ما مَدى صِحَّة النَّظريّة التي تُؤكِّد أن صواريخ كوريا الشماليّة في سورية قد تَقضي على أُسطورة طائِرة الشَّبح من طِراز “إف 35”.. ولماذا شَدَّد السيد نصر الله على أن قَرار إسقاط الطَّائِرة “إف 16” كان سوريًّا؟ وما هو السِّر الذي لَمّح إليه حَول قُدرَتِه على تَدمير مِنصّات الغاز الإسرائيليّة في ساعات؟

 السبت 17/2/2018 م …




الأردن العربي – الرأي اليوم –

ما زالت القِيادة العَسكريّة الإسرائيليّة تَعيش حالةً من الصَّدمة، ومَعها نَظيرتها الأمريكيّة، بعد أُسبوعٍ من إسقاط دِفاعات جويّة سوريّة طائِرة “إف 16” المُتطوّرة والذكيّة فوق أجواء فِلسطين المُحتلّة، خاصَّةً بعد ظُهور تقارير أمريكيّة استراتيجيّة تتحدّث عن احتمال استبدال هذا النَّوع من الطَّائِرات بأُخرى أكثر تطوّرًا من طِراز “إف 35″، ولكن الأخيرة التي جَرى إصابتها مرّتين، الأولى في تشرين الأول (أكتوبر)، والثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين من قِبل دفاعات جويّة سوريّة، لم تَعد مَوْضِع اطمئنان.

مجلة Aviation Analyst Wing الأمريكيّة المُتخصِّصة في شُؤون الطيران، أكّدت نجاح الصواريخ السوريّة المُضادّة للطائرات أكثر من مرّة في إصابةِ طائراتٍ إسرائيليّةٍ مُغيرة، الأمر الذي يُؤكّد بأن تَداعيات ذلك سَتكون خطيرة في أيِّ حَربٍ مُقبِلة، لأن التفوّق الجويّ الإسرائيليّ لم يَعُد مَضمونًا.

الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة التي حَظرتْ نَشر أي معلومات عن إسقاط “إف 16″، سَمحت يوم أمس بنشر تقارير تقول أن الصواريخ السوريّة التي طارَدت الطائرات الإسرائيليّة المُغيرة يوم السبت الماضي مَرّت فوق حيفا وتل أبيب، ولهذا السَّبب جَرى إغلاق مطار تل أبيب لعِدَّة ساعات.

والأخطر من ذلك أن تقارير أُخرى أفادت أن “حزب الله” بَدأ في تَشغيل منظوماتِ صواريخ “سام 5” قادِرة على إسقاط طائِرات بطيّار أو بدونه، بِما في ذلك طائِرات شَحن وتَجسّس أيضًا.

القلق اللافت الذي يَسود الأوساط العَسكريّة الإسرائيليّة ويتمحور حول حادِثة إسقاط الطائرة “إف 16” من شقّين، الأوّل هو احتماليّة هُبوط طيّارين إسرائيليين بمَظلّاتِهم في المرّة المُقبِلة في الأرضين السوريّة واللبنانيّة، وبالتَّالي وقوعهم في الأسر، أمّا الشَّق الثاني، هو وقوع حُطام الطَّائِرة أيضًا في يَدْ الخُبراء الروس والاطلاع بالتَّالي على ما تَحمله من أجهزة رادار ومُراقبة، وتَجسّس، وصواريخ من المُفتَرض أنّها عالية السريّة في حال سُقوطِها في الأراضي السوريّة أيضًا.

السيد فيصل مقداد، نائب وزير الخارجيّة السوري هدّد في مُؤتمرٍ صحافي عَقده أمس الأوّل بأنّ الدِّفاعات الجويّة السوريّة ستَسقط أي طائِرة إسرائيليّة تَخترق الأجواء السوريّة، أمّا السيد أيمن ساسون الرجل الثالث في الوزارة، ومُعاون وزير الخارجيّة فتحدّث عن مُفاجآت قادِمة سَتكشِف عنها الأيّام والاسابيع المُقبِلة سَتُصيب المُعتَدين بحالةٍ من الصَّدمة.

موقع “المونيتر” ومَقرّه واشنطن، نَقل عن مجلّات أمريكيٍة مُتخصّصة في شُؤون الدِّفاع الجويّ تحليلاتٍ تُؤكّد أن سورية لم تتسلّم رسميًّا صواريخ “إس 300” أو “إس 400” الروسيّة المُتقدّمة جدًّا حتى الآن، ولكنّها تَمْلُك منظومة صواريخ كوريّة شماليّة من طِراز (KN6) حديثة مُتطوّرة دخلت الخِدمة في الجيش الكوري، ولها مُواصفات لا تَقِل فاعليّة عن الصواريخ الروسيّة المَذكورة آنفًا.

الصواريخ الصربيّة دمّرت أُسطورة طائِرة الشبح الأمريكيّة “إف 117” عندما أسقطتها فوق بلغراد عام 1999، وذهبت أسرارها إلى القِيادة الروسيّة ممّا أدّى إلى وَقف إنتاجها، ولا نَستبعد أن تُواجِه الطَّائِرة البَديلة التي حلّت محلها وهي “إف 35” التي كَلّف إنتاجها حواليّ 1500 مليار دولار، وتَبلُغ قيمة كل طائِرة حواليّ 95 مليون دولار، ممّا يَجعلها الأغلى في العالم، المَصير نفسه فَوق الأجواء السوريّة، وربّما هذا ما قَصده السيد سوسان عندما تَحدّث عن مُفاجآتٍ قادِمة.

مِحور المُقاومة بَدأ يلتقِط أنفاسه بعد عَودة الهُدوء إلى مُعظَم أنحاء سورية، وانْحِسار عدد الجَبهات بِفَضل اتفاقات تَخفيف حدة التوتّر، الأمر بات يُمكّنه من التركيز أكثر على القضايا المَركزيّة، مِثل قضيٍة الاحتلال الإسرائيلي أوّلاً، والوجود العَسكري الأمريكي على الأرض السوريّة ثانيًا، أو الاثنين مَعًا.

التفوّق الجويّ الإسرائيليّ الذي حَسَمَ مُعظَم الحُروب ضِد العَرب بدأ يتآكل وبَشكلٍ مُتسارع، وقد أصاب السيد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله”، كبد الحقيقة في خِطابه الذي ألقاه اليوم ووصف فيه إسقاط الطائرة الإسرائيليّة بأنّه إنجازٌ سوريٌّ تم بقرار سوري، وأنّه قادِر على تَدمير منصّات استخراج الغاز والنِّفط الإسرائيليّة في البَحر المتوسط في غُضونِ ساعات، ولا نَعتقد أنّه يقول ذلك، وقد عَلّمتنا التّجارب، أنّه صادِق في كُل ما يقول، لولا أنه يَمْلُك القُدرة على التَّنفيذ.

قُلناها سابِقًا.. ونُكرّرها الآن.. إن مُعادلات الرَّدع القديمة انهارت وحَلّت مَحلها مُعادلات جَديدة تَجعل كَفّة المُقاومة هِي الأرجح والأكثر قُدرةً على الحَسم فيما هو قادِم من أيّام، لقُدرتِها الأكبر على الصُّمود، وتَطويرِها لتَرسانتها العسكريّة على الصُّعد كافّة.

“رأي اليوم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.