قرار الليكود ضم الضفة الغربية وحل الدولة الواحدة بين مفهومين / ابراهيم ابوعتيله

نتيجة بحث الصور عن ابراهيم ابو عتيلة




ابراهيم ابوعتيله ( الأردن ) الإثنين 1/1/2017 م … 

وهكذا وقبل أن ينتهي عام 2017 بسويعات قليلة ، يخرج علينا نيتنياهو وحزبه الحاكم بقرار خطير، وخطوة أكثر وقاحة من قرار ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان المحتل ، فلقد قرر مؤتمر حزب الليكود بالإجماع يوم أمس على ضم الضفة الغربية وغور الأردن للكيان الغاصب وبما يعني خراب لعبة التسوية الاستسلامية والفهلوة العباسية الأوسلوية التي ما زالت تزمجر وتهدد وتتوعد بالتوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة للإعتراف بدويلة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والبحث عن راعٍ جديد للإستمرار المعيب فيما يصطلحون عليها واهمين ب ” عملية السلام ” .

إن قرار الليكود هذا ما كان ليخرج لو لم يتم توقيع اتفاقية أوسلو أساساً تلك الاتفاقية التي أتاحت الاعتراف بحق ” دولة إسرائيل ” بالوجود على 78 % من فلسطين ووضعت ما يسمى بمنطقة (ج ) من أراضي الضفة الغربية والتي تمثل 60% تحت المسؤولية الكاملة والمباشرة لسلطة الاحتلال مما تسبب بشكل مباشر وعملي في تسرطن الضفة الغربية بالمستعمرات الصهيونية ووصول عدد المستعمرين الصهاينة فيها إلى ثلاثة أرباع مليون مستعمر.

صورتين متناقضتين شهدناهما هذا اليوم ، فمن جانب وعيد لفظي فارغ من قبل مجموعة أوسلو بالتوجه لمجلس الأمن بحثاً عن اعتراف بدويلة موهومة واستعداد مستمر لمواصلة عملية السلام أو” لعبة التسوية ” ،  ومن جانب آخر قرار عملي من قبل مركز حزب الليكود بضم الضفة الغربية بما فيها غور الأردن للكيان المحتل، حيث جاء نص القرار على النحو التالي ( إنه ‘بمرور 50 عاما على تحرير أقاليم يهودا والسامرة بما فيها القدس، عاصمتنا الخالدة، يدعو مركز الليكود منتخبي الليكود للعمل للسماح ببناء حر ولسريان قوانين اسرائيل وسيادتها على كل مجالات الاستيطان المحررة في يهودا والسامرة‘.  والقصد بالمناطق المحررة انها ما تسمى ‘مناطق ج’ من أراضي الضفة المحتلة وفقاً لاتفاقية أوسلو وهي مناطق خاضعة كليا للاحتلال الإسرائيلي عسكرية ‘ومدنيا.

ولم ولن يقف الأمر عند هذا الحد فبعد إقرار الليكود وبتأييد من اليمين الصهيوني المتطرف الممثل في الحكومة والكنيست فمن المؤكد أن هذا القرار سينتقل إلى الكنيست ليصبح قانوناً ملزماً  صهيوني في الحكومة وخارجها .

ومع هذه الصفعة وفي حدث آخر لا يقل خطورة عن سابقه فإن الكنيست سيناقش هذا اليوم ( الإثنين الموافق الأول من كانون الثاني / ديسمبر 2018 ) ، مشروع قانون “القدس الموحدة” والذي يقضي بسلخ الأحياء الفلسطينية عن المدينة المحتلة، ومنع التنازل عن أي جزء منها في حال أي تسوية مستقبلية، مشترطاً بأن أي مقترح مستقبلي لتقسيم القدس يستوجب موافقة 80 عضو من الكنيست، ومن المتوقع أن يعرض مشروع القانون للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة ، ويهدف القانون الذي إلى التحضير لاتخاذ خطوات بالمستقبل لسلخ الأحياء الفلسطينية عن بلدية الاحتلال، وإنشاء مجلس إسرائيلي محلي لتلك الأحياء لا يعيش فيه المواطنون الإسرائيليون، ولكن الفلسطينيين الذين يتمتعون بمركز إقامة فقط حيث يدور الحديث عن سكان كفر عقب ومخيم شعفاط للاجئين الذين يعيشون حاليا بدون خدمات من بلدية الاحتلال بسبب الجدار الفاصل، آخذين بعين الاعتبار أن اللجنة الوزارية للتشريع قد صادقت على مشروع القانون قبل عدة أشهر.

فلماذا التسسارع في صدور هذه القرارت وإجراءات التصويت وتوجيه الصفعة تلو الصفعة للأوسلوويين شركاء الصهاينة في لعبة التسوية وللعرب عموما ً:

1.    الارتماء ” الفلسطيني ” في لعبة التسوية ممثلاً بسلطة أوسلو وفقدانه إلى الحد الأدني من ردود الفعل تجاه كل ما حدث في لعبة المفاوضات عامة وما حدث منذ تولي الليكود رئاسة الحكوم بشكل خاص ، إذ استمرت حكومة الصهاينة بضرب الأوسلوويين بالصفعة تلو الصفعة ولم يكن هناك رداً منهم إلا بالدعوة والاستعداد للاستمرار بعملية السلام ” التسوية ” والبحث عن راعٍ آخر غير أمريكا لرعاية لعبة التسوية .

2.    حالة الوهن العربي والمحاور العربية التي تشكلت والتي كانت سبباً بدمار العراق وسوريا واليمن وليبيا وخروج وضعف دور مصر الإقليمي والعربي في كل ما يدور.

3.    حالة التطبيع واللهفة عليه من قبل بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني .

4.    الضخ الإعلامي من قبل الإعلام العربي المتصهين للتقرب من الكيان الصهيوني وتحويل وجهة العداء الأول والرئيسي من عداء عربي – صهيوني إلى عداء سني – شيعي مستخدمين بذلك سلاح الطائفية الذي زرعته زعيمة الإمبريالية العالمية ومروجي الدين السياسي من على المنابر.

5.    الزخم والقوة الكبيرة التي حصل عليها اليمين الصهيوني بعد قرار ترامب واعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها وما قابله من ردود فعل واهنة والتي كان اقصاها بيانات إنشائية صدرت عن مجلس الجامعة العربية ومؤتمر القمة الاسلامي وتتويج ذلك بقرار معنوي من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو قرار رفضته أمريكا والصهيونية قبل وبعد صدوره مما يجعله قراراً غير قابل للتطبيق.

6.    التسابق الكبير بين أطراف اليمين الصهيوني داخل فلسطين المحتلة ومحاولة كل طرف منهم تقديم المزيد من مقترحات وقرارات التشدد العنصري لكسب المزيد من الناخبين .

7.    التسابق الكبير بين المسيحية المتهودة ( المسيحية المتصهينة ) ممثلة بالكنيسة الإنجيلية والتي عبر عنها ترامب بقراره الأخير مع الحركة الصهيونية فالكنيسة الإنجيلية تؤمن وتعمل وتنادي كما ينادي الصهاينة واليمين اليهودي بيهودية الدولة حيث أن المسيحية الصهيونية هي حركة أقدم من الحركة الصهيونية ذاتها وتعود جذورها الى القرن الاول للمسيحية وإلى تيار ديني يسمى (الالفية)، والالفية هي معتقد ديني نشأ في أوساط المسيحيين الذين هم من (أصل يهودي) ويعتقد هؤلاء بأن المسيح سيعود الى هذا العالم محاطا بالقديسيين ليملك في الارض الف سنة ومن هنا جاءت التسمية بالالفية ، وتعتبر أكثر خطراً من الصهيونية لأن الصهيونية تعتبر أيديولوجية سياسية ، بينما المسيحية الصهيونية أيديولوجية دينية بحتة تقوم على فكرة مفادها أن هناك ثلاثة إشارات إلهية يجب أن تتحقق قبل أن يعود المسيح إلى الأرض، وهي:

·        قيام دولة إسرائيل

·        وامتلاك مدينة القدس

·        وإعادة بناء هيكل سليمان

وأنه بعد تحقق تلك الإشارات ستقع معركة هرمجدون، وهي معركة يعتقد الإنجيليون أنها ستقع في سهل مجيدو وسيتم فيها تدمير قوات الكفار ويظهر المسيح فوق أرض المعركة ويرفع المؤمنين به ويخلصهم من الدمار ومن ثم يحكم العالم مدة ألف عام حتى تقوم الساعة. ووفقًا لهذه العقيدة الدينية فإن الإنجيليين يعتبرون أن دعم قيام إسرائيل واجب شرعي مسيحي بما في ذلك دعم توسعها والاعتراف بالقدس عاصمة لها وتمويل الاستيطان اليهودي في الأرض المحتلة، بل أكثر من هذا فإن من واجبهم دعم المخططات الرامية إلى هدم المسجد الأقصى وإعادة بناء “هيكل سليمان” المزعوم .

وبعد ،،، فها هي إسرائيل قد قامت، وهاهم قد اغتصبوا القدس واعترفوا بها عاصمة لكيان العدو الصهيوني وبقي عليهم بناء هيكل سليمان بعد هدم المسجد الأقصى وهو أمر ليس ببعيد في ظل حالة الوهن العربية والفلسطينية السائدة .

ولن أقف هنا عند ردود الفعل الفلسطينية والعربية ، فقد سمعنا وعرفنا أقصى ما كان من ردودد ، ولن أقف هنا ما لم يكن هناك رد ثوري وعملي أقله وأبسط شيء فيه إلغاء ” اتفاقيات أوسلو ” ونهجهها وما نجم عنها من سلطة متخاذلة لا تتفق مع أي حل غير منطق الاستسلام ، إذ لا بد من إعادة طرح برنامج وطني فلسطيني حده الأدنى العودة للميثاق الوطني الفلسطيني ” الملغى عرفاتياً” مع ضرورة التخلي عن ما يسمى  حل الدولتين ، ففلسطين أرض لا تقبل القسمة على اثنين ، وهنا يتوجب الأمر التوقف عند الخطر الأكبر الذي يهدد الكيان الصهيوني وهو أن يتم العودة لما أقره المجلس الوطني الفلسطيني في بداية سبعينات القرن الماضي  وتبنته غالبية الفصائل الفلسطينية في ذلك الحين ، وهو حل طالما لوحت به القيادات الفلسطينية كبديل عن حل الدولتين ، ولكن هيهات أن يتم طرحه وتبنيه عملياً ، ذلك الحل هو حل الدولة الواحدة ، الدولة المدنية الديمقراطية وهو الحل الذي سينهي النزاعات ويحقق الاستقرار ، فحل الدولة الواحدة يرتكز على المساواة في الحقوق والواجبات لكل من يعيش في هذه الدولة دون محاصصة أوتمييز، وهو حل بديل لكل المحاولات السابقة والتي يحتوي كل منها على عناصر من القضايا القابلة للتفجير في أي وقت.

إن ما يعمل عليه الصهاينة في هذا الوقت بالذات ومن خلال قرار الليكود بضم الضفة الغربية وقرار الكنيست فيما يتعلق بالقدس ووحدتها والذي سيصبح أمراً واقعاً في القريب العاجل ، يعني تحقيق الدولة الواحدة بمقياس الصهاينة ، وهو مقياس يختلف تماماً عما تبناه المجلس الوطني الفلسطيني سابقاً، مشيراً في هذا المجال إلى أنه وفي مؤتمر صحفي جمع ترامب بنتانياهو في بداية شباط/ فبراير 2017 حين أعلن ترامب استعداده للتخلي عن حل الدولتين للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن لا مشكلة لديه بين هذا حل الدولتين وحل دولة واحدة.. فيما صرح نتنياهو بأن أصل تسمية الشعب اليهودي هو ” يهودا” كما سماها أو الضفة الغربية، وهي أرض تخص الصهاينة وحدهم، في اشاره الى عدم الرغبة بالتخلي عنها .

إذن فقد عدنا إلى ما تم طرحه من قبل عدد من قادة اليهود الصهاينة ومن قبل معسكر اليمين الصهيوني الذي يقف بقوة وراء شعار ” الدولة الواحدة ” ويرى فيه تتويجاً لشعار أرض “إسرائيل” الكاملة التي يعيش فيها اليهود والعرب تحت السيادة اليهودية ، كما جاء في فكر فلاديمير جابوتنسكي أوائل القرن العشرين الذي تبنى فكرة “الدولة ثنائية القومية” العنصرية، كما وأن من أبرز دعاة الدولة الواحدة بالمفهوم العنصري موشي آرنس وزير الدفاع السابق، وأوري أليتسور الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات، وحنان بورات عضو الكنيست، ورؤوفين ريفلين الرئيس الاسرائيلي. ويتناوب هؤلاء على طرح تصوراتهم التي تتلخص بالآتي:

·        ضم الضفة الغربية بالكامل، وفرض القانون الإسرائيلي عليها.

·        عدم الاعتراف بحقوق قومية للفلسطينيين في أرض إسرائيل، والاعتراف فقط بحقوق مدنية للأفراد كمنح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين بشروط وتدريجاً، والفلسطيني المخلص الموالي للدولة ولقوانينها يمنح مواطنة كاملة، ومن يوافق على السيادة اليهودية ولا ينفذ واجباته يعطى إقامة دائمة، أما الذي يريد دولة عربية من خلال فيطرد من البلاد.

·        الحفاظ على نسبة ثابتة بين اليهود والعرب (70% يهود و30% عرب). لذا فقد تم سلخ قطاع غزة ووجوده ضمن تلك الدولة أمر مستبعَد كلياً.

·        عودة اللاجئين الفلسطينيين ممنوعة مطلقاً وبالمقابل يتم تشجيع مجيء اليهود إلى الدولة بلا حدود.

·         إن الأحزاب الدينية، المدعومة بتيار قومي تتضح سياستها بالمراهنة على الأرض قبل السلام، وبالنسبة لهذا المعسكر فإن اليهودية التي يقيم عليها هذا المعسكر مفاهيمه السياسية تستمد وجودها من الإيمان بأن أرض التوراة الحقيقية موجودة شرقي ” الخط الأخضر” فلسطين المحتلة عام 1944 لا غربيه أي في الضفة الغربية ، فالمواقع التوراتية بمعظمها موجودة فيها وإن التخلي عن أرض التوراة يعني خروجاً عن الفكرة الدينية القومية ، وعليه  فإن هذا التيار يرفض فكرة الانسحاب من الضفة الغربية، ويقف بقوة وراء شعار “الدولة الواحدة” ويرى فيه تتويجاً لشعار أرض إسرائيل الكاملة التي يعيش فيها اليهود والعرب تحت السيادة اليهودية.

·        إن كافة زعماء اليمين الصهيوني لا يوافقون على حل الدولتين ويجاهرون بتبنيهم لشعار الدولة الواحدة وفق القواعد والأسس الصهيونية حيث أن نتانياهو نفسه لا يذكر حل الدولتين الا خجلا وامام بعض الضيوف الاجانب.

فهل يعود الفلسطينيون لطرح خيار ” الدولة الواحدة ” بالمفهوم الديمقراطي المدني لمواجهة  ” الدولة الواحدة الصهيونية التلمودية” ، خاصة أن الأولى بالمفهوم الفلسطيني لاتمايز بين مواطنيها وفقاً للدين أو النسب فيما الثانية بالمفهوم الصهيوني هي دولة عنصرية بإمتياز ، الأولى ستكون حلاً لكافة القضايا بما فيها حل مشكلة اللاجئين فيما الثانية ستحول دون عودة اللاجئين مما سيؤدي إلى تفجر الصراع في أي لحظة ، الأولى تشمل فلسطين كل فلسطين من بحرها لنهرها فيما الثانية تحول دون ضم قطاع غزة تحسباً من عدد ساكنيه من العرب الفلسطينيين وبما يهدد السيادة اليهودية مع الأخذ بعين الاعتبار بأن سلخ قطاع غزة عن فلسطين يتنافى مع واقع الجغرافيا ومنطق التاريخ ، الأولى دولة علمانية مدنية ديمقراطية فيما الثانية دولة دينية تتعارض مع فكر و تيار العصر الحديث.

إن طرح حل “الدولة المدنية الديمقراطية الواحدة ” يبقى حلاً نظرياً من وجهة نظر من يؤمنون به ، أما وفي هذا الوقت الذي وصل بالصهاينة لطرح وتبني خيار ” الدولة الصهيونية العنصرية الواحدة ” من خلال الإجراءات العملية الذي بدأ الاحتلال بتبنيها وتطبيقها ، فإن الأمر بات أكثر إلحاحاً للتخلص من أوسلو وقيودها ونهجها والعودة لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني بتبني خيار الدولةالواحدة .. وهذا يستلزم بالضرورة خلق تيار شعبي فلسطيني يتبنى هذا الحل ويعمل على الترويج له مع شرح وتفسير هذا الخيار للشعب الفلسطيني بكافة فئاته وأينما كان تواجده سواء كانوا في الشتات أو اللاجئين أو من يقطن في فلسطين التاريخية ، مع ضرورة العمل على توفير الدعم المالي والعمل على مساهمة من يقتنع بهذا الحل ، واستخدام كافة الوسائل المتاحة لاستقطاب الدعم الشعبي الفلسطيني والجماهيري العربي ، ولا نغفل هنا عن أهمية العمل على الوصول إلى سكان فلسطين من اليهود غير الصهاينة لإقناعهم بأهمية هذا الحل الذي سيكفل وجودهم في فلسطين دون قهر أو تمييز…. مع أهمية الاتصال بكافة الدول والجماهير العرببة لشرح المفهوم الفلسطيني لهذا الحل من أجل الحصول على دعم الجماهير العربية والدعم الرسمي الواجب توفره كخطوة أساسية لموافقة العرب جماهير وأنظمة على هذا الحل من أجل إقراره و تبنيه من قبل منظومة العمل العربي وعرضه بعد ذلك على المنتديات الدولية  مقارنة بحل الدولة الواحدة الصهيونية العنصرية كخيار أساسي لحل القضية الفلسطينية ..

 

ابراهيم ابوعتيله

عمان / الأردن

1/1/2018

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.