هل اقتربت الحرب.. “الإقليمية”؟ / محمد خروب

 

محمد خروب ( الأردن ) الثلاثاء 28/4/2015 م …

يبدو السؤال غريباً، بعد ان تجاوز الجميع «ولو نسبياً» قطوع عاصفة الحزم التي وإن أُعلن عن توقفها وتحقيق أهدافها على ما قال الناطق باسم التحالف، إلاّ انها ما تزال مستمرة وإن بوتيرة أقل, محمولة على تراشق إعلامي وتصريحات «يُهيمِن» الحذر على مصطلحاتها واللغة التي تُصاغ بها, على نحو يمنح للطرف الآخر فرصة للرد ولكن بغير تجاوز «الحقل» الاعلامي الى «ساحات» المعارك العسكرية.

لكن السؤال ينبع من حال التصعيد المحسوب والمخطط له على «الجبهات» السورية، والذي يأخذ طابع المغامرة, اكثر مما يمكن نَسْبهُ الى محاولات لتحسين شروط التفاوض او تعديل نسبي في موازين القوى، حتى يمكن الذهاب الى طاولة المفاوضات سواء في منتدى موسكو3 أم في مؤتمر جنيف3 او تلك التشاورية (في جنيف) التي يستعد المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا دعوة كافة الاطراف السورية والاقليمية (بما فيها ايران) للمشاركة فيها تمهيداً لبلورة خطة جديدة يمكن ان تنهض على اقتراحه الذي لم ينفذ وهو وقف «تجميد» إطلاق النار في حلب، حيث «ضُيِعَت» هذه الخطة بين مناورات العواصم الاقليمية وخصوصاً بين جماعات المُسلّحين الذين أرادوا أن يُحبِطوا محاولات الجيش السوري تطويق المدينة فطرحوا «وقفاً للنار» في حلب وريفها, وهو ما رفضته دمشق، ليذهب دي ميستورا وخطته الى «حبل» التأجيل.

ليس صدفة ان تسقط مدينة جسر الشغور مباشرة بعد نجاح الجماعات المسلحة التي لا يجمع بينها جامع سوى المرجعية التركية وبعض العرب, في السيطرة على مدينة ادلب، بعد ان تدفقوا في شكل منظم ومخطط له ومبرمج ووفق تسليح ثقيل ودعم لوجستي واستخباري مُتقدم ومُحدَّثْ الى المدينة (إدلب) مباشرة من الحدود التركية يرشح انهم يخضعون لأوامر غرفة عمليات في مدينة انطاكية المجاورة (لواء اسكندرون) تحت مسمى مؤقت وظرفي اسمه «جيش الفتح» كخليط من المسلّحين والمجموعات الارهابية معظمهم من الاجانب واكثريتهم (وهو ما اظهرته الصور والفيديوهات التي نشروها هم انفسهم) من الشيشان والخليجيين في أعداد وصلت الى اكثر من اثني عشر الف مسلح, وهو رقم لم يتوفر عليه اي فصيل او مجموعة مسلحة منذ بدء الحرب العالمية الراهنة على سوريا الدولة والموقع والشعب والتاريخ.

واذا كان لأدلب ان تسقط تحت ضغط هذا العدد المهول من الارهابيين الذين عاثوا في المدينة فساداً وقتلاً وتخريباً وهدماً، في مسعى لأقطاب الحلف الداعم لهؤلاء الارهابيين لرسم خريطة جديدة في شمال سوريا بعد ان فشلت او اقتربت من الفشل، خطة تهديد العاصمة دمشق من الجنوب وخصوصاً اثر سقوط بُصرى الشام وبعض القرى الاخرى القريبة من المثلث الاستراتيجي ريف دمشق-درعا-القنيطرة، فإن التهديد الاستراتيجي الذي يُشكّله سقوط جسر الشغور، لا يمكن ان يبقى بلا رد يتناسب مع حجم «الطموح» الذي يداعب اذهان الحلف الداعم لهؤلاء الارهابيين، الامر الذي يصعب القول ازاءه، أن الانتظار سيطول أو سيتأخر, الى حين وصول القذائف وربما محاولات الاقتحام, الى تخوم مدينة اللاذقية.. أو داخلها، الامر الذي يعني-اذا ما تم-ان خللاً خطيراً يوشك أن يحدث, أو أن قراراً في هذا الصدد قد تم اتخاذه وهو قيد التنفيذ، يضيء الانوار الحمراء في عواصم «المحور» الداعم لدمشق, والذي لا يمكن ان يُسلّم بتطور كهذا، ما بالك اذا ما تمت ترجمة الاحلام (إقرأ الاوهام) هذه، الى حقائق ميدانية وهو-اي المحور الداعم لدمشق-لم يسمح، بل هدد علناً ان حرباً اقليمية ستندلع اذا ما تدخلت تركيا في شمال سوريا وخصوصاً عندما نجح داعش في دخول مدينة عين العرب (كوباني) ثم بدأت انقرة حشد قواتها على الحدود في استعراض واضح للقوة وبعد ترحيبها المُعلَن بوجود داعش في المعبر الحدودي المحاذي لها وان كانت «الجيرة» هذه لم تدم طويلاً..

بقاء جسر الشغور تحت هيمنة العصابات المسلحة، يعني ان امكانية الانزلاق الى مواجهة اقليمية ماثلة ومحتملة وستكون مؤكدة اذا ما صمدت هذه الجماعات امام هجمات سلاح الجو السوري والحشد العسكري المتعاظم الذي بدأ لاستعادة السيطرة عليها ومطاردة المسلحين الى ما بعد ادلب وخصوصاً أن خطوط امدادات الجيش السوري الى حلب وحماة وريف المدينتين، مهدد بالانقطاع وحتى الزوال، في حال تكرس وجود المُسلّحين، ما بالك اذا ما نجحوا في اعلان امارة إدلب «الاسلامية» بقيادة تنظيم القاعدة (جبهة النصرة المُصنّفة ارهابية في واشنطن) ومشاركة من الجبهة الاسلامية لصاحبها زهران علوش, الذي يحل ضيفاً عزيزاً ومكرماً على الحكومة التركية، والتي يرشح انها قد اعتمدته مناضلاً من اجل حرية الشعب السوري (..)؟

الانتظار لن يطول لمعرفة مسارات وسيرورة الاحداث الخطيرة المتلاحقة في الشمال السوري, وخصوصاً عند سقوط رهان الذين يعتقدون ان طهران (اضف موسكو) لن تغامر بانهيار تفاهم لوزان الاطاري, والاتفاق النهائي المتوقع نهاية حزيران القريب من اجل عيون الساحل السوري واللاذقية وحتى النظام السوري نفسه

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.