اليمن بين التفاؤل والواقع المرير! / أحمد عبدالله الشاوش

 - المتابع للمشهد اليمني والاحداث  المأساوية يتفاءل بإن الحرب ستضع اوزارها ، حسماً بالبندقية او الجلوس على طاولة المفاوضات وفقاً  للواقع ، كما ان ما ترسمه المطابخ  السياسية وتسوقه وسائل الاعلام  المحلية والاقليمية والدولية

 




 

 

 

 

أحمد عبدالله الشاوش ( اليمن ) الأحد 7/1/2018 م …

المتابع للمشهد اليمني والاحداث المأساوية يتفاءل بإن الحرب ستضع اوزارها ، حسماً بالبندقية او الجلوس على طاولة المفاوضات وفقاً للواقع ، كما ان ما ترسمه المطابخ السياسية وتسوقه وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية عبر الجرعات القاتلة من الاخبار المفبركة والتقارير المشبوهة والعناوين المثيرة التي لا تحترم عقلية المتابع والمشاهد اليمني والخليجي والعربي تجعل من آلة الدمار هي الحل لمواصلة تجردها الاخلاقي والسقوط المهني على مدار الساعة لتسويق الانتصارات “الوهمية” عبر الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.

كما ان صانع القرار اليمني المتمثل في الشرعية وسلطة الامر الواقع ” الحوثيين” والسعودية وتحالفها يفتقد كل منهم الى الشجاعة والمصداقية ويدعي كل منهم الانتصار في ساحات المعارك والتقدم في جيزان ونجران وعسير ونهم والجوف وجبهة الساحل الغربي وغيرها ويصدم المتابع بعكس ذلك وكأن المقاولين من تجار الحروب لا يريدون حسم المعركة عسكرياً ولاحتى سياسياً لمواصلة جني الارباح ، وما المقابر التي تمتلئ بتوابيت آلاف القتلى والشهداء والمستشفيات بالجرحى إلا صورة لمقامرة تجار الحروب وشياطين السياسة ومصاصي الدماء في كل اطراف الصراع اليمني.

والغريب في الامر ان امراء الحرب هنا وهناك رغم الخسائر البشرية الفادحة والاموال والمليارات المهدرة والسمعة السيئة ، لا يستمعون لصوت العقل ونداء الحكماء وعويل النساء وبكاء الاطفال وأصوات الموتى وانين الجرحى ودموع المشردين وجوع النازحين لوضع حد للمآسي بلاحدود وتقييم الحرب وكشف حقائقها الكارثية للخروج من المأزق بإقل التكاليف وحفظ ماء الوجه.

وبكل حماقه وغرور وغطرسة وجبروت يواصل الجميع فن الكذب والتزوير والحديث عن الوطن والوطنية والعروبة القيم والدين والصمود والنضال والشجاعة والزج بالرجال والأطفال في بؤر الموت تحت ستار الدين الزائف ونغمات الجهاد ومفاتيح الجنة والفردوس الاعلى الذي هو أكبر وانقى من المشاريع الرخيصة وسوق الأوهام ، لنكتشف ان الصراع في اليمن هو مجرد محطة للوصول الى كراسي الحكم وصناعة أدوات ومخبرين جدد بدلاً عن الحرس القديم وفق مسرحية “دموية” تبناها الخمسة الكبار في مجلس الامن الدولي ونفذها عدد من الاعراب وعبدة الشيطان وامراض السلطة والتسلط وتجار الحروب ، حكاماً واحزاباً ومليشيات وجماعات وعسكر ، ونُخب فاسدة جزأة الاوطان وأودت بحياة الملايين وقتلت وزجت بالكثير في السجون المظلمة في سبيل السلطة والثروة.

وما هو اخطر من تلك الحرب هو حالات التباكي ومزايدة جميع اطراف الصراع في اليمن والسعودية والامارات وامريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والامم المتحدة وغيرها من الدول والمنظمات الحقوقية والانسانية بغرض المتاجرة بدماء وجثث الضحايا والمهجرين، واستعطاف المجتمع الدولي لتحقيق مآرب سياسية ومصالح شخصية دون أي ايمان بتلك القضايا المصيرية او انطلاقها من جانب انساني ، رغم عمليات التوثيق والرصد لكل الجرائم التي حولت المواطن اليمني الى ضحية وقربان للقوى المتحاربة والتباكي في المحافل الدولية والانسانية بصورة رخيصة ، رغم ان التاريخ سيكشف كل الملابسات والحقائق.

ورغم ذلك السقوط والمتاجرة المحلية والاقليمية والدولية سنظل نحن اليمانيون أكثر تفاؤلاً وايماناً بالله وأعظم تمسكاً بعدالة السماء وماتبقى من الشرفاء في رفع الظلم بعد ان مسنى ” الضر” من كافة القوى ، التي سفكت دمائنا وناثرت اجزائنا وفحمت اجسادنا ونحلت اجسامنا من الجوع والعطش والمرض ، وجزأه بلدنا ، فلا “شرعية” التزمت بصرف رواتب الموظفين اليمنيين ولا “الحوثيين” في صنعاء يريدون دولة وصرف مرتبات الموظفين الذين يعولون الملايين من أبنائهم ، ولاخير في جميعهم بعد ان صار كل منهما يصرف لـ ” زمرته” و” جماعته” في كل جولة وشارع ومصرف بعيداً عن دولة المؤسسات والشعارات الزائفة التي شغلوا العالم بها ، ولا مجلس الامن والبنك الدولي الذي حول البنك المركزي الى عدن الزم طرفي الصراع بصرف مستحقات الموظفين وهو مالا يحقق العدالة والتعايش والامن والاستقرار والمضي في اي حل من شأنه ان يكون برداً وسلاماً على اليمانيين والمنطقة.

 

وبعد ان طوى العام الماضي صفحته الحالكة السواد ، إلا ان اثارها المحلية والاقليمية والدولية لاتريد للمشهد المأساوي في اليمن ان يغادر وللبنادق ان تصمت وللقلوب ان تهدأ وللجروح ان تلتئم .

ومن سخريات القدر ان يستكثر علينا بعض الاعراب والامريكيين والاوربيين لحظة سعادة في عيد الميلاد الذي توزعت فرحاته في عدد من الدول المفتونة بالحرية والديمقراطية والسلام ، إلا انها في حقيقة الامر تمارس ابشع انواع التسلط والديكتاتورية والابتزاز وتعيش كل لحظة سعادة على حساب الشعوب المكلومة.

ولذلك كثيرة هي المحطات البشعة والذكريات المؤلمة التي سجلتها ذاكرة اليمنيين في العام المنصرم الحالك السوداء ، ومن ابرز تلك المحطات قصف الصالة الكبرى بصنعاء واستهداف سوق الهنود ومستشفى اطباء بلاحدود ومقتل الطفلة اشواق وقصف منازل المدنيين والمدارس والمساجد والمعالم التاريخية في صنعاء وعمران وصعدة وحجة والحديدة وسنحان والجوف وذمار وإب ،، وعل المستوى الدولي مارس الخمسة الكبار بمجلس الامن الدولي ابشع انواع الابتزاز السياسي والعسكري والاقتصادي والمالي الرخيص وحولوا مجلس الامن الى مسرح للجريمة ومسرحية للضحك على الدول والشعوب والبسطاء ، بما يملكه المجلس من شهادة الايزو في النفاق الدولي والقتل الرحيم ومقاولة الاطاحة بالرؤساء وتهديد الملوك وقتل وتشريد الشعوب ونهب الثروات تحت جزرة البند السابع وعصا بعض النخب السياسية والحزبية واعشار العلماء ورجال الدين المفلسين.

كما ختم العام الماضي صفحته السوداء بمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام والمناضل عارف الزوكا عقب حصار صالح ومهاجمتة في منزله بالعاصمة صنعاء ما ولد صدمة في الشارع اليمني والعالم وقلب جميع الحسابات.

أخيراً نسأل الله تعالى اللطف وحفظ اليمن وتوحيد كلمتهم على قلب رجل واحد للوصول الى السلام واعادة بناء الدولة اليمنية التي يستظل تحت سقفها كافة اليمنيين بكل مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والثقافية رغم الجراح ، ولاعزاء للمشاريع الرخيصة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.