان القديمة ، حين راجعته لعارض صحي ، وكم كانت انطباعاتي ايجابية ، عن شيوعي وعينا على الدنيا ، ونحن نتابع انباء اعتقاله ، ونعتبره بفهمنا الساذج ، مجرد كافر لا يؤمن بالله ، لنجد انسانا بقامته العالية ، مبتسما في وجوه الجميع ، بهي الطلعة مريح الوجه ، يسال زوار عيادته عن كل تفاصيل حياتهم ، وجدته انسانا بكل ما في الكلمة من معنى ، ومن اطرف ما حدث معي في عيادته ، ان سالني عن صفي ، فابلغته انني انهيت الصف الثاني ثانوي هذا الصيف ، وبالتالي ساكون بالتوجيهي العام الدراسي القادم ، فشجعني على الدراسة في التوجيهي قائلا ، شد حيلك حتى تجيب معدل عال ، فاجبته “ان شاء ال … ” ولم اكمل عبارة “ان شاء الله” ، لانني كنت اعتقد ، انه لا يجوز ان اذكر اسم الله امام شيوعي ، ففهم مادار في خلدي ، وكانت ابتسامته المعهودة على محياه .
رحم الله المناضل الوطني الصادق والصلب يعقوب زيادين ، وحقق لوطننا ما نصبو اليه ، وما ناضل من اجله الشرفاء دوما ، الامن والرفعة والتقدم والعدالة الاجتماعية .
مالك نصراوين
التعليقات مغلقة.