عاصفة الحزم تحرق ما تبقى لنا من أوراق / أسعد العزوني

 

أسعد العزوني ( الأردن ) الثلاثاء 7/4/2015 م …

ضربة معلم ، لكنها تحسب  ليس لمن   نفذها  ، بل  لمن خطط لها ، وهيأ السبل والظروف  ، وحتى المبررات  لمثل هذا الحدث غير المسبوق عربيا ، إذ أن العرب  وحتى المسلمين  إنتفضوا لنصرة اليمن ذلك “البلد الجار والشعب المنكوب “، لكنهم لم ينتفضوا  من أجل فلسطين قلب العالم العربي  والقدس والأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى  رسولنا الكريم  ومعراجه إلى السموات العلى.

وقد أسهموا في معاناة الشعب الفلسطيني وتكريس إلإحتلال الإسرائيلي لفلسطين رغم المجازر وسيل الدماء والتدمير  ومصادرة الأراض وفتح المعتقلات  حتى لنساء وأ طفال فلسطين ، الأمر الذي يوحي بأن الشعب الفلسطيني ليس شعبا عربيا وأن فلسطين ليست عربية ، مع أن الحقيقة تقول أنهم قلب العرب العالم العربي ،  وأن المشكلة تكمن في  من تحالف مع “مستعمرة ” إسرائيل ونسق معها أمنيا  وطبع معها وعقد الإتفاقيات والمعاهدات معها  ، وكأن الصراع معها هو صراع حدود لا صراع وجود ،وهناك من هو مستمر في اللعب معها من تحت الطاولة لأ ن شعبه لا يقبل التصالح العلني معها.

هذه الخطوة التي يطلقون عليها عاصفة الحزم، يقولون أنها ستلد “الحسم ” وينظرون لها على أنها إنتفاضة عربية في الإتجاه السليم ، وأنها أعادت الإعتبار لنا كعرب ، وهزت الوجدان الأمريكي الذي بدأ يحسب حسابا لنا ، مع أن سيد البيت الأبيض  أوباما ، المهان من قبل رئيس وزراء “مستعمرة ” إسرائيل نتنياهو، أعلن  في خطابه الأخير أن أي تقصير أو خلل في أمن إسرائيل يعد تقصيرا من جانب البيت الأبيض ، لكنه  ورغم تعهده بالدفاع عن الخليج في وجه إيران ، حذر الدول الخليجية من  مغبة عدم  تنفيذ الإصلاح الشامل ، ولا أدري ما دخل اوباما  إن حصلت المرأة السعودية على رخصة قيادة سيارات أم لا ؟

هذه الخطوة ستحرق ما تبقى لنا من أوراق نحن العرب والمسلمين ، وذلك إستكمالا  لمخطط الحرب العراقية – الإيرانية  التي وقعنا في فخها ودامت ثماني سنوات ،  وأكلت الأخضر قبل اليابس ،  وأودت بالعراق الذي  وضع على مذبح التقسيم الطائفي بعد  إثخان أهله بالجراح الطائفية البغيضة ، وسيكون مصيره الشطب وفقا لمشروع  الشرق  الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لا فرق، وكانت القضية الفلسطينية أولى ضحايا هذه الحرب  حيث غزا السفاح شارون  جنوب لبنا  صيف العام 1982 وحاصر بيروت  لثلاثة أشهر  ، على مرآى ومسمع الجميع الذين كانوا يلوثون الأثير بشعارات التأييد للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطين ، وقد دخل شارون بيروت محتلا  وأخرج قوات منظمة التحرير من لبنان بالتعاون من “الحازمين ” العرب الذين  حثوا  القيادة الفلسطينة على الإنصياع للرغبة الأمريكية  ،لأن أمريكا “وعدتهم بحل المشكلة “.

 نجم  كذلك عن  الحرب العراقية – الإيرانية  بزوغ مشروع الشرق الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لا فرق ، وستفرز عاصفة الحزم  ، وما سبقها من ظواهر شاذة فيالوطن العرب وفي المقدمة الخوارج الجدد داعش  الذي  زرعوه فينا بعد أمه القاعدة ، بعد فشلهم في الإحتواء  ،وقضواعلى العراق  ، وهاهم يفكرون في النيل من إيران ، وكنا نحن العرب والمسلمين الوقود والأداة  .

والسؤال هنا :هل يقبل الإيرانيون ان يكون مصير بلدهم كالعراق ؟ لا أظن ذلك، خاصة وأن التركيبة العقدية  للشيعة  تختلف عنها لدى السنة  ، إذ يوجد لديهم قرار واحد صادر عن مرجعية واحدة  يدينون لها بالطاعة العمياء.

الآن نرى ونسمع  الناطق بإسم عاصفة الحزم  السيد العسيري ،  وهو يروي روايته  ، ولا شك أن الساحة حاليا  قد سلمته إنقيادها ، ولكن  من سيضمن لنا بعد توقيع الإتفاق الإيراني – الأمريكي ، من ظهور ناطق  عسكري  من الطرف الآخر يشدنا برواة مؤثرة واقعية جديدة؟

الإنتفاضة العربية  الأخيرة ، حملت لنا  ومنذ  إنطلاقتها  العديد من الأسئلة والألغاز من حيث التوقيت  الذي صادف الحديث عن توقيع الإتفاق الإيراني الأمريكي ، والأهداف  حيث التحرش بإيران  من خلال قصف الحوثي الذي  حظي بتحالف معه ضد  القاعدة  ،  قبل أن يعلن ولاءه لإيران ، ناهيك عن بوادر  القلق ، إذ أننا مرعوبون  من إيران النووية ، مع أننا تعايشنا مع “مستعمرة ” إسرائيل النووية ، فأي منطق هذا ؟

الواقع المعاش يشي  بتشويش في رؤية الواقع ،  وقصور في تقدير الموقف  والنتائج ، لأن  القصة ليست “رمانة ، بل قلوب مليانة “، كما يقول المثل الدارج.

الهدف  منوراء عاصفة الحزم  ليس الحوثيين ، فهم أصغر  كمجموعة او عصابة ، من أن يستنفر العرب والمسلون لمواجهتهم ، بل هو إستهداف لإيران المتداخلة والمتلازمة لنا في التاريخ والجغرافيا ، وما بيننا من خلافات يتم حلها بالحوار .

التداخل الإيراني معنا يكمن في ثنايا  مفصلية خطيرة تمس المكون الإجتماعي ، إذ يوجد هناك وفي دول الخليج العربية تحديدا    مكون شيعي عربي وإيراني  قام الشاه المقبور بإجبار صناع القرار الخليجي على تجنيسهم  ليصبحوامواطنين في تلك الدول مع أنهم لا يتحدثون العربية ، وهم متمكنون  سياسيا وإقتصاديا  وإجتماعيا  وفاعلون وقادرون  بإستثناء شيعة المنطقة الشرقية في العربية السعودية .

هذه العاصفة  تحاول إستقطاب مصر  للمشاركة فيها  ، مع أن الجيش العربي المصري الذي كلفه الزعيم الخالد جما لعبد الناصر بتصحيح الأمور في اليمن إبان  ظلم الإمام الجاهل البدر ، ووجه  بمؤامرة  جعلت  مصر تدفع ثمنا باهظا لهذه الخطوة التي تتكرر من قبل البعض ويجري الإستقطاب لها .

كما انه يجري العمل على إستقطاب الباكستان النووية الإسلامية ، ولا ندري ما هو الثمن الذي ستقبضه الباكستان جراء الموافقة على هذه المشاركة ، لكن الأكيد أن هذه العاصفة بتكويناتها  ستخلق حالة شاذة من الإستقطاب، وستعمل على  خلق إنقسام عامودي وافقي بيننا عربا ومسلمين .

كم كان مشرفا لو أن هذه العاصفة جاءت لتحرير المقدسات المدنسة في فلسطين ، وإنقاذ القدس من التهويد ، ولو ان هذا الإستقطاب كان هدفه تحرير فلسطين  ونجدة شعبها  .

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.