تونس : هؤلاء الذين يريدون بنا شرا / احمد الحباسي
احمد الحباسي ( تونس ) الجمعة 12/1/2018 م …
المتابع المنتبه للشأن التونسى يعلم علم اليقين أن شيئا ما يتحرك فى الظلام و أن هناك ما يدبر بليل و أن هناك أدوات تقبض الاموال و تنفذ ما يخطط فى الغرف المغلقة ، ربما يتبادر للذهن أن هناك من يحرك هذه الاضطرابات المتنقلة على كامل مساحة الوطن و ربما هناك من يذهب الى اتهام احزاب و شخصيات سياسية و اعلامية بعينها و لعل البعض يؤكدون اليوم أن ما يحصل غير عادى بالمرة و أن وزارة الداخلية تعلم الكثير و لا تفصح بل هناك من يتهم الحكومة بالتقصير فى ارشاد المواطن و تمكينه من المعلومة الصحيحة نتيجة خوفها من افشاء سر الحقائق المذهلة و التى يمكن أن تزج ببعض الشخصيات فى السجن ، نحن اذن أمام اضطرابات مبيتة و مقصودة و على غاية من الخطورة دبرتها أطراف حزبية كما تقول عدة تسريبات و بالذات تصريح رئيس الحكومة بالأمس و الذى اتهم بالاسم حزب الجبهة الشعبية اليسارى بتدبيرها و تغذيتها و العمل على استمرارها و اكتساحها لكامل مناطق البلاد خدمة لأغراض صهيونية و سياسية حزبية ضيقة ، هناك من يتهم الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقى رئيس حزب حراك شعب المواطنين بالمشاركة فى هذا الاضطرابات و استغلال التمويل القطرى لإشعال الوضع الامنى و ارباكه لتمكين الجماعات الارهابية العائدة من سوريا بالدخول الى تونس آمنة و دون ان يتم مراقبتها أمنيا .
هناك علاقة ثابتة بين زيارة الرئيس التركى الاخيرة الى تونس و السودان و بين اكتشاف حاوية متفجرات و اسلحة تركية متجهة الى مصر و بين موضوع مدينة سواكن السودانية التى يتحدث الجميع عن نية تركيا انشاء قواعد عسكرية تحت ستار التنمية فى حين أن المقصود بالتواجد التركى فى السودان هو اعطاء الفرصة لترحيل الارهابيين من سوريا و العمل على استقرارهم و لو مؤقتا على الحدود المصرية السودانية الليبية بغاية واضحة و هى وضع مصر فى شبه كماشة بما يسهل دخول الارهابيين اليها و العمل على مزيد اذكاء الصراع الدموى بين النظام و جماعة الاخوان المسلمين ، بطبيعة الحال الوضع فى تونس و رغم مرور اكثر من ستة سنوات على اندلاع الانتفاضة ضد الرئيس بن على لا يزال هشا و قابلا للاشتعال لذلك عملت بعض الاطراف الداخلية و الخارجية على محاولة اسقاط الحكومة الحالية لإدخال البلاد فى الفراغ السياسى و مزيد انهاك الوضع الامنى و بث البلبلة فى النفوس ، يجب التذكير فى هذا السياق أن النيابة العمومية قد فتحت منذ ايام قليلة بحثا فى خصوص التمويل القطرى لهذه الاضطرابات و حول كميات الاسلحة التى مولتها قطر اضافة الى اتهامات تونسية واضحة للمخابرات القطرية بالعمل داخل التراب التونسى على اشعال الفتنة .
المتابع الجيد لوسائل الاعلام التونسية يدرك ان هذه الاحداث التى توزعت على كامل تراب الجمهورية و تسترت بستار الليل لحرق المراكز الامنية و سرقة المؤسسات العامة و الخاصة تدبرها و تديرها اطراف من وراء الستار خرجت تجر اذيال الخيبة المرة فى الانتخابات التشريعية و الرئاسية سنة 2014 و قد شاهدنا بعض رموز الجبهة الشعبية و على رأسهم النائب المنجى الرحوى يدعو صراحة الى تعميم المظاهرات لشل نشاط الحكومة و اسقاطها متجاهلا ان هذه الحكومة قد اتت نتيجة انتخابات ديمقراطية و تحصلت على ثقة مجلس نواب الشعب بأغلبية مريحة ، هناك دعوات لضرب الاستقرار صدرت عن الرئيس السابق منذ فترة على قناة الجزيرة و هناك شخصيات من المجتمع المدنى معروفة بصلاتها الوثيقة بالسفارات و المخابرات الاجنبية مثل النائبة سامية عبو و الناطق الرسمى باسم الرئاسة السابق عدنان منصر يعملون على ضخ كميات من المعلومات الخاطئة و المضللة لإرباك الوضع و تشويش ذهنية المواطن التونسى لجره جرا للمشاركة الغاضبة فى المظاهرات .
هناك دول مشرقية مثل الامارات و السعودية من مصلحتها ان تشتعل المظاهرات فى تونس تجنبا لنجاح التجربة الديمقراطية التونسية و حتى لا تنتقل العدوى الى الرمال الخليجية المتحركة خاصة فى ظل ما يعانيه النظام السعودى من حالات فشل سياسية متكررة فى اليمن و سوريا و العراق و لبنان ، هناك ما يشير الى تدخل اماراتى فى شؤون تونس و هذا ما اكدته وثائق مسربة منذ اسابيع وهي عبارة عن دراسة اعدت من قبل “وحدة الدراسات المغاربية التابعة لـ”مركز الامارات للسياسات ” ( مركز دراسات مستقبلية وإستراتيجية يقدم ورقات بحثية تقترح سياسات الامارات خاصة الخارجية)، تحوي معطيات خطيرة جدا حول خطط دعم النفوذ الاماراتي في تونس ، وما ينجر عنه من تغلغل في المشهد الوطني خاصة السياسي ، وما يعنيه من خرق للأمن القومي واختراق للسيادة الوطنية وتعدي على المسار الانتقالي وسلطة الشعب.
نحن اذن امام حالة من تشابك مصالح داخلية و اقليمية و دولية تسعى لضرب الاستقرار الهش فى تونس و فى وثائق ويكيليكس الشهيرة برقيات تتحدث عن شراء النظام السعودى لذمم بعض الكتاب و الصحفيين التونسيين و دعم بعض المؤسسات الصحفية المؤثرة لدعم النفوذ السعودى فى تونس و تلميع صورة النظام المنبوذ من الشرائح الشعبية التونسية الرافضة لتدخله السافر فى سوريا و فى كثير من البلدان العربية فضلا عن حراكه المحموم لتشويه وجه حزب الله الذراع القومية للمقاومة العربية ضد اسرائيل ، بطبيعة الحال هذا ما تسعى اليه الامارات و قطر و تركيا فى تونس و لذلك نفهم كيف تحولت بعض الطلبات الشعبية البسيطة الى حريق كبير يراد منه اسقاط النظام و تشريع كل الابواب الموصدة لدخول الارهابيين و انشاء الامارة الاسلامية الموعودة من حركة النهضة ذات الميول الخبيثة و التى تسعى منذ فترة للعودة للحكم .
التعليقات مغلقة.