تحليل حول التغييرات الدراماتيكية الأخيرة في السعودية

 

الأردن العربي – عمون ( الخميس ) 30/4/2015 م …

عين الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية الأربعاء ابن شقيقه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية وليا للعهد وعين ابنه الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد وأبقاه وزيرا للدفاع في تعديل واسع النطاق في النخبة الحاكمة في المملكة في أوقات اضطراب لم يسبقها مثيل تقريبا في المنطقة.

وبتعيينه الأمير محمد بن نايف (55 عاما) وليا للعهد والأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد (30 عاما) حدد العاهل السعودي مسار ولاية العرش في المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم لعقود قادمة وعزز فرع أسرته في الحكم.

وقال التلفزيون السعودي فجر اليوم الأربعاء إن الملك سلمان أعفى أخاه غير الشقيق الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس الوزراء.

وتتركز كل السلطات تقريبا في عهد الملك سليمان الآن في أيدي الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان اللذين يرأس كل منهما لجانا تشرف على كل القضايا الأمنية والاقتصادية في المملكة وقادا حملة القصف الجوي في اليمن التي تقودها الرياض.

ويعزز التغيير أيضا العلاقات مع الولايات المتحدة. ويقول دبلوماسيون إن الأمير محمد بن نايف الذي يخلف الأمير مقرن في منصب ولي العهد يتمتع بعلاقات شخصية خاصة مع المسؤولين الأمريكيين قد تفوق اي فرد آخر في الأسرة الحاكمة. وكان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله قد اختار الأمير مقرن وليا للعهد قبل وفاته في يناير كانون الثاني الماضي.

وقال الملك سلمان ان قرار إعفاء أخيه غير الشقيق الأمير مقرن وتعيين الأمير محمد بن نايف خلفه وليا للعهد وتعيين ابنه وليا لولي العهد جاء بموافقة غالبية أعضاء هيئة البيعة.

والأمير محمد بن نايف من أفراد الفرع السديري من الأسرة المالكة الذي ينتمي إليه الملك سلمان ويشمل العاهل الحالي وأخلاف أشقائه الستة وليس اخلاف عشرات من أخوته غير الأشقاء ومنهم سلفه الملك عبد الله الذي توفي في يناير كانون الثاني.

وفي استعراض للتأييد عرض التلفزيون السعودي الحكومي لقطات لأفراد الأسرة المالكة ومنهم الأمير مقرن وهم يتوافدون على قصر الحكم لمبايعة ولي العهد الجديد ووليه.

وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تشعر بارتياح لتصعيد وجوه شابة على سلم الحكم في السعودية وترقية الجبير إلى منصب وزير الخارجية لكنها لا تزال تعكف عن تقييم التعديلات ولا سيما زيادة نفوذ الفرع السديري.

وقال المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه “يعرف الكثيرون الجبير. إنه شخصية واسعة الفهم والمعرفة.”

واضاف قوله “أبناء الفرع السديري هم الذين قوي نفوذهم في هذا التعديل. ولكن لا نعرف ما سيفضي إليه ذلك وكيف سيكون رد فعل (الآخرين من الفروع الأخرى في الأسرة السعودية المالكة).”

وفي تغيير كبير آخر أعفى العاهل السعودي وزير الخارجية المخضرم الأمير سعود الفيصل من منصبه الذي يشغله منذ أكتوبر تشرين الأول عام 1975 وعين عادل الجبير سفير السعودية لدى الولايات المتحدة وزيرا للخارجية وهو أول شخص من خارج الأسرة الحاكمة يشغل هذا المنصب.

وفي مرسوم نشرته وسائل الإعلام الرسمية قال الملك سلمان انه يسير على خطى سلفه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في اختيار المرشحين الأنسب لشغل المناصب العليا في المملكة.

وعين الملك سلمان -الذي تولى عرش السعودية عقب وفاة الملك عبد الله في 23 من يناير كانون الثاني- وزير العمل السابق عادل الفقيه في منصب وزير الاقتصاد ومفرج الحقباني وزيرا جديدا للعمل.

وعين أيضا حمد السويلم رئيسا للديوان الملكي ليحل محل الأمير محمد بن سلمان بينما عين خالد الفالح وزيرا للصحة ورئيسا لمجلس إدارة شركة أرامكو السعودية.

وولي العهد الجديد يشغل منصب وزير الداخلية منذ عام 2012 وقاد قوات الأمن في المملكة لعشر سنوات قبل ذلك وهي فترة قمع خلالها حملة لتنظيم القاعدة في السعودية وعزز الروابط مع الولايات المتحدة.

وتجيء هذه التغييرات واسعة النطاق في وقت اضطرابات لم يسبقها مثيل تشهدها المنطقة مع محاولة السعودية اجتياز المشهد الفوضوي الذي أعقب انتفاضات الربيع العربي وتخلت عن عقود من الدبلوماسية الهادئة بقيادتها الحملة العسكرية في اليمن.

والتحرك الجديد في اليمن الذي يربط كثيرون بينه وبين الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان يراه كثير من المحللين انعكاسا لنهج أكثر قوة للسياسة الخارجية السعودية تحت قيادة الملك سلمان وفريقه الذين عملوا لبناء تحالف من الحلفاء السنة في مواجهة إيران.

وتبدو الرياض على نحو متزايد عازمة على التصدي لحلفاء طهران ومنهم سوريا حيث حققت قوات المعارضة المسلحة المدعومة من السعودية والمناهضة للرئيس بشار الأسد مكاسب في الآونة الأخيرة.

وقال مصطفى العاني المحلل الأمني العراقي الذي تربطه علاقات وثيقة بوزارة الداخلية في المملكة “أعتقد أننا سنشهد سياسة أكثرة قوة ووتيرة أسرع في صنع القرار وتفكيرا أطول أجلا. سنشهد قيادة لا تتردد في خوض أي مواجهة.”

وجاء ذلك بعد عشر سنوات يرى كثير من السعوديين انها شهدت تصاعدا لنفوذ إيران في الشرق الأوسط اقترن بمخاوف أن الولايات المتحدة -وهي منذ وقت طويل ضامن أمن الرياض- تميل على نحو مطرد لعد التدخل.

وقد يساعد تعيين الأمير محمد بن نايف الذي تربطه بالمؤسسة الأمريكية علاقات أوثق من أي أمير آخر على تبديد مثل هذه المخاوف إلى جانب تعيين الجبير الذي تربطه أيضا علاقات وثيقة بشخصيات بارزة في واشنطن.

وكان صعود تنظيم الدولة في العراق وسوريا خلق أيضا مخاطر أمنية في الداخل منها هجمات في الآونة الأخيرة على الشرطة والأقلية الشيعية. وتلقي الرياض باللوم على تدخل إيران في بلدان عربية في تزايد الفوضى السياسية التي يمكن أن ينمو فيها تنظيم الدولة الإسلامية لكن طهران تقول إن السبب هو التدخل السعودي في المنطقة.

وتواجه السعودية تحديات داخلية طال أمدها منها مشكلة بطالة راسخة في صفوف الشباب وإنفاق حكومي يصعب الإبقاء عليه وتوتر بين ذوي الاتجاهات المحافظة وأولئك الليبراليين الأكثر ميلا للغرب.

وشمل التعديل أيضا القطاع النفطي الشديد الأثر على الأسواق المالية نظرا لأن السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ولها دور مهيمن على إمدادات المعروض العالمية.

وفي بيان اليوم الأربعاء وصفت شركة أرامكو النفطية الحكومية رئيسها خالد الفالح بأنه الرئيس والرئيس التنفيذي السابق وأنه أيضا رئيس مجلس إدارتها مؤكدة فيما يبدو تقريرا أوردته قناة العربية الفضائية في وقت سابق.

وتضمن المرسوم الملكي الذي صدر اليوم الأربعاء تعيين الفالح وزيرا جديدا للصحة. ولم يتم تعين رئيس تنفيذي جديد أرامكو لكن محللين قالوا إنه من غير المحتمل أن تتغير السياسة النفطية للمملكة.

وقال كليمنت هنري الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية “لا أرى أنه كان هناك أي اختلاف بشأن فكرة الإبقاء على الإنتاج مرتفعا والحفاظ على حصة البلاد في السوق.”

الحرس الجديد

والأمير محمد بن نايف شخصية معروفة في الداخل وفي الغرب لدوره في القضاء على حملة القاعدة وقيادة السياسة السعودية في سوريا لكن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد الجديد فهو نسبيا أقل شهرة وقد صعد نجمه بسرعة بين نخبة الأسرة الحاكمة.

وقبل أربعة أشهر وستة أيام فقط كان يتولى رئاسة ديوان والده ولم يكن معروفا على نطاق واسع في الداخل وعلاقاته محدودة نسبيا مع شركاء المملكة في الخارج.

ومنذ ذلك الحين أصبح بعد تعيينه وزيرا للدفاع أبرز وجه في حملة الرياض هذا الشهر في اليمن وتكاد صورته لا تختفي من شاشات التلفزيون أو لافتات الشوارع ورسخ وضعه كشخصية محورية بعد أن أصبح الثالث في ولاية العرش في المملكة.

وقال العاني “محمد بن سلمان يمكن أن يلمع نجمه في هذا المنصب تحت إشراف محمد بن نايف.”

وامتدح مسؤولون أمريكيون في أحاديثهم الخاصة التي سربها موقع ويكيليكس الأمير محمد بن نايف لدوره في القضاء على جناح القاعدة في المملكة قبل عشر سنوات والعمل معهم ضد المتشددين في اليمن وأماكن أخرى.

ويعني إعفاء الأمير مقرن -الأخ الأصغر غير الشقيق للملك سلمان- من ولاية العهد ان العاهل الحالي سيكون آخر ملك من أبناء العاهل الراحل الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة. وجاء الملك سلمان بعد خمسة ملوك من اخوته.

وينهي هذا أيضا المخاوف بشأن تولي الحكم ملوك كبار السن بعد أن خلف الملك سلمان الذي بلغ الثمانين هذا العام الملك عبد الله البالغ من العمر 90 عاما.

وقال جمال خاشقجي المدير العام لقناة العرب الإخبارية التلفزيونية “لا نريد أن يحكم السعودية قائد تلو الآخر معتل الصحة.”

وتعزز هذه الخطوة فرع سلمان في الاسرة الحاكمة. فالابن الوحيد للملك الراحل عبد الله الذي لا يزال يشغل منصبا رفيعا هو الأمير متعب وزير الحرس الوطني الذي احتفظ بمنصبه

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.