أمة عربية واحدة / د. يحيى محمد ركاج

 

د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الخميس 9/4/2015 م …

 *باحث في السياسة والاقتصاد

 أتى السابع من نيسان في هذا العام وهو ذكرى ميلاد الحزب القومي العربي الأكثر شعبية في الوطن العربي ليس كما اعتاد السوريون عامة والبعثيون على وجه الخصوص عل استقباله في كل عام، فلهذا العام نكهة خاصة ظاهرها قومي وباطنها عمالة، وجهها عربي وباطنها أعرابي. صورتها براقة وخلفيتها سوداء قاتمة, فقد تحقق جزء مما يحلم به البعثيون في الوحدة العربية حيث تحالفت تسع دول عربية لتحقيق حلم الوحدة العربية التي تعتبر الأساس الرئيس للحرية والعدالة الإنسانية، بل وزاد عن هذا الحلم الشيء الكثير، فقد فاق تحقيق الوحدة العربية كل التوقعات وبلغت نسبة إنجازه مئة وعشرة بالمئة إذا أضفنا انضمام دولة باكستان إلى هذه الوحدة، لتصبح باكستان الدولة العربية العشر طعش التي تؤمن بهذه الوحدة، فهل من احتفال أنبل وأشرف من هذه الوحدة التي تزداد فيها الدول العربية دولة لتقضي على بقايا العشائر العربية في دولة اليمن العربية الأنجلوسكسونية بعد أن تخلى اليمن عن قوميته العربية وأصله العربي لصالح جواره الأقحاح.

ولعل المفارقة الأنكى في هذا العام ليس فيما تتعرض له سورية حاضنة العرب والعروبة من أحداث، وهي التي رفعت ولا تزال ترفع شعاراً لها ولحزب البعث فيها أمة عربية واحدة، وهي التي استقبلت أيضاً ملايين العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين دون تحميلهم لا منة ولا جميلة، وكانت أرضها قبلة العمالة المصرية والطلبة الأردنيين والموريتانيين وملتقى جميع أبناء العرب، بل المفارقة بالدول التي أصبحت تمنع دخول السوريون إلى أراضيها أو حتى تقوم بفرض تأشيرة دخول على المواطن السوري إليها، في الوقت الذي تسمح لهم تركيا – بغض النظر عن استغلالهم وسرقتهم وغيرها من الأمور الأخرى- بالدخول إلى أراضيها والتكسب ولو باليسير جداً فيها.

فلبنان بات يفرض تأشيرة دخول على السوريين إلى أراضيها ولعل المبرر الذي يقره الإنسان بأنها أصبحت تتعرض لخطر الإرهاب نتيجة توافد أعداد كبيرة تفوق قدرة جيشها وأمنها على ضبطهم، والصومال التي كان السوريين يقدمون لها المساعدات وهي من أكثر الدول فشلاً في تحقيق أمنها وسيادتها أصبحت تفرض تأشيرة دخول على السوريين إلى أراضيها.

فتأملوا  لحلم الوحدة العربية الذي بات قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه لكن دون حاضنة العرب والعروبة ودون أي انتماء للقومية العربية والأصالة العربية، بل ودون أي تواجد لهم في جامعة هذه الوحدة. ولعل المفارقة العربية الكبرى أيضاً سوف تكون بانضمام الكيان الصهيوني لهذه الوحدة فتصبح صافية مصفاة بالأحرف دونما أي ترتيب بين عربي وعبري، وحتى دون النظر إلى العلاقة بين العروبة والأديان عموماً والإسلام على وجه الخصوص.

لقد أطل علينا إعلام الأعراب وأبواقهم بالترويج لمصطلحات كنا ننبذها كالتحالف والائتلاف والآن أصبح يشوه مفاهيمنا وأفكارنا المقدسة بالوحدة العربية والشعور القومي، في محاولة تضليل عملية للفكر القومي الحر الذي يحمله حزب البعث في سورية وباقي الأحزاب القومية في المنطقة العربية ,وإن كنت أخص بالمقارنة هنا حزب البعث لما يحمله في ثناياه من بزوغ للنهضة القومية والتقدم العربي، ولما حققه في سورية من إنجازات على كافة الأصعدة ولعل الدليل يتجلى بما ذكرته قناة العبرية الناطقة باللغة العربية “القناة العربية” من أن الرئيس اليمني صالح قد حكم اليمن لثلاثين عاماً ولم يستطع تشييد أو إنشاء مشفى واحداً ليعالجه عند تعرضه للإصابة، في حين كان الرئيس السوري الأسبق يتعالج في أحد المشافي الدمشقية حتى قبل وفاته في عام 2000.

 لقد أثبتت الهجمة الشرسة التي تتعرض لها أمتنا العربية عامة وسورية على وجه الخصوص أن القومية العربية هي الحاضن الرئيس للتقدم والازدهار، ويزداد هذا الازدهار والتقدم بتوطيد العلاقة بين العروبة والأديان، فقد استطاع الفكر القومي أن يبقى عصياً عن الاختراق رغم كل ما بُذل من جهود وأموال في سبيل ذلك في حين تعرض الفكر الإسلامي للاختراق والشرذمة بغطاء فئوي ومذهبي وطائفي رغم أن العلاقة بين العروبة والاسلام هي علاقة الجسد بالروح.

إنه من الواجب علينا في هذا العام وبعد أن رأينا ما حل باليمن وسابقاً بليبيا وغيرها، أن نتباهى بصمود وانتصار البعث في سورية، ومن الواجب أن نتغنى أيضاً بفكره وانتصاره ونعلنها للملأ: “

من جذور الأرض جئنا من صميم الألم ….. بالضحايا ما بخلنا بالعطاء الأكرم”

عشتم وعاشت سورية قلب العروبة النابض

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.