سورية تربك حلف العدوان / غالب قنديل
غالب قنديل ( لبنان ) السبت 13/1/2018 م …
تسيطر حالة بارزة من التوتر والارتباك على جميع الأطراف المتورطة في العدوان على سورية منذ سبع سنوات وتوضح المواقف والتصرفات مقدارا عاليا من التوتر والقلق والخشية من تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض لتحرير ما تبقى من جيوب تحتلها عصابات الإرهاب والتكفير المدعومة من الخارج وفي ظل انكشاف خيوط دعم لوجستية ومالية لا تزال مستمرة لشراء معارك ضد الدولة الوطنية السورية كما كشفت بعض التقارير المتعلقة بنشاط العصابات في الغوطة وإدلب ورهان الرياض والدوحة على إرباك الدولة الوطنية السورية والتشويش على صورة انتصارات الجيش العربي السوري ودحره لداعش والقاعدة في معظم المناطق.
ينطلق الجيش العربي السوري في معاركه من تحولات راكمتها عملياته الباهرة بالاشتراك مع الحلفاء خلال العام الماضي وقد أفضت الحصيلة إلى تحرير كمية كبيرة من القوات المقاتلة التي كانت في حالة انتشار جغرافية واسعة بينما بات تركيزها في مواقع وجبهات محددة لدى القيادة العسكرية لتصفية الجيوب واستكمال بسط السيادة على كامل التراب الوطني.
زاد من قدرات الجيش العربي السوري ارتفاع نسبة التحاق الجنود الفارين والمجندين الجدد بعد توسع سيطرته على الأرض وبفعل التحول النوعي في المزاج الشعبي النابذ لقوى الإرهاب ولحالات التمرد بعد اتضاح جدارة الدولة الوطنية في توفير فرص الاحتواء لجميع مواطنيها بمن فيهم المتورطين في الأحداث وتقول بعض المعلومات ان القيادة استكملت تدريب أفواج مقاتلة وهي تقارب حد استرجاع ملاكات الجيش التي كانت متوافرة قبل انطلاق العدوان على سورية ولا يتوقف التطور في قدرة الجيش العربي السوري على تعويض الخسائر الجسيمة في القوة المقاتلة بنتيجة ما قدم من شهداء وجرحى خلال سنوات العدوان بل إن عناصر نوعية جديدة دخلت على اداء القوات المسلحة في حصيلة الحرب الوطنية التي خاضها دفاعا عن البلاد تتعلق باحتراف أساليب القتال المركبة في ظروف متعددة وما تزود به الجيش أيضا من أسلحة وتقنيات حديثة.
في هذا المناخ وبعدما سيطر الجيش العربي السوري على مساحات شاسعة من البلاد ومع انتعاش دورة الحياة والإنتاج المتدرجة في المناطق المحررة التي تثبت الدولة الوطنية جدارة عالية في سرعة تأمين احتياجاتها وترميم بناها الأساسية واستعادة الحياة الطبيعية إليها مما يشعر الناس في مناطق سيطرة المسلحين بالتعطش لامتداد سيطرة الجيش العربي السوري لمناطق سكنهم وهو ما حرك تظاهرات في الغوطة وريف إدلب هتفت ضد الجماعات المسلحة واصطدمت بها غير مرة وتظهر بعض التقارير حالة من الانتظار والترقب لتوسع عمليات الجيش العربي السوري.
كانت صيغة مناطق تجميد القتال وخفض التصعيد في بعض المناطق فرصة لبعض الجماعات المسلحة ورعاتها في الخارج وخصوصا تركيا التي أشركها الاحتواء الروسي الإيراني في الاتفاقات ومراقبة تنفيذها وكان شرط تلك الاتفاقات هو أولوية التصدي لجماعات القاعدة ومثيلاتها، ولم يقم الأتراك وعملاؤهم بأي خطوة عملية في هذا الاتجاه ومارسوا طريقتهم المعهودة بالمماطلة والتنصل وهذا التلاعب التركي الأخواني لم يتوقف على إيقاع رقصة الابتزاز المزدوج التي مارستها القيادة التركية على خطي واشنطن وموسكو – طهران بينما ظل الموقف السوري حازما وقاطعا باعتبار التدخل التركي عدوانا واحتلالا متوجب الإزالة كسواه أي الأميركي والصهيوني ومعه ومثله الأذرع والخيوط الاستخباراتية لكل من السعودية وقطر بينما يوضع النشاط الأردني مؤخرا تحت رقابة مشددة في ضوء تعهدات والتزامات قدمت لروسيا.
ديناميكية الجيش العربي السوري في التصدي لأوكار الإرهاب وزحف القوات لتحرير المزيد من المناطق برزت بقوة في جميع الاتجاهات وخصوصا في أرياف إدلب وحماه وحلب حيث يمهد الجيش العربي السوري لمعركة تحرير محافظة إدلب ويضاف إليها نجاح الجيش في إفشال الغارات الصهيونية الأخيرة من خلال التصدي للطائرات والصواريخ التي حركها العدو بصواريخ مضادة أثبتت فاعليتها بقوة واظهرت تمكن الجيش العربي السوري من استخدام ما حصل عليه من تقنيات حديثة في الرصد الراداري وفي إطلاق الصواريخ المؤهلة لإصابة الهداف بدقة في حين كانت المعارك الأخيرة قرب جبهة الجولان فاصلة ومهمة في سحق أوكار حساسة للعصابات القاعدية التي يدعمها ويحركها الموساد.
محاولة قصف قاعدتي القوات الروسية على الساحل السوري كانت تعبيرا عن ارتفاع منسوب التوتر والقلق لدى حلف العدوان من تغير ميزان القوى العسكري والسياسي وخلف الأدوات الإرهابية والاستخبارات الإقليمية المتورطة يقف المشغل الأميركي الذي يعرف درجة التصميم السورية على فرض خروج شامل وغير مشروط للقوات الأميركية من سورية وهو يدرك مقدار الدعم الروسي لهذا الموقف السوري وخلال الأسابيع القليلة الماضية تلاحقت التصريحات والبيانات الروسية التي تجاهر بهذا المبدأ صراحة وقد اتخذ الجيش العربي السوري خطوات عسكرية هجومية في مناطق التدخل الأميركي تأكيدا لهذا التوجه منذ محاصرة التنف وكسر الخطوط الأميركية الحمراء وصولا لتحرير دير الزور والانتشار على ضفتي الفرات والتقدم المحقق في ريف الرقة.
يتأكد مجددا من مسار العمليات والتطورات المرافقة لها ان الميدان السوري يرسم معادلات إقليمية ودولية جديدة وان آفاق التحول ترتسم بالمزيد من جهود الجيش العربي السوري وشركائه في الميدان لكتابة الفصول الختامية لأخطر الحروب التي شنها الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي على المنطقة العربية.
التعليقات مغلقة.