ماذا يخطط بوتين لروسيا وسورية هذا العام ؟
الأربعاء 10/1/2018 م …
الأردن العربي – تشهد روسيا انتخابات رئاسية في ربيع عام 2018. إنها واحدة من التحديات الأساسية التي ستواجهها رغم أننا نعرف هوية الفائز منذ الآن. التحدي إذاً لا يكمن في الانتخابات بحد ذاتها إنما بما سينجم عنها. إذا أردت أن أشرح معنى ذلك أقول بجملة واحدة إنها ستكون البداية الرسمية لعملية انتقال سياسي لما بعد عهد بوتين. إنها بداية مسار هام تتطلب سنوات من الإعداد. لكن سيكون أمام القيادة الروسية متسع من الوقت لذلك.
بوتين في السلطة منذ 18 عاماً. نعلم أنه سيبقى لما يزيد عن ذلك. لكن سوف يحين الوقت لتسليم السلطة إلى أشخاص آخرين، وقد بدأنا نشهد بداية هذه العملية.
هذا الأمر على مستوى كبير من الأهمية لأنه لا يعني فقط تغيير من يمثّل النظام السياسي، وإنما تغيير النظام. في روسيا عادة ما يكون الرئيس هو من يمثل النظام.
أيضاً من المحتمل أن نشهد تغييرات جدية بعد الفترة الرئاسية المقبلة التي ستمتد لست سنوات. يمكن لهذا الأمر أن يؤثر على كل شيء تقريباً، بدءاً من السياسة الاقتصادية إلى السياسىة الخارجية وأمور أخرى.
يعي بوتين معنى أن يكون أول زعيم روسي في هذا القرن. يأمل تبعاً لذلك أن يحقق انتقالاَ سلساً لحكم روسيا في المرحلة المقبلة. هو يبحث الآن عن أشخاص يمكن أن يوكل إليهم مناصب هامة في مختلف مرافق الدولة، وأن يكونوا من جيل الشباب. هؤلاء يصغرون بوتين بـ 15 أو 20 سنة، والبعض منهم يصغره ب 30 سنة. هذه المجموعة سيوكل إليها إدارة روسيا عندما لا يكون بوتين على رأس الدولة، إذاً هذه هي الفكرة.
الولاية الثانية لبوتين ستكون عبارة عن اختبار لهؤلاء الأشخاص. هذا هو المسار الأكثر أهمية في روسيا اليوم.
تجد كل من روسيا والولايات المتحدة نفسيهما أمام مواجهة قد تطول سنوات قبل أن تتبلور علاقة جديدة بينهما.
تدعي روسيا أنها تقوم بدور أساسي في العالم. دور معترف به من قبل الآخرين ومن ضمنهم أميركا. لا تزال أميركا القوة البارزة في العالم، لكنها لم تعد مهيمنة كالسابق. عالمياً، باتت روسيا تتصدى للهالة الأميركية.
في ما يتعلق بهذه المواجهة ماذا ننتظر عام 2018؟
آمل أن لا تؤدي إلى تردي العلاقة مع الولايات المتحدة. أتمنى ألا يكون هناك أي حوادث تتورط فيها القوات العسكرية للبلدين سواء في الأجواء الأوروبية أو السورية. سيكون من الجيد أن تجد أميركا طريقة للتعامل مع إيران بشكل لا يزعزع استقرار جزء من منطقة الشرق الأوسط.
واحدة من بؤر التوتر الحساسة التي يهتم فيها البلدان كوريا الشمالية. تسطيع روسيا أن تلعب دوراً فقط إذا ما قررت واشنطن وبيونغ يانغ البدء في الحديث من دون شروط مسبقة. تسعى كوريا الشمالية من خلال برنامجها النووي إلى أن تقبلها أميركا كما هي، بنظامها وأسلحتها. إذا ما حصل ذلك، بإمكان روسيا والصين تيسير النقاش بين الطرفين.
مع نهاية عام 2017 أعلنت روسيا عن سحب قواتها من سوريا ونهاية الحرب على داعش. هذا الأمر يعني دوراً مختلفاً لروسيا في سوريا. كانت روسيا على مدى عامين اللاعب المهيمن فوق ساحة المعركة. كانت الأكثر قوة من بين اللاعبين الخارجيين.
ستبقى روسيا هذا العام منخرطة في عمليات عسكرية في سوريا. هذه العمليات ستكون أقل من السابق، وستنصب جهود بوتين بالمقابل في الميدان الدبلوماسي حيث الوضع أكثر تعقيداً. لماذا؟
بعض حلفاء روسيا خلال الحرب، سيواصلون استراتيجياتهم التي لن تكون متوازية مع سياسة موسكو.
على سبيل المثال أنظر إلى إيران التي لديها مصالحها الخاصة. هذه المصالح لا تدعمها روسيا بالضرورة، سواء في سوريا أو في الشرق الأوسط ككل. أو أنظر إلى تركيا.
سيكون هناك دور أكبر للاعبين الذين لم ينخرطوا بدور عسكري مباشر وبارز خلال الحرب. سيشكل هؤلاء رافداً سياسياً هاماً. نتحدث هنا عن دول مثل السعودية وقطر والأردن أو حتى الولايات المتحدة التي لعبت دوراً عسكرياً بشكل محدود. أميركا تحديداً سيكون لها دور أساسي عندما يحين أوان التسوية السياسية النهائية.
سوريا مدمرة وتحتاج إلى إعادة إعمار. ذلك يعني أن من يملكون المال سيشكلون عصب هذه الجهود. من هؤلاء الأوروبيون والهنود والصينيون واليابانيون وآخرون.
ستبقى روسيا لاعباً أساسياً في هذا المسار لكن دورها سيكون مختلفاً. بدل أن تبقى القوة العسكرية المهيمنة، يتوجب عليها أن تمهد الطريق عبر دور مساعد. لديها علاقات مع جميع الجهات الفاعلة في المنطقة بمن فيهم إسرائيل. نجاح دورها يأتي انطلاقاً من قدرتها على التفاعل مع الأطراف المتناقضة والمتعارضة.
هذا لا يعني أنه سيكون هناك بالضرورة حلاً نهائياً وتسوية سياسية. ربما لا يحدث ذلك.
التعليقات مغلقة.