سورية: ما بعد النصر ليس كما قبله / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) السبت 23/12/2017 م …
قبل أيام من نهاية عام 2017، تبدو جَردة الحساب ضرورة مهمة، لتحديد بوصلة السنة القادمة، مع ما تحمله من تحديات ومآلات، فهناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، وتصريحات لقادة عسكريين وسياسيين، تشير في جملتها إلى أن سورية على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المنطقة في السنوات الماضية قد إستنفذت غاياتها بعد إصرار الجيش العربي السوري في الحسم والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة الشرسة على سورية.
وبالتالي يمكننا أن نفهم من ذلك أن سورية دخلت مرحلة جديدة بعد اعلانها النصر وإبادتها تنظيم داعش الإرهابي في مناطق متعددة من سورية وتمريغ أنف الأعداء والقوى الحليفة في عدوانها على دمشق التي أظهرت إفلاس سياسة أمريكا وأدواتها في المنطقة وجعلتها تتخبط وتعيد حساباتها، لأن هناك إبداعاً لمحور المقاومة وهناك روح كفاحية عالية للجيش السوري.
لو دققنا بالنظر جيداً لوصلنا الى حقيقة لا تقبل الشك ألا وهي أن تصريحات الرئيس الأسد، تؤكد أن سورية تسير بـ”خطوات ثابتة نحو الانتصار”، رغم أنها تتعرض منذ حوالي 7 سنوات إلى حرب “إرهابية عسكرية واقتصادية وإعلامية، كما أنها تحمل من رسائل إلى الداخل و الخارج ، أهمها : إن التقسيم في سورية مستحيلاً وغير واقعي ووهم كبير ولن يحدث، وأن المشروع الغربي”الشرق أوسط الجديد” يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأن سورية ستظل دوماً رأس حربة في وجه الدول الإستعمارية، لأنه لا خيار للسوريين ولمحور المقاومة إلا التصدّي والصمود ، كما أن الظروف باتت مؤاتية لتسريع عملية إعادة الإعمار ما من شأنه فتح آفاق إقتصادية واسعة في سورية.
في خضمّ التطورات المتسارعة للأحداث في سورية، والتي تشهد معارك عابرة للحدود أصبحت داعش عاجزة عن السيطرة على أية منطقة لفترة طويلة، لتثبت المعارك أن الدواعش فقدوا المبادرة وتآكلت قواتهم على معظم المستويات الميدانية والعملياتية والإستراتيجية، وأصبحوا في وضع مفتوح أمام إحتمالات غير محددة، ، لذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، والتي تعتبر بارقة أمل لإقتلاع جذور الإرهاب التى تجتاح وطننا الكبير “سورية”.
لكن يمكن القول إن هزيمة داعش عسكرياً يجب أن لا تفهم على أن زمن المواجهة قد انتهى, بل يجب أن تتبعها مرحلة المواجهة الأمنية التي تتمثل في القضاء على الحواضن والمجاميع المتفرقة والمختفية هنا أو هناك, إضافة الى المعركة الفكرية التي يجب ان تقضي على الفكر المتشدد للتنظيم و ما زرعه في عقول و نفوس الشباب و الأطفال في المناطق التي احتلها خلال فترة وجوده .
كثيرة هي الآمال والطموحات المستقبلية التي ينشدها أو يتمناها أبناء وطننا الغالي “سورية” وبالذات الشباب الذين يعتبرون شريان الحياة وعماد المستقبل، وعليهم تعلق الآمال لبناء سورية الحديثة، وستكون مهمتهم الآن غلق الصفحات السوداوية التي ملأتها سيئات الماضي الكئيب وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل في سورية ليكن شعارنا لهذا العام “الإنطلاقة” نحو البناء وإعمار سورية وبناؤها بالتوعية المجتمعية وإعمارها بالإهتمام بأساس التنمية والنهوض بهذا المجتمع للوصول به الى ناصية الدول المتقدمة، وهذا لن يأتي إلا من خلال الترابط والتعاون، وإشاعة روح التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الديانات فضلاً عن نشر القيم الإيجابية بين الناس، وهنا نأمل بعد هذه الفترة العصيبة أن يصبح الحوار ضرورة لا بد منها للخروج من الأزمة .
اليوم ينظر السوريون إلى يوم تحرير ما بقي من المناطق تحت سيطرة داعش حتى آخر شبر منها ورفع العلم العربي السوري فوق ثراها بعد تطهيرها من المجموعات المتطرفة، كما يجدد السوريون إصرارهم على استكمال معارك التحرير، وتخليص سورية من إرهاب القاعدة وتنظيماتها المختلفة.
مجملاً… تعالوا نحتفل برحيل عام وقدوم عام جديد، ونثبت أن مستقبل سورية يبدأ الآن، حيث العام 2017م هو سنة حسم نغادر فيه عنق الزجاجة إلى فضاء الإنفراج والإنتصار، وبداية الإحتضار والإنكسار للإرهاب، لأن سورية قلعة منيعة على كل الغزاة المعتدين, وهي حكاية صمود لا مثيل لها في العالم، لذلك من حقنا ان نتفاءل بالعام القادم” 2018″، ويمكن ان نجعله عام الحسم والبناء، فالسوري لا يعرف اليأس وهو اهل للصمود والتحدي، وفي النهاية أقول: إن المخطط الإجرامي الأمريكي لتفتيت سورية وإستخدام القوى المتطرفة والجماعات المسلحة لتنفيذ هذا المخطط، ما هو إلا محاولة يائسة لضمان مستقبل لإسرائيل، ولكن الضربات القاصمة التي تلقتها هذه القوى على يد الجيش السوري وحلفاؤه أجهضت هذا الحلم للأبد.
التعليقات مغلقة.