القادة العمالقة .. ومكانا تحت الشمس للامة ( 2 من 2 ) / عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود
عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود* ( الأردن ) الثلاثاء 29/1/2018 م …
احياء الجبهة الشرقية في اطار الاستعدادات للمنازلة الكبرى مع اسرائيل ،التي كشف عنها “سيد المقاوم” ؛ مقدمة لاستكمال المرحلة النهائية لمشروع تحرير فلسطين ،مقابل الشريط الاستيطاني العسكري الشرقي للقطاع المزدوج الممتد من بيسان شمالا الى عين جدي جنوبا ،الذي جرى تنفيذه في اطار الخطة الجيو سياسية الاسرائيلية لحكومة رابين منذ العام 1976.ليكون ضمن بنك الاهداف الرئيسية لمحور المقاومة .
ويعتبر قطاع المستعمرات العسكرية .. النسخة المطورة ل” خط بارليف ” على امتداد جبال غور الاردن الغربية ، لاستيعاب مليون مستوطن يهودي عسكري خلال اربعين عاما / 1976- 2016/،لتحقيق عدة اهداف منها ؛منع اقامة كيان فلسطيني، ولمواجهة وصد مجاهدي ” الهلال المقاوم ” في المنازلة الكبرى للتحرير.
ان نجاح “المسار القومي العروبي” لا يتحقق بدون تحرير فلسطين؛ الارض والانسان العربي ،الذي يتلازم مع مشروع الاستنهاض الحضاري للامة ، بعد ان أعادت قيادة ” المحور المقاوم” الصراع العربي – الاسرائيلي لمساره الطبيعي “دورات حروب” ؛ حروب تموز 2006، وتدمير غزه نموذجا. فالاستعداد لمعركة التحرير الكبرى التي اعلنها سيد المقاومة حسن نصر الله ؛ يأتي بعد النصر العظيم لسورية الاسد وحلفائها في الحرب الكونية من سورية وعلى سورية.
الإصرار الفكري العقلاني المتنور والإرادة الحرة والحاذقة والتشبث بالاستقلال السياسي للعرب والفوز الكامل بسيادة الأمة و وحدتها ،التي لا يمكن المساومة عليها باي ثمن حتى يكون لها مكانا تحت الشمس مثل باقي الامم يكون في ظل هذا الجهاد العروبي بالتقدم والتراجع من قبل نمط هؤلاء القادة العظام بدون أسياد لهم في الخارج ، مما يوجب الادراك جيداً أن في الاندماج لهؤلاء القادة اليومي في الصراع السياسي في داخل الأمة وخارجها. حيث لا بد أن تتجنب الامة احد احتمالين ضاغطين، يؤديان حتماً إلى التدمير العضوي الشامل للامة وهما ؛
الأول:- القيام بالمهام الصعبة للمرحلة المقبلة في الشأن العربي السياسي والامن القومي والاستنهاض الحضاري للامة في دولة عملاقة من قبل “قيادة” ينفذ اليها زعيم باسم الانتهازية والوصولية ،بحيث يكون المنفذ اليها في هذا الاسلوب مضللا وانتهازياً ومدمرا في النهاية.
الثاني:- القيام بالمهام الصعبة للمرحلة المقبلة باسم الواقعية للقيام بالمهام السهلة من “قيادي” سيكون عدمياً في الشأن العربي السياسي العام في أفضل الاحتمالات و”عميلا” للقوى الأجنبية المعادية للامة في اسوأ حالاتها ، مسار السادات الاستسلامي نموذجا.
نجد في مرحلة تأريخيه سابقة ؛ كانت أوهام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1969 الى الان، وفي المقدمة قيادة حركة فتح ،في الاصرار على القرار الفلسطيني المستقل ،الذي هو معطوب افتراضيا وتابعا عملياً للنظام الاقليمي العربي، مما زاد الطين بله بعد الانخراط في المسار الاستسلامي لا قامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 في اطار” وعد اوسلو” الكارثة الجديدة التي حلت بعرب فلسطين. فكانت النتيجة الاولية لثقافة التسوية ؛ النجاح المؤقت في تعطيل موضوعين مترابطين في البرنامج الناصري ،هما ؛التحرير والوحدة.
وكما كان لوصول” الاخوان ” قادة التيار الاسلامي في الشرق “الى الحكم في تركيا منذ عام 2002،وفي مصر بلد المنشأ 2012،عن طريق صناديق الاقتراع، وليس عن طريق ثورة اطاحت بالنظام العلماني الاتاتوركي، ولا بنظام حسني مبارك الموالي للغرب المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والمرتبط معها بمذكرة تفاهم وتعاون عسكري منذ عام 1988، والمرتهن لإسرائيل بمعاهدة كامب ديفيد منذ عام 1979، وحتى الان وخروج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني الى الابد ؛ ساهمت في تلوين المشهد السياسي العربي الى صراع مذهبي افتراضي تم تغذيته عبر الفضاء الاعلامي المفتوح .
انهيار “حكم المرشد “في مصر بعد عام من الوصول الى السلطة بثوره شعبية عارمة لأسباب كثيره ومتعددة ،منها موقف الرئيس المصري محمد مرسي من حرب تدمير غزه الثانية 2012 ،الذي لا ينسجم مع الاتفاق الإخوانية غير المعلن مع الادارة الامريكية حول كامب ديفيد. في المقابل أطاله حكم حزب التنمية والعدالة مرتبط ومرهون بالدور والمهمة في مؤامرة الحرب الكونية على سورية ومن سوريه، وبتفاهم مع الادارة الأمريكية على استمرار العلاقات التركية الإسرائيلية بالانضواء في منظومة التحالف الامني الاقليمي، والارتهان الاقتصادي للغرب المتصهين لقيادة المحور المتصهين لمواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي من خلال صراع مذهبي افتراضي بين هلالين ،وهو في الحقيقة بين مساري المقاومة والاستسلام.
فالإسلام السياسي في الوطن العربي لم يفرز قيادي يقوده للثورة لاجتثاث النظام العربي الاقليمي ” جامعة الدول العربية ” فحسب ، بل تحالف معه ووصل الى السلطة عبر صناديق الاقتراع بالتفاهم والتنسيق مع اجهزة الاستخبارات في منظمة التحالف الامني الاقليمي، لأنه مصنعا في الاساس في اطار اتفاق سايكس- بيكو لوظيفة اقليمية لتفتيت الوطن العربي لدويلات طائفية ومذهبية واثنية للقيام بالحروب بالوكالة ” من خلال توظيف الحركات الاسلامية في تنفيذ الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية المشتركة ” سياسة الاحتواء المزدوج ” للانشغال الذاتي لدول الاقليم بذاتها لإدامة المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ، وذلك من خلال الاذرع الاستخبارية في منظومة التخالف الامني الاقليمي” دور داعش نموذجا في تنفيذ تنفيذ الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية المشتركة ” في الشرق .
الخلاصة والاستنتاج ؛
محاولات الولايات المتحدة الامريكية، ومنذ العام 1951، حيث طرحت ولأول مرة مشروع “الشرق الأوسط” الجديد ؛استهدفت تدمير “المشروع النهضوي العربي” في تحطيم “الدولة الوطنية “الاتحادية في سورية ومصر ،واحتلال العراق تدمير حضارته واسقاط نسقه المقاوم وتفتيت سورية وتدمير دولتها ألوطنية، واخراج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي الى الابد ،في اطار مؤامرة تفتيت الجغرافيا العربية وبعثرة تاريخها في الحاضر والمستقبل .
– الدور الغربي المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الامريكية في تدمير المشاريع النهضوية العربية ؛ظاهر للعيان في رعاية مسار الاستسلام في مواجهة المسار المقاوم والممانع ، لابد من مواجهته بذات الادوات والمنهاج .، لان لكل فعل رد فعل مساو له في القوى ومعاكس له في الاتجاه.
– التكامل والانسجام بين الجغرافية السياسية والكتلة السياسية التاريخية” القادة التاريخيين ” في بلاد الشام يكمن اجتماعيا ـ سياسياً في الأهمية الحاسمة لدور النخب السياسية العربية وانخراطها ألفعال في العملية التاريخية والمنجزات المطلوبة منها في كل الحقب المتعاقبة لبناء دولة اتحادية عملاقة في بلاد الشام وارض الرافدين.
– انخراط حزب التنمية والعدالة التركي في مؤامرة الحرب الكونية على سورية ومن سورية لأحياء السلطنة السلجوقية في حكم البلاد العربية باسم المذهب السني ،واستعادة الخلافة الاسلامية في قوس سني افتراضي ،وتكون فيه إسرائيل “شرطي المنطقة” في اطار وظيفة اقليمية لمواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي بقيادة الرئيس المجاهد بشار الاسد.
– النتيجة النهائية للحرب الكونية على سورية ومن سورية ؛ انتهاء دور قيادة الاسلام السياسي من الحياة السياسية العربية للانتقال الى نمط القادة العرب من كتلتها التاريخية” المؤهلة لقيادة نسقها المتجدد العام ،لأحداث نقلة نوعية في ميزان القوى النسبي المحلي لصالح قيام دولة مدنية ديمقراطية عملاقه في بلاد الشام .
– الدولة المدنية الديمقراطية العملاقة ذات المرجعية الدينة الاسلامية ” منهاج ثقافة فن الحياة “، وبقيادة الكتلة التاريخية “ في بلاد الشام من القادة العظام غير الموالين للغرب المتصهين ،هي ؛الانطلاقة المتجددة لولوج الامة العربية الدورة الثالثة في سلم الحضارة الانسانية ، ليكون لها مكانا تحت الشمس بين الامم والشعوب في عالم متعدد الاقطاب والثقافات.
* صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.