بإعلان الجيب الإنفصالي .. الدولة العميقة الأمريكية تدخل مرحلة خطيرة جديدة .. والأكراد سيحصدوا الريح

 




السبت 2018\1\20

الاردن العربي-

محمد شريف الجيوسي 

تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار الأخرق الجديد الذي اعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإقامة مليشيا عسكرية كردية وجيب انفصالي في المنطقة الشمالية الشرقية من سورية ( بعد قرار القدس ) تدخل واشنطن مرحلة خطيرة أخرى، تتكرس فيها مجتمعاً مضاداَ للعالم وللشرعبة الدولية والأمن والإستقرار والعدل الدولي وتفرض من حولها عزلة لا تحسد عليها .

لسنا بصدد تفسير خلفية القرارات الأمريكية الأخيرة فهي قرارات عدوانية تتحدث عن نفسها ، لدى كل الإدارات الأمريكية السابقة تاريخياً،والتي ستليها،وصلة ترامب(كشخص أو كرئيس ) بخصوصية هذه القرارات محدودة جداً، تتصل فحسب بطريقة إخراجها وظاهر ما ينطوي عليه (الرجل) من دينكاشوتية وغرابات وتهريج وعقلية تجارية محضة ؛ تبدو لا علاقة لها بالسياسة ولا الكياسة ، وتبدو على قدر من المغامرة في كل فصولها .

ترامب ككل سابقيه الذين أذكرهم من أيزنهاور ، فكنيدي ، جونسون ، نيكسون ، فورد (بينهما نائب نيكسون لا أحفظ إسمه ) كارتر ، ريغان ، بوش ” الأب ” ، كلينتون ، بوش ” الإبن “، أوباما ، وهذا الرئيس المواطن ” العجيب “.. جميعهم موظفون كبار،لا يمتلكون حقيقة من أمرهم شيئاً يذكر، تديرهم مؤسسات حاكمة (الدولة العميقة ) أتت بهم وتذهب بهم وبآخرين .  

الفوارق جزئية وشكلية ووهمية ، تنسجم مع الأدوار المرسومة لكلٍ منهم وتعمل في خدمتها، وفي حال فشل الموظف الكبير أو ( زاح ) عن الخط ، إنتهى ، ربما كما إنتهى جون كنيدي، الرئيس الكاثوليكي الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة ، ما يعني ان للرئيس مواصفات أخرى لا ينبغي تجاوزها .

أريد القول ان قرارات ترامب ليست فردية، بل ربما كان قراره الشخصي لو امتلك حق اتحاذ القرار ، غير ذلك ،هو قرار الدولة الأمريكية العميقة وأهم مكوناتها (المجمع الصناعي الأمريكي وفي المقدمة منه المجمع الصناعي العسكري يليه اللوبي اليهودي والماسونية الأمريكية ومافيا تبييض الأموال وتجارة المخدرات والسلاح والبشر وخلق الإرهاب العابر للحدود   ) .    

وبهذا المعنى فلا مراهنة على عزل ترامب داخليا تحت أي اعتبار لتغيير الموقف الأمريكي إلى آخر جيد أو غير سيء او أقل سوءاً.. لن يتغير الموقف الأمريكي جراء جهود دبلوماسية ولا سياسية روسية أو أممية أو سواها، وإنما  بإلحاق هزيمة عسكرية يقينية بالمشروع الصهيوكردي أمريكي الجديد على الأرض السورية، وكذلك القرار الأمريكي بشأن القدس وما هو أكثر منه ، بمقاومة مختلفة ، فقد فتحت واشنطن الأبواب على مصراعيها لمواجهةٍ حاسمة ضرورة .

إن المشروع الصهيوكردي في الخاصرة الشمالية الشرقية لسورية ، يستفز مشاعر من لم يُستفز بعد من الشعب السوري بمن فيهم سوريين وطنيين أكراد ، وعرب ، ودول مجاورة وغير مجاورة؛ هي ضد فتح أبواب الانفصالات بكل ويلاتها وتبعاتها التدميرية كما حدث في أعقاب إنهيار الإتحاد السوفييتي والكتلة الإشتراكية مطلع تسعينات القرن العشرين ، ومن هنا رأينا كيف يواجه المشروع العدواني الأمريكي الجديد .. على كل الأصعدة .

وفي حال أصرت الإدارة الأمريكية ( العميقة ) على ركوب رأسها ، فإنها ستواجه بمقاومة سورية صلبة شعبية وعلى مستوى الدولة الوطنية السورية وحلفها الموثوق ، وسيتكتل العالم ضدها ، بل وسينقسم المجتمع الأمريكي من حول حرب أو دعم حرب عدوانية لا مبرر  لإشعالها موضوعيا ولا شكليا .

قد تحقق الدولة العميقة الأمريكية بعض المكاسب الخاصة بها بإشعال هذه الحرب، لكن المصالح الكلية الإستراتيجية:الإقتصادية والأمنية والإستقرار المجتمعي الداخلي للولايات المتحدة سيتبدد، وستستقط إمكانية أي تفاهم يذكر مع الدول العظمى والكبرى الأخرى، باعتبار أن إشعال هذه الجبهة سيضر بأمنها القومي الإستراتيجي بجوانبه كافة ، ما يستدعي التدخل ، بأشكال مختلفة، وهو تدخل سيحظى بقبول الدولة الوطنية السورية وبتنسيق معها .

ولا بد ان قبول قيادات كردية بأن يكونوا مطايا لإرادة الدولة العميقة للولايات المتحدة الأمريكية وتسخيرهم وتوريطهم للسوريين الأكراد في هذا المشروع الصهيوكردي أمريكي الإنفصالي الخياني ـ أضر وسيضر بمصالح السوريين والعراقيين والأتراك والإيرانيين الأكراد ، وسيؤخر تحقيق أية مكاسب محقة لهم في إطار أي دولة من هذه الدول ، باعتبارهم أدوات أجنبية معادية ، فيما بعض أكراد المنطقة ليسوا كذلك، لكن هذه القيادات جعلت قسراً منهم مثالاً مشوها .

لقد آن للوطنيين الأكراد الانتفاض ضد قياداتهم العميلة ، والعمل من داخل أوطانهم مع بقية مكونات شعوب المنطقة، وأن يضعوا حداً لعمالة تلك القيادات، التي لم تجلب لهم على مدى عقود سوى الدمار وجعلت منهم مطايا لمصالح الأجنبي ، ولا بد من وضع حد من داخل الأكراد للقيادات العميلة،والعمل من داخل أوطانهم للحصول على ما هو حق لم يحصلوا عليه بعد ، دون ذلك لن يحصد الأكراد في كل المنطقة سوى الدمار لهم أولا .

ولن يكون حصاد الدولة العميقة الأمريكية بخاصة والولايات المتحدة أحسن حلاً ، هي بداية النهاية  لدولة شاخت وهرمت وبدأت بالتخريف على الأقل منذ ان جاء الرئيس الملقب بالمحتال ، وتبعه ذاك المتنبيء ، فالكذوب جهاراً نهاراً .. فالأخرق الأحمق ، لكنهم جميعا مفصلون على مقاس الدولة العميقة وفي خدمة إرادتها . 

  [email protected]

         

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.