المحافظون الجدد ومشاريع تقسيم المنطقة والموقف من إيران الى أين؟ / د. بهيج سكاكيني

نتيجة بحث الصور عن بهيج سكاكيني

د. بهيج سكاكيني ( الأحد ) 17/12/2017 م …




مخطئ كل من يعتقد أن المحافظين الجدد في أمريكا بصدد التخلي عن أو انهم يمكن ان يتوقفوا عن محاولاتهم المستميتة والمستمرة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بالطريقة التي رسموها منذ عقود من الزمن بناء على أطروحات الاب الروحي لهذه الزمرة المجرمة الا وهو المستشرق والمؤرخ والباحث الاجتماعي الرجعي الضالع في كرهه للعرب والإسلام برنارد لويس وهو بريطاني امريكي من أصل يهودي. وقد اشتهر لويس لكونه اول من خطط حديثا (بعد سايس بيكو) لتقسيم المنطقة العربية وهو صاحب النظرية القائلةبأن استعمار الشعوب العربية إنما هو نعمة لهم لأنه يخلصهم من آفة الجهل والتخلف التي زرعتها الأديان السماوية وخاصة الإسلام. وقام بصياغة نظريته ونشرها عام 1980. ولقد أطلق على لويس بمهندس تقسيم الشرق الأوسط والدول العربية الى دويلات صغيرة ضعيفة على أسس عرقية وطائفية ومذهبية في سبيل تحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى والسيطرة على المناطق الغنية بالنفط والثروات الطبيعية.

وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي الذي شهد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك جمهورياته اختمرت أفكار المحافظين الجدد والتي أصبحت تعرف “مشروع القرن الأمريكي الجديد” والذي هو ببساطة الدعوة الى ضرورة سعي الولايات المتحدة بإعادة هيكلة النظام العالمي ليؤسس نظام القطبية الواحدة والتي من خلاله تهيمن أمريكا على العالم، وعدم السماح لأية دولة أو مجموعة من الدول وحتى الحلفاء منهم على منافسة الولايات المتحدة. وقد عمد المحافظين الجدد منذ سنوات سياسة القضاء أو تدمير اتفاقية أوسلو كوسيلة لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بالرغم من تعاستها وتحقيق الكثير لدولة الكيان الصهيوني وترك أقل من الفتات للفلسطينيين، وكذلك السعي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ورسم حدود جديدة غير تلك التي رسمت سابقا باتفاقية سايكس بيكو للمنطقة وذلك تحت شعار نشر الديمقراطية الزائف.

ومن هنا جاء غزو العراق في عام 2003 وتدمير البلد بالكامل والانخراط في إعادة “بناءه” بحسب المعايير الامريكية وعلى ان يكون فاتحة التغيير للمنطقة، والتمهيد لغزو وتغيير بقية الدول والتي كان من المفترض ان تتبع بفلسطينوليبيا  ولبنان وسوريا ومن ثم إيران. وكان بول وولفوتيز وهو من المحافظين الجدد من كبار مهندسي الغزو الأمريكي للعراق وقد شغل منصب نائب وزير الدفاع رامسفيلد في عهد بوش الابن ونائبه ديك تشيني الذي كان أيضا من عتاولة المحافظين الجدد.

وكان المحافظون الجدد على علم مؤكد بأن في حالة التخلص من صدام حسين فإن العراق سيغرق في حالة من الفوضى والصراعات بين امراء السياسة والقبائل والمذاهب والطوائف والعرقيات وأنه من خلال هذه الفوضى والتي يمكن ان تمتد الى سوريا فإن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل وربما بعض الأدواتالإقليمية تستطيع من خلال هذا الوضع المستجد ان تعيد رسم الخرائط في المنطقة. وبالرغم من فشل هذا المخطط وخاصة وبعد ان أخذ العراق طريق التعافي من إرهاب تنظيم داعش ونجاحه الى حد كبير في احتواء الفتنة الطائفية والمذهبية التي حاولت قوى إقليمية المراهنة عليها لتفتيت الدولة العراقية، وكذلك سقوط مخطط فصل واستقلال إقليم كردستان العراق الذي قاده رئيس الإقليم مصطفى البرزاني، والانجازات التي تحققت على الأراضي السورية نتيجة للصمود الأسطوري للدولة بجيشها وشعبها وقيادتها ومؤسساتها وبدعم كامل من قبل الحلفاء والأصدقاء وعلى الأخص روسيا وإيران وحزب الله والعديد من القوات الرديفة.

ولكن مع كل هذا ما زال المحافظين الجدد ومن خلفهم اللوبي الصهيوني في أمريكا والمجمع الصناعي العسكري الى جانب إسرائيل وأدوات الولايات المتحدة الإقليميين يدفعون الى تأجيج المنطقة والدفع بتصعيد الهجوم على إيران في هذه المرحلة على أمل دفع الادارة الامريكية الى إرتكاب حماقة كبيرة بالزج بقوات أمريكية لمحاربة إيران. وتصريحات ترامبالأخيرةالذي يدعي فيها أن إيران غير ملتزمة بالاتفاق النووي وأنها قد خالفت الاتفاقية وأخذ ذلك ذريعةلفرض مزيد من العقوبات على إيران على الرغم من أن بقية الدول التي وقعت الاتفاقية ومنظمة الطاقة الذرية الدولية والأمم المتحدة تشهد بعكس ذلك، يراها البعض مؤشر على وجود من يدفع ويمهد الى عملية صدام عسكري مباشر او غير مباشر مع إيران وأن هذا هو بمثابة المشروع الأمريكيالجديد.المستجد في الشرق الأوسط

ولكن من الضروري التنويه هنا الى ان العالم الان قد تغير عما كان عليه أكثر من عشرين سنة مضت عندما ظهرت خطة ومشروع المحافظين الجدد الى حيز الوجود. فأولا: هناك إتفاقيةوقعت بين الدول الكبرى وإيران تلتزم بها إيران على تفكيك وخفض لبرنامجها النووي. ولقد أورد مركز الأبحاث كاتو بالتفاصيل السبل التي التزمت بها إيران بالاتفاقية بما فيه التخلص من مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفكيك ثلثي أجهزة الطرد المركزية الخاصة بتخصيب اليورانيوم الى جانب السماح بالمراقبة الدولية على برنامجها النووي بالإضافة الى الإجراءات الأخرى التي تحد من إمكانياتها النووية لمدة تتراوح ما بين 10 الى 25 سنة.

ومما لا شك فيه ان واشنطن ترى صعوبة الان للضغط على الدول الأوروبية لتبني مواقفها حيال الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات على إيران. ولقد صرحت مسؤولة السياسة الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي امام الصحافة أن إيران ملتزمة بنصوص الاتفاقية وعلى انه لا يوجد دولة في العالم تستطيع ان تلغي هذه الاتفاقية والتأكيد على انها اتفاقية دولية وذلك ردا على ما جاء من تصريحات من البيت الأبيض وترامب شخصيا الذي لم يقدم أي دليل ملموس على عدم الالتزام بما نصت عليه الاتفاقية واكتفى بالقول عندما قام بعض الصحفيين بالضغط عليه ليذكر ما هي النقاط التي لم تلتزم بها إيران أكتفى بالقول ان إيران لم تلتزم بروح الاتفاقية وهو تعبير فارغ لا يعني شيئا البتة. الى جانب ذلك فإن الدول الأوروبية باتت على قناعة تامة أن الولايات المتحدة وخاصة تحت الإدارة الجديدة تضع مصلحتها اولا وأخيرا ولا تلتفت لمصلحة حلفاؤها الأوروبيين وهذا ما فهم من “أمريكا أولا” الشعار الذي رفعه ترامب منذ بداية توليه الرئاسة وما أكد عليه في أول جولة أوروبية له. وإذا ما أضفنا الفرص التي حصلت عليها الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وألمانيا في الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الإيرانية والعديد الصفقات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي وقعت بين الطرفين فإنه يصبح من الصعوبة بمكان ان تجر الإدارة الامريكية الدول الأوروبية الى مواقفها المتشددة والغير مبررة تجاه إيران وبرنامجها النووي.

وعلى الجانب الآخر فإن علاقات إيران بروسيا والصين قد نمت الى حد كبير وإن لم ترتقي الى تحالف استراتيجي بعد فهي وبحسب المعطيات على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري والطاقة هي ربما أقل بدرجة بسيطة من أن يطلق عليها تحالف استراتيجي. وإذا ما أخذنا العلاقات الروسية الإيرانية فيما يخص سوريا على وجه التحديد نرى صلابة وقوة هذه العلاقة وإن كانت هنالك بعض الخلافات فإنها لا تتجاوز ربما التفاصيل لا أكثر من ذلك. وروسيا ترى في إيران حليفا قويا لها في منطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة وأصبحت تشكل حليفا قويا في محاربة الارهاب . ولا شك فإن الصين وروسيا لن تتردد عن استخدام الفيتو في مجلس الامن إن تجرأت الولايات المتحدة على المساس بالاتفاقية النووية الموقعة مع لإيران أو محاولة فرض عقوبات إقتصادية عليها.

وتتحدث بعض مراكز الأبحاث الامريكية حول المخاطر المترتبة على مجابهة إيران وتحدد هذه المراكز أربعة خيارات للمجابهة والتي يمكن تلخيصها بالاتي:

الخيار الأول : فرض عقوبات جديدة أكثر صرامة

ومن ضمن هذه العقوبات العودة الى فرض حظر على بيع البترول في الأسواق العالمية وفرض عقوبات على الشركات العالمية او حتى الدول التي تستورد البترول أو الغاز من إيران أو تقوم بالاستثمار في القطاعات الاقتصادية في إيران. ولكن هذا النوع من العقوبات لا يمكن العودة اليه مع وجود الرفض من قبل الدول الأوروبية والصين وروسيا. وتخلص احدى الدراسات الخاصة بمركز الأبحاث كاتو الأمريكي ” إن الحكومات الأوروبية والاسيوية على الاغلب ستقف ضد فرض قيود وحاجز على التجارة والاستثمارات وكذلك على تطبيق العقوبات الامريكية المتواجدة حاليا خارج نطاق أمريكا”.

الخيار الثاني: التصدي للدور والتأثير الإيراني في المنطقة

وربما هذا الخيار تعمل عليه الإدارة الامريكية مباشرة ومن خلال أدواتها في المنطقة وخاصة السعودية وإسرائيلبالإضافة الى بعض الدول الخليجية الأخرى. السعودية تتحدث عن الخطر الإيراني والتدخل في شؤون الدول العربية ليلا ونهار وهي تتخذ من الفتنة الطائفية والمذهبية سلاحا لتجميع أكبر عدد ممكن من الدول الإسلامية في مواجهة ايران “الشيعية” إن لم يكن عسكريا فسياسيا ودبلوماسيا في المحافل الدولية. وما الهدف من وراء القمة “التاريخية” التي جمعت السعودية لها أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية للالتقاء بالرئيس ترامب في الرياض الا رفع سقف التصدي لإيران. ولكن هذه القمة انتهت بالفشل فلم تتمكن السعودية أن تشكل جبهة عسكرية لمحاربة ما سمي بالإرهاب العالمي واكتفى البيان الختامي والكلمات التي القيت من البعض بالتهجم على إيران والادعاء بأنها تدعم الارهاب على مستوى العالم وعلى انها تشكل خطرا على السلام العالمي وفي المنطقة. وبالطبع ترامب وجدها الفرصة الذهبية لكي يقوم بحلب السعودية وبعض دول الخليج الأخرى بهذه المناسبة عن طريق صفقات بيع السلاح.

وتدور الان وبشكل واضح وعلني محاولات لتكوين محور عدائي لإيران يضم إسرائيل والسعودية والامارات وأمريكا بالطبع على ان تنضم اليها ربما لاحقا دول عربية أخرى فالسعودية ما زالت تمتلك التأثير على البعض بحكم الضائقة الاقتصادية التي تعيشها بلدانهم وهم في أمس الحاجة الى ضخ المساعدات المالية الاتية من السعودية هذا إذا ما زالت الخزينة السعودية المنهكة نتيجة حربها مع اليمن وغيرها في المنطقة قادرة على ذلك. وهذا الحلف يتحدث عبر وسائل الاعلام ويقوم بدفع عشرات الملايين الى مراكز الأبحاث القريبة من أجهزة أخذ القرار في أمريكا على وجه التحديد للكتابة عن الخطر الإيراني على منطقة الخليج وعلى إسرائيل وخاصة مع تواجد قوات إيرانية تحارب جنبا الى جنب مع القوات السورية وتثير زوبعات حول مستقبل القوات الإيرانية المتواجدة في سوريا وأماكن تمركزها وقربها أو بعدها من الحدود المشتركة في منطقة الجولان. هذا همهم الأول والاوحد وليس لماذا هي متواجدة هناك أو محاربة الارهاب مما يدلل على نواياهم وأهدافهم الدنيئة. كما تثار العديد من الادعاءات والفبركاتالإعلامية حول تواجد قوات إيرانية في اليمن دون تقديم أي دليل على ذلك وعلى انهم يريدون السيطرة على اليمن من خلال الحوثيين والسيطرة على مضيق باب المندب وكل هذا لاثارة الراي العام العالمي وتبرير العدوان الهمجي على اليمن والدعم الأمريكي والبريطاني على وجه التحديد لها العدوان المجرم الذي يسعى الى حرب إبادة للشعب اليمني.

الان يدور الحديث عن الدور الإيراني في سورية بعد القضاء نهائيا على تنظيم داعش وجبهة النصرة وعن مدى التواجد العسكري هنالك وحجمه..الخ. كما يدور الحديث عن الدور الإيراني في العراق ولبنان. وما فعله الأمير بن سلمان برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري هو جزء من هذه الحملة الإعلامية على إيران وحزب الله اللبناني. هنالك بإختصارايرانوفوبيا في المنطقة يديرها نتنياهو والأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي في السعودية. حملة شبيهة بتلك روسيا فوبيا في الولايات المتحدة.

الخيار الثالث: عملية تغيير النظام من الداخل

الامر ليس بهذه السهولة في إيران وقد سبق وأن قامت الولايات المتحدة بدعم جهات معارضة في إيران وقامت هذه الجهات ببعض الشغب في شوارع طهران ولكن سرعان ما انتهى امرها ولم تتطور على غرار الثورات الملونة صنيعة المخابرات المركزية الامريكية في أوكرانيا وجورجيا وغيرها. وحقيقة الامر إن أي دعم امريكي بالعلن أو بالخفاء لأية جهة إيرانية سواء على نطاق شخصيات أو مجموعات عادة ما تكون قبلة الموت لهذا الفريق أو ذاك مع وجود مزاج شعبي عارم ضد سياسات الولايات المتحدة في المنطقة. وربما هذ تزايد في الفترة الأخيرة وخاصة مع وجود توجه لدى الإدارة الامريكية بتسليح الدول الخليجية والاعلان المباشر ان هذه الأسلحة هي لمجابهة إيران.

بالإضافة الى ذلك فان الولايات المتحدة او غيرها لا تستطيع تحريك الاثنيات في إيران بالشكل الذي فعلته في العراق مع الاكراد على سبيل المثال لان هذه الاثنيات المتواجدة في إيران تتواجد بأعداد قليلة جدا. فالاكراد يشكلون 10% فقط من السكان بينما البيلوتش 2% والعرب 2% والازيري الاتراك 16%. وقد اشارت بعض الصحف الامريكية الى تصاعد المد القومي في إيران كردة فعل على الضغوطات من السعودية وأمريكا على ايران والسياسة العدائية التي تتبعها هذه الأطراف.

الشيء الوحيد الذي من الممكن فعله في الداخل الإيراني بين الحين والأخر لإعطاء الانطباع بعدم الاستقرار هو القيام بتبني وارسال إرهابيين الى الداخل الإيراني للقيام بأعمال إرهابية من تفجيرات أو عمليات اغتيال لقادة إيرانيين. ولقد تم القيام ببعض الاعمال الإرهابية ولكنها لا ترقى بأي حال من الأحوال الى درجات يمكن القول بأنها سببت زعزعة الاستقرار في الداخل الإيراني.

الخيار الرابع: البدء بالحرب على إيران

لا يخفى على أحد ان المحافظين الجدد والمتصهينين في داخل الكونغرس الأمريكي وخارجه واللوبي الصهيوني بالإضافة الى المجمع الصناعي العسكري يدفع في إتجاه المجابهة العسكرية مع إيران ولكن السؤال يبقى الى أي مدى تستطيع هذه الإدارة الذهاب في هذا المجال؟ وهنالك دول إقليمية وعلى رأسها السعودية وإسرائيل تدفع في نفس الاتجاه أي في المجابهة العسكرية مع إيران للقضاء على برنامجها النووي نهائيا. ولا شك ان العديد من الدول الإقليمية والدولية تقف بالضد من هذه الفكرة الغير محسوبة العواقب والتي قد تؤدي الى حرب شاملة في المنطقة والتي تم تفاديها لغاية الان وما قد يحدثه مثل هذا التصرف الاهوج في منطقة غنية بالبترول والغاز والاهم ربما الاثر على الاقتصاد العالمي الذي ولغاية الان لم يتعافى بعد من الركود الذي أصابه عام 2008.

وبالإضافة الى كل هذا فإن إيران وقدراتها العسكرية قد نمت الى حد كبير كما يشهد لها الخبراء بذلك بما فيها برنامج الصواريخ المتعددة المدى والاهداف وخاصة البالستية منها مما يجعل كل القواعد الامريكية المتواجدة في منطقة الخليج بالإضافة الى المنشآت النفطية وآبار البترول والغاز عرضة لهذه الصواريخ. وهذا يشكل قوة ردع لأية اعتداءات عسكرية على إيران حتى وإن كانت محدودة. ومن المهم التأكيد هنا على انه بالرغم من التهديدات المتكررة من قبل العدو الصهيوني انه لن يسمح لإيران بتطوير برنامجها النووي وأنه على استعداد لضرب المنشآت النووية الإيرانية بشكل منفرد دون الرجوع الى الولايات المتحدة الا أنه لم يجرؤ لغاية الان بتنفيذ أي من هذه التهديدات لأنه يدرك ان ذلك سيكون وبالا عليه حتى وإن تدخلت الولايات المتحدة لاحقا في محاولة لإنقاذه.

ما تحاول الولايات المتحدة فعله الى جانب الكيان الصهيوني هو بناء حلف استراتيجي عسكري وسياسي مع بعض دول المنطقة كما أشرنا سابقا وعلى رأسها السعودية وهذا يصب في مصلحة المجمع الصناعي العسكري الأمريكي على وجه التحديد لحلب المزيد من مئات المليارات من الدولارات من الدول الخليجية التي إعتمد وجودها وما زال على الولايات المتحدة الامريكية. ودخول الكيان الصهيوني الان مباشرة وعلانية الى هذا التحالف ما هو الا لتصفية القضية الفلسطينية والتطبيع مع الدول الخليجية في المرحلة الراهنة تحت شعار الخطر الإيراني والعداء لإيران. هذا التطبيع الذي بدأ منذ فترة يأخذ طابع العلنية كما هو الحال على الأقل مع دولة البحرين في الآونة الأخيرة من خلال الزيارات المتبادلة.

ونستخلص ونقول انه وبناء على ما قدمناه هنا أن التهويل بالخطر الإيراني وتصريحات العداء لإيران والاتهامات والادعاءات الباطلة التي تكال اليها من هنا وهناك، وإمكانية شن هجوم عسكري على إيران من قبل الولايات المتحدة وحلفاءها وأدواتها في المنطقة لا يتعدى العتبة الكلامية وليس أكثر من هذا. والمستفيد الأول من هذه الزوبعة هو الكيان الصهيوني لان بهذا يتحقق حرف بوصلة الصراع في المنطقة وتوجيهها الى إيران الى جانب التطبيع مع الأنظمة العربية “المعتدلة” والقبول بالكيان الصهيوني وهو ما كان يسعى اليه على الدوام. والى جانب ذلك فإن هذه الزوبعة تتيح للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي بيع مزيد من الأسلحة وعقد مزيد من الصفقات التي تصل الى عشرات ومئات المليارات من الدولارات للحفاظ على ديمومته فهذا القطاع يحيا على خلق مناطق توتر وإثارة الصراعات. ويكفي ان نشير الى صفقات الاسلحة التي وقعت أخيرا مع السعودية والامارات وقطر والبحرين في هذا المجال والتي قد ترقى الى ما يقرب من 200 مليار دولار.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.