الاضطراب العقلي والنفسي.. تهمة أخرى توجه للرئيس ترامب / ميشيل حنا الحاج

نتيجة بحث الصور عن ميشيل حنا الحاج

ميشيل حنا الحاج* ( الأربعاء ) 10/1/2018 م …




*كاتب ومحلل سياسي …

التهم الثلاث الأخرى التي يواجهها الرئيس دونالد ترامب هي: أولا التواصل مباشرة او من خلال مساعديه واقربائه (ابنه وصهره كوشنر) مع روسيا الاتحادية بغية مساعدته على الفوز برئاسة الولايات المتحدة خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2016، والثانية هي اعاقته لسير العدالة، والثالثة التحرش الجنسي بعدد من النساء الأميركيات.  وجاءت الآن التهمة الرابعة وهي ضعف قواه العقلية، واصابته بمس من نوع ما يكاد يقترب كثيرا من الجنون أو الاضطراب النفسي في أدنى الحالات.

ففي كتاب صدر صباح يوم الجمعة، الخامس من كانون ثاني 2018 ، وعنوانه “النار والغضب” (Fire And Fury)، يورد الكاتب مايكل وولف (Michael Wolf ) العديد من الأدلة والبراهين على ضلوع الرئيس ترامب بما يوجه اليه من تهم الاتصال المباشر وغير المباشر بالاتحاد الروسي، وكذلك بخطواته المؤكدة، كما يراها  الكاتب “وولف”، لاعاقة سير العدالة بالنسبة للتحقيقات الجارية بخصوص الاتصال بالاتحاد الروسي. ولكن الكاتب يضيف في كتابه تهمة أخرى، مفادها أن العديد من الأطباء النفسيين الأميركيين، يشككون بقدرات الرئيس العقلية.

وفي لقاء أجرته قناة “سي أن أن” الليلة الماضية مع الدكتور جيمس كوليجان (James Golligan)، وهو طبيب أميركي مختص بمعالجة وبتشخيص حالات الجنون أو الأمراض النفسية،  أكد الطبيب بأنه قد حذر الكونجرس، وبالذات مجلس الشيوخ الأميركي، بوجود مخاوف وشكوك حول قدرات الرئيس العقلية. وفسر الأمر بأن ذلك لا يعني بالضرورة حالة وجود الجنون المطبق لديه، ولكنها قد تعني  وجود اضطراب عقلي أو نفسي لديه، لا يؤهله لقيادة الولايات المتحدة.

وجاءت تصريحات الطبيب السابق ذكره للسي أن أن، لتعزز ما ورد في كتاب “النار والغضب” الذي صدر في موعد يسبق الموعد المحدد لصدوره، بعد أربعة أيام، وذلك تخوفا من الناشر من قيام الرئيس ترامب من رفع دعوى قضائية تستصدر من المحكمة قرارا يمنع نشر أو اصدار هذا الكتاب.

ولكن تهمة أو الاشتباه بالجنون لم يكن مصدرها فحسب من الكاتب  “مايكل وولف”، أو من الدكتور جيمس كوليجان، اذ سبقهما الى ذلك 27 طبيبا نفسيا ابدوا  شكوكا بقدرات الرئيس العقلية والنفسية. كما أن عددا من سناتورات الحزب الدمقراطي  ونواب البرلمان، قد عبروا كثيرا عن شكوكهم بالحالة الصحية العقلية والنفسية للرئيس دونالد ترامب.

فمجلة نيوزويك في عددها الصادر في الرابع والعشرين من تشرين أول 2017 ، أوردت تقريرا كتبه “جيسون لو ميار” ( Jason Miere Le) مفاده أن السيدة جاكي سبير (JACKIE SPEIER)  النائب في البرلمان الأميركي، قد اتصلت ب “جون جارتنر”  JOHN GARTNER مساعد البروفيسر السابق في كلية “جون هوبكينز” الطبية، والذي أبلغها كما أبلغ مجلة نيوزويك، بنصيحة عدد كبير من الأطباء االنفسيين، بوجوب ابعاد ترامب عن موقع الرئاسة، وذلك عن طريق اللجوء الى  أ   impeachmentأن نصيحة العديد من الأطكباء النفسييناستنادا للتعديل الدستوري للمادة 25 في الدستور الأميركي، وذلك استنادا لكون ترامب غير مؤهل لموقعه الرئاسي.

ولكن النائب”جاكي سبير” لم تكن وحدها التي توجه مطلبا كهذا للكونجرس، اذ آزرها البروفيسور المتخصص في الطب النفسي في جامعةYale،وهو البروفيسور “باندي لي” (Bandy Lee)الذي أكد ما سبق ذكره،بأن 27 طبيبا نفسيا مختصا قد آزروا هذا المطلب.

وفي هذا الاتجاه، أعلن العديد من السياسيين الأميركيين ومنهم نواب في البرلمان، وبعضهم أعضاء في مجلس الشيوخ، عن مخاوفهم الشديدة من حالة الرئيس ترامب النفسية والعقلية، ومنهم ماركو روبيو،  وراند بول،  وتيد كروز، و”ميت  رومني”  Mitt Romney . لكن “جيب بوش” Jeb Bushالمرشح المنافس لترامب على تسمية مرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري، قال بصراحة أن ترامب بحاجة للعلاج.

ويقدر البعضعضااء أن حالة الاضطراب النفسي والعقلي لديه، تجعله قابلا للتأثر بسرعة وبسهولة فيما يسمعه من المحيطين به دون تقييم معمق وعقلاني ومدروس لما يوحون به اليه.  فعندما سأل الرئيس أحد المحامين العاملين في البيت  الأبيض، عما اذا كان ضمن سلطاته الدستورية كرئيس، أن يوقف ويطرد المحقق “كومي” من ال FBI الذي يحقق  في مسألة العلاقة بالروس خلال مرحلة الانتخابات الرئاسية، فرد عليه المحامي بنعم، ولكنه قصد “نعم”  اذا وجدت لديك تهمة توجهها له.  وهكذا أوقف ترامب “كومي” عن مواصلة التحقيق في المسألة الروسية وطرده من ال ف بي FBI ، ولكن لأن الطرد والفصل قد تم بدون توجيه تهمة، أو وجود مبرر قانوني مفهوم، ثارت الشبهات حول سلوك ترامب، وازدادت الشبهات في تورطه بالمسألة الروسية.  وهنا أخذ ترامب يحث مساعديه ومستشاريه للبحث عن “قذارة’”  يوسم بها “كومي”  كي ينقذ ترامب نفسه.

وفعل الشيء ذاته بالنسبة لقضية الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. فقد أقدم على تلك الخطوة استنادا لنصيحة “جارد كوشنر”،  صهره اليهودي،  والذي ضمن مؤازرة “مايك بنس” ، نائب الرئيس، الذي لا يقل حماسا ودعما لاسرائيل وليهود اسرائيل عن حماس “كشنر”، وذلك لأن “مايك بنس” له صداقات كبيرة مع طائفة من المسيحيين الأصوليين الأميركيين الذين يؤازرون اسرائيل وساهموا بأصواتهم في ايصال ترامب الى مقعد الرئاسة.  ولكن أيا من هؤلاء، لم ينبه الرئيس الى مخاطر ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية، وأنه لهذه الأسباب امتنع ثلاثة من الرؤساء السابقين عن توقيع المرسوم القاضي بنقل السفارة الأميركية من  تل أبيب الى القدس،  رغم وجود قرار ملزم  من الكونجرس في هذا الشأن صادر منذ عام 1995 .

وأكثر ما يدل على اضطرابه النفسي وقدرة الآخرين على التلاعب به والتأثير في قرارته، هو ما أوحوا له به بأن يردد لدى الاعلان عن توقيع الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، بأن حدود المدينة تحددها المفاوضات اللاحقة.  ولكنه بعد أيام قليلة عاد يقول نتيجة ضغوط ممن حوله، بأن مسألة القدس قد حسمت، ولم تعد مطروحة على طاولة المفاوضات.

ولم يختلف الأمر بالنسبة لموقفه من الرئيس أوباما. فقد شكك مرارا في خطاباته الانتخابية بحقيقة مولد أوباما في الأراضي الأميركية، اذ أن عدم ولادته في الولايات المتحدة،  ما كان يمنحه حق تولي الرئاسة الأميركية بموجب مقتضيات الدستور الأميركي.  ولكن بعد أن تأكد انتخاب ترامب للرئاسة، عاد وقال بأنه قد تأكد من ولادة أوباما في الولايات المتحدة، ليعود بعد ذلك مؤخرا للتشكيك مرة أخرى بصحة ولادة الرئيس السابق  أوباما في الأراضي الأميركية، مطالبا اياه  بابراز شهادة ميلاده.

ولعل أبرز تصرفاته التي لا تدل على العقلانية، هي استجابته كطفل صغير لقول رئيس كوريا الشمالية، بأن الزر النووي على طاولته وجاهز لأن يضغط عليه، فرد عليه ترامب وبكل سذاجة وانعدام للرد العقلاني المتوقع، بقوله: “وأنا أيضا لدي زر نووي على طاولتي، وهو أكبر من زرك النووي، كما أنه  أقوى من زرك النووي” . فهذا الرد غير الحكيم والبعيد عن العقلانية والكياسة الدبلوماسية، قد اعتبر من بعض المعلقين الأميركيين،  تهديدا واضحا من ترامب باشعال حرب نووية لا يرغب فيها الأميركيون أو سكان الكرة الأرضية كلهم.

ولعل آخر الأدلة المشيرة الى عدم الاستقرار والوضوح في كيفية عمل دماغ الرئيس ترامب، أنه طلب من بعض محامي البيت الأبيض، أن يبلغوا  النائب العام  Session Jeff وهو سيناتور سابق،  بعدم موافقة الرئيس على مواصلته التحقيق في المسألة الروسية  لوجود تضارب مصالح في هذا التحقيق.  فطلب كهذا قد فسر أيضا من المراقبين، بأنه مسعى آخر لاعاقة سير العدالة، يعزز المسعى السابق لعرقلتها عندما طرد  المحقق “كومي”، في محاولة للحيلولة  بينه وبين مواصلة التحقيق في المسألة الروسية، دون أن يقدر بأن “الأف بي آي ستعين محققا آخر لمواصلة التحقيق. وكان ذلك المحقق هو  “جيسون مولر”.

فهذه التصرفات الغريبة، توحي لبعض المراقبين  بوضوح، وخصوصا أولئك الذين يجرون حوارات نارية على قناة “سي أن أن” ،ن أن” بعدم وجود عقل راجح لدى الرئيس، أو بوجود عقل ضعيف سريع التأثر بمشورة الآخرين، مما يوحي بوجود خلل ما لديه.  ولعل من أبرز ما قاده الى الانعزال عن المجتمع الأميركي المعتدل، هو عداؤه لأجهزة الاعلام الأميركية  والتي اعتبرها معادية له، لمجرد كونها تنتقد سلوكه الغريب ، بل الطائش وغير الناضج، أو المعتل في أدنى الحالات، كما يرى بعض المراقبين والسياسيين.  وها هو الرئيس الأميركي يهدد باقامة الدعوى على “مايكل وولف” ، مؤلف كتاب “:النار والغضب”، واصفا الكتاب بأنه مجرد  تخيلات، علما أن الكاتب قد همس في آذان بعض أشاع بين صدقائه ما يفيد بأنه يملك تسجيلات صوتية تعزز ما نشره حول عرقلة الرئيس لسير العدالة.   ولكن ترامب يهدد أيضا ومنذ فترة طويلة،  باقامة الدعاوي القضائية على كل من “سي أن أن”  وواشنطن بوست، ونيويورك تايمز”،  ونيوز ويك، وقناة  أن بي سي”، بل وعلى قائمة طويلة نشرتها “سي أن أن” وتتضمن مواقع اعلامية واعلاميين  يعتبرهم الرئيس معادين له، بما فيهم منتج لبرنامج كوميدي أسبوعي يسخر من الرئيس ترامب. بل ويهدد الرئيس الأميركي أيضا، بمقاضاة العديد من النساء اللواتي اتهمنه بالتحرش الجنسي. لكن الرئيس يهدد ويتوعد، دون أن يفعل تهديداته ويحولها الى حقيقة، وذلك ربما لادراكه بأنه قد يخسر كل هذه الدعاوي التي يهدد باقامتها.

وبات الآن على المراقبين أن ينتظروا  ليروا في الشهور القادمة، كيف سيكون مستقبل الرئيس دونالد ترامب، وليتبينوا امكانية بقائه في السلطة طوال مدة رئاسته من عدمها، وما اذا كان الأمر  سيصل في مرحلة ما الى  عزله، خصوصا اذا حملت الانتخابات النصفية القادمة في شهر تشرين الثاني من هذا العام، مفاجأة غير سارة للحزب الجمهوري، كخسارة أكثريته في مجلسي الشيوخ والنواب،ـ  مما يرجح معه عندئذ، بأنه سيمكن للحزب الدمقراطي المطالبة بعزل الرئيس.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.