تعقيبا على مقالة د. بثينة شعبان

د. فايز رشيد ( الأحد ) 11/2/2018 م …




” إن عهد التميمي وكريستين أختان في الصمود ضدّ أذرعة إرهابية وحشية لا تقيمُ لحياة الإنسان وزناً, وقد برهنت كريستين وعهد أن هذا الإرهاب الذي يضرب فلسطين وسورية والعراق وغيرها ليس منفلتاً من عقاله, كما يدّعون, وليس ظاهرة عشوائية عجز العالم عن تفسيرها أو لجم جموحها ,بل هو إرهاب منظم, يحرص القائمون عليه على استمراره وتطويره.”
ــــــــــــــــ
دمعت عيناي وأنا أقرأ مقالة بعنوان “زيارة” للدكتورة بثينة شعبان, التي نشرتها على موقع إلكتروني سوري, وفحواها أنها قامت بزيارة إلى المستشفى الفرنسي في دمشق. لفد نقلت من خلال زيارتها معاناة الأطفال السوريين من قذائف الإرهابيين التي أودت بحياة الآلاف منهم. كتبت عن مأساة ووفاة الطفل إلياس الذي را وح طويلا بين الموت والحياة, متساءلة “ماذا فعل هذا الطفل الجميل البريء كي يستحقّ منهم هذه الجريمة المنكرة؟” كانت الأم غير مصدقة لما آل إليه مصير ابنها. كانت تناديه … لماذا يا إلياس تريد النوم في البراد؟ ألم تعد تريد انتظار بابا نويل؟ وأوردت الكاتبة مأساة الطفلة كريستين التي بترت ساقها نتيجة القذائف التي سقطت على منطقة باب توما. كثيرة هي الحالات الإنسانية التي كتبت عنها بثينة شعبان, وهي أيضا تقول مستنكرة ومستغربة : “كنت أرى كل هذه الحالات الإنسانية المؤلمة, وأفكّر بكلّ هؤلاء الذين يتاجرون بالدم السوري, والذين ينافقون بحرصهم على حياة الشعب السوري, وحريته, وهم يموّلون ويسلّحون ويحرّضون الإرهاب ليفتك بحياة الناس الأبرياء”.
أما بالنسبة للغزو التركي إلى الأراضي السورية, فتقول: ها هو أردوغان الذي ما فتئ يرسل الإرهابيين إلى أرضنا البريئة منذ اليوم الأول من هذه الحرب, وها هو يعتمد على فلول الإرهابيين في غزوه العسكري لتراب سورية المقدّس بذرائع وحجج واهية, وها هي واشنطن تلملم ما تبقّى من إرهابيين في الشمال الشرقي من سورية, وتقدّم لهم الرواتب والوظائف كي يشكّلوا جيش الحدود الذي أعلنت عنه منذ فترة, وهؤلاء في الوقت ذاته يرسلون مندوبيهم إلى منصّات الأمم المتحدة ليتحدثوا عن الحرية وحقوق الإنسان,على حين هم ينزلون أشدّ أنواع الويلات بعائلات بريئة تعيش على أرض الآباء والأجداد, ولا تبغي من الحياة شيئاً ,سوى الاستمرار بعيش وسلام بين أهليها وعلى الأرض التي تعشق على مدى الدهر. ماذا يقول الإنسان لأمّ فقدت طفلها الوحيد نتيجة إجرام عبثي مجنون مدعوم من قوى منافقة تدّعي الحرص على البشر وحريّتهم وحقوقهم؟ وكيف أعبّر عمّا يجول في خاطري لأهل احتاروا بين الحزن والفجيعة من جهة, وبين الرغبة في مساندة ابنتهم في محنتها الكارثية من جهة أخرى؟.
من زاوية أخرى, وبشكل إنساني جميل تربط الكاتبة بين معاناة الأطفال السوريين والأطفال الفلسطينيين ,التي تتقصد سلطات الاحتلال الصهيوني السوبر فاشي قتلهم, أو إصاباتهم بعاهات دائمة تكون أشد فتكا من القتل, كما دعا حاخامات مجمع “هسندرين” في فتواهم المشهورة. تربط الكاتبة بين الطفلة كريستين السورية وبين الطفلة الفلسطينية عهد التميمي قائلة: لقد مستُ انكسار عشرات القلوب من الوالدين إلى الأقارب والأصدقاء والجيران والمحبّين، فماذا زرعتم في سورية سوى الألم والحرقة والدموع؟ وإذا كانت كريستين غائبة عن أنظاركم, ألا ترون الطفلة عهد التميمي التي خطفها الإرهاب الصهيوني من سريرها وزجّ بها في غياهب السجون فقط لأنها تقاوم احتلالاً بغيضاً وترفع صوتها لتقول كلمة حقّ في وجه مستعمر إرهابيّ حاقد وعنصري. إن عهد التميمي وكريستين أختان في الصمود ضدّ أذرعة إرهابية وحشية لا تقيمُ لحياة الإنسان وزناً, وقد برهنت كريستين وعهد أن هذا الإرهاب الذي يضرب فلسطين وسورية والعراق وغيرها ليس منفلتاً من عقاله, كما يدّعون, وليس ظاهرة عشوائية عجز العالم عن تفسيرها أو لجم جموحها ,بل هو إرهاب منظم,يحرص القائمون عليه على استمراره وتطويره.
للعلم إن ضباطا إسرائيليين يتواجدون في المناطق التي يحكمها الإرهابيون الأصوليون في سوريا, وبالطبع ومن لف لفهم, كما يحضر مندوبوهم مؤتمرات العدو الصهيوني الاستراتيجية ويشيدون بـ “ديموقراطية إسرائيل” صديقتهم الحميمة, ويعالجون جرحاهم في مستشفيات دولة الكيان. نعم, لقد ساوم أحد زعمائهم وهو المدعو كمال اللبواني بإهداء هضبة الجولان السورية إلى الكيان الصهيوني, مقابل وقوفه المباشر مع ما تسمى بـ “المعارضة” لإسقاط النظام السوري. كان من الطبيعي أن يقاطع هؤلاء مؤتمر سوتشي, بأوامر من أسيادهم في واشنطن وتل أبيب واستانبول والبعض من العواصم العربية, لأن كافة هذه الأطراف لا تريد إنهاء المعاناة السورية, إنهم مع استمرار الصراع لتمزيق سوريا على طريق تقسيمها, واستمرار تواجد أطرافهم الاستعمارية على أراضيها. نعم, خاب ظنهم , سوريا وحلفاؤها سيفشلون المؤامرة , وسينهزم المعتدون وعملاؤهم الصغار وتابعوهم, وسينسحب الغزاة يجرون أذيال الهزيمة والخيبة, وسيحملون أسلحتهم على كواهلهم ويرحلون.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.