ملف خاص حول التغييرات الأخيرة في السعودية

 
 
فؤاد إبراهيم ( الأخبار اللبنانية ) الخميس 30/4/2015 م …

* سلمان دخل مع الأميركي في ترتيبات السلطة وتقوم على انتقاء أشخاص مقرّبين من واشنطن مقابل تعيين ابنه ولياً لولي العهد (أ ف ب)

«انقلاب الفجر»، هي التسمية الأكثر دقة لسلسلة الأوامر الملكية، الثالثة من نوعها في عهد الملك سلمان. أطاحت مقرن، وجعلت محمد بن نايف ولياً للعهد، ووضعت محمد بن سلمان على سكّة المُلك. كانت أشبه برصاصة الرحمة على ما بقي من إرث الملك الراحل عبد الله، وتطرح تساؤلات عن مصير ابنه متعب. تعبير عن صراع يعتمل داخل الأسرة الحاكمة، وتعكس شخصنة للسلطة التي باتت في عهدة «الصبية»

أجهز الملك سلمان أمس على ما تبقى من تركة سلفه عبدالله، بإعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد، بعدما كان الضمانة الوحيدة لوصول الأمير متعب بن عبدالله، وزير الحرس الوطني، إلى العرش… وبذلك تصبح المملكة السعودية خاضعة بالكامل لسلمان وابنه محمد، وزير الدفاع وولي ولي العهد ورئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية، وابن شقيقه محمد بن نايف، ولي العهد ووزير الداخلية ورئيس لجنة الشؤون السياسية والأمنية.

 

 
 

قاد الفيصل سياسة أدت إلى إمساك السعودية بزمام القرارات العربية (أ ف ب)

بحكم الموقع على رأس وزارة الخارجية، يفتح “تنحّي” سعود الفيصل الباب أمام محاكمة تاريخ الدبلوماسية السعودية في “عهده”. أربعون عاماً تبدّل خلالها المشهد العربي، واختطفت السعودية قضايا عربية وشاركت في صياغة حكم دول، ودخل الأميركيون إلى الخليج… سنوات انتهت بمساهمة سعود الفيصل في تفتيت مجتمعات ومحاولة تنحية عواصم

لا تُخصتر فترة أربعين عاماً قضاها سعود الفيصل على رأس وزارة الخارجية بعرض المواقف الديبلوماسية حيال عدد من الأزمات التي شهدتها المنطقة العربية، بل الأدعى الوقوف على واقع المنطقة العربية في يوم تنحّي “أقدم وزير خارجية عربي”.
وتكمن أهمية الطرح لجهة وضوح الرابط بين السياسة الخارجية السعودية وسعود الفيصل (المولود عام 1940) الذي راكم نفوذه في بلاده وفي العالم العربي بشكل سمح له بالتأثير المباشر في الأحداث وفي تحديد السياسات. وفي تقرير نشرته وكالة “رويترز”، أمس، نقلت عن دبلوماسيين في الرياض قولهم إنّ “السياسة الخارجية السعودية مثل جهاز الضوء الكاشف، قادرة على التركيز الشديد على المجال الذي يهتم به الملك والأمير سعود أكثر من غيره”.

 

 

بروفايل | الجبير: موظف بذهنية أميركية

 

كان المسؤول السعودي الأكثر اتصالاً بالإسرائيليين (أ ف ب)

كان خروج عادل الجبير في آذار الماضي، ليعلن بنفسه من واشنطن بدء حملة «عاصفة الحزم» على اليمن، دليلاً كافياً على أن الرجل لن يكون اسماً عابراً في المرحلة المقبلة من تاريخ السعودية. اختير الجبير الذي شغل منصب السفير السعودي في الولايات المتحدة منذ عام 2007، ليكون واجهة المغامرة الأخيرة للرياض في المنطقة، قبل أن يرقّيه الملك سلمان بين ليلةٍ وضحاها، مسلّماً إياه وزارة الخارجية، بعد 40 عاماً من تولّي سعود الفيصل السياسة الخارجية للمملكة، ليكون بذلك الجبير ثاني وزير للخارجية من خارج الأسرة الحاكمة، بعد إبراهيم السويل الذي شغل المنصب نفسه بين عامي 1960 و1962.
ويبدو أن تعيين الجبير (53 عاماً) في هذا المنصب يصبّ في مساعي الملك سلمان لإحكام قبضته على مفاصل الحكم كافة، عبر إزالة الأسماء التي يمكن أن تمثل له عثرات على طريق التفرّد، فوقع الاختيار على موظف دبلوماسي يلتزم بالاملاءات الملكية كاملةً، من دون أن يمثل قطباً قائماً مثل خلفه الفيصل. كذلك يأتي تعيين الجبير، الذي أمضى نحو ثلاثين عاماً في الولايات المتحدة، معظمها في كنف بندر بن سلطان، في لحظةٍ مفصلية من تاريخ علاقة الرياض بواشنطن، في ضوء التباين الذي ظهر بوضوح أخيراً بين الحليفين، إزاء ملفات إقليمية كبرى مثل الاتفاق النووي بين أميركا وإيران، وأخيراً الضغوط التي مارستها واشنطن على الرياض، والتي لم تعد سرّاً، لإيقاف العمليات العسكرية الفاشلة ضمن «عاصفة الحزم». هذه المعطيات التي تثير التساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين الحليفين التاريخين، تجعل من تعيين الجبير، رجل السعودية في أميركا الذي بات خبيراً بذهنية الأميركيين، الشخص المناسب في التوقيت المناسب.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.