لهذه ألاسباب لن تنزلق مصرالى المستنقع اليمني..ولكن !! / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الثلاثاء 14/4/2015 م …
مع عودة الحديث عن احتمال التدخل العسكري البري المصري باليمن بعد انسحاب باكستان من قائمة الخيارات السعودية ،انطلقت من جديد فصول حرب استنزاف جديدة بمصر هدفها الرئيسي الجيش المصري ،فما يجري اليوم بسيناء وببعض المدن المصرية من أستهداف ممنهج للجيش والقوى الأمنية المصرية يؤكد ان المرحلة المقبلة بالداخل المصري المضطرب امنيآ ستشهد مزيدآ من التعقيدات ألامنية ، وخصوصآ مع ظهور علامات ومؤشرات واضحة على نسج خيوط مؤامرة واضحة تسعى لجر واستنزاف الجيش المصري واغراق مصركل مصر في جحيم الفوضى ، لتكون هي النواة الأولى لاستزاف الجيش المصري ،وهنا لنعترف جميعآ بأن أستراتيجية الحرب التي تنتهجها بعض القوى الدولية والاقليمية على الدولة المصرية ومن خلف الكواليس بدأت تفرض واقع جديد وايقاع جديد لطريقة عملها ومخطط سيرها، فلا مجال هنا للحديث عن دور السياسة الداخلية بمصر وتأثيرها بالأزمة ألامنية المصرية، فما يجري الأن على الارض المصرية ما هو الا حرب استنزاف للجيش المصري .
فاليوم عند الحديث عن عودة احتمالات تدخل مصر عسكريآ باليمن يجب الانتباه الى تحديات الداخل المصري ألامنية فهناك حقائق موثقة بهذه المرحلة تحديدآ تقول ان الدولة المصرية بكل اركانها تعصف بها بهذه المرحلة عاصفة من العمليات الارهابية الممنهجة وهذه الحقائق نفسها تقول ان هناك اليوم مابين 22الى28الف مسلح “رديكالي” مصري وغربي وشرق أسيوي وشمال أفريقي ومن بعض الدول الخليجية وغيرها من البلدان والمنظمات المتطرفة ، يقاتلون بشكل كيانات مستقلة داخل مصر في سيناء وما حولها وفي بعض الدول العربية وشمال افريقية في ليبيا وتشاد وغيرها من الدول المجاورة لمصر وهؤلاء بمجموعهم هدفهم الاول والاخير كما يتحدثون هي مصر ، وماحوادث سيناء الاخيرة وحادثة الاقباط المصريين بجنوب شرق ليبيا الا رسالة اولى من هذه المجاميع الرديكالية الى مصر بانهم قادرين على ايذاء مصر بكل اركانها وان حرب مصر مع هؤلاء هي حرب طويلة ولن تقف عند حدود سيناء ولن تنتهي عند حدود ليبيا وتشاد.
ونفس هذه الحقائق تقول ان هناك اليوم مابين 13الى15الف “مسلح مصري” يقاتلون الجيش العربي المصري بسيناء وما حولها من بلدات ومدن مصرية ، ورغم أستمرار حملة الجيش العربي المصري ألاخيرة في وجه كل البؤر المسلحة بسيناء وما حولها وتوسع عمليات الجيش الى خارج الحدود المصرية “ليبيا “، يبدو واضحآ ان العمليات المسلحة لهذه المجاميع المسلحة ،بدأت تأخذ طابعآ تصاعديآ بنهجها وطريقة عملها المتطور ،فهذه المعادلات ألامنية التي فرضت على مصر مؤخرآ تؤكد بما لايقبل الشك ان مصر مقبلة على حرب دموية طويلة مع هذه التنظيمات المسلحة قد تمتد لأعوام .
مجموع هذه المحددات الامنية التي تواجه مصر داخليآ وفي بعض دول محيطها العربي والافريقي ،بدأت تلقي بظلالها وبتداعياتها مؤخرآ على صانع ومتخذ القرار العسكري المصري ،وخصوصآ بعد الحديث عن دور مصري بري محتمل في الحرب السعودية على اليمن ،ومعظم هذه الاحاديث تصاغ على أحتمال ومؤشرات توحي بقرب تدخل مصري بري باليمن ،ولكن بالجانب ألاخر هناك مؤشرات كبرى تؤكد ان هناك مزاج شعبي مصري رافض لهذا التدخل وهو قادر على الضغط على صانع ومتخذ قرار التدخل ان حصل ،وبذات الاطار فمجموع التحديات الامنية التي تواجه مصر اليوم تؤكد ان مصر غير مستعدة اليوم للدخول بمغامرة جديدة أخرى بالمنطقة وخصوصآ باليمن التي لها فيها تجربة مريرة بعد خسارتها لأكثر من 15الف جندي مصري مابين عام 1962وعام 1967وذلك بسبب تدخلها باليمن لدعم طرف على حساب طرف أخر ،وتجربة مصر بذلك الحين تشبه الى حد ما تجربة مصر المحتملة اليوم باليمن مع تغيرات جذرية لطبيعة المعركة وحلفاء المعركة بين تلك الحرب والحرب المحتملة اليوم .
وبالتزامن مع كل هذا فقد جاءت تصريحات الناطق الرسمي بأسم القوات المسلحة المصرية اليوم والتي رد فيها على بعض وسائل الاعلام والتي نفي فيها وجود أي دور”بري ” للقوات المسلحة المصرية في اليمن بهذه المرحلة،وبقراءة موضوعية لهذه التصريحات المصرية التي تؤكد ان هناك متغيرات وعوامل جديدة دخلت الى حساب المعادلة التركيبية المصرية الخاصة بقراءة مستقبل الحرب باليمن،و هنا نستطيع ان نقرأ ان احتمالات تدخل مصر باليمن عسكريآ هي احتمالات بدأت تتراجع نسبها يومآ بعد يوم ،رغم كل الاحاديث الاعلامية التي تتحدث عن تدخل بري مصري محتمل باليمن بالأيام القادمة ،بل الواضح أكثر اليوم ان هناك لوبي مصري رسمي تشكل مؤخرآ بدأ بالضغط على صانع ومتخذ القرار المصري للأتجاه الى الخيار التركي –الباكستاني والمدعوم أيرانيآ وجزائريآ والداعي الى انهاء الصراع باليمن عن طريق جلوس كل الاطراف اليمنية على طاولة الحوار،وهذا الخيار يبدو انه بدأ يدرس من جانب صانع القرار المصري كخيار بديل عن التدخل البري المصري باليمن غير مضمون النتائج .
ختامآ ،ان معظم المؤشرات القادمة من القاهرة اليوم تؤكد حتمآ ان تضامن مصر بكيانها الرسمي مع الرياض بحربها العدوانية على اليمن هو تضامن شبه ثابث ولم يتغير للأن تقريبآ ،ولكن الذي تغير اليوم هو ان شكل هذا التضامن بدأ يفرض وجوده وبقوة على طاولة متخذ القرار المصري ،ولكن السعوديون ينتظرون اليوم قرارآ مصريآ سريعآ وحاسمآ لطبيعة وشكل هذا التضامن ،والمأمول بالرياض هو ان تتجه مصر نحو التدخل البري باليمن نيابة عن السعوديون ،والسؤال هنا هل سيجر متخذ القرار المصري المصريين الى المستنقع اليمني نيابة عن السعوديون؟ ،مع علمه بتجربة ستينات القرن الماضي وبحجم الاخطار ألامنية الداخلية والخارجية التي تستهدف مصر اليوم ، نترك كل هذه الاسئلة برسم الاجابة عند صانع ومتخذ القرار المصري ،وعلى ألاغلب ان الاجابة ستكون حاضرة بالقادم من الساعات والايام القليلة القادمة وما ستحمله من احداث ومواقف ،والتي من خلالها سنستطيع قراءة الموقف المصري من الحرب السعودية على اليمن ودور مصري فيها بوضوح وبعيدآ عن التكهنات …..
* كاتب وناشط سياسي -الاردن.
التعليقات مغلقة.