هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمينية، ولا يسارية؟…..3 / محمد الحنفي
محمد الحنفي ( المغرب ) الإثنين 25/12/2017 م …
* وضعية النقابة والعمل النقابي في المغرب:…..2
أما الأمراض ذات الطابع الموضوعي، فيمكن الوقوف عليها في الواقع، الذي تتحرك فيه النقابة، مما يجعلها غير قادرة على أداء دورها في واقع العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، ومن بين هذه الأمراض نجد:
أولا: التضييق الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يحرموا من امتلاك وعيهم بأوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية التي يعيشونها، ومن أجل أن يستمروا خاضعين للاستغلال الممارس عليهم، من قبل الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومن أجل أن يتحولوا إلى مجرد مستهلكين، لمختلف البضائع، التي ينتجونها، أو ينتجها النظام الرأسمالي العالمي، أو تنتجها مزارع الإقطاع الجديد، بالإضافة إلى استهلاك الأنواع المختلفة من المخدرات، التي يوردها، ويروجها تجار المخدرات، ويعملون على نشرها في المجتمع، حتى يتكاثر مستهلكوها، لتزداد بذلك أرباح التجار الموردين، والمروجين لكافة أنواع المخدرات، إيغالا في التنكيل بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يستغرقوا في قبول ما يمارس عليهم من استغلال مادي، ومعنوي.
ثانيا: التضييق على النقابة، والعمل النقابي، من خلال الحصار المضروب عليهما، من قبل أجهزة الدولة المخزنية / الطبقية، بما في ذلك الجهاز الحكومي، الذي أبان عن كراهية النقابة، والعمل النقابي، من خلال عدم الانصياع للحوار الجاد، والمسؤول، على مستوى الأجهزة القطاعية، وعلى مستوى الجهاز الحكومي، مما يحول النقابة إلى جهاز غير فاعل، والعمل النقابي، غير منتج في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وهو ما قد يجر إلى وقوف الطبقة الحاكمة، واجهزتها المخزنية / الطبقية، والحكومة، بأجهزتها المختلفة، والباطرونا على المستوى الوطني، إلى إضعاف النقابة، والعمل النقابي، وتحويلها إلى مجرد جهاز وطني، وأجهزة محلية غير فاعلة، وغير منتجة، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يجعل هؤلاء يفقدون الثقة في النقابة، والنقابيين، لعدم قدرتها، أو قدرتهم على القيام بأي فعل لصالحهم، لتبقى العناصر التي تعاني من المشاكل الخاصة، التي لا علاقة لها بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي التي تبقى مرتبطة بالنقابة، والنقابيين، بفعل التضييق على الممارسة النقابية.
ثالثا: سيادة أدلجة الدين الإسلامي في النقابة، وفي العمل النقابي، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وهو ما يترتب عنه إعطاء الأولوية، لأمور الدين، والتعامل معه أيديولوجيا، وسياسيا، أي إعطاء الأولوية لأمور الدين الإسلامي المؤدلج، والمسيس، والانصراف عن التفكير في الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعدم الوعي بتلك الأوضاع، ومعاناة كل من يسعى إلى جعل العمال، وحلفائهم، يمتلكون وعيهم بالأوضاع المادية، والمعنوية، نظرا لكثافة حمولة أدلجة الدين الإسلامي في صفوفهم، ونظرا لشحنهم ضد اليسار، والعلمانيين، وضد النقابة المناضلة، الهادفة إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية في صفوفهم، ومن أجل الوعي بتلك الأوضاع، في أفق الوعي بالذات، ومن أجل العمل على الانخراط الإيجابي في النضال، من اجل تغيير الأوضاع القائمة، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بما في ذلك مواجهة أدلجة الدين الإسلامي، التي أفسدت واقع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وجعلتها أكثر بعدا عن التفاعل مع ما هو ديمقراطي، تقدمي، جماهيري، ومستقل، ووحدوي، في إطار النقابة المناضلة، والعمل النقابي المناضل.
رابعا: شيوع التحريف في النقابة، أي نقابة، وفي العمل النقابي، أي عمل نقابي، مما جعل الإطار النقابي، أيا كان في المغرب، إما بيروقراطيا، أو تابعا، أو حزبيا، أو إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس جزب معين.
والنقابة البيروقراطية، لا يمكن أن تكون ديمقراطية، بسبب التحريف البيروقراطي، الذي طالها. والنقابات التي تم بناؤها على أساس التبعية لحزب معين، لا يمكن أن تكون ديمقراطية. والنقابة التي بنيت على أساس أن تكون منظمة حزبية، لا يمكن أن تكون ديمقراطية. والنقابة التي بنيت على أساس أن تصير إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لا يمكن أن تكزن ديمقراطية.
فبيروقراطية النقابة، وتبعيتها، وحزبيتها، وكونها إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، هي أو جه مختلفة، للتعبير عن غياب الديمقراطية، في الإطار النقابي، أي إطار نقابي؛ لأن ديمقراطية الإطار النقابي، تعني تقدميته، وتقدميته تعني جماهيريته، وجماهيريته تعني استقلاليته، والاستقلالية لا تتم إلا عن الدولة، وعن جميع الأحزاب السياسية. والاستقلالية، كما الجماهيرية، كما التقدمية، كما الديمقراطية، لا تعني عدم الربط بين النضال النقابي، والنضال السياسي على جميع مستويات. هذا الربط الذي يحدد من خلال طبيعة المبادئ، التي يمكن التحالف معها، وخاصة في إطار جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية، التي تسعى إلى جعل الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
خامسا: التطبيع بين النقابات، وبين المخزن، والفصل بينه وبين الحكومة، التي لا تتجاوز أن تكون مجرد أداة مخزنية، ليس إلا. ولا يمكن أن تكون شيئا آخر. فالمخزن الذي يتصرف في البلاد، والعباد، كمنتوج يدخل في إطار الملكية الخاصة، التي يتصرف فيها المالك، انطلاقا من استفادته منها، وسعيا إلى جعلها تزداد تفانيا في خدمته، نظرا لملكيته لها، ومن يعيش عليها، تابع للأرض، وتابع للإنسان الذي فقد هويته كإنسان، ليبقى الصراع مع الحكومة وحدها، وكأن الحكومة ليست مؤسسة مخزنية، وكأن المخزن، لا يشغل تلك الإدارة لخدمة مصالحه. وهذا الفصل في التطبيع بين النقابات، والمخزن، وعدم التطبيع بين النقابات، والحكومة، يحمل في طياته أزمة الذوات النقابية، التي عليها أن تراجع مواقفها من المخزن، ومن الحكومة؛ لأنه لا وجود لشيء اسمه الفصل بينهما، إلا في ممارسة النقابات، التي تتصرف بذهنية غض البصر عن واقع الارتباط العضوي بين المخزن، وحكومته، خاصة، وأن ممارسة الحكومة، لا تقول غير ذلك، في منطق الواقع، وفي منطق المخزن، من منطلق دستور فاتح يوليوز 2011، وفي منطق التحكم المطلق في الأرض، والعباد، وحسب المفهوم المخزني للعباد.
سادسا: العلاقة مع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي تجاوزت كونها ضعيفة، إلى أقل من الضعف. والضعف الذي ينسحب على تفريخ النقابة. والعمل النقابي، يكمن في الممارسة النقابية، التي يعتقد منتجوها، أنها ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، او على الأقل، أنها ديمقراطية، مع أنها لا تكون إلا مبنية على الإملاءات، التي تفرض من الأعلى، إذا كانت الممارسة النقابية بيروقراطية، أو من الحزب، إذا كانت الممارسة النقابية تابعة لحزب معين، أو حزبية، إذا كانت النقابة مجرد منظمة حزبية، أو تنتجها النقابة، لخدمة مصالح حزب معين، او تنفيذ برامجه في المجال النقابي، أو العمل على خدمة مصالح الحزب، الذي وقفت النقابة وراء وجوده، حتى ينتعش، ويتوسع في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى درجة أن مساهمة المنتمين إلى النقابة، وإلى الأجهزة القاعدية بالخصوص، الذين يستمدون شرعيتهم، في التواجد في النقابة، من العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، تصير غير واردة، نظرا لطبيعة التحول التي تعرفها النقابة، أي نقابة، في اتجاه إنتاج الممارسة البيروقراطية، التي تفرض تحكم القيادة، في طبيعة القرار النقابي، والتي تحرص على أن تنتخب شعبها.
سابعا: التبعية، غير المعلنة، للقيادات النقابية إلى المخزن، الذي يصير متحكما، من خلال القيادات النقابية، في أي نقابة، وفي أي عمل نقابي تنتجه، الذي لم يعد كما كان، بقدر ما صار يصرف في الإطارات النقابية المختلفة، بمنطق إنتاج الممارسة النقابية، التي تؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، في النقابة، وفي العمل النقابي، في مقابل إقبار الممارسة النقابية، الهادفة إلى خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن التبعية غير المعلنة للنقابة، والعمل النقابي، للنظام المخزني، يفرض إقبار أي ممارسة نقابية، تستهدف جعل النقابة، والعمل النقابي، تمتنع عن إنتاج ما يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خدمة لمصالح النظام المخزني، الذي صار محكوما بالهاجس الأمني، وبالتضييق على الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
ثامنا: عدم التزام النقابات، بدعم حركة 20 فبراير، ومنذ بدايتها، والتي لا زالت إمكانيات تفعيلها قائمة في الواقع، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى مستوى الممارسة المخزنية، بأجهزتها المختلفة، بما فيها الجهاز الحكومي المخزني، الذي يتميز بجرأة مصادرة كافة المكتسبات، التي تحققت لصالح الشعب المغربي، بفضل تضحياته التي قدمها، من أجل تحسين أوضاعه المادية، والمعنوية، ومن أجل حماية مكتسبات بناته، وأبنائه، ومن أجل ضمان التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما فيه مصلحة الشعب المغربي، كما تعمل على ذلك حركة 20 فبراير.
والنقابات التي لا تدعم حركة 20 فبراير، ولا ترتبط بها ارتباطا عضويا، هي نقابات منفصلة عن الشعب، الذي تعتبر حركة 20 فبراير منه، وإليه، لتصير في خدمة أعدائه.
ومن منطلق عدم دعم النقابات لحركة 20 فبراير، فإن النقابات تتحول إلى عدوة للشعب المغربي.
فهل تقبل النقابات ان تصير كذلك؟
وهل تراجع موقفها المتعلق بعدم دعم حركة 20 فبراير؟
وبهذا التصنيف، نكون قد وقفنا على أمراض النقابة، أي نقابة، وعلى أمراض العمل النقابي، أي عمل نقابي، ذات الطابع الموضوعي، الذي يمكن الوقوف عليه، من خلال التضييق الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافين والسياسي، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتضييق على النقابة، والعمل النقابي، من خلال الحصار المضروب عليها، من قبل أجهزة الدولة المخزنية، وسيادة أدلجة الدين الإسلامي في النقابة، وفي العمل النقابي، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وشيوع التحريف في النقابة، وفي العمل النقابي، والتطبيع بين النقابات، والعمل النقابي، وبين المخزن، والفصل التعسفي بين المخزن، وبين الحكومة، والعلاقة مع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي تجاوزت كونها ضعيفة، إلى أقل من الضعف، والتبعية غير المعلنة، للقيادات النقابية، وما تنتجه من عمل نقابي، إلى المخزن، الذي يصير متحكما، من خلال القيادة النقابية، في النقابة، وفي العمل النقابي، وعدم التزام النقابات، بدعم حركة 20 فبراير، ومنذ بدايتها، والتي لا زالت إمكانيات تفعيلها قائمة.
فالأمراض الموضوعية، هي أمراض معرقلة للنقابة، والعمل النقابي، ومساهمة في لجوء النقابات إلى ممارسة التحريفية النقابية، وإلى إنتاج العمل النقابي التحريفي. وهو ما يترتب عنه ضعف النقابة، والعمل النقابي، وفقدان مصداقيتها وتراجع علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وغياب الوعي بالأوضاع المادية، والمعنوية للجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وانعدام الوعي بالذات. وهو ما يقتضي العمل على تغيير الشروط الموضوعية القائمة، حتى تصير في مصلحة النهوض بالنقابة، وبالعمل النقابي.
وبالوقوف على الأمراض الذاتية للنقابة، والعمل النقابي، والأمراض الموضوعية، التي تحكم الواقع الذي تتحرك فيه النقابة، نكون قد وقفنا على العوامل الذاتية، والموضوعية، التي تقف وراء ضعف النقابة، والفعل النقابي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وهو ما يقتضي إعادة النظر في مجمل الممارسة النقابية، والعمل على تفكيك الشروط المعرقلة في الواقع، حتى يمكن إشاعة النقابة، والعمل النقابي الصحيح، في المجتمع، ويتم إعادة الاعتبار، للارتباط الجدلي بين النقابة، والعمل النقابي.
التعليقات مغلقة.