فلسطين…تلاشي المساحة الرمادية … هل تصبح م.ت.ف أونروا سياسية / د. عادل سمارة
د. عادل سمارة ( فلسطين ) الأربعاء 17/1/2018 م …
“شعب الله المحتار…ناجي العلي”
هكذا نفى بعبقريته أكذوبة “شعب الله المختار وأرض الميعاد”، وأسس للمقولة العلمية بان الله لا يمكن أن يخلع شعبا ليزرع مكانه آخر أو من ليس شعباً بل معسكراً في خدمة أكثر أنماط الإنتاج في التاريخ وحشية اي نمط الإنتاج الراسمالي في مرحلة الإمبريالية.ليس الله بلفور وليس ترامب/و وليس مالك شركة عقار، وحتى مالك شركة عقار لا يُعطي بل يبيع ليُنجز ربحاً. والأهم أن هذا الخلع ينطوي ضمنه كل من يعترف بهذا الكيان على كل فلسطين أو على شبر منها لا فرق. وهنا حالة الحيرة والارتباك فلسطينيا وعربياً. فهل من يعترف بالكيان كليا أو جزئياً، هو بلفور او ترامب/و بدرجة ما!
حينما تكسر القاعدة بيدك لا تبقى قاعدة تقف عليها. بوسعك أن تكابر وأن تعتقل وأن تغتال وان ترشي وأن تتمول، وأن تجند من ينظم الشعر فيك، وأن تُقيم محاكماً ولكنك تبقى في الهواء.
على غير العادة استمعت إلى حديث رئيس السلطة أبو مازن، في المجلس المركزي، جميعه، وفهمت أن هذا الذي على المجلس المركزي التقيد به، لأن هذا ديدن م.ت.ف. ولذا، لم تكن هناك حاجة لانعقاد المجلس. هي مرة أخرى تُغسل مومياء م.ت.ف ليتم تمرير كل ما يُراد عبر جسدها المحنط وليس الحي، فلو كانت على قيد الحياة لحملت وأنجبت.
للتوضيح، فإن أي فلسطيني انتقل من التحرير إلى الاستدوال هو في محيط من الحيرة. وللحق هذا ما رفضه جورج حبش. ولو لم يُقتل وديع حداد لقتل الاستدوال. هنا أتت الحيرة أن كل طرف فلسطيني يرى القضية كما يرى! وربما كما يُرى له.
هل بوسع الفلسطيي طرد امريكا من التسوية؟ طالما هو مع التسوية. وهل بوسع الفلسطيني تطنيش أنظمة التسوية العربية طالما هي مع الاعتراف بالكيان الصهيوني الإشكنازي وهو متكل عليها في الكثير؟ مثلاً نظام “أبو ديس-السعودي” ! لو توقف ابو مازن هنا، لقلنا إذن المآل الطبيعي لهذا الموقف هو الاتجاه إلى معسكر المقاومة.
لكن خطاب الرئيس ابو مازن ذهب باتجاه آخر، إلى خيارين آخرين:
• المقاومة السلمية البحتة.
• والبحث عن راع آخر تكون امريكا ضمنه .
إذن، الاتجاه نفسه ولكن مع توسيع مطلق للرعاة! ومع الابتعاد عن معسكر المقاومة.
وعليه، جاءت مقررات او توصيات المجلس المركزي مطابقة لتوصيات أبو مازن وخاصة الذهاب إلى الأمم المتحدة. وحينها تصبح م.ت. ف مجرد أونروا UNRWA سياسية.
ما خرج عن المركزي مع بعضه لا يشكل دليلاً، ولا طريقاً، وهو ما اتضح من حديث د. مجدلاني حيث أجاب على أسئلة محددة من فضائية المغسلة مرتكزاً على نظرية آينشتاين في النسبية بأن كل شيء حين يحين ظرفه وبالتالي التطبيق نسبي وهذا يعني ان عدم التطبيق مطلقاً. تضمنت قرارات/توصيات المركزي من المتناقضات ما يُحزن على الوضع وعلى المركزي نفسه. مثل:
• “تعليق الاعتراف بالكيان” في حين أن الكيان لا يهتم حتى بشطب الاعتراف.
• “أوسلو إنتهى” وهذا حديث سوريالي.أوسلو يرتفع إلى قوة عشرة.
• “والذهاب إلى الأمم المتحدة كراعٍ”، بينما نحن بين انيابها منذ قرن وهي تأكل من جسدنا، أي من وغد إلى 200 وغداً. ومن يعتقد أن روسيا والصين ستقاتل هناك من أجل حق العودة سيكون درويشاً. الصين بعد ماو ليست ما قبله/ وروسيا اليوم تحمل اسوأ جينات السوفييت، اي الاعتراف المطلق بالكيان. وكلتيهما اقطاب خداج ورأسماليتين أي مصالحهما هي الحكم. ليست الصين كوبا التي قال كاسترو: “إذا فاوض الفلسطينيون الكيان فيجب ان يكون على كيفية رحيل اليهود من فلسطين”، وليست روسيا كوريا الديمقراطية حيث قال زعيمها: “لا توجد دولة إسمها إسرائيل”. وستكون مشكورة إذا لم تخدع سوريا، وإذا غيرت موقفها المضاد لعرب اليمن.
• وقف التنسيق الأمني!! يا سلام، أليس بين المجتمعين من يقومون بهذا التنسيق؟ لن يقف التنسيق الأمني، ولن يتم حل السلطة، وأعتقد أن من يطالبون بهذا ان يتذكروا أنهم منذ خمسين سنة يطالبون بدمقرطة م.ت.ف! هذه المطالبة هي تلطي من لا يريد ان يعمل، تماما كما تتلطى السلطة وراء العجز العربي بل التآمر العربي الرسمي ويتلطى عرب التسوية وراء ما اسموه “نقبل بما يقبل به الفلسطينيون” لكن هؤلاء العرب وصلوا “ابو ديس”!!!. بكلام آخر كل طرف ينتظر تغيير موقف الطرف الاخر وهذه بلغة عمال البناء “كرستا” مواد للانسداد. وعليه، إذا لم تقم السلطة بلجم الحراك الشعبي من أي نوع تكون مشكورة ولتذهب دبلوماسيا إلى ابعد مدى. وأعتقد أنها سوف تلجم الحراك لأنها لا تؤمن بتقسيم العمل. لذا كما قال الرسول: “إذهبوا فأنتم الطلقاء” اشتغلوا كما ترون وتستطيعون. لا أحد ينتظر أحداً والمقاومة لا علاقة لها بقرار حتى دولة عظمى فما بالك بسلطة ليست سلطة كما يقول رئيس السلطة نفسه! منذ عام 2014 والشكل الجديد يتبلور للانتفاضة الثالثة، وهو برِّي/غير مدجن. والمضحك أن فريق “صرخة من الأعماق” التي تنادي بالتعايش مع المستوطنين كان هو “الشاطر حسن” قد أصدر بيان ونداء رقم (1) بانه هو الذي خلق ويقود هذه الانتفاضة، أقصد فريق د. يحيى غدار وتحت إمرته ممثلين ل 28 دولة عربية وإسلامية!!!
• “وفصل الاقتصاد عن اقتصاد “إسرائيل”! وهل من أعلن منذ أوسلو 1993 أن علينا وقف المقاطعة لأننا في سلام، يمكنه اليوم وفجأة فصل الاقتصادين؟ وبالمناسبة، ليس هذا موقف فصيل واحد أو شريحة راسمالية واحدة، كي لا نكذب، بل الأكثرية. أما الجانب الثقافي من اقتصاديينا فهم كانوا ولا يزالون مع الزواج الاقتصادي مع الكيان، حتى لو ثرثر بعضهم مؤخرا في تغيير موقفه. ثم بربكم ماذا قال لكم حيتان الكمبرادور الراسمالي؟ وهم يستثمرون في الكيان وينهبون حتى من قريتي الصغيرة! ألستم أنتم من قتل اقتصاد التنمية بالحماية الشعبية الذي ولدته الانتفاضة الأولى!!!
• وإدانة تسريب اراضي الأرثوذكس العرب. جميل، ولكن، متى يُفتح ملف التسريب من فلسطينيين وعرباً؟ صحيح ان ما تسرب حتى 1948 كان 5.7 بالمئة كما يعترف الكيان نفسه. لكن من الذين فعلوها؟ ترى هل سبب عدم فتح هذا الملف أن ابناء وأحفاد المسربين هم قادة في الأرض المحتلة وبعض الدول العربية! إن حصر الملف في العميل ثيوفولوس يجعله يبدو ضحية.
اكتفي بهذه الأمور، لمواصلة قراءة الحيرة.
هل هي مصالحة التي حصلت في القاهرة تحت رعاية مخابرات مصر؟ أليست مصالحة في إطار كامب ديفيد؟ ألا يعني حضورها أن القاعدة هي الاستدوال؟ وهل تسمح مخابرات مصر بغير الاستدوال؟ هل كان سيجرؤ اي شخص هناك أن يتحدث عن التحرير؟ صحيح أن كثيرين ذهبوا اضطراراً، وأن مختلف الفصائل الآن لا تفتح النار على بعضها كي لا تمزق غشاء المصالحة. ولكن، أليست هذه حالة من الحيرة؟
قد اسمح لنفسي بتكرار ما قلته فور حصول الانقسام بانه حصل ليبقى. لن يكون هناك أي إجماع فلسطيني طالما هناك أي اعتراف بالكيان. وإذا كان تشكيل جبهة تحرير وطني قد فشل حينما كان الجميع ينادي بالتحرير، فهل هو ممكن اليوم وتقريباً الجميع ينادي بالاستدوال المتعدد.
إن تخاذل قوى الكفاح المسلح ولجوئها للاستدوال قد أنبت أشكالا جديدة من “الهالوك” هالوك التفكير الجديد الذي أنجبه إدوارد سعيد، وهو تفكير في كل شيء ما عدا المقاومة المسلحة والتحرير! وهو ما “فتح الباب لرقض الشياطين”، وأنجب كافة شعارات “دولة لكل مواطنيها، ودولة ديمقراطية، ثنائية القومية، علمانية…الخ ودولة مع المستوطنين وثيقة صرخة التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة”!!! وأي خيار! والأيام تبين أن د. يحي غدار رئيس هذا التجمع (إمدوبل اي مع عزمي بشارة وغيره). !!” ثم صرخة عزمي بشارة عبر سلامة كيلة أي إبنة صرخ غدار ( وثيقة تأسيسية”الحركة الشعبية من أجل فلسطين دولة علمانية ديمقراطية واحدة” 21 أكتوبر / تشرين الأوّل 2017 الموقعون : سلامة كيلة , بيسان عدوان , يؤاب حيفاوي , عوفرا يشوعة-ليث , ناجي الخطيب , نيتزاف امينوف , ايلي امينوف , محمد الحلو , سليم البيك”.هذه مساهمة التروتسك/الصهاينة التي تنادي بدولة واحدة على أن لا يُؤخذ من المستوطنين ما احتلوه من املاك ومساكن. شكرا سلوم شكراً، فليبدأ النفطيون ببناء مخيمات لنا في المحتل 48. ثم صرخة “بروفيسور” نديم روحانا ذي العلاقة التمويلية مع عزمي بشارة بأن الآتي دولة واحدة و “النضال” ضد الأبرثايد ، أي لهم ما اغتصبوا، ولنا أمنية خدمتهم كأسياد(موقع عرب 48 يوم 14 -1-2018، وهو لعزمي بشارة ايضا). هذا تيار تصفوي بل ذو ولاء صهيوني أشبه ب “الحراكيين الجزائريين”. يراه البعض “إندماجي” كما كان يقول يهوداً لم يفضلوا الاستيطان في فلسطين. ولكن هذا غير صحيح، لأن ما تطرحه فرق الدولة الواحدة (لا توجد بينها فرقة ناجية)، هو الارتماء تحت أقدام الكيان وتحت فرجه لا أكثر. وهذا يجعل فريق المفاوضات على دولة في الضفة والقطاع متطرفاً مقارنة مع هؤلاء. وهؤلاء قلة شعبيا لكنهم كثرة ثقافياً وسياسيا لبراليا وماركسيا وقومياً، ألم يصدروا بيانا يرفض اجتماع الكتاب العرب في سوريا؟ بينما لم يرفضوا حضور فلسطينيين وعرباً مؤتمرات هرتسيليا. بل إن هؤلاء هم معسكر امريكا الذي تجهزه لتكون هنا زمرة سياسية/كمبرادورية/عسكريتارية/ثقافوية. لندخل مرحلة بينوشيت، وهذه لوازم تنفيذ صفقة القرن.
وبعد، أما والأمور شديدة الوضوح، فإن المساحة الرمادية تقارب الانتهاء التام. فإما مع التصفية، وإن بدرجات، وإما مغادرة كافة مربعات التسوية/التصفية، اي القاهرة وأنظمة الريع النفطي، والأمم المتحدة، والاتجاه فقط إلى معسكر المقاومة حتى لو عاطفياً. لا أحد قمين على القضية سوى من يُقاوم.
إن التكتيك الذي تتبعه معظم الفصائل وطنية واسلامية أي تكتيك شبكة علاقات على طريقة كل فصيل دولة، هو تكتيك يليق بدول سيئة من طراز اردوغاني كل يوم في موقف. لكن حركات مقاومة كي تستقيم يُشترط لها موقفاً واحداً.
لذا، حبذا لو تتحول عشرات المكاتب في الخارج إلى مكتب واحد سياسي في سوريا وعسكري في الضاحيةالجنوبية، وحينها تبدأ الحيرة في التلاشي ، قبل أن يكون مصيرها كمصير صاحب الحيرة الأولى النعمان بن المنذر بن ماء السماء. وكي لا تنحصر صورة فلسطين في الطفلة عهد التميمي بل أولاً في الفتى مهند الحلبي، بل وحتى سليمان الحلبي.
ملاحظة: هذا تفصيل ما قلته امس على فضائية فلسطين اليوم
التعليقات مغلقة.