إعلام الدجل ، إعلام بلا خجل / احمد الحباسي

 

أحمد الحباسى ( السبت ) 11/4/2015 م …

العرب لا يقرؤون ، لعلها ليست عادة سيئة كما نظن ، من باب عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ، لأنه في كثير من الأحيان ، يدهش المتابع العربي من مستوى كتابة و تحليل بعض الصحفيين و الإعلاميين العرب ، الخليجيين بالذات ، هؤلاء يتصورون أنهم يخاطبون أشخاصا قادمة من المريخ ، أو يتحدثون إلى كائنات من كواكب أخرى ، يحرفون الواقع ، يقدمون صورة مزيفة ، ينقلون الخبر بانتقائية زائدة ، يفعلون كل شيء حتى لا تفتضح الحقيقة ، هؤلاء هم صحافة الخليج من ألفهم إلى يائهم ، و هذا هو نمط الإعلام في الخليج منذ عقود من الزمن ، الذين يخرجون على هذا الخط ” التحريري ” قلة قليلة يتم ضربها و إسكاتها و سجنها و لم لا تكفيرها بواسطة مؤسسة جاهزة هي المؤسسة الدينية .

مثلا ، و لمجرد الاستدلال على ضمور ذهن هؤلاء المغتربين عن العروبة و القيم المهنية الإعلامية ، نسمعهم يتحدثون عن علاقة بين إيران و إسرائيل ، يرمون هذا الخبر أو التحليل ثم يحرفون بعض الأحداث و يسقطون بعض القراءات و يغمضون العيون عن الحقيقة ، بالطبع هم لا يصدقون أنفسهم ، لكنهم يدركون أن هناك من سيتساءل ، من سينشغل ، من سيصدق ، و من سينقل هذه المعلومات الفيروسية إلى مناطق أخرى عبر وسائل الاتصال ، و هذا هو الهدف من هذه “الإشاعات ” الإعلامية الخليجية التي لا تنتهي ، من يقومون بهذه الحرب القذرة هم ” كبار” أهل الإعلام في دول الخليج ، عملية تجريف متواصلة للحقيقة ، تسونامى من الكذب ، قلة حياء لا تنتهي أبدا ، المهنية ؟ الشرف ؟ قدسية الخبر ؟ …

الذين يقفون مع الثورة المصرية في الإعلام الخليجي متآمرون ، منافقون ، كذابون ، جماعة الخليج لا يحبذون هذا المصطلح و هذه الكلمة …”ثورة” ، مثلا ، هل يؤمن طارق العمير بالمفهوم الثوري ؟ بقيم الثورات الإنسانية ؟ بحصول الثورة في السعودية ؟ في حق الشعب السعودي في الثورة ؟ …طبعا ، الجواب بلا بالبنط العريض ، مع ذلك هو يتحدث بمليء الفم عن الثورة المصرية التي قادت رئيس “مسافة السكة” إلى حكم المحروسة في غفلة من هذا الزمن العربي الرديء ، يذكر محاسن هذه الثورة ، يتحدث عن الانتقال الديمقراطي ، عن الدستور ، عن الانتخابات ، عن حرية الإعلام ، عن الفكر الظلامى للإخوان ، مع أنه يدرك أن هذه الثورة و ما تلاها من مناخ ايجابي هي من الممنوعات و الكبائر في دولة الشيوخ السعوديين ، مع ذلك ، فهو يصر يوميا على الكتابة ، بنفس الخطاب المتلون ، بنفس المراوغة و المخاتلة ، عله يقنع بعض الأفكار التائهة.

السعودية لا تخفى علاقتها بالكيان الصهيوني ، بعض الكتاب السعوديين كتبوا و طالبوا بهذه العلاقة ، و هي مفضوحة في الإعلام العالمي و موثقة بأدلة و براهين كثيرة ، إيران ليست في وارد إنشاء علاقة مع الصهيونية ، رغم أن هذه العلاقة كفيلة بان ترفع عنها أوجاع رأس اقتصادية و سياسية و عسكرية و أمنية كثيرة ، لكن ما لا يفهمه الكثيرون في الخليج أن السلطة في إيران هي نتاج ثورة آية الله الخميني بكل أدبياتها و أهدافها و خطها السياسي و الثوري المتميز ، و في العادة بلدان الثورات لا تخضع للشيطان الأصغر إسرائيل و لا للشيطان الأمريكي الأكبر ، و في العادة الدول التي تخضع نفسها للعلاقة مع الصهيونية لا تسعى لامتلاك السلاح النووي و لا لتطوير ترسانتها العسكرية و لا تقوم بمناورات عسكرية دورية بمثل هذا المعدل الملفت للانتباه ، هذه هي الحقيقة الساطعة ، فلماذا لا يبحث كتاب الخليج عن حجج أخرى يمكن استساغتها و ” تمريرها ” .

من المفارقات أن البعض يتحدث عن الخطر النووي الإيراني الذي يهدد “أمن” دول الخليج ، من المفارقات أيضا أن إسرائيل تقول نفس الشيء عن هذا الخطر الذي يهدد أمنها و تعتبر في نفس الوقت أنها مستعدة في أي وقت لضرب المفاعلات النووية الإيرانية دون التقيد بالقانون أو الرأي العام الدولي ، فمن نصدق إذن ؟ و كيف يمكن لإيران أن تكون صديقا و عدوا لإسرائيل في نفس الوقت ؟ يعنى أن كذبة كتاب الخليج لا يمكن هضمها بسهولة و تحتاج إلى كثير من غياب الوعي لدى البعض لتمر ، ثم أن السعودية تتحدث عن علاقات “إستراتيجية” مع الشيطان الأكبر الأمريكي تمكنت بفضلها من حماية نفسها حين الغزو العراقي ، بهذا المنطق ، بالطبع أمريكا لا يمكنها أن تصمت على عدوان ” نووي ” إيراني ضد السعودية ، فلماذا يلوح النظام بهذا الخطر الإيراني و يجعل منه شماعة دائمة للتسلح و لتقسيم الوجدان العربي .

داعش هي صناعة سعودية بدون منازع ، الإرهاب التكفيري صناعة سعودية منذ بداية القاعدة في أفغانستان ، النظام السعودي يمارس إرهاب الدولة بدليل تقرير الكونغرس بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الشهيرة ، الجماعات الإرهابية نتاج فكر المؤسسة الدينية السعودية و لا أحد من هذه الجماعات أعلن ولائه لإيران أو للثورة الإيرانية أو للخطاب الديني الإيراني ، أمريكا هي من دفعت بهذه القوات لضرب سوريا و هي من تضربها اليوم بحجة أنها خطر على السعودية، و السعودية هي من أعطت الضوء الأخضر لهذه الجماعات لضرب الشعب السوري و هي اليوم من تصنف هذه الجماعات تصنيفا إرهابيا و تدعو لمحاسبتها و ضرب معاقلها في سوريا ، فلماذا يحشر كتاب الخليج إيران في هذه الحرب الإرهابية السعودية ، و لماذا يقف هؤلاء إلى جانب دول باتت مجرد محميات صهيونية ، أم أن للدولار أحكامه ، و للخيانة متطلباتها ؟ .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.