اكراد سورية من ” الماركسيين ” بين ” معاداة الامبريالية” والوقوع في احضانها / كاظم نوري الربيعي
كاظم نوري الربيعي ( العراق ) الجمعة 16/2/2018 م …
ان اكثر ما يحير المتابع للشان الكردي في سورية منذ الحرب التي تشن عليها والتي تجاوزت سبع سنوات وما رافقها من دمار وقتل للابرياء وتشريد الملايين واستمرار ذلك حتى الان والكرد خاصة اولئك الذين ” ينتهجون الماركسية في ادبياتهم ارتضوا ان يكونوا اداة طيعة بيد” الامبريالية الامريكية” التي اخذت تسيرهم وتتعكز عليهم بحجة التعاطف معهم وهي التي رفضت حتى مشاركتهم بالحوار السوري السوري الذي جرى في ” استانا” و” تسوشي” ارضاء لحليفتها تركيا التي تعدهم بمثابة ” ارهابيين” وهم يعلمون ان اهداف واشنطن واضحة خاصة في مناطق شمال و شرق سورية وتحديدا القريبة من المثلث العراقي السوري الاردني .
في عفرين التي تتعرض لاعتى واشرس عدوان تركي منذ نحو شهر استهدف المدنيين والمستشفيات والمدارس في المدينة السورية كان بامكان” ماركسيو” المدينة من الكرد الذي يقبع زعيمهم في سجون السلطة العثمانية الحاكمة في انقرة ان يتجاوزوا هذا الدمار وان يجنبوا الشعب في عفرين كردا وعربا وغيرهم هذا العدوان التركي عندما اقترحت روسيا عليهم حين كانت متواجدة قوات لها على مشارف المدينة ان ينسحب المسلحون الكرد منها ويسمحون للشرطة السورية التي لاتضم في صفوفها ” استخبارات” او غيرها ان تحل محلهم من اجل قطع الطريق على تركية التي تسعى الى ابادتهم.
رفض كما هو معروف كرد ” عفرين” حتى الماركسيين” منهم المقترح الروسي واصروا على السير في ذات الطريق الذي رسمه الامريكي لاكراد ” منبج ” وبقية الكرد في المدن السورية الاخرى بهدف تنفيذ مشروعه التقسيمي في المنطقة الذي سيشمل بالتاكيد وفق ما هو مخطط له ” كرد العراق” مستقبلا في حال نجاح واشنطن في تحقيق مشروعها في سورية الذي ستتصدى له دول في المنطقة من بينها ايران والعراق وحتى تركيا التي تشن الحرب الان ضد عفرين بحجة محاربة الارهاب”؟؟
تذكرنا قضية ومواقف الكرد في سورية مع الفارق طبعا بما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وكادت الدولة التي برزت بعد الانهيار وهي ” روسيا الاتحادية” ان تتعرض للتشرذم والتقسيم وهذا ما كان يسعى له الغرب لولا” موقف بعض الماركسيين الذين كانوا يعملون في صفوص الحزب الشيوعي السوفيتي خلال الحقبة السوفيتية ” وفي مقدمتهم الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي اسس حزبا وطنيا جمع بين معادة الامبريالية ” والقومية” مثلما وقف الحزب الشيوعي الروسي نفسه ذات الموقف ولن يرتضي لنفسه الوقوع في احضان ” الامبريالية” لان الجميع وضعوا نصب اعينهم مستقبل الوطن فوقفت روسيا الاتحادية على قدميها رغم كل محاولات الاطاحة بها وهاهي تتحدى ” الامبريالية والاستعمار الغربي” لكن بنهج يمزج بين ” القومية اي عدم التفريط بالوطن بحجة ” الديمقراطية الزائفة” التي يستغلها الغرب ومعاداة الامبريالية والاستعمار بكل اشكاله.
كرد سورية من الماركسيين اضاعوا ” المشيتين” فهم لم يحافظوا على مبادي ” معاداة الامبريالية” بوقوعهم في احضانها وبقبولهم بمشاريعها الاستعمارية ولم يحافظوا على وضعهم داخل المجتمع السوري برفضهم قبول المقترح الروسي بالسماح للشرطة السورية التابعة للدولة بالانتشار في عفرين حتى يتجنبوا العدوان التركي ويجنبوا سكان عفرين الموت والدمار واصروا على ذات المواقف التي استغلوها جراء ضعف الدولة السورية التي رافقت الازمة التي عاشتها البلاد مثلما استغلها ايضا ” كرد العراق ” عندما زحفوا على محافظة كركوك ومدن اخرى عراقية واستغلوا مواردها النفطية في وقت كانت تزحف فيه ” جيوش داعش الارهابية” على المدن العراقية محاولين فرض واقع جديد في العراق ظنا منهم ان هذا الامر سوف يستمر وفي النهاية عادت الامور الى طبيعتها بعد طرد داعش من ارض الوطن .
الشيئ نفسه لابد ان يحدث في عفرين ومنبج ودير الزور وغيرها من المدن مهما طال الزمن ومهما حاول” المستعمر الامريكي” الطامع في ثروات المنطقة ان يدرب من مرتزقة ويشكل الجيوش ويصرف الاموال فكل هذا سوف يزول حينها سيعرف الكرد خاصة” الماركسيين” منهم من الذين وضعوا ايديهم بايدي ” الامبريالية” انهم اضاعوا المشيتين بعد ان استخدمتهم واشنطن لمشاريع تدميرية وتقسيمية سوف تنتهي لامحالة حتى لو تطلب ذلك اطالة امد الحرب وربما توسيعها .
ماركسيو الكرد في سورية ليس وحدهم من ارتكب خطا وضع اليد بيد ” الامبريالية” والهرولة وراء مشاريعها الديمقراطية الوهمية والكاذبة ” فقد سبقهم الى ذلك ماركسيو العراق وهاهو الحزب الشيوعي العراقي يشارك ومنذ الغزو والاحتلال الامريكي في عملية سياسية هجينة ومشوهة انطلقت بعد عام 2003 وضع دستورها المفخخ ” المستعمر”” الامبريالية الامريكية التي صدعوا رؤوسنا بمعاداتها من خلال شعاراتهم واذا بهم يصطفون جنبا الى جنب” مع المتمترسين في المنطقة الخضراء في بغداد ” فخسروا العمال والفلاحين” قاعدتهم وركيزتهم الاساسية مثلما خسروا تاريخهم السياسي والنضالي العريق وتضحياتهم الجسيمة ” ضد الامبريالية الامريكية والاستعمار الغربي” بعد ان اخذوا يتغزلون ويتباهون ” بديمقراطية العم سام” الكاذبة
سورية ورغم المحنة التي تعيشها والاوضاع الصعبة التي تواجهها اقتصاديا وعسكريا جراء الهجمة الارهابية ” الامبريالية” الاجرامية ابدت استعدادها للوقوف الى جانب اهل عفرين وقد ورد ذلك على لسان وكيل وزارة الخارجية السيد فيصل المقداد انطلاقا من موقف دمشق الوطني الرافض لكل انواع التدخل في الشان السوري سواء كان ذلك من الشمال او الشرق ونامل ان يعي ” ماركسيو ” الامس واصدقاء ” الامبريالية ” اليوم ذلك لان وجودهم في سورية موحدة هو ما يحفظ كرامتهم .
اما التعويل على ” ماما امريكا” ومشاريعها في المنطقة ماهي الا مجرد احلام شبيهة باحلام العصتافير لان هناك اتفاق بين انقرة وواشنطن على تقاسم الادوار في سورية وان ما يتردد من احاديث عن وجود خلافات فهي مجرد اكاذيب لان الاثنين يتفقان على الوضع في سورية كونهما اعضاء في حلف عدواني واحد هو ” ناتو. ولهما مصالح مشتركة في المنطقة .
التعليقات مغلقة.