يا بعض العرب..من أيّ صلصال قدّت قلوبكم؟ وبأيّ ذنب تذبحون أصل العرب؟ بوتين في سورية قريباً / محمد احمد الروسان

 

 

 

محمد احمد الروسان* ( الأردن ) الأحد 19/4/2015 م …

نعم وقولي بالعضل: يا بعض بعض العرب، ويا بعض بعض أمتي، ويا بعض بعض قومي، من أيّ صلصال قدّت قلوبكم؟ وعبر أيّ مدرسة صيغت ولقّحت عقولكم؟ يا نتاجات فكر ابن تيمية، عليكم أن تشكروا مجلس الأمن الدولي الآن وبعمق، الذي طالما حاربكم وكانت قراراته تقتل شعوبكم، وعبر الفيتوهات الأمريكية على مشاريع قراراتكم المصاغة باللون الأزرق، بعد أن عمّدت بالدماء القانية في فلسطين المحتلة، اليوم يا بعض العرب لا فيتو على مشاريعكم ولا على مطالبكم، كونها مشاريع تقتل العرب بالعرب وتزيد الانقسامات الأفقية والعامودية بينكم، إنّ ما يجري في حواضركم يا بعض العرب، إن في اليمن الذي يذبح من الوريد إلى الوريد بسكاكينكم المسمومة، وخناجركم المغروسة بالخواصر، وان في سورية التي تستنزف شعباً وجغرافيا وديمغرافيا، ونسقاً سياسيّا مقاوماً، وان في العراق المراد تقسيمه إلى ثلاث دول، وان في ليبيا والتي صارت أرض وبلاد مملوكة على الشيوع لأسفل خلق الله، وما يحضّر للجزائر الدولة والدور والمقدّرات والشعب والنسق السياسي، وجلّ جلّ دول بلادنا وساحاتنا الضعيفة والقوية على حد سواء، هذا الذي يجري كموت زؤام هو مشاريع لتدمير الإنسان العربي، وسوف يكشف المستقبل لنا وقريباً، وسيسجل التاريخ وبرأس الصفحة الأولى، إنّ الذين دمّروا ما تبقى من العروبة هم العرب أنفسهم، وستكشف الأرقام حجم ونوع المال الذي دفع من قبل العرب لإحراق بيوتهم وجنّاتهم.

 وفي ذات السياقات الزمنية تطرح فيها المشاريع الاقتصادية الكبرى، ولكنها وهمية لإلهاء الشعوب بمستقبل وهمي خيالي غير واقعي، لا يمكن أن يكون مشرقاً حيث القرار مرهون بيد الخارج الباحث عن مصالحه عبر بعضنا كوكيل.

اليمني بمكوناته، لم يلجأ حتّى اللحظة إلى خياراته وهي مفتوحة في مواجهة العدوان العربي عليه، حيث طبّق حتّى اللحظة إستراتيجية الصبر بدقة وعلى طريقته وبانضباطيّة فريدة من نوعها، وان كان باعتقادي ردّ ردّاً مزلزلاً في عدم الرد حتّى الآن، فعرّى العدوان البربري عليه، وعرّى مجمل بنك أهداف العدوان الوحشي.

اليمني خذله البعض العربي، والبعض الإسلامي، والبعض الغربي، وآخر خذلان جاء عبر مجلس الأمن الدولي، حيث قبل اقتراح المعتدي(الجلاّد)وأهمل الضحية وجلدها مع المعتدي وذرف دمعاً كذباً عليها.

إنّ قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص الحدث اليمني إغراقاً للمعتدي في مستنقع الحدث اليماني، والمراد من خلاله إعادة انتاجات للمعتدي عبر تقسيمه كجغرافيا.

لم يتوقف المعتدي من البعض العربي أمام قول باراك أوباما له: أنّ الخطر الحقيقي عليكم هو من دواخلكم ومنتجات مدارسكم الفكرية وليس من إيران، ثم لم يتوقف هذا المعتدي البعض العربي أمام لهجة السيد علي خامئني الأخيرة، حول تعليقه على العدوان العربي على اليمني العربي، والأخير بالمناسبة ليس فارسيّاً، ثم لن يتوقف المعتدي من البعض العربي، أمام لهجة وخطاب السيد حسن نصر الله الأخير في مهرجان التضامن مع اليمن العربي.

أحسب واعتقد، إنّ المحطات الثلاث السابقة، تؤشّر إلى سلّة مؤشرات حقيقية وعميقة، بأنّ هناك شيء ما يحاك للعربية السعودية كجغرافيا وديمغرافيا ونظام حكم سياسي في الأفق وعبر الحدث اليماني.

وضمن السياقات السياسية الأنفة قالت بعض وسائل الميديا العالمية: أنّ قطر ترعى مباحثات سعودية تركية، وحول تكرار تجربة عاصفة الحزم(عاصفة الفشل)في سورية. حسب ظني هي حملة إعلامية مدفوعة الأجر من قبل دولة قطر، أن تقول قطر ترعى حوار العملاقين التركي والسعودي هذا أمر لا يصدّق، حيث من المعروف للعامة قبل الخاصة أنّ القطري والسعودي هم ملوك التعامل مع اللوبيات الإعلامية المأجورة في الغرب وشركات العلاقات العامة التي تروّج لأي شيء، والهدف تكبير قدرات العدوان على اليمن والنفخ فيها، وأحسب أنّه ليس أمام البعض العربي سوى بغال الإرهاب العالمي الوهابي، نتاجات فكر ابن تيميه، والأخير نتاج بيئته القاسية في حرّان، عودوا إلى التاريخ الذي لا يكذب، والى حقبة ابن تيميه، وعودوا إلى ما قاله ابن عبد الوهاب عندما سأله صديقه: يا محمد ما تقوله دين جديد، أهو منفصل أم متصل؟ أي عن فلان عن فلان عن فلان(عمليات العنعنة هذه) فقال: بل منفصل، فصعق السائل وجنّ المسؤول بقوله بل منفصل، أي أنّه يوحى له من الله(الله اكبر).

ومع ذلك ما زال المعتدي يحاول جاهداً ًتظهير عدوانه على اليمني بأنّه جهاد مقدس، ومن منطلق طائفي، فأرسل بحفيد ابن عبد الوهاب إلى الباكستان، التي أخذت موقف الحياد من المسألة اليمنية، صحيح أنّ المحايد لم ينصر الباطل، ولكنه أيضاً لم ينصر الحق فخذله. ونسي أو تناسى المعتدي على اليمن، أن أكثر من 22% في الجيش الباكستاني وفي جهاز المخابرات الباكستانية هم من الشيعة، كما نسي أو تناسى المعتدي على اليمن، أنّ التكوين الطائفي في الباكستان لا يميل لصالحه، ولكنه حاول أن يلعب بالورقة الطائفية في الباكستان ففشل.

ما نشاهده كل يوم في حارات وشوارع وأزقة اليمن حتّى الآن، جثث لأطفال مسجاة على التراب، شيوخ تستنجد، أمهات تنحب، والمعتدي يضع على مائدته(ما لذّ وطاب) من مأكل ومشرب مصحوبة بقهقهات هنا وهناك، حيث المعتدي لم يحترم البند الثامن من ميثاق ما تسمى بالجامعة العربية( يحظر ويمنع تدخل أي دولة عربية في شؤون دولة عربية أخرى)، كذلك لم يحترم ميثاق الدفاع العربي المشترك، ولجأ إلى مجلس الأمن الدولي ليشرّع اعتدائه الذي بدأ به قبل لجوئه الأممي الأخير، وظنّ أنه حصل على مبتغاه في حين أي مبتدئ في العمل السياسي، يعرف أنّه إغراق له في وحل التراب اليماني لا أكثر ولا أقل.

على من تبقى من العرب ولم يطق عرق الحياء فيه، نصرة صنعاء في مجابهة هذا العدوان الهمجي والوحشي البربري، والذي لم يفلح في تحقيق أي انتصار عسكري سوى الفتك تلو الفتك في أرواح الأبرياء، والمعتدي يستنزف الآن ويغرق يوماً بعد يوم، وهنا أسأل الكوادر الرسمية في دول الناتو العربي(التي تشن العدوان على اليماني الطيب الفقير)صاحبة القرار هذا، أين كانت طائراتكم يوم ارتكبت اسرائيلهم المجازر في غزّة؟ في النهاية سينتصر المشروع المقاوم الممانع على المشروع الفتنوي الإرهابي الوهابي.

وفي سياقات الحدث اليمني الحالي، هل يمكن اعتبار المناورات المصرية السعودية القادمة تمهيداً لمغامرة برية في اليمن والتي لم ينف أحد احتمال القيام بها؟ فأي حرب برية في اليمن يجب أن تكون لدعم موقف لا لإنشاء موقف، بعبارة أخرى، بأن يكون مثلاً هناك توازن عسكري على الأرض في اليمن، وتدخل القوات حرب برية لترجيح كفة طرف على آخر، وهذا ما لم يتوفر بعد نتيجة قوة المكون الحوثي.

ويبدو أنّ الأمور تتجه لتجميع قوات من مختلف دول تحالف الناتو العربي المعتدي على اليمن، وعلى الأرض السعودية ليمثل ذلك ضغطاً كبيراً على الحوثي، وهو هدف في حد ذاته، حتّى لو لم تتدخل تلك القوات فمجرد التلويح بالقوّة، هو إرسال رسالة قد يكون لها تأثير في حد ذاتها، بالرغم من أن قرار الحرب البرية في اليمن معقد جدّاً.

العلم العسكري في مجريات أي حرب برية يقول: هو لخلق توازن على الأرض، ثم التدخل المحدود لترجيح كفة أحد الأطراف، ثم التوصل لتسوية سياسية، وأي عملية عسكرية لا تؤدي إلى نتائج سياسية فاشلة بامتياز.

وصحيح أنّه لا أعداء للسعودية في واشنطن، ولكن لا حلفاء لها في حروبها الحالية، الأمريكي يقول: دعوها تتورط، وفي المعلومات، أنّه أثناء زيارة السيد أنطوني بلينكن إلى الرياض، بعد حديث وانتقاد اوباما الأخير لها، أنّ عدوهم ليست إيران، بل أنظمتهم وقهرهم لشعوبهم، لم يتجرأ أي مسؤول سعودي على مفاتحته بمضمون ما قاله أوباما، ولكن اكتفى مسؤول اماراتي باستيضاح حوله، وبشكل عابر وليس دقيق، وهي رسالة سعودية لنا قال الأمريكي إياه.

اليمن بعد القرار الخاص به وتحت الفصل السابع، صار أرض تتلقى الصواريخ والقنابل بحجة تطبيق الشرعية الدولية عليه، فهل امتناع روسيّا عن التصويت ورائه الكثير من الأوراق؟ منها مثلاً ما يمكن أن يكون اقتصادي غير معلن، استطاعت السعودية أن تقدمه لموسكو كي تمرر القرار؟ ومنها ما يمكن أن يكون سياسي خاص بروسيّا، التي تعيش حالات صدام منذ أكثر من أربع سنوات وأزيد بسبب الحرب على سورية وموقفها الثابت منها، وقضية أوكرانيا والتعاون العسكري مع إيران؟.

الروس يعلمون أنّ شوكة القاعدة ستقوى نتيجة هذا العدوان والغرب يعلم ذلك أيضاً، فلماذا مرّرت موسكو القرار بخصوص اليمن؟ ولماذا يسمح الغرب للسعودية بعمليات عسكرية ستقود بالنهاية إلى تقوية القاعدة، وعلى حساب الحوثي إذا ما حققت الغارات الجوية أهدافها؟.

من الواضح هناك شيء مخفي يتجاوز المصالح الاقتصادية والتناحر السياسي، فبنك الأهداف للناتو العربي في اليمن انتهى، وقد يتم تجديده لشهر آخر، ولكن في النهاية سوف تتحول هذه الغارات لسكين على رقاب أصحابها، وسوف تخسر الرياض حلفائها في اليمن، أنصار الرئيس الهارب هادي منصور، كونها غارات تطال الجميع وتطال القاعدة والدواعش والقبائل المؤيدة لها، بعبارة أخرى تطال كل أدوات الرياض في الدواخل اليمنية المتشعبة، وسيكون أمام الرياض خيارين اثنين: إمّا حرب برية غير مستبعدة وهي مقامرة ومغامرة، أو تقوية أدواتها للانتصار على الحوثي، والخيار الأخير مشكوك فيه، كونها إذا فعلت ذلك الرياض، فهي سوف توجد دولة القاعدة على حدودها حيث ارتداد هذه الجماعة أو الدولة القاعدية على السعودية ممكن وبقوّة عندما تحين الفرصة.

القرار الدولي الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع، والذي أدان الحوثي، هو قرار في النهاية لإغراق السعودية بحرب إذا ما وجد الحل السياسي ستكون طويلة جداً، وهو قرار غير عملي وغير فعلي في لغة الميدان، وبدون مفاعيل وتفاعلات، حيث السلاح متوافر في الداخل اليمني وبكثرة ومن مختلف الصنوف والأنواع بشهادة قادة الناتو العربي، ويكفي الحوثي ومعه باقي المكونات اليمنية، المحافظة على حدوده وهذا انتصار له، وفي نهاية هذه المسرحية الملهاة سيكون الناتو العربي بحاجة إلى وسيط يخرجه من هذه الحرب، ومن هنا يمكن تفهم امتناع موسكو عن التصويت وتمرير القرار الأخير بخصوص اليمن، كونه لا يقدّم ولا يؤخّر بشيء، سوى إغراق المعتدي بالوحل اليمني أكثر فأكثر.   

 السياسة الخارجية الأمريكية وحراكاتها الدبلوماسية المخابراتية والمسنودة دائماً وأبداً، من مجتمعات المخابرات في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، إن لجهة الوقائي منها، وان لجهة الهجومي كذلك، توصف بأنّها سياسة مرتبكة ومتردده وفوق ذلك متلونة بعمق، وخاصةً في ظل الظروف الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، وفي نطاقات جغرافية الوطن العربي، وما حدث حتّى اللحظة ويحدث وسيحدث لاحقاً، من ثورات شعبية وحراكات مستمرة، تقود في نهاية الأمر وفي ظل الضياع الإستراتيجي لبعض العرب التابع، إلى تغير أنظمة حكم يعود بعضها إلى العصور الوسطى وإحلال البدائل الفوضوية مكانها، لإنشاء سياقات ومسارات جديدة، لأنسقه سياسية حديثة تكون نتاج للفوضى الخلاّقة التي أرادها البلدربيرغ، نواة الحكومة الأممية والبلوتوقراطية الأمريكية.

وعلى كوادر ومسؤولي دول الناتو العربي الطارئ أن يتدبروا التالي:- فالسياسة الأمريكية هي مع كل ما يخدم مصالح محورها مع الكيان العبري وكيانات أخرى في المنطقة، وواشنطن ليس لديها ما يمنع من إسقاط حتّى حلفائها من العرب، فما يهمها مصالحها وأمن ” اسرائيل ” فقط، مسقطةً ذلك على دول الجوار الفلسطيني المحتل، وبعض الأخير دول جوار سوري.

 هذا وقد أرسلت إدارة أوباما مبعوثيها ومنذ بدايات الأحداث السياسية في المنطقة، إلى العديد من الدول وعلى مستوى الزيارات المعلنة – الدبلوماسية الأمنية، وعلى شاكلة الدبلوماسي وليام بيرنز، وعلى مستوى الزيارات السرية – الفرق الأستخبارية، مدراء المحطّات المخابراتية ومسؤوليهم في العاصمة الأمريكية دي سي، كل ذلك بعد التطورات الدراماتيكية – الإستراتيجية الأخيرة، وخاصة في كواليس الحدث السوري وبعد مبادرة الكيميائي السوري الروسي المشتركة، والانفتاح الروسي على مصر بعد إسقاط نظام مرسي سريعا، تجلّى في زيارة رئيس الاستخبارات الروسية ثم وزيري الدفاع والخارجية وتوّج هذا الانفتاح الروسي بزيارة لفلادمير بوتين لمصر، وقد يقوم بالقريب العاجل بوتين بزيارة إلى سورية كما تقول معلومات خاصة تسنّى لنا الإطلاع عليها.

 الأحداث السياسية الاحتجاجية المتفاقمة، والتي ما زالت تتفاعل ومستمرة في عالمنا العربي، والتي كانت بمثابة الصدمة والمفاجأة، لكثير من أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية والمحلية العربية، وأشّرت على فشل استخباري شامل واضح، في عمل أجهزة الاستخبار والاستطلاع، وما زيارات المبعوثين الأمريكان المعلنة وغير المعلنة لهؤلاء، لا تأتي إلاّ في سياق الدعم للمتبقي منها – أي الأنظمة –  معنويا، وصرف الكثير من وعود معسول الكلام، وتحت عنوان: اثبتوا واعيدوا إنتاج أنفسكم ونحن معكم! وهم في الحقيقة لن يكونوا إلاّ مع مصالح بلادهم، وتحالفاتهم مع كيانهم العبري الذي يرعونه فهم طبقة:kleptocracy  في منطقة الشرق الأوسط صدى البلدربيرغ.

 تتحدث المعلومات، أنّ الهدف الحقيقي، من هذا الحراك الأمريكي العميق هو إضعاف للدور والموقف الأوروبي في المنطقة من جهة، وتفاهمات ومشتركات مع موسكو وبكين من جهة أخرى، وبعد سقوط من سقط من أنظمة حكم واستبدال الآخر بآخر محسّن ومحصّن، وثبوت الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها الدولاتي العقائدي المؤسسي، وتداعي من تبقى من بعض الأنظمة الحليفة، والتي تشهد ساحاتها حراكات مستمرة ومع ذلك مستقرة ولكنه استقرار مؤقت. وهذه الصفة ” الحر بائية ” للسياسة الخارجية الأمريكية وخاصة الآن، جاءت بنسختها الانجليزية الخبيثة، وهنا نتساءل: من يدير الآخر؟! واشنطن تدير لندن؟ أم لندن( أوروبا اسرائيل ) تدير واشنطن؟! أعتقد أنّه تساؤل مشروع في مكانه.

الولايات المتحدة الأمريكية، ركبت على حصان الحراك الشعبي العربي وعملت وتعمل على توظيفه، لصالحها ومصالحها في المنطقة والعالم، فهي كما تقول ماكينات إعلامها المختلفة، وبعض من إعلام بعض الساحات السياسية المتحالف معها، أنّ واشنطن تسعى إلى نشر الديمقراطيات المفتوحة، وحقوق الإنسان والحاكمية الرشيدة، وتؤيد الملكيات الدستورية المقيدة في المنطقة العربية، باعتبار الأخيرة نوع من الديمقراطيات.

 إنّ واشنطن تضع معيار الطاقة( الغاز والنفط – الذهب الأسود) لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحاكمية الرشيدة…. الخ، وترسل رسائلها الرأسية والعرضية لباقي الأنظمة العربية التي ما زالت قائمة حتّى اللحظة، رسائل السريّة – المخابراتية والمعلنة، بأنّها سوف تعمل على إسقاطها أو على الأقل، تركها لشأن حراكاتها الشعبية، إذا لم تنخرط وتتساوق في سياساتها في المنطقة الشرق الأوسطية، خاصةّ وبعد القرار الأممي الخاص بسورية 2118 وما فتحه، من مروحة تسويات سياسية وتفاهمات شاملة، ومذكرات تفاهم عسكرية ومخابراتية وسياسية واقتصادية ودبلوماسية مع الأندّاد والأقوياء لا مع التابعين والعبيد!.

ولسوء حظ محور واشنطن – تل أبيب، ومن ارتبط به من “العربان “، أنّ الحراكات الشعبية في العالم العربي، والحراكات والاحتجاجات الأخرى والتي تبلورت على شكل ثورات في مصر وتونس وليبيا، تزامنت مع موات سريري بطيىء وكوما – سياسية من مستوى متقدم في المنطقة، ويصبح حديث البعض عن السلام والترويج له، وضرورة انطلاق قطار السلام وما إلى ذلك مما تستلذ الأذن البشرية لسماعه، من كلمات وعبارات تحفل بها قواميس هؤلاء “المتفذليكين” في السياسة والدبلوماسية، كمن يحرث على حمار قبرصي( أجلّكم الله) في عرض المحيط الأطلسي، مقترباً من الساحل الموريتاني الغني بالثورة السمكية، حيث الفرنسيين واخوانهم الأوروبيين يتمركزون بكثرة هناك، مما أثار حكومة البلوتوقراطيين في الولايات المتحدة الأمريكية بفعل وتوجيه البلدربيرغ.

تشير المعلومات، أنّ واشنطن تظهر صراحةً، للزعماء العرب المتبقين في الحكم، أنّهم السبب الرئيس في جمود ما يسمى بالحراك السلمي، في المنطقة وتحديداً على المسار الفلسطيني  – الإسرائيلي، وبالتالي مواقفهم غير سليمة وغير صحيحة وغير مستقرة، لذلك تضغط العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي عليهم، لتقديم مزيد من التنازلات للجانب العبري، في موضوع الصراع العربي – الإسرائيلي، مع دفع عجلة التطبيع مع تل أبيب، ورفع مستوى تفاعلها الرسمي والشعبي، وعبر خطط وبرامج مكثفة ونوعية، دون انتظار عودة الحقوق العربية والإسلامية، ومن هنا نفهم لماذا القناة السرية في موضوعة المفاوضات على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي الآن تمهيداً لما يحضّر في الضفة الغربية المحتلّة وللضفة نفسها باتجاه شقيقتها الشرقية( الأردن) بعد تعثر مشروع البلدربيرغ في سورية.

إنّ “حربائية ” السياسة الخارجية الأمريكية الحالية والمستمرة، لا تدفع فقط إلى تهديد الاستقرار في المنطقة الشرق الأوسطية، بل وفي العالم أجمع كما من شأنها وعبر حربائيات سياساتها، أن تهدد الجهود العالمية لمكافحة ما سمي بالإرهاب الأممي.

من زاوية أخرى نرى، إنّ محور واشنطن – تل أبيب، يسعى إلى توظيف حركة الاحتقانات المتزايدة، في بيئة الصراع الباكستاني ودفعه إلى المواجهات العسكرية الرأسية، كما تدفع واشنطن وتل أبيب، إلى وصول عدوى الاحتجاجات الشرق الأوسطية، بنسختها العربية إلى الصين عبر الفعل والعمل السريّ والعلني، لشبكات المخابرات الإسرائيلية والأمريكية وبالتعاون مع المخابرات الهندية، في تفعيل وتزايد حدّة الاحتقانات في الأقاليم والمقاطعات الصينية، التي سبق وأن شهدت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الغاضبة، وخاصةً في اقليم التبت البوذي المجاور لحدود الهند وبورما، و اقليم سينكيانغ الإسلامي- الأيغور، المجاور لكازخستان وقرغيستان وأفغانستان.

كما يعمل التحالف الأمريكي الإسرائيلي الهندي المخابراتي، وفي شبه القارة الهندية، وتحديداً لجهة الصين، لمزيد من الاحتقانات في الداخل الصيني وخاصةً، في تلك المناطق التي تتمركز فيها جماعات المجتمع المدني الصينية، في العاصمة بكين، وفي شنغهاي – المدينة والميناء، هذا وقد شهدت مقاطعة سينكيانغ الصينية، وعبر قومية الأيغور المسلمة ذات الأصول التركية، حركة تمرد وعصيان واسعة النطاقات، وكذلك مقاطعة التبت، كان هناك تمرد بوذي قاده الدلاي لاما، وشنغهاي والتي فيها الميناء الرئيسي للصين، شهد قبل سنيين خلت، حركات احتجاجات طلابية واسعة النطاقات وعميقة، شارك بها الجماعات ذات التوجهات الليبرالية، والتي طالبت بإسقاط النظام الشيوعي، فكانت ردّة فعل حكومة بكين قاسية، فتم قمع هذه الحركات، وما حدث لاحقاً في ساحة (تياتان مين) من مواجهات دامية، سقط خلالها الكثير الكثير من الضحايا، وسالت دماء غزيرة حيث” علكت” جنازير الدبّابات الصينية، لحوم وعظام أجساد المنتفضين سلمياً، ومن هنا نفهم لماذا هذا التشدد والتصلّب بالموقف الصيني بجانب الروسي إزاء ما يجري في سورية ومنذ البدء، بجانب المصالح الأخرى المعروفة.

واشنطن تراقب عن كثب، متتاليات هندسة التنافس الأوروبي – الأوروبي لجهة الشرق الأوسط وعبر(الأرنب الليبي) الذي يتنافس على أكله كل من الدول الأوروبية الرئيسية: ألمانيا، ايطاليا، فرنسا، بريطانيا، خاصة وأنّ من مهمات ” حربائية” السياسة الخارجية الأمريكية، أضعاف الدور الأوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص، وعبر لندن نفسها وبعيداً عن معادلات من يدير الآخر؟! وما يجري في ليبيا الآن بعد القذافي هو انعكاس لمضمون هذا التنافس الأوروبي – الأوروبي والأمريكي من خلفه.

هذه التباينات بين الدول الأوروبية الرئيسية بفعل السياسة الأمريكية البلوتوقراطية، في الاتحاد الأوروبي في المواقف إزاء ما يجري في المنطقة العربية وعبر الحدث السوري، وما يجري في ليبيا من صراع ليبي – ليبي محتدم، يتطور إلى حرب أهلية شاملة، إن دلّ على شيء وأشار، فانّه يدل على مدى حدة التنافس الأوروبي – الأوروبي في المنطقة بسبب العامل الأمريكي، وعلى سورية عبر حدثها وعلى ليبيا تحديداً، ودول شمال أفريقيا، وهو في ذات المعطى والمعنى يجمع الخلافات والتوافقات الأوروبية – الأوروبية خدمةّ لسياسات الأمريكي البلوتوقراطي.

أحسب وأعتقد، أنّ لندن بمثابة حصان طروادة الإسرائيلي في الاتحاد الأوروبي، بعبارة أخرى، أنّ بريطانيا بمثابة ( اسرائيل أوروبا)، حيث تؤيدها وتساندها واشنطن، وذلك على خلفيات خط العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية الخاصة.

تاريخيّاً، التنافس الأوروبي – الأوروبي، وتحديداً على خط العلاقات الفرنسية – البريطانية، أدّى إلى صعود ألمانيا، بعد أن أعادت الأخيرة إنتاج نفسها من جديد، وتراجع الدور والنفوذ الفرنسي والبريطاني في إطار المجموعة الأوروبية و الإتحاد الأوروبي، وفي حلف الناتو، لكن هناك معلومات استخبارات ومخابرات دقيقة، ومن داخل كواليس اجتماعات ممثلين الاتحاد الأوروبي، أنّه يجري تحالف وثيق للمرة الأولى على خط العلاقات البريطانية – الفرنسية، من أجل إنفاذ مخطط إقصاء، النفوذ الألماني والتخلص منه، أو على الأقل تحجيمه، ويظهر ذلك في الحدث السوري، وفي موضوع الصراع الليبي – الليبي، للسيطرة على الثروات الليبية الطبيعية، وخاصة الغاز والنفط، حيث يعد الأخير بمثابة شريان الطاقة لألمانيا.

وتتحدث المعلومات وبعض التحليلات التي ترقى لدرجة المعلومات: أنّ البلدربيرغ والبلوتوقراطية الأمريكية يتلمسون برامجهم ويسعون لتنفيذها في ورقة دولة الخليج مجتمعةً الآن بعد التفاهمات حول سورية إمّا تصعيداً أو احتواءً، لذلك قد نرى و نفهم(الحج)السعودي إلى موسكو بعد امتناع موسكو عن التصويت حول القرار الخاص باليمن والذي قدّمه الأردن بالنيابة عن المجموعة الخليجية،… أعتقد إنّها لحظة التوه والضياع الإستراتيجي فمن يعلّق الجرس؟.

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.