قرارات حكومية تنتهك حق الإنسان الأردني بالحياة والصحة والعلاج .. بقلم د. هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
قرارات حكومية تنتهك حق الإنسان الأردني بالحياة والصحة والعلاج
بقلم د. هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الجمعة 26/1/2018
الأردن العربي –
تعليقا على قرار الحكومة الاردنية مؤخرا برفع الضرائب على الادوية، والتراخي في تطبيق التأمين الصحي للجميع، والتقتير المالي على احتياجات القطاع الصحي الأساسية، وما رافق ذلك من بيروقراطية وخلق عوائق في الإعفاءات الطبية والتحويل للمركز المتخصصة التي تقدم خدمات غير متوفر في المستشفيات الحكومية، شكلت هذه في مجموعها انتهاكا صارخا لحق الانسان الأردني بالحياة والصحة والعلاج.
الحق بالصحة ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
يؤكد دستور منظمة الصحة العالمية على أن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، ويشمل الحق في الصحة الحصول على الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة وفي التوقيت المناسب.
تنص الاتفاقيات الدولية على ان تلتزم الحكومة والقطاعات الطبية بما يلي:
- تخفيض معدل الوفيات وتحسين البيئة لتوفير الحماية الصحية للمواطنين.
- الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض المزمنة والإصابات، وعلاجها ومكافحتها.
- تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
يشمل الحق في الصحة، أربعة عناصر هي:
- توفير القدر الكافي من المرافق الصحية العمومية ومرافق الرعاية الصحية والمستلزمات والخدمات والبرامج.
- استفادة الجميع من فرص الوصول إلى المرافق والخدمات الطبية، ضمن جميع مناطق الدولة.
- يجب أن تحترم جميع الخدمات الطبية الأخلاق الطبية المهنية وأن تكون مناسبة ثقافياً وأن تراعي متطلبات الجنسين
- يجب أن تكون المرافق والخدمات الطبية مناسبة علمياً وطبياً وذات جودة ونوعية جيدة.
لتنفيذ حقوق المريض هذه على ارض الواقع يتوجب على الجكومة:
- أن توفر سهولة نفاذ المواطن لخدمات رعاية صحية وقائية وعلاجية جيدة، بما في ذلك حقه بسهولة الوصول والنفاذ لخدمات الرعاية الصحية الطارئة.
- ضمان حق المريض بسهولة التحويل لخدمات الرعاية الصحية المتخصصة والمتقدمة، وحقه بالحصول على خدمات الرعاية الصحية المستمرة في مختلف المؤسسات الصحية دون أي انقطاع.
- ضمان حق المريض بالحصول على العقاقير الطبية الموصوفة له بسهولة ويسر.
- ضمان حق المريض بالحصول على خدمات الرعاية الصحية في كافة المحافظات بالتساوي ونوعية متماثلة.
- ضمان حق المريض بمعرفة القوانين والقواعد والسياسات المتعلقة بالتأمين الصحي وإجراءات علاجه.
- ضمان حق المريض بالتعبير عن الظلم الواقع عليه بسبب المساس بحقوقه، كحقه بتقديم شكوى أو تظلم عن إجراءات علاجه.
فوضى التأمين الصحي في الأردن يشكل انتهاك صارخا للحقوق المذكورة سابقا، فهناك:
- تغير مستمر في أنظمة التأمين والذي يستهدف في الاعم الاغلب خفض النفقات لصالح ميزانية الحكومة على حساب المريض وصحته وحياته بما في ذلك عدم مباشرة مؤسسة الضمان الاجتماعي بتنفيذ المادة الواردة في قانونها والمتعلقة بالتأمين الصحي للمنتفعين من الضمان وأسرهم.
- تعدد الجهات التي تمنح الإعفاء لغير المؤمنين صحيا من وزير الصحة لرئيس الوزراء لقائد القوات المسلحة للديوان الملكي والتي تحتاج لإجراءات معقدة وتقارير طبية لا يتم الحصول عليها بسهولة ويرافق الحصول على هذه التقارير فوضى الواسطة والمحسوبية وعدم مصداقية هذه التقارير، كما أن استجداء العلاج على أبواب الوزراء ورئيس الوزراء، بحد ذاته يشكل امتهان لكرامة الإنسان ولحقه بالصحة والعلاج.
- استجداء ا لعلاج بالصحف ومواقع التواصل الاجتماعي انتظار لمبادرة او مكرمة من جهة ما يشكل أيضا انتهاكا لحق المريض بالصحة والعلاج وما يرافق ذلك من نشر صور وسرد أحداث عن المرض التي بحد ذاتها تشكل انتهاك لحق المريض الخصوصية والسرية أثناء علاجه.
- يرافق إجراءات الإعفاءات للحصول على تأمين صحي مؤقت بيروقراطية غير مبررة وتأخير دون أسباب منطقية وهذه مرتبطة بثقافة راسخة بالقطاع العام تهدف للاستثمار الوظيفي بالعلاقات الاجتماعية لإرضاء من اعتادوا على طلب الواسطة بادعاء أنهم وجهاء وشيوخ أو إرضاء لنواب المناطق التي يسكن به المريض وهذه جميعها تشكل شكلا من أشكال الفساد في استخدام الوظيفة العامة للمنفعة الشخصية.
التامين الصحي للجميع المواطنين:
لا يوجد مبرر واحد حقيقي للتأخير بتنفيذ التأمين الصحي للجميع، هو حق يهدف للأمن الاجتماعي والذي يوازي الأمن في مواجهة مخاطر الجريمة والعنف والإرهاب، وضبط النفقات الحكومية بواسطة التقطير في علاج المواطن هو انتهاك بحد ذاته لحقوق الإنسان بالحياة والصحة والعلاج، ويتوجب إلغاء جميع الجهات التي تمنح إعفاءات وتحويل تمويلها لصندوق تأمين صحي موحد كخطوة في اتجاه التأمين الصحي للجميع.
كما يتوجب على الحكومة أن تعمل على توفير تمويل التأمين الصحي لجميع القطاعات الصحية الحكومية والعسكرية والجامعية بالتساوي، وضمان خدمات صحية بنوعية مهنية جيدة إن كانت مقدمة للمنتفعين من صندوق المعونة الوطنية أو القطاع الحكومي أو القطاع العسكري أو إلى الوزراء والاعيان والنواب، بالإضافة لشمول غير المنتفعين حاليا، لان معاناة المرض من الناحية الإنسانية لا تفرق بين طبقة الاجتماعية وأخرى.
الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الخبير في الوقاية ومواجهة العنف والإصابات
التعليقات مغلقة.