هوتشي منه والتحرير / د. محمد رقية
د. محمد رقية ( الأربعاء ) 27/12/2017 م …
ركبت الطائرة المتجهة إلى فيتنام وأنا أستذكرهذا البلد العظيم وشعبه المناضل العنيد , الذي هزم أكبر امبراطوريتين استعماريتين في العصر الحديث . الاستعمار الفرنسي المهزوم في معركة ديان بيان فو بقيادة الجنرال الفيتنامي الشهيرجياب عام 1954 , والاستعمار الأمريكي الذي استمرت المعارك معه حتى هزيمته النكراء في عام 1975 , بعد أن وصل عدد القوات الأمريكية المعتدية إلى أكثر من نصف مليون جندي مدججين بكل أنواع الأسلحة الأرضية والجوية الحديثة .
عندما تصل إلى أرض هذه البلاد التي تمتد على شكل حرف S بطول أكثر من 3200 كم ويخترقها نهر ميكونغ الشهير, تشعر بطيبة شعبها وجزوة نضالها ضد المحتل الأمريكي حتى حققت انتصارها واستعادة وحدتها بين شمالها وجنوبها .
أعتقد أن القليل من الجيل الصاعد يعرف ماذا يعني هذا الاسم هوتشي منه وماذا تعني هذه التسمية . أما الاسم فهو للمناضل الفيتنامي الأول وين فان كونغ, الذي ولد عام 1890 ومؤسس دولة فيتنام الشمالية منذ عام 1945 ورئيسها الأول حتى وفاته في 2 أيلول من عام 1969 , ومؤسس الحزب الشيوعي الفيتنامي , وأحد قادة النضال من أجل الاستقلال والنزاهة في منطقة الهند الصينية في القرن العشرين , وهو من أعظم القادة الشيوعيين الفيتناميين الثوريين البارزين , الذي كانت له المساهمة الكبيرة في النضال من أجل السلام والاستقلال الوطني والديمقراطي والتقدم الاجتماعي . إنه الاسم الذي شارك في تأسيس الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1920 وأول شيوعي فيتنامي ومؤسس صحيفة لوبارت ( المشرد ) التي لقيت رواجا” في فرنسا ومستعمراتها في الهند الصينية , ومؤلف كتاب ( الاستعمار الفرنسي تحت المجهر ) عام 1925 , والمشارك في تشييع الزعيم السوفياتي لينين عند وفاته . والذي ألقى خلال عامي 1925-1926 العديد من المحاضرات حول الاشتراكية والثورة لمجاميع الشباب الفيتناميين القاطنين في الصين , وشكلت هذه المجاميع البذرة الأولى للحركات الثورية الشيوعية التي خاضت لاحقا” الحرب ضد فرنسا وأمريكا . اعتقله البريطانيون في عام 1932 بسبب انشطتة المضادة للحكومة الفرنسية في هونغ كونغ.
وخدم كمستشار عسكري في القوات المسلحة الشيوعية الصينية عام 1938وهناك بدأ باستخدام اسمة المستعار( هوتشي منه ) الذي اشتهر بة لبقية حياتة ويعني المستنير باللغة الفيتنامية
وهو قائد استقلال فيتنام , الذي خاض مع قائد جيشه الجنرال جياب حربا” ضروس ضد القوات الأمريكية المعتدية , التي قتلت على مدى عشرين عاما” أكثر من أربعة ملايين فيتنامي وأحرقت الحجر والشجر لمئات الوف الهكتارات من الغابات والأراضي الزراعية وتدمير كافة المرافق الفيتنامية الأساسية بهدف إبادة هذا الشعب المكافح , فضلاً عن قصف المدن والقرى بالنابلم الحارق والقيام بالعديد من المجازر ضد المدنيين حيث بلغت المجازر التي ارتكبتها القوات الأمريكية 360 مجزرة موثقة في فيتنام منها مجزرة ماي لاي الشهيرة التي راح ضحيتها 504 فلاح وتذكرنا هذه المجازر بتلك التي نفذتها العصابات الصهيونية في أهالي فلسطين المحتلة , كذلك قام سلاح الجو برش آلاف الأطنان من المواد السامة على الأراضي الفيتنامية مما ادى إلى ولادة مئات الوف الاجنة المشوهة ورغم ذلك استمرّتْ الحياة واستمرّتْ المقاومة وذكر من أرّخوا لتك التجربة أنّ الفلاحة الفيتنامية كانت تضع الفأس على كتف، والبندقية على الكتف الأخرى, وتحقق الانتصارعلى هذه القوات الشريرة وانسحبت القوات الغازية تجر ذيول الخيبة إلى غير رجعة .
أنّ أهم اعتبار في هذه الحرب هو تلك الروح التي سرت فى وجدان وعقل الفيتناميين وأملت عليهم التشبث فى مقاومة الغزاة (كما كان يقول هوتشى- منه فى جلساته مع الشعب) ونتيجة ذلك بلور الشعب هدفه، وترجموا هذا الهدف واختزلوه فى جملة (المقاومة حتى النصر): ثلاث كلمات أشبه بترنيمة مقدسة، لاتتردد على الألسن فقط وإنما تنبض بها القلوب فى صلواتها للحرية، وتلك الترنيمة المقدسة هى التى فجرتْ الروح النبيلة التي مكنت الشعب الفيتنامي ليس من الانتصار على أمريكا فقط وإنما أذلالها حيث أنّ أمريكا حشدتْ أكثر من نصف مليون جندي وضابط بهدف احتلال فيتنام إلى الأبد وتصوّر الأمريكان أنّ هوتشى- منه واليسار الفيتنامي سيخضعون للرأسمالية العالمية، فكانت النتيجة أنّ الشعب الفيتنامي هو الذى انتصر، حيث بلغ عدد القتلى من الجيش الأمريكى 58 ألف ضابط وجندي عدا عن الأسرى والمفقودين. وهذه الهزيمة الأمريكية تسببت فى هزيمة نفسية للشعب الأمريكى، وهى الهزيمة التى أطلق عليها الإعلام الأمريكي (عقدة فيتنام) وصدر بشأنها الكثير من الكتب والأفلام الأمريكية التي أدانت الإدارة الأمريكية والمؤسسة العسكرية الأمريكية على جريمة غزو فيتنام
أما التسمية فهي لمدينة سايغون عاصمة الجنوب الفيتنامي التي كانت محتلة من قبل القوات الأمريكية الغازية والتي سميت بمدينة هوتشي منه بعد الانتصارالكبير على القوات الأمريكية المعتدية عام 1975وتوحيد البلاد تخليدا” لذكرى هذا القائد العظيم .
يعتبر هوتشي منة بطلاً قومياً لكل الشعوب المستضعفة وهو الرمز التوحيدي والطباخ البسيط الذي هزم ثلاث دول عظمى ( اليابان . فرنسا وامريكا ) وحرر بلادة ثلاث مرات.
يجب على المناضلين ضد الإحتلال الصهيوني لأرض فلسطين أخذ العبر وأخذ القوة من هذا المناضل الكبير لتنفيذ شعار المقاومة حتى النصر .
التعليقات مغلقة.