الذكرى الثامنة والستون لميلاد” البعث ” / النائب حسن عجاج عبيدات

 

النائب حسن عجاج عبيدات ( الأردن ) الأربعاء 8/4/2015 م …

يحتفل القوميون والتقدميون العرب بميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي ، إذ أعلن عن تأسيسه في السابع من نيسان عام 1947 في دمشق.

تعني كلمة بعث ‘ اليقظة’ في حين يشير ‘ يوم البعث ‘ إلى يوم القيامة أو النشور، أي بعث الموتى إلى الحياة . وأكدت أدبيات البعث التي كتبها الأوائل من البعثيين على دور البعث في يقظة الماضي والمستقبل الثوري . ولخص أمين عام الحزب ومؤسسه الاستاذ ميشيل عفلق تأكيده في تساؤله ‘ كيف يمكن ليقظتنا نهضتنا الإحيائية الحديثة و’ الثورة العربية’ أن تتحققا؟ . فهل ينبغي على البعث أن ينشد الالهام في الماضي أم في المستقبل ؟.

وفي الوقت الذي كان أغلبية دول العالم ترزح تحت وطأة الاستعمار وضح البعث عن وعي فهمه للإحياء ، وبأن التعبير عن نظرية تدعو إلى الوحدة والحرية والاشتراكية، بحاجة إلى تعريف جديد للزمن ، وجاء تحديده لفترة الانحطاط والاضمحلال شديد الدقة ، وبأن المستعمرين الأوروبيين فعلوا الكثير لتأكيد هذه الحالة من الانحطاط ،وأكد مفكرو البعث أن المنطقة العربية لم تكن سابقة على الحداثة أو مناهضة لها ، بل كانت فترة إحياء وتجديد وبعث.

اشترك البعث الذي دعا إلى الحرية من الهيمنة الاستعمارية والاستقلال التام ،في الكثير مع غيره من الحركات المناهضة للاستعمار في فترة الاستقلال.

اسس حزب البعث الاستاذ ميشيل عفلق ، وهو مسيحي أرثوذكسي ، ولد عام 1910،وصلاح الدين البيطار وهو مسلم سني ولد عام 1912، كان عفلق معلماً للتاريخ ، والبيطار معلماً للعلوم ، وانضم إليهما لاحقاً الأستاذ زكي الأرسوزي، وهو علويّ المذهب من لواء الاسكندرون ، ولد في العام 1900، درس ثلاثتهم في فرنسا ، درسوا وقرأوا معظم مؤلفات الأدباء والمفكرين والفلاسفة الأوروبيين.

كان شعار الحزب الذي مزج بين الاشتراكية والقومية العربية:’أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة’. وعندما نشأ الحزب كانت معظم الأقطار العربية مستعمرة ، وكانت أوضاع الشعب العربي متخلفة. فكان لابد أن يعلن البعث في ذلك الوقت أن الشعب العربي ينتمي إلى أمة واحدة ، وأن لها رسالة إنسانية إلى العالم، وكانت الجماهير العربية في حاجة إلى الإيمان بأصالة أمتها، وإمكانية تحقيق الوحدة العربية . فدعا الحزب البعثيين إلى تحرير أنفسهم من العادات والتقاليد ، وتجاوز الواقع السيىء الذي تعيشه الأمة.

أكد البعث على أن رؤيته المستقبلية تتعلق بعمليات التقدم العالمية ، فوضع نفسه’ضمن إطار الثورات التاريخية الكبرى التي لا تعمل فقط من أجل إنقاذ شعب ، ولكن تعمل من أجل إنقاذ البشرية ‘ وانتقد البعث أوروبا لأنها أنكرت على العرب مطالبهم بالحرية والوحدة والاستقلال. فدعا إلى حقبة ثورية جديدة خالية من الاستعمار والاستغلال ، يستطيع فيها العرب نشر حضارتهم إلى العالم.

ورأى البعث أن أي حركة قومية أو ثورية ، لم تواجه الصعوبات التي واجهتها القومية العربية ، والتي نراها في أكثر صورها وحشية في حالة فلسطين . ورأى أن بعثاً مبنياً على كل من الماضي والمستقبل ، باستطاعته أن ينقذ العرب من التقليد الأعمى للمعايير الغربية.

وأكد البعث أن النظام الرأسمالي الليبرالي بعلاقاته وارتباطاته الاقتصادية بالغرب المستعمر ، أدى إلى الفروق بين الطبقات والاستغلال .لكن نظاماً مبنياً على الاشتراكية باستطاعته توفير المساواة والعدالة للمواطنين العرب. وقصد البعث أن النهضة هي بعث الماضي بهدف إشعال نضال من أجل الاشتراكية والحرية ضد الاستعمار.

ورأى البعث أن الاسلام دين عربي وإنساني . فالإسلام هو التراث الروحي وهو المحرك للأمة العربية، وهو ملهمها ومرجعها الروحي ، وهو الحركة الثورية المثلى . وينبغي على القومية العربية أن تتبنى الاسلام استناداً إلى الرؤية أن ‘ الاسلام هو تاريخنا ، وهو بطولاتنا ، وهو لغتنا وفلسفتنا ونظرتنا إلى الكون . والاسلام ثورة أخلاقية وفكرية واجتماعية في تاريخ البشر’.

شعرت الجماهير العربية بعد فشل الأنظمة القائمة الوصول إلى نهضة حقيقية فبدأت أفكار البعث تغدو جذابة، بعد أن شعر المواطنون بالحاجة الملحة لتبني وسائل أكثر جذرية لحماية القومية العربية، وبدت دعوة البعث لتحديد أفق جديد للمستقبل تتغلب فيه الوحدة العربية على الحواجز الاستعمارية وسيلة مفيدة للشباب العربي لمواجهة الواقع الراهن . فأصبحت الوحدة العربية الحل الوحيد لحالة اليأس التي أصابت الجماهير العربية، وكانت بمنزلة بريق أمل لمستقبل أفضل، وثورة وحياة ذات هدف. فتجاهل البعث بدعوته للوحدة العربية الحدود بين الدول العربية، ولم يعترف إلا بأمة عربية واحدة .

ونظر البعثيون إلى حركة البعث من خلال منظور تاريخي له تأثير على المستقبل ، ورأى أن الثورة على الواقع المر تمثل فعلا أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً مطلوباً كرد على الانحطاط الذي بلغ ذروته في أواسط الخمسينيات . وأدرك البعث أن الجهد الموحد هو السبيل إلى ضمان التحرر الحقيقي من الاستعمار والأنظمة الرجعية الحاكمة.

وكانت نكبة فلسطين قد أدت إلى النتائج المأساوية التي كانت العامل الحاسم في تنوير الجماهير العربية ، وأدرك العرب أن فشلهم في انقاذ فلسطين ، كشف ضعف أنظمتهم الرجعية وعجزها ، فلابد أن تبدأ نهضة جديدة في الخروج من حالة العجز المفجع.

تمكن البعث بمبادئه وأفكاره ومنطلقاته من جذب الشباب العربي، واستقطاب الجماهير، وحمل الفكرة القومية، وحوّلها إلى رمز لقدرة الانسان العربي على إصلاح نفسه وعلى الثورة ضد الحاضر أملاً في مستقبل أفضل.

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.