المثقفون العرب وفلسطين 1948 م / د. فايز رشيد
د. فايز رشيد ( فلسطين ) السبت 30/12/2017 م …
مع الاحترام الكبير للمثقفين العرب, لكن الموقعين على البيان الأخير حول إدانة قرار الرئيس ترامب حول القدس , استدرجوا بحسن نية إلى بيان , يعترف في صميمه باتفاقيات أوسلو المشؤومة وتداعياتها , ذلك أن البيان يؤرخ لاحتلال فلسطين والقدس في العام 1967! ويتناسى من صاغوه عن عمد المناطق المحتلة عام 1948, التي من أجل تحريرها انطلقت حركة فتح عام 1965 , ومن أجل تحريرها كاملة انطلقت كافة الفصائل الفلسطينية . يبتدىء البيان بالنص ” إنّ القدس جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وينطبق عليها قرارا مجلس الأمن 242 و338 اللذان ينصان على انسحاب “إسرائيل” من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة, وكذلك القرارات ذات الصلة.
بدايةً, نود التأكيد أنه ومثلما قضية فلسطين وحدة واحدة لا تتجزأ , فإن المشروع الصهيوني وحدة واحدة, ولا يمكن تجزئة عدوانيته, فمركزية حزب الليكود الفاشي ستصوت قريبا على ضم كامل الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني. تصور البعض أن أوسلو ستجلب للفلسطينيين دولة مستقلة, وها هي عقود تمضي وأرض الدولة العتيدة تتآكل تدريجياً بفعل الاستيطان . راهنوا ويراهنون على المفاوضات , التي لم تنتج سوى الهزائم والمزيد من التنازلات الفلسطينية , والتنسيق الأمني قائم على قدم وساق, وليس باستطاعة السلطة الفلسطينية , إلغاءه لأن التنسيق هو أحد اشتراطات أوسلو, وما زالت السلطة تتصور أن عملية سلمية ما, ما تزال قائمة, وسوف لن تغادرها! بالله عليكم, في أي عصر تعيشون؟ فاعتقاداتكم الوهمية تجعلكم تعيشون خارج إطار الزمن والتاريخ والواقع كما الوقائع بالطبع!.
جاء البيان معنوناً بـ “بيان المثقفين العرب حول القدس” مستخدماً ذات اللغة لبيان يصدر عن هيئة دولية محايدة في الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني , وليس بياناً لمثقفين يرون الحق الفلسطيني الخالد والأزلي في أرض فلسطين التاريخية من رأس الناقورة حتى رفح ومن النهر إلى البحر. نستطيع أن نفهم كل الانكسارت على الجبهات الأخرى : السياسية, العسكرية ,الاقتصادية… الخ, لكن لا نستطيع فهم مثقفين يريدون تثبيت انكسار آخرعلى الجبهة الثقافية , من حيث لا يشعرون . لطالما حاول العدو الصهيوني اختراق جبهة الثقافة العربية , من خلال التطبيع الثقافي, لكن جبهتنا الثقافية العربية, بقيت وستظل عصية على الإختراق.
عندما يقوم إخوة ومثقفون نحترم ونجل معظمهم بتأكيد مقولات مثقفي أوسلو , والذين نظّروا لها وسوّقوها وسوّغوها ( وكانوا في البداية من معارضيها, لكن مصالحهم تغلبت عليهم في النهاية) , فإنهم يدعون من حيث لا يدركون, إلى تسويق الرواية الصهيونية للتاريخ الفلسطيني, في الوقت الذي جعل فيه مثقفون يهود ليسوا بصهاينة من مهمتهم, تفنيد الرواية الصهيونية : شلومو ساند مثلا في كتابيه “اختراع الشعب اليهودي” و “اختراع أرض “إسرائيل”, كما إيلان بابيه في كتبه, كما نعوم تشومسكي, والقائمة تطول! مؤسف هذا البيان والدعوة حارّة للإخوة الموقعين لسحب توقيعاتهم من هذا البيان الملىء بالألغام والعديم الإحترام, والذي إن يخدم أحداً فكتبة أوسلو!
التعليقات مغلقة.