سيناء: بدو الترابين في مواجهة «داعش»

 

الأردن العربي – السفير ( الثلاثاء ) 28/4/2015 م …

يبدو أن الحرب على الإرهاب في سيناء قد بدأت تدخل منحى جديداً، في ظل دخول القبائل البدوية دائرة الحرب ضد الجماعات التكفيرية، لتصبح طرفاً رئيساً فى الصراع المستمر منذ أربع سنوات.

وبعد الحديث عن تنسيق بين عدد من القبائل والجيش المصري لمواجهة الجماعات الإرهابية، وفي خطوة قد تدخل المنطقة الحدودية الملتهبة في مرحلة من الاقتتال القبلي والصراعات المسلحة، هاجمت قبيلة الترابين، وهي أكبر القبائل البدوية في شمال سيناء، مواقع لتجمعات «ولاية سيناء» التابعة لـ «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ردا على قيام التنظيم المتشدد، في مطلع الاسبوع الماضي، بقتل أحد أبناء القبيلة، ويدعى عبد الباسط الجلادين، بعد رفضه توزيع بيان لـ «داعش» داخل القبيلة، ومن ثم ذبح فتى يبلغ من العمر 16 عاماً، وتفجير منزل أحد رجال الأعمال من أبناء القبيلة بعد سرقة سيارته.

وفي تحدّ إضافي للقبيلة السيناوية، قامت عناصر من تنظيم «داعش» بعد كل ذلك باستعراض قوتها في قرية البرث في جنوب رفح، التابعة للترابين، حيث تم توزيع بيانات على الأهالي تدعوهم إلى وقف التعامل مع الجيش المصري، وتحذرهم بقطع رقاب كل من يثبت تورطه في التعاون مع أجهزة الامن المصرية.

ونشر تنظيم «داعش»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً للاستعراض العسكري، الأمر الذي استفز قبيلة الترابين، التي ردت بإصدار بيان شديد اللهجة، توعدت فيه بالثأر من التكفيريين، وطالبت كل القبائل السيناوية بالتكاتف لمواجهة إجرام الجماعات المسلحة.

ويوم امس، استقلت مجموعات من قبيلة الترابين عدداً من السيارات ذات الدفع الرباعي، وتوجهت الى مراكز تابعة لتنظيم «ولاية سيناء»، حيث قامت بمهاجمتها.

وقالت مصادر في قبيلة الترابين لـ «السفير» ان «القبيلة ليست في صراع مع أحد في شمال سيناء، ولكن ما قامت به (ولاية سيناء) استوجب الرد، ثأراً لكرامة القبيلة».

وأشارت الى ان «اجتماعاً عقد ليلاً (امس) في القاهرة بين قيادات من قبائل سيناء، وقيادات من الجيش للتنسيق بين الطرفين لمحاربة الجماعات الإرهابية في سيناء».

من جهته، أصدر رجل الأعمال ابراهيم العرجاني، وهو أحد رموز قبيلة الترابين، والذي تم تفجير منزله وسرقة سيارته، بيانا حمل عنوان «رسالة الى أنصار بيت المقدس» (داعش)، جاء فيه «لقد تماديتم في الغي والعدوان، وتلوثت أيديكم بالدماء البريئة، وانتهكتم الحرمات، وتخطيتم كل الخطوط الحمراء، وتدثرتم بعباءة الدين وهو منكم براء، وقد صبرنا حتى أقمنا عليكم الحجة بالعرف والعقل والنقل والشريعة، وأشهدنا عليكم القاصي والداني حتى برئنا من دمائكم وأرواحكم».

وأضاف «نعلنها أن نحوركم حلال لنا، وقلوبكم سواده لرصاصتنا وأجسادكم سنسكنها التراب بإذن الله ونحن على الحق المبين. وليعلم الجميع أننا أهل سلم لمن سالمنا، وحرب لمن حاربنا، ولم نترك باباً للخير إلا وطرقناه، ولا سبيل لحفظ الدماء إلا وقصدناه، حتى تقطعت الأسباب، وآن أوان الذود عن النفس والعرض والمال».

وختم قائلاً: «فلا تلوموا إلا أنفسكم إذ احتدمت المعركة وحمى الوطيس».

من جهته، قال الناشط السيناوي سعيد اعتيق لـ «السفير» إن «الخطوة التي قام بها تنظيم (ولاية سيناء)، كان الهدف منها إيصال رسالة مفادها، أنهم ما زالوا يتمتعون بالقوة»، مشيرا إلى أن التنظيم التكفيري «أوشك على السقوط»، وان «ما قام به هو بمثابة رقصة الموت».

وأضاف اعتيق أن أحداً من أبناء سيناء لن يستطيع الدخول في صراع مسلح مع تنظيم «داعش» أو أي من التنظيمات الإرهابية في شبه الجزيرة المصرية من دون التنسيق المباشر مع القوات المسلحة. وأضاف «اذا كانت الدولة المصرية تريد القضاء على التنظيمات الجهادية في سيناء، فعليها التنسيق والاستعانة بأبناء القبائل، علماً أنهم يفضلون التعامل مع الجيش».

ورأى اعتيق انه «إذا حدث تنسيق بين القوات المسلحة والقبائل البدوية في سيناء لمواجهة تلك الجماعات الإرهابية، يجب على الدولة أن تعلن ذلك للرأي العام المصري، لا ان يبقى الامر في الخفاء، كما انه لا يجوز أن يتم التنسيق مع قبيلة دون الأخرى، حفاظاً على الوحدة بين أهالي سيناء»،

وأوضح «على سبيل المثال، فإنّ منطقة الشيخ زويد تابعة لقبيلة السواركة لا قبيلة الترابين، وبالتالي فإن القبيلة الاولى لن تسمح بأن يتم الاعتداء بالسلاح على أراضيها من قبيلة أخرى».

من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء حمدي بخيت، في حديث الى «السفير»، إن «ما قامت به قبيلة الترابين أمر إيجابي، ويصب في مصلحة الأمن القومي لمصر»، مشيراً إلى أن «القبائل تتحمل أدوارا مهمة ومسؤوليات كبيرة تجاه مجتمعها بالتصدي لتلك التنظيمات المسلحة».

وحذر بخيت من ان «أي دخول للقبائل على خط المواجهة، من دون سيطرة كاملة من قبل الدولة المصرية، سيؤثر سلباً على الاوضاع في سيناء، بحيث تتحول المنطقة إلى صراع قبلي واقتتال أهلي تصعب السيطرة عليه».

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.