كيف وقع آل سعود في الفخ الأمريكي؟ / د.خيام الزعبي

 

د.خيام الزعبي* ( سورية ) الخميس 16/4/2015 م …

*مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق

إن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة بمشاريع تدويل أزمات داخلية عربية، فأمريكا اليوم  تمارس هوايتها القديمة من خلال دفع الخليج إلى الحرب بالوكالة عن أمريكا وإشعال منطقة الشرق الأوسط بنيران الحرب التى لا نريدها، بالمقابل فإن تجارة السلاح الأمريكي التى كادت تشهد كساداً في الأيام الأخيرة عادت مرة أخرى لتزدهر وتنتشر، فإذا بأمريكا تبيع السلاح للحوثيين وللخليجيين معا، لذلك فإن الحرب على اليمن يقوم بها العرب نيابة عن أمريكا، والمؤسف أننا فى الشرق الأوسط لا نتعلم من دروسنا، فالشيء نفسه حدث في العراق ولم نتعلم، وها هو يتكرر فى سورية  واليمن اللتان  تشهدان حاليا حربا أهلية والمستفيد أولاً وأخيراً هو أمريكا وحلفاؤها من الغرب.

اليوم تلعب الولايات المتحدة دوراً إرهابياً في منطقتنا، وتزايد هذا الدور منذ ثورات الربيع العربي في عام 2011، حيث دعمت الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش في مختلف البلاد العربية مثل سورية والعراق واليمن ومصر، وإنطلاقاً من ذلك إعتزمت واشنطن شن حرب جديدة في المنطقة وهذه المرة على اليمن الشقيق، وقامت بهذا العدوان السافر دون أي معيار وقائي، حيث قام الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بتوكيل السعودية بشن الهجوم على اليمن، فالمخططين العسكريين الأمريكيين يستخدمون المعلومات الإستخباراتية والصور الحية التي توفرها طلعات المراقبة الجوية على اليمن لمساعدة السعودية في تحديد الهدف ومكانه وموعد قصفه، بالإضافة الى أن هناك أكثر من سفينة حربية أمريكية وجهت ضربات ضد أهداف يمنية، وشاركت طائرات حربية إسرائيلية في العدوان التي إستهدفت المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس ومرافق الطاقة، في هذا السياق، فإن هذا الدعم الذي تقدمه واشنطن للسعودية في حربها على اليمن جاء لتحقيق أهداف محددة على حد زعمها منها:حماية الحدود السعودية وإثبات إلتزام الحليف الأمريكي بالوقوف الى جانبها، والقضاء على القاعدة في اليمن وتوفير الحماية للمدنيين، ورعاية إنتقال سياسي سلمي لضمان إستعادة الحكومة اليمنية للسلطة، بالإضافة الى جعل الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي أقل توجساً من التوصل لإتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي، وإدراكاً لذلك فأنا على يقين تام إن تدخل أمريكا من خلال شركائها وحلفائها العرب في الشأن اليمني لم يأتي صدفة وإنما كان حتمياً وخاصة بعد سيطرة الثوار اليمنيين على مضيق باب المندب ونزع الهيمنة الأمريكية عنه وقطع الطريق على المصالح السعودية والتي كانت تستغل اليمن من خلاله، بإعتباره الطريق الرئيسي لتزويد العالم بالنفط, وهذا يوصلنا إلى نتيجة مفادها إن التدخل الأمريكي في اليمن ليس إلا لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة .

وبإختصار شديد إن الهجمة الشرسة على اليمن لا تصب إلا بمصلحة إسرائيل ومصدّري الأسلحة وستكون نتائجها كارثية على كلا البلدين “اليمن والسعودية” إذا إستمرت طويلاً، لذلك تنصلت الباكستان من التحالف وهناك إنسحاب بعض الدول الخليجية خاصة عمان لأنها لا تريد الدخول بحروب خاسرة نيابة عن السعودية بضرب شعب عربي شقيق، كما وإن مصر تعرضت أثناء القمة لإنتقادات شديدة، وتهديد مباشر من قبل قطر على أنها سوف تستمر بدعم ومساندة الإخوان المسلمين، كما رفض الإتحاد الاوربي الحرب على اليمن وقال بأن هذه الحرب ليست حلاً مناسباً، بالإضافة الى روسيا والصين والعديد من الدول المتحضرة، أما تركيا وقطر فقد أبديا إستعدادهما للتدخل العسكري فى سورية واليمن.

في إطار ما سبق  يمكنني القول إن الضوء الأخضر الأمريکي لضرب اليمن هو فخ  أمريكي خطير واضح المعالم نصب للمملکة السعودية بهدف إضعافها وتقسيمها، وهو فخ شبيه بالفخ الذي نصبته أمريكا لصدام حسين عندما أعطوه الضوء الأخضر من تحت الطاولة لإحتلال الکويت، ومن المعروف إن السعودية كانت ضمن المطلوب إعادة هيكلتها وفق المشروع الإخواني الأمريكي التركي القطري المصري “مرحلة مرسي”، لكن هذا المشروع لم ينجح بسبب سقوط الإخوان وصعود السيسي الى سدة الحكم بدعم من السعودية التي أدركت أن هناك مشروعا بتفكيكها وتقسيمها، مع العلم إن تفكيك السعودية ليست فكرة جديدة بل خطة قديمة تم تسريبها في التسعينات من القرن الماضي، وتظهر الخريطة المسربة إمتداد مساحة اليمن على حساب السعودية مع تفكيكها إلى أكثر من دولة، في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير.

بالتالي إن الرهان السعودي على اليمن، سيتضح أمام القيادة السعودية، التي ستشعر أنها تورطت في اليمن أو أنها قادت حرب عبثية، وانها لن تستطيع التحكم مستقبلا بمفتاح نهايتها، خاصة في حال اتجه أنصار الله لفتح جبهات حرب على الحدود، ستجد السعودية نفسها أمام حرب إستنزاف على حدودها الجنوبية، و هنا لن تتمكن من التحكم بمسار هذه الحرب، خاصة إذا تم التلاعب بالورقة الطائفية في المملكة، هذا مما سيؤثر على دورها في المنطقة، وبالتالي فإن عاصفة الحزم التي تقودها السعودية برياح غير التي تمنتها القومية العربية ضد اليمن، رغم أن ما زالت فلسطين وبعض دول الجوار محتلة، فكان من الأولى أن تهب هذه العاصفة لتحرير فلسطين وغيرها من الدول العربية.

مجملاً…لعبت أمريكا وحلفاؤها طيلة السنوات الماضية دوراً خفياً في ساحات دول الربيع العربي من دون التورط المباشر، ونأت ببلدانها عن الصراع المباشر، لذلك  فإن أمريكا لا تتدخل في الشؤون الداخلية الخاصة بالدول العربية من اجل عيون العرب، وإنما للقضاء على قوة هذه الشعوب لمصلحة إسرائيل، وإن التدخل الأمريكي أو الغربي عسكرياً في اليمن لن ينتج إلا الفوضى التي إنتهجه في كل مكان حل فيه، وأن سياسة التخبط والتردد التي اتبعتها أمريكا فشلت في هزيمة الشعب اليمني من خلال توجيه بوصلة حب الوطن ضد كل ما تقوم به واشنطن ومحاصرة كل مغامرة تؤدي الى ضرب هذه الوحدة وزعزعة السلم الأهلي، وبإختصار شديد إن عاصفة الحزم… فخٌ وقعت فيه السعودية، وإن الدّعم الأمريكيّ لهذا العدوان، خطّةً لتسهيل وقوع المملكة في هذا الفخّ، لتحقيق أهدافه في المنطقة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.