السوريون على موعد مع جنيف جديد فإلى متى ستطول الحرب على سورية؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الإثنين 13/4/2015 م …
في الوقت الذي عادت فيه من جديد الاحاديث والتحليلات وتصريحات الساسة تتحدث من جديد عن أحياء مؤتمر جنيف بنسخته “3”، الخاص بحل الصراع بسورية، وخصوصآ بعد ألانتكاسة ألاخيرة لمؤتمر موسكو “2”،الواضح اليوم أنه بالفعل تم التحضير وتجهيز ألارضية المناسبة لعقد هذا المؤتمر بنسخته الثالثة فقد بدأت بعض دوائر صنع القرار العالمية ممثلة بألامم المتحدة وأذرعها السياسية بالبحث عن مسارات سياسية لتسريع عقد هذا المؤتمربنسخته الثالثة .
ولكن اليوم هناك حالة تشاؤم بخصوص حظوظ نجاح عقد مؤتمر جنيف “3” لأن اغلب المطلعين على تداخلات الازمة السورية وماتبع ذلك من تغيير بقواعد الاشتباك- يعلمون ويدركون أن أي حديث عن انعقاد مؤتمر جنيف “3” ان اتفق أصلآ على انعقاده ، فأنه لن ينجح مرحليآ لوجود العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بالمعارضة وداعميها وتمسكهم بشروط مسبقة ستفشل المؤتمر حتمآ حين تطرح وهي فعلآ افشلته في مؤتمر جنيف “2” لانهم قدمو شروط تعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بسورية ومجموعة من الرهانات المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للاحداث الميدانية على الارض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو سياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة وجملة مواضيع اخرى ليس اولها ولا أخرها الرهان على دور ما لمصر في المرحلة المقبلة قد يقلب المعادلة في المنطقة ويعيد خلط الاوراق فيها من جديد إلى أقصى الحدود .
فأذا رجعنا للماضي القريب فقد كان مؤتمر جنيف “2” شاهدآ على مهزلة سياسية واخلاقية، فقد كأن الهدف المطلوب الوصول اليه برأي قوى المعارضة السورية الخارجية الممثلة بالائتلاف هو عباره عن تسليم مقاليد الحكم لهم وهذا كما يقولون هم انه النص النهائي المطلوب الوصول اليه أيضآ بهذا المؤتمر أن تم عقده بنسخته المسماه بجنيف “3” ، ولكن الا يعرف من قام بوضع هذه الرؤية للمعارضة السورية وهذا الرهان انه في مطلق الأحوال تعلمنا دروس التاريخ بأن أزمات دولية – إقليمية – محلية-مركبة الاهداف كالازمة التي نعيش تفاصيلها حاليآ في سورية أنه لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بالجهد البسيط فالطريق ليست معبده بالورود بل هي كرة نار ملتهبة متدحرجة قد تتحول بأي وقت الى انفجار اقليمي وحينها لايمكن ضبط تدحرجها او على الاقل التحكم بطريق سيرها ولذلك لايمكن الوصول الى جملة تسويات ونتائج سريعة بشكل سهل، فطرق الحل والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والرد قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية – الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور .
فكيف لهؤلاء ان يتحدثوا عن حلول وتسويات و حرب الإبادة التي تمارسها قوى الارهاب على ارض سورية وبحق شعب سورية مازالت شاهده على اجرام هؤلاء ومن يدعمهم فمن مجزرة قذائف الهاون في دمشق الى مجزرة مدافع جهنم بحلب ألاخيرة بألامس ألى مجزرة أو بالأحرى محرقة قرية المبعوجة والسلمية بأرياف حماه الى مجازر ومذابح القنيطره والسويداء ودرعا الى الرقه الى دير الزور واللأذقية وادلب ومختلف بقاع الجغرافيا السورية ، فمازالت نار الارهاب تضرب وتحرق بحقدها مقومات وسبل العيش بحدها الأدنى للمواطن السوري، فعندما يتحدث البعض ويمهدون الطريق امام جنيف “3” الا يعرفون اليوم حجم الارهاب الممول والمدعوم والذي مازال يمارس طقوسة الشيطانية على ارض سورية .
وجميعهم يعلمون ان هذا المؤتمر بفصولة كاملة هو شاهد على المبعوث السابق الإبراهيمي والأمم المتحدة والفريق الدولي المنخرط في العملية السياسية في الازمة السورية ، فلقد كان جنيف بكل فصوله امتحانآ لمؤسسة الأمم المتحدة، والدول الداعمه للارهاب على ارض سورية لكشف النوايا الحقيقية لهم وهدفهم الحقيقي من عقد هذه المؤتمرات بفصولها المختلفة، ومع أن هذه الاطراف تدرك ان أي تسوية فعلية للازمة بسورية يجب أن تعكس أولا تفاهماتهم هم على مجموعة من الملفات من كيفية توزيع مواقع الثروة والنفوذ الى مواضع القوة ومساحات النفوذ وغيرها الكثير من الملفات التي مازالت بحاجة الى وقت اطول للوصول الى تفاهمات حولها من كل الاطراف، وبعد وصول هذه القوى الى تفاهمات وتسويات حقيقيه يتم الحديث عندها عن امكانية الوصول الى حلول من قبل الأطراف المحلية الخاصة بالازمة ، وهذا ما لا تظهر أي بوادر اقتراب منه حتى الآن وهذا بدوره سيؤدي الى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة وهذا الطرح متيقن منه كل سوري اليوم .
فعصابات القتل المتنقل بسورية مازالت تمارس علانية القتل والتخريب والقتل المتنقل بمختلف بقاع الجغرافيا السورية ، ولدى المنظمات الدولية بما فيها التابعة للأمم المتحدة رصد ضخم لعمليات القتل والتعذيب والتخريب التي تقوم بها هذه العصابات، وأما بالنسبه للمبعوث السابق الابراهيمي الذي نعى مؤتمر جنيف “2” فور انتهائه واعلن بعدها تقديمه استقالته وتخليه عن هذه المهمة يعود اليوم خلفه ستيفان دي ميستورا مجددآ للحديث من جديد عن ضرورة عقد مؤتمر جنيف “3”وبمؤتمر ونسخه جديدة مكررة الاهداف وبنفس العناوين .
ختامآ ، لقد مضت أربعة أعوام وأكثر من التدمير الممنهج و الخراب و القتل المتنقل و التهجير في سورية، وكل هذا كان برعاية دولية لهذه المأساه الحاصلة بسورية اليوم ، ولابد الان من توافق محلي -اقليمي -دولي ، لايقاف شلال الدم بسورية ، بشرط ان تكون الكلمة الأولى والأخيره للشعب السوري عند حصول اي اتفاق مستقبلي،فهل هذا ممكن اليوم ؟، هذا السؤال يترك برسم الاجابة عند كل الاطراف المعنية بالحرب على سورية وشعبها…..
*كاتب وناشط سياسي –الاردن .
التعليقات مغلقة.