عن الانقلاب التركي

ناجي الزعبي

عمان ، 28 كانون ثاني 2018 ، ، الأردن العربي )




تنبع اهمية تركيا من موقعها الجيوسياسي ذو الاهمية البالغة اقليميا ودوليا , فهي تفصل روسيا والدول الناطقة بالتركية وهي أذربيجان , وكازخستان وقرغيزيا وتركمانستان وأوزباكستان عن ايران والعراق وسورية وتحول دون تكوين هلال مناهض للمشروع الاميركي

كما يؤدي تحالفها الوثيق مع العدو الصهيوني ادوارا خطيرة وهامة , وهي العضو الثاني بالأهمية في حلف الناتو ، لذا تعتبر الولايات المتحدة الاميركية تركيا مهمة لدرجة انه ينبغي الا تترك حتى للاتراك أنفسهم.

ولو انحازت تركيا للمعسكر المناهض لاميركا لشكلت خطرا بالغا” على المصالح والهيمنة الامبريالية في اوراسيا والوطن العربي وعلى دول الناتو والعدو الصهيوني .

لقد وقفت اميركا خلف كل الانقلابات التركية الاربعة الماضية.

منذ الانقلاب على مندريس عام 1960 الذي تزامن مع تأهيل عبدالله غول لهذه المرحلة منذ كان على مقاعد الدراسة في واشنطن , كما عملت على تصنيع وتأسيس واعداد وتاهيل حزب العدالة والتنمية ليكون الاطار لما سمى الاسلام المعتدل في عهد المحافظين الجدد باشراف الخبير الاميركي جراهام فولر , ثم اتوا بالمغمور اردوغان ودفعوه لواجهة الحياة السياسية بعد تاهيله واعداده في الولايات المتحدة لاستلام الحزب ولعب الادوار التي ستناط بالحزب بالوطن العربي في سياق تفكيك دول وجيوش الوطن العربي وتركيا .في عام 1988 قدمت السي اي اي خطة تقسم بموجبها الجيش التركي لثلاث اقسام وهي الاوراسي ، والكمالي ، والناتوي على ان يتم التخلص من الاوراسي , والكمالي واقتصار الجيش على القسم الناتوي .

في عام 2003 وقع عبدالله غول مع كولن باول على وثيقة تقسيم تركيا لاربعة اقسام وقد نشرت هذه الوثيقة في الصحف التركية , وفي تصريح لها اكدت هيلاري كلينتون تاهيل غول في معهد واشنطن حين كان على مقاعد الدراسة اضافة لساركوزي ، وكرازاي وتوني بلير الخ للعب الادوار ستناط بهم مستقبلا.

وبرغم دور اردوغان الذي لعبه في خدمة المشروع الاميركي الا انه انتقل من صفر مشاكل للغرق في المشاكل في الوقت الذي لا يحظى به بتاييد نصف الشعب التركي وبسبب استدارته باتجاه موسكو وقفت واشنطن خلف الانقلاب الاخير في سياق سعيها لتفكيك ونشر الفوضى الخلاقة في تركيا الوطن العربي , وارمينيا, وكازخستان .لقد تورط اردوغان لقمة راسه في التعاطي مع الارهاب وفشل في انجاز مهامة في سيناريو الشرق الاوسط الجديد وانتهك الدستور التركي عندما رعى الارهاب على الاراضي التركية كما انه بانتظار العديد من الازمات الداخلية والخارجية اضافة لوقوفه حجر عثرة في طريق اقامة الدولة الكردية التي تسعى اميركا لاقامتها في شمال العراق وسورية وجنوب شرق تركيا .

وقد لعب فتح الله غولن الماسوني رجل المحافظين الجدد الاستراتيجي والمقيم ببننسلفانيا برعاية من “ريتشارد بيرت” الذي يتزعم منظمة اسلامية دولية تتغلغل في كافة مفاصل الدولة التركية من ضمن ثلاث منظمات اميركية تعمل لخدمة المصالح الاميركية يقيم زعمائها باميركا هي تنظيم ” مون ” المختص بالبوذيين , وآخر مختص بالمسيحيين , بالاضافة الى تنظيم غولن الاسلامي ، لعب غولن دورا حاسما في الانقلاب فهو يملك امبراطورية تركية موازية و يملك 600 مدرسة وجامعة في كافة انحاء العالم باستثناء سورية , ايران , والصين ومهمته هي تاهيل السياسيين الذين سيصلون الى السلطة من اجل خدمة المصالح الاميركية كل في بلده .

تتخلى اميركا عن اردوغان او تضعفه وتساومه على البقاء لكنها لن تتخلى عن غولن فهو اقل اهمية للمصالح الاميركية من غولن لان ذلك يعني التخلي عن مشروع الاسلام الاميركي السياسي وارث الطريقة النورية التي اسسها سعيد النورسي برعاية بريطانيا المؤسس الفعلي في تركيا وفي الباكستان ، ومصر بزعامة حسن البنا .

لقد اجتاز اردوغان محنة الانقلاب وربح الجولة لكنه خسر تركيا وكل شئ ربما .

*** نشرت المقالة أول مرة على الأردن العربي السبت 3/9/2016 م

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.