عندما تشعر انه وطنك.. بقلم خالد الناهي
عندما تشعر انه وطنك
خالد الناهي
عمان 12 شباط 2018 ، الأردن العربي
عندما نقرأ عن الغجر او البدو الرحل، نعرف انهم لا يرتبطون بشيء اسمه الوطن، فأكبر رابطه لهم واقواها، تكون في البيت، وفي اقصى حد المجموعة التي يعيش معها، لذلك نجد من السهل جداً عليه، ان يترك مكان عاش فيه بضعة اشهر او سنوات معدودة ليذهب الى مكان اخر.
والسبب ان رابط الأرض والوطن مفقود وليس له قيمة تذكر ضمن تفكيره، وان اهم رابط لديه هو الرابط المادي سواء كان اموال او ثروة حيوانية، المهم انه ليس اصل من الأصول الثابتة، التي تقيد حركته، ونشاطه في البحث عن المزيد من الثروة.
هذه الصفات الغجرية او البدوية، كان من المفروض ان تزول بسبب التطور التكنلوجي، والحياة المدنية التي اخذت تدب من اقصى الأرض الى اقصاها.
وبالفعل اخذت هذه المسميات تختفي، ولا نكاد نسمع بها، الا ان حاولنا ان نقرأ عنهم او نقوم بأجراء بحث عنهم طلب منا.
لكن ما لم يلاحظه الكثير منا، ان ما اختفى فقط المسمى، اما الطباع فنراها تنتشر وتتجذر في مجتمعنا العربي بصورة عامة.
فلا تجد الا القله القليلة من مجتمعنا ينجذب الى وطنه، انما تجد الجاذب الأكبر هو النفع
المادي الشخصي، سواء كان هذا النفع فئوي، طبقي او حتى مهني
فعلى سبيل المثال نجد ان الحاصل على شهادة القانون في البرلمان، سعى سعيه من اجل الحصول على امتياز يميزه عن غيره، والمهندس البرلماني اضاف مخصص له ، وهكذا الطبيب وباقي الفئات.
اما على المستوى الحزبي، اصبح هم الحزب الأول والأخير هو ارضاء تنظيماته وكوادره فقط، وكذلك على مستوى العشيرة وقد وصلت هذه الفئوية الى مستوى الأسر، وتركوا اهم رابط يجمعهمم و هو رابط الوطن.
ربما يكون سبب فقدان المجتمع لوطنيته، هو عدم شعور المواطن بالأمان، وعدم ثقته بمن يمسك بزمام الأمور، ليس في المرحلة الحالية فقط، انما منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921، فجميع الحكومات التي تعاقبت على العراق جاءت عن طريق الدم تقريباً، وحتى فترة حكم عبدالكريم قاسم، التي يتغنى بها كثير من الشعب .
لذلك ان اردت ان تصنع مجتمع صالح، يجب عليك اولاً ان تُشعر هذا المجتمع بالأمان، ومن ثم اجعل منه يشعر بأنتماءه من خلال تشريع القوانين التي تسن للمواطن بصورة عامة، وليس لفئه دون اخرى، وكذلك من خلال اشعار المواطن انه يمتلك هذه الأرض من خلال تسهيل امتلاكه للأرض بأسعار زهيدة او رمزية، فأن اعطيت مواطن ارض يسكن فيها، تكون قد غرست جدوره في هذه الأرض، تماماً كمن يغرس نخلة في ارض صالحة، ما ان تتشبث جذورها في الأرض، حتى يصبح اقتلاعها امر صعب جداً، وسرعان ما تعطيك الثمر وتنجب لك فسائل نخل صالحة من نفس فئتها.
اذن قبل ان نطلب من الشعب ان يخلص لوطنه، يجب علينا اشعاره بأنه وطنه اولاً.
التعليقات مغلقة.