تحليل سياسي هام … هل تتحالف السعودية وتركيا لمواجهة بشار الأسد؟

 

الأردن العربي ( الثلاثاء ) 21/4/2015 م …

رغم أن تركيا والسعودية يجمعهما تاريخ طويل من المنافسة، فهما يجريان محادثات على مستوى رفيع بهدف تشكيل تحالف عسكري للاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وفقا لمصادر مطلعة على المناقشات.

وتجرى تلك المحادثات بوساطة من قطر. وكما هو متوقع من تلك الشراكة حاليا، ستقدم تركيا القوات البرية، بدعم من الغارات الجوية السعودية، لمساعدة مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين ضد نظام الأسد، وفقا لأحد المصادر.

وقال أحد المصادر أن الرئيس باراك أوباما جرى تبليغه بالمحادثات في شهر فبراير من قبل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارة الأمير إلى البيت الأبيض. وامتنع متحدث باسم البيت الابيض عن التعليق.

ولطالما شجعت الإدارة الإمركية دول الخليج العربي على أن تأخذ دورا وتبذل المزيد من الجهد بمفردها لتعزيز الأمن الإقليمي، لا سيما في سوريا، ولكن ظلت تلك المحادثات إلى حد كبير مجرد كلام. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الحالة ستكون مختلفة، ولكن يشير تدخل السعودية الأخير في اليمن  إلى إنها قد أصبحت أكثر جرأة في تعاملها مع قواتها الخاصة، بدلا من الاعتماد على الوكلاء.

بعد لقائه مع أمير قطر، قال أوباما إن الزعيمين “تبادلا الأفكار” عن كيفية إزاحة الأسد.

وقال “إن كلانا يشعر بقلق عميق بشأن الوضع في سوريا.” وأضاف ” سنواصل دعم المعارضة المعتدلة هناك وسنواصل الاعتقاد أنه لن يكون من الممكن تحقيق الاستقرار تماما في تلك البلاد حتى ينتقل السيد (بشار) الأسد، الذي فقد الشرعية في البلاد، إلى خارج السلطة.”

واضاف: “لكن من الواضح أن كيفية الوصول إلى هذه المرحلة يشكل تحديا عظيما، وقد تبادلنا الأفكار حول كيفية تحقق ذلك.”

منذ تلك التصريحات، واصلت الولايات المتحدة الغارات الجوية اليومية ضد أهداف الدولة الإسلامية في سوريا، وبرامج التدريب المتواضعة لأعضاء من المعارضة السورية جرى التحري عنهم – ولكنهم لم يقدموا علنا ​​أي استراتيجية لكيفية التفاوض لإنهاء حكم الأسد.

وقال مصدر مشارك في المحادثات إنه إذا سارت المحادثات بين تركيا والسعودية بنجاح، سوف يمضى تدخلهم في سوريا قدما سواء عرضت الولايات المتحدة عليهم الدعم أم لا.

وعندما تواصلنا مع  وزارتي الخارجية السعودية والتركية للتعليق، كلاهما حولانا إلى سفارتيهم في الولايات المتحدة. ورفضت كلا السفاراتين التعليق.

رحب عباب خليل، رئيس موظفي مكتب واشنطن للائتلاف الوطني للثورة السورية وقوات المعارضة، بالخبر. وقال لـ “هفينجتون بوست” إنه يأمل ان تحول المحادثات الزخم على الأرض لصالح المعارضة السورية وتجبر النظام إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.

وقال خليل “لقد كنا صادقين. إن الهدف النهائي بالنسبة لنا هو الحفاظ على مؤسسات الدولة ووحدة البلاد وكونه بلدا علمانيا وديمقراطيا وتعدديا – من دون الأسد.”

إن الجيش التركي هو أحد أكثر الجيوش المهيمنة في المنطقة. والسعودية حريصة على الحصول على مساعدة تركيا في تحقيق الاستقرار في أجزاء من سوريا، ودعم قوى المعارضة بخلاف الدولة الإسلامية، والضغط على الأسد للتفاوض لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا مما يتضمن رحيله عن السلطة.

يدعم الأتراك بشكل عام الإطاحة بالأسد، ولكنهم قالوا إنه بسبب كونهم دولة غير عربية، فهم غير مستعدون للقيام بدور أكبر في سوريا دون تدخل موسع من السعودية، حيث أنها قوة عربية سنية. وانتقدت قيادة تركيا قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويضرب أهداف الدولة الإسلامية في العراق وسوريا لرفضه مهاجمة النظام السوري أيضا.

أثبتت المملكة العربية السعودية مؤخرا استعدادها للتدخل عسكريا في المنطقة من خلال قيادة ائتلاف من الدول العربية لشن ضربات جوية ضد المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن. ورغم أن الولايات المتحدة لم تشترك بشكل مباشر، قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة قدمت الدعم اللوجستي والاستخباراتي للبعثة.

وكانت هناك مؤشرات سابقة على أن تركيا والسعودية تناقشان القيام بعملية مشتركة في سوريا. يوم 2 مارس، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود سلمان، في العاصمة السعودية الرياض، حيث أعلنا عن اتفاق مشترك لتعزيز المساعدات للمعارضة السورية وتوسيع نطاق التعاون الشامل في مجال الدفاع و المسائل الأمنية.

إلا إن آخر أخبار المحادثات رفيعة المستوى، هي أول مؤشر على المشاركة العسكرية المباشرة ضد الأسد من أي من الدولتين.

وقد اتخذت أردوغان عددا من الخطوات تشير إلى أنه يستعد لنشر قوات برية إلى سوريا. بعد أسابيع اجتمع مع العاهل السعودي، وقع الزعيم التركي اتفاقية عسكرية مع قطر لتسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري وإمكانية نشر القوات التركية والقطرية كل في بلد الأخرى. ويستند هذا الاتفاق على اتفاقية تدريب مشترك بين البلدين وقعت في عام 2012، وهو يؤهل قطر جيدا للتوسط في المحادثات بين تركيا والمملكة العربية السعودية.

أما عثمان تاني كوروتورك، وهو الممثل الرئيسي لحزب المعارضة التركي الرائد (الشعب الجمهوري) في لجنة الشؤون الخارجية لتركيا، هو يشعر بالقلق من أن تدخل القوات البرية التركية إلى سوريا قريبا. وقد أعرب مع غيره من أعضاء المعارضة الآخرين في اللجنة عن قلقهم خلال المحادثات الرسمية حول الاتفاق، وبعد ذلك في مؤتمر صحفي بعد توقيع اللجنة عليه يوم 2 مارس، وفقا لوثائق حصلت عليها “ذا ورلد بوست.” ثم أرسل الاتفاق إلى البرلمان وأردوغان حتى يتم التوقيع عليه.

ويشمل التقارب المستمر أيضا تخفيف عداء السعودية تجاه الإخوان المسلمين، وهذه نقطة خلاف رئيسية بالنسبة لتركيا.

وقال أرون شتاين، وهو خبير حول شئون تركيا في معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن، أن الاجتماع بين أردوغان وسلمان في مارس “وقع بسبب إن سلمان لديه وجهة نظر مختلفة حول جماعة الإخوان المسلمين” عن فكر شقيقه الراحل، الذي كان يجلس سابقا على عرش السعودية.

وفقا لشتاين، قام سلمان بتحول استراتيجي لتقف بلاده مع تركيا وقطر حول سياسة سوريا، مع التركيز على توحيد المقاتلين الاسلاميين لمحاربة كلا من النظام السوري ومتطرفي الدولة الإسلامية.

وقال شتاين عن الملك السعودي “قد لا يحب [الإخوان المسلمين]،  لكنه أدرك أن الحرب ضدهم تؤدي إلى تقسيم العالم العربي، وتحول دون وحدة وطنية حول الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية السعودية مثل دحر ايران وهزيمة الأسد – التي تعتبر المملكة أنهما نفس الشيء.”

تقاسمت الرياض وأنقرة هدف تسليح معارضة الأسد منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية السورية، والتي تجري الآن منذ أربع سنوات. لكن العلاقات بين القوتين توترت لأنهما وجدا نفسهما مرارا على طرفي نقيض من الصراعات الإقليمية الأخرى.

في صيف عام 2013، اطاح الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي -بفضل الاحتجاجات الشعبية في صالحه- بقوة بالرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا ولكنه لا يحظى بشعبية على نطاق واسع، وهو عضو جماعة الإخوان المسلمين. في الأشهر التالية، فضت القوات المسلحة المصرية بعنف اعتصامات الإسلاميين، مما أسفر عن مقتل المئات، وسجن الآلاف من أنصار الإخوان المسلمين، فضلا عن أكاديميين ونشطاء علمانيين وصحفيين.

وأشادت السعودية بهذه الخطوة على إنها حملة على الارهاب ووعدت بتعويض السيسي عن أي مساعدات عسكرية أو اقتصادية تحجبها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ردا على الانقلاب.

وفي نفس الوقت، أدانت تركيا أفعال السيسي ووصفتها إنها إهانة للديمقراطية وألغت فورا تدريبات عسكرية مقررة مع الجيش المصري. رحب أردوغان شخصيا في بلاده بالاعضاء المنفيين من جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت قد أدرجت في قائمة المنظمات الإرهابية تحت قيادة السيسي. بعد أسابيع من الانقلاب، واستدعت كل من أنقرة والقاهرة سفيريهما في الدولة الأخرى.

ازداد التوتر بين السعودية وتركيا في الصيف التالي أثناء الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.

امتنعت السعودية، إلى جانب مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، عن الانتقاد العلني للغارات الجوية الإسرائيلية واجتياح غزة في نهاية الأمر. في يوليو عام 2014، صاغت مصر اقتراح وقف إطلاق النار يعتقد الكثيرون إنه موات لإسرائيل بشكل واضح وفشل في معالجة مطلب حماس الرئيسي – أن ترفع إسرائيل الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي فرضته في عام 2007. وألقت السعودية بثقلها وراء الاقتراح المصري.

لكن أردوغان وصف حرب غزة بأنها “إبادة جماعية من قبل إسرائيل” وشكك علنا ​​في شرعية مبادرة وقف إطلاق النار التي اقترحتها مصر.

قال اردوغان للصحفيين في يوليو “السيسي ليس طرفا في ذلك. فهو نفسه قام بانقلاب قاسي. وقد منع وصول الغذاء والمساعدات إلى حماس عن طريق إغلاق الطرق المؤدية إلى غزة،” في إشارة إلى إغلاق السيسي لمعبر رفح الذي يربط مصر إلى غزة.

وفي الآونة الأخيرة، تعاونت السعودية ومصر لمعاقبة أردوغان لدعمه لجماعة الإخوان المسلمين وحماس من خلال قيادة جهود ضغط لمنع تركيا من أن تصبح عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.

ومع ذلك، فقد أصبحت المعارضة السعودية طويلة الأمد لجماعة الإخوان المسلمين أكثر تعقيدا الآن، وذلك إلى حد كبير نتيجة لزيادة تدخل البلاد في اليمن. ففي الحرب ضد المتمردين الحوثيين في ذلك البلد، يمثل الإخوان القوة السنية المنظمة، أي يمكن أن يكونوا حليفا سعوديا على أرض الواقع.

تواصل مصر النظر للإخوان باعتبارهم معادلا لتنظيم القاعدة، وبدأت في حملة قمع ضد الإسلام السياسي بشكل عام. واستعداد السعوديين للعمل مع الإخوان في اليمن – ومع تركيا في سوريا – قد يخلق شرخا في العلاقة بين المملكة ومصر.

لكن من غير المرجح أن يتم أي تدخل مشترك في سوريا من قبل السعودية وتركيا إلا بعد اللقاء المرتقب في كامب ديفيد في ربيع هذا العام بين أوباما ورؤساء دول مجلس التعاون الخليجي – البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية و الامارات. سيحاول أوباما اقناع الخليجين المتشككين بحيثيات الاتفاق النووي المعلق مع إيران ومناقشة التعاون في الصراعات في سوريا واليمن.

ويعتقد بعض المراقبين أن التعاون المحتمل بين السعودية وتركيا كان أحد أسبابه هو التصور بأن إيران والولايات المتحدة يتحركان معا.

وإلى جانب الاتفاق الإطاري النووي الذي وصلت إليه إيران مع ست قوى عالمية في وقت سابق من هذا الشهر، كانت القوات المدعومة من ايران والولايات المتحدة أيضا في تحالف ضمني ضد الدولة الإسلامية في العراق. وعن طريق دعمها للميليشيات الشيعية هناك، لعبت إيران دورا رئيسيا في الجهود المبذولة لاستعادة الأراضي العراقية من الجماعة المسلحة.

“إنه تحالف يدفع إليه النجاح المتصور للإيرانيين” حسبما قال فراس أبي علي، مدير شؤون الشرق الأوسط في شركة تحليل المخاطر IHS ، مشيرا إلى التقارب بين السعودية وتركيا بشأن قضية سوريا.

وأضاف علي أنه بدون عقوبات دولية، فمن المرجح أن تفعل إيران المزيد لمساعدة الأسد.

وأضاف: “لقد كانت إيران تشارك في سوريا بيد مقيدة خلف ظهرها نتيجة للعقوبات. من دون هذا القيد، سيكون التصور بين الدول السنية – تركيا والسعودية – أنهما بحاجة للمساهمة بالمزيد لمطابقة ما يخشون أنه سيكون زيادة الالتزام الإيراني (في الحرب).”

إن تحالف الأمر الواقع بين الولايات المتحدة وإيران يقود البعض في منطقة الخليج التي يهيمن عليها السنة إلى الاستنتاج أنهم قد يحتاجون ميليشيات خاصة بهم.

قال علي: “لقد بدأنا أن نرى الجهات الفاعلة تشعر بتهديد كبير”، في إشارة مرة أخرى إلى تركيا والسعودية “، الأمر الذي يجعل أعمالهما أقل قابلية للتنبؤ بها/ ويجعلهما على استعداد لتحمل المخاطر التي كان سينظر إليها في الماضي على أنها مبالغ فيها، لكن سينظر إليها الآن على إنها ضرورية للحفاظ على النفس.”

وقد قال مصدر خليجي:”إذا كانت الطريقة الوحيدة لجعل الولايات المتحدة تقف إلى جانبنا هي أن نبين عن أسناننا، سنبينها.” واضاف “والأسنان السنية وحشية.”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.