علام يحاكم إسلام البحيري؟! / فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت ( مصر ) الثلاثاء 14/4/2015 م …
جاء رجلٌ وقال: “الإسلامُ دينٌ يدعو لإعمال العقل واحترام العلم.” وكيف لا وهو القائل:”اقرأ. ألا تدبّرون؟ ألا تفقهون؟ ألا تَفَكّرون؟ هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟” فكيف يأمرنا بالتداوي ببول الإبل والوقاية بتمرةٍ من السُّم الزعاف؟! فغضب ناسٌ! وحاكُمه ناسٌ! وأهدرَ دمُه شخصٌ ظريفٌ! فهل يرى أولئك الأشاوسُ أن الإسلام لا يحترمُ العقلَ والعلمَ والتفّكر؟!
وقال الرجلُ إن الإسلامَ يحترمُ المرأةَ ويُعلي من شأنها، وكذّبَ مَن يرونها مطيةً للركوب، ووعاءً للشهوة، وماكينةً تُرضعُ السابلةَ الرجالَ من ثدييها.
وقال إن الإسلامَ يحفظُ للطفلة طفولتَها ولا ينتزعها من دُميها وعرائسها هادرًا براءتَها في زواج لا تدري ما هو، وكذّبَ مَن قال إن الرسول قدوتَنا قد بنى بعائشة طفلةً في التاسعة.
فغضبَ ناسٌ! وحاكمه ناسٌ! وأهدرَ دمُه شخصٌ ظريفٌ! فهل يرى أولئك الأشاوسُ أن الإسلام يجعلُ من المرأة بهيمةً رخيصةً، وينتزعُ الطفلاتِ من حضن أمهاتهن ليُلقي بهنَ في أحضان الكهول من ذوي الشبق والمفاخذة؟!
قال الرجلُ إن الإسلام متحضّرٌ يحترم العقائدَ وحرية الاعتقاد، ولا يأمر بقتل المسالمين، بدليل: “وقُل الحقَّ من ربّكم، فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفرْ”، فهل يرى الأشاوسُ الغاضبون أولئك غير ما يرى القرآنُ الكريم؟!
قال الرجلُ إن الاحتكامَ لكتاب الله وحسب، وما يخالفُ آيةً قرآنية، لا يجوزُ مطلقًا نسبه لرسول الله؛ لأنه لن يقول بعكس ما قال ربُّه.
فغضب الأشاوسُ لسبب غامض، فهل يرون أن الحكم لغير الله؟!
قال الرجلُ إن الرسول لم يُسحَر ولم يمُت مسمومًا.
فهل يرى الأشاوسُ الأتقياءُ عكس ما يرى ونرى؟!
قال الرجلُ إن الإسلامَ دينُ سلام ومحبة وودّ وعدل، يحترم “الإنسانَ” وحقوقَه ويحفظ له نفسَه وعِرضَه ومالَه.
فأنكرَ عليه الأشاوسُ رأيه، فهل يرون أن الدينَ يأمرُ بقتل الناس وترويعهم، وتشريدهم من ديارهم، وانتهاك أعراضِهم، واستلاب أموالِهم وممتلكاتهم؟!
قال الرجلُ إنْ كذَبَ من قال إن الصحابةَ هدموا الحضارات وحطّموا تماثيل السلف التي تحكي لنا قصص الأولين، وأحرقوا دور عبادة، بدليل أن الفاروق عمر رفض الصلاة في كنيسة القيامة بالقدس الشريف لكيلا يستنّها المسلمون من بعده فيسرقوا الكنائسَ من أهلها ليشيّدوا عليها مساجدَ، وأَمّ القومَ في باحةٍ مجاورة، صارت اليوم مسجدَ عمر بن الخطاب، لا يفصلها عن الكنيسة سوى أمتار قليلة.
فغضب الأشاوسُ ورموه بالهرطقة والزندقة والكفر والارتداد ومزّقوا سمعته وخاضوا في شرفه! فهل أولئك مسلمون؟!
قال الرجلُ إن البشرَ غيرُ معصومين وأنَّ في تأليههم لونًا من المراهقة والعبث. فعلامَ وفيمَ غضبَ الأشاوسُ إلا لأنهم أيضًا يرون في أنفسهم آلهةً معصومين؟
يتساءلُ الناسُ في بلادي، علامَ يُحاكَمُ مَن فكّر واجتهدَ أن يُنقّي الثوبَ الأبيض من الدنس؟! حقًّا، أبدًا لم تكن مشكلتُنا مع الله، بل مع مَن يعتبرون أنفسَهم بعد الله.
التعليقات مغلقة.