في الذكري 39 لانطلاقتها … إيران .. الثورة والدولة ؛ مشروع استنهاض حضاري / عبدالحفيظ ابو قاعود
عبدالحفيظ ابو قاعود* ( الأردن ) الأحد 11/2/2018 م …
إيران “الثورة الاسلامية والدولة المدنية ” في الذكرى 38 لانطلاقتها ؛ تمكنت من تحقيق اختراقات علمية نوعية في مواجهة الاستراتيجية العدوانية المتوحشة، والتي استهدفت حظر المعرفة العلمية على العرب والمسلمين، وذلك من خلال التوجه الى مشروع ” فن الحياة” ، لإيجاد ثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على “الامة والملة” للنفاذ لامتلاك “تكنولوجيا الناتو” وتعميمها، لرسم مستقبل المنطقة والاقليم السياسي والاقتصادي للخروج من دائرة الاستهداف الرأسمالي المتوحش عبر الاتفاق النووي في فيينا والانضمام الى مجموعة الدول الكبرى وامتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر .
ونجد ان الجمهورية الاسلامية الايرانية في أطار “مشروعها الحضاري.. تعلم ” فن الحياة”، انتقلت من الاستبداد الى الدولة المدنية الديمقراطية ذات المرجعية الدينية الالهية يتناوب فيها التياران ؛المحافظ والاصلاحي السلطة سلميا ،
وامتلكت الخيار الاستراتيجي السلاح النووي ، واصبحت قوة اقليمية لها وزنها الدولي ،وتمكنت من إيجاد ثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على المعرفة العلمية المتقدمة ل”الامة والملة” في أطار “مشروعها الحضاري.. تعلم فن الحياة”، ورعاية العلم والعلماء المؤدي الى ولوج الدورة الحضارية الانسانية الثالثة ل”الامة والملة“.
وفي السياق ؛ كما نجد ان إيران في العقد الأول من الالفية الجديدة ، احتلت المرتبة التاسعة عشرة عالمياً في الإسهامات البحثية المنشورة .لأنها مهتمة بالمعرفة الانسانية وعلوم “تكنولوجيا الناتو” المتلازمة مع مشروعها الحضاري “فن الحياة” ،لترسيخ الدولة المدنية الديمقراطية ذات المرجعية الدينية .
فقد تزامن قيام الثورة الاسلامية الايرانية مع توقيع “مصر السادات ” معاهدة كامب ديفيد 1979 بالصلح المنفرد مع إسرائيل ، حيث حصل “التولي ” العربي ليتحقق الاستبدال لقيادة الملة الذي جاءت موجباته في عجز الآية الكريمة رقم 38 من سورة محمد ، لتقود إيران الثورة والدولة الملة الى الاستقلال السياسي والاقتصادي في عالم متعدد الاقطاب والثقافات.
ولقد شنت الحروب الاقليمية والحروب بالوكالة والاحتلالية المباشرة منذ العام 1979، وعلى مدى اربعين عاما الماضية في اطار استراتيجية الاحتواء المزدوج الامريكية لتدمير المشاريع النهضوية في الوطن العربي والعالم الاسلامي ،ولتنفيذ الخطة الجيوسياسية الاسرائيلية التي اعتمدتها حكومة الارهابي اسحق رابين عام 1976،للدخول بعصر” ثقافة التسوية” للمصالحة المكشوفة مع إسرائيل والحماية الامنية الامريكية المباشرة وغير المباشرة والتفاهم مع مملكة ال سعود متلازمة ثلاثية لإبقاء انظمة المنطقة والاقليم في الحاضنة الامريكية.
وهنا يفهم اهداف الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية المشتركة التي جاءت في بنود معاهدة التعاون الاستراتيجي بينهما، التي ابرمت في العام 1988 لشن الحروب المباشرة وبالوكالة في الشرق. لكن هذه الحروب والمؤامرات الامريكية جميعها بات بالفشل في تحقيق الاهداف المرسومة لها ؛ديمومة المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة “الكيان الاسرائيلي “،وضمان استمرارية مصالحها الحيوية في الشرق في القواعد العسكرية الثابتة والمتحركة وتدفق النفط الى اسواقها والاسواق الدولية .
فالاستبدال القومي المشار اليه في الآية 38 من سورة محمد ، هو ؛ استنهاض حضاري لقيادة الملة لدورة ثالثة في الحضارة الانسانية بعد قرون من الجهالة والنكوص الحضاري والوصاية المستبدة باسم الدين الى مرحلة التبعية للمستعمر الأجنبي والاحتلال الاسرائيلي الى الاستقلال السياسي والاقتصادي . فالجمهورية الاسلامية الإيرانية ؛ الثورة والدولة تمكنت من كسر طوق الحصار العلمي الذي فرضه الغرب المتصهين على الامة والملة ، بامتلاكها ناصية العلم والتكنولوجيا المحضورة والسلاح النووي والاستراتيجي الكاسر بالانضمام للنادي النووي العالمي بزمن قياسي ابهر العالم .
وفرضت الادارات الامريكية المتعاقبة على الدول العربية والاسلامية من خارج منظومة التحالف الامني الاقليمي شروطا واملاءات ضمن خيارين لا ثالث لهما هما ؛ المصالحة المكشوفة مع إسرائيل بالانضمام الى هذه المنظومة او مواجهة الحرب التدميرية و”الفوضى الخلاقة” والتفتيت بتغيير الانظمة المقاومة ، والحصار الاقتصادي ؛ سورية والعراق نموذجا. حيث مؤامرة الحروب الكونية لتفتيتهما ،التي مازالت دائرة ومتواصلة عليهما .
لقد آن الأوان التمِّییز بین من جعل من كتاب الله مرجعاً للتفكیر وبین من استخدمه أداة للتكفیر، و الارھاب بالحرق ،وبین المحور المقاوم لتحریر فلسطین “الارض والانسان” ،والمسار الاستسلامي لضیاع الحقوق الوطنیه المشروعه لعرب فلسطین ، وبین مشروع الشرق الاوسط الكبیر لتفتیت البلاد العربیه ،ومشروع التشبیك الاقتصادي والتكوین السیاسي للامه ،لنفھم بعض المؤشرات لخواتیم السیناریوھات الأمیركیه الخائبه في تسخیر الدواعش لتفتیت االبلاد العربیه .
النتیجة الاولیة لفشل المشروع التكفیري الارھابي /الدواعش/في بلاد الشام وارض الرافدین ؛تشیر الى أن الولایات المتحده الامریكیه ، قد استفاقت جزئیاً من سباتھا ، وتَّوجت من دون الاعلان، بان الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة الناھضة ؛صاحبة الولایة على الشرق.
هل الصحیان الأمريكي المتأخر من الغيبوبة يجعلها تذعن للحّق مرغمةً بعد النكسة الكبرى التي منيت بها على بوابات “جلق” ، بفشل مشروع الشرق الأوسط الكبیر ، وفق “إلاسرائیلیات المذھبیة” وعبر سیناریوھات مؤامرة الحروب الاقليمية والاحتلالية بالوكالة والمباشرة منذ هزيمتها في فیتنام ؛ حيث ابتدعت الغرف السوداء المغلقة في واشنطن وتل ابیب تحت عنوان عريض :”إذا كانت الأرض قد جمعت العرب والمسلمين فلیفِّرقھم الدین؛ فكانت مؤامرة الحرب الكونية على سورية ومن سورية لتدمير محور المقاومة العربي الاسلامي ؟!!!.
فاستراتيجية الاحتواء المزدوج الامريكية المعتمدة للقضاء على المشاريع النهضوية الحضارية في البلاد العربية والاسلامية؛ استهدفت تحطيم هذه المشاريع النهضوية بأدواتها الاقليمية واذرعها الاستخبارية ، فكانت الحرب العراقية الايرانية التي استولدت سلسلة حروب خلال الاربعين عاما الماضية ، حيث واجهت ألولایات المتحدة الأمريكية ومعها الغرب المتصھین ؛ إیران الثوره الاسلامیة والدولة المدنية بعدائیة غیر المسبوقة ،واكتشفت في وقت متاخر أنھا المسمار الاخیر في نعش الدكتاتوریات العائلیة في المنطقة والإقلیم.
الخلاصة والاستنتاج ؛
الإسلام كدین شأنه شأن الأدیان السماویة الاخرى ،ھو ؛ واحٌد ولو تعَّددت مذاھبه الفقھیة، لكن الغرب المتصھین استخدم عوائل حاكمة في بلاد العرب المسلمین لتدمیر االمله منذ العام 1747،یوم نشوء الوھابیة على ید محمد بن عبد الوھاب كمذھٍب دیني جدید، ولا مجال للمقارنة بین مذھٍب اقیم على مقاس عوائل حاكمة في الشرق أتت بھا بریطانیا لشرذمة المسلمین في اوطانھم ،وتفتیت بلادھم وبین مشروعیة الثورة الإسلامیة الإیرانیة الشعبیه قامت عام 1979 ضَّد “الشاھنشاھیة” الظالمه المتواطئة مع الغرب المتصھین بقیادة الولایات المتحده الامریكیة .
– ان قّوة إیران جاءت من استقلالیة قرارھا السیاسي والاقتصادي ومشروعھا الحضاري النھضوي،ومن العدالة الإجتماعیة التي ترضي كافة شرائح الأ مة الایرانیة ، مقابل فوضى التخُّبط في دویلات الدواعش المزعومة القائمة على تكفیر الآخر وعلى التشرید والتدمیر والتنكیل والقتل والنحر والثكل والحرق على امتداد الوطن العربي الكبیر.فالجمھوریة الاسلامیة الایرانیة ؛قّوة عملاقة وشَّكلت محور النشاط السیاسي والدیبلوماسي في الإقلیم، ولدیھا من الوعي لكیفیة محاربة الإرهاب دون أن تؤِّجج صراعات مذھبیة تسعى إلیھا بعض الانظمة الخائنة والعمیلة للغرب المتصھین.
– الثورة الاسلامیة الایرانیة في عیدھا الثامن والثلاثین ودولتھا المدنية ،اصبحت تتویجا للولایة على الملة في التكوین السیاسي والتشبیك الاقتصادي كقطب دولي معترف به في دوائر القرار الدولي .لانھا ؛ أضحت عنوان مشروع التكوین السیاسي لمواجھة الامبریالیة وقوى الإستكبار، والإستعمار والھیمنة على القرار الدولي ،وفي مواجھة المشروع التكفیري الارھابي في دول المثلث العربي الحاكمة ،ومحور المقاومة لزوال الكیان الصھیوني في فلسطین المحتلة ،لإعادة صیاغة نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات.
– أصبحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنوانا لإقامة نظام اقتصادي عالمي عادل من خلال مشروع التشبیك الاقتصادي بین مكونات الاقلیم في مرحلته الاولى ،وعلى مستوى العالم في مرحلته الثانیة لإلغاء السیطره والتحكم بثروات الامم والشعوب عبر الشركات متعددة الجنسیات والعابر للقارات ،وانھاء دور المجمع الصناعي الحربي في اشعال الحروب الاقلیمیة و العالمیة ومنظومة التجارة العالمیة واذرعھا .
– ثمانية وثلاثون عاماً من النھضة الواثقة الواعیة بالتفاف الشعب الإیراني حول ثورتھا الاسلامیة وثقتة بحضارتھا وقدراتة العلمیة وخیرات بلاده، لم تحاول الجمھوریة الاسلامیة الایرانیة خلالھا تصدیر ثورتھا وفرِضھا على الآخرین. كما یزعم دعاة ومشایخ المشروع التكفیري الارھابي ، ولا اقتربت من حدود من لم یعتِد علیھا، وواجھت عشرات السنوات من الحصار الاقتصادي الظالم على قوت شعبھا ومستلزمات البناء والتطویر لبنیان كیانھا السیاسي الاقتصادي ، تحت ذریعة بنائھا مفاعلات نوویة والوصول الى مستوى تخصیب الیورانیم لدرجة بلوغ مرحلة إنتاج السلاح النووي، رغم تأكیدات متكِّررة من أعلى مرجعیاتھا االدینیة ، بأن احكام الشریعة الاسلامیة تحرم إنتاج أيٍ من أسلحة الدمار الشامل ، واحتفظت بحقِّھا في إنتاج الطاقة النوویة للأغراض السلمیة والأبحاث العلمیة التي تخِدم تطورھا في نواح الحیاة كافة.
– استمّرت إسرائيل ومعھا الولایات المتحده الامریكیة والغرب المتصھین وعربان النفط بالتحریض على الملف النووي الإیراني، حتى أنتصرت بعلماء الفیزیاء وجھابذة الفكر الواعي العنید بالحق، وخَّصبت ذاتیاً وأنتجت، وانصاعت دول الخمسة زائد واحد، الى موقفھا الصلب في امتلاك السلاح النووي السلمي.
– وفي الاستثناء كانت دمشق وقيادتها المجاهدة ومعها “الوعد الصادق” على العهد خارج التولي لم تلتحق بمسار” السادات” بالاعتراف بيهودية الدولة في فلسطين المحتلة وعدم القبول بالشروط والاملاءات الامريكية الثلاث … فحسب ، بل ارست مرتكزات محور المقاومة العربي الاسلامي ” القوس المقاوم ” بعد تولي شريك حرب اكتوبر/ تشرين الرئيس المصري انور السادات الدبر بقبوله بالشروط الامريكية والدخول في مسار الاعتراف بيهودية الدولة في فلسطين ، وذلك بالتحالف السوري مع الثورة الاسلامية الايرانية وقائدها الامام اية الله الخميني منذ العام 1979.فكانت باكورة نواة هذا التحالف على الصعيد الجهادي؛ حزب الله لتكون سورية الاسد الضلع الاساس للقوس المقاوم وامتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر للتحرير .
· صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.