شلل تجارة الأردن البرية بسبب الأزمة العراقية والسورية

 

الأردن العربي ( الجمعة ) 1/5/2015 م …

نشرت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ تقريرا لوكالة الأنباء إسوشتيد برس، حول الشلل الذي أصاب التجارة البرية الأردنية بسبب الحرب الدائرة في كل من سوريا والعراق، قالت فيه الوكالة إن التجارة عبر المعابر البرية مع سوريا والعراق شلت تقريبا بسبب هجمات الثوار على تلك المعابر، مهددين بذلك حليفا مهما للغرب، تمكن إلى الآن من منع المتطرفين الإسلاميين من التمدد إلى أراضيه.

ويشير التقرير إلى أن القتال تسبب بإغلاق المعبر الحدودي التجاري الوحيد بين سوريا والأردن، كما أن حركة الشحن بين العراق والأردن تراجعت بشكل كبير، ما تسبب في خسارة الاقتصاد الأردني ملايين الدولارات شهريا.

وتنقل الوكالة عن سائق شاحنة يدعى فراس الزعبي قوله: ‘إن العراق مغلق وسوريا مغلقة، والطريق الوحيد المفتوح هو طريق الخليج’.

ويبين التقرير أن تعطل الحدود يعد آخر نكسة في سلسلة من النكسات منذ الربيع العربي عام 2011، وبالذات بعد صعود تنظيم الدولة واستيلائه على مساحات شاسعة من سوريا والعراق العام الماضي، وارتفاع البطالة وغلاء المعيشة مع دخول أعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية السورية، بينما انخفضت معدلات السياحة والاستثمارات الأجنبية.

وتلفت الصحيفة إلى أن صادرات الأردن قد ارتفعت بنسبة 17% خلال الشهرين الأولين من هذا العام، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وكان هذا قبل أن تتفاقم المشكلات.

ويذكر التقرير أن الأردن قام الشهر الماضي بإغلاق المعبر الحدودي الوحيد الذي يعمل مع سوريا، بعد أن استولى الثوار الذين يقاتلون الأسد على المعبر من الجانب السوري. كما قام تنظيم الدولة بثلاثة تفجيرات انتحارية في الجانب العراقي من معبر الشاحنات الوحيد للأردن، حيث قتل أربعة جنود عراقيين، وتسببت العمليات باضطرابات كبيرة.

وتجد الوكالة أن خسارة هذه الطرق التجارية تؤذي الزراعة والصناعة الأردنية بشكل كبير، وقالت وزيرة الصناعة والتجارة الأردنية مها علي في مقابلة: ‘يعد كل من سوريا والعراق سوقا رئيسة لصادرات الأردن، فبالتأكيد سيؤثر إغلاق الحدود على صناعتنا’.

ويفيد التقرير بأنه تم إغلاق المنطقة الحرة على المعبر الذي يسميه السوريون ‘نصيب’، ويسميه الأردنيون ‘جابر’، وسط أخبار عن عمليات نهب قام بها الثوار السوريون.

وتنقل وكالة الأنباء عن رئيس اتحاد المستثمرين في المناطق الحرة في الأردن نبيل رمان قوله إن تلك المنطقة تعد إلى الآن منطقة مزدهرة بالتجارة والمخازن والمصانع، وكان يعمل فيها عدة آلاف، ومنذ سيطرة الثوار على المعبر انسحب المستثمرون. مضيفا أن المعبر كان مصدرا لتجارة بمئات الملايين من الدولارات، وذهب كل ذلك الآن.

وتوضح الصحيفة أن الشاحنات قامت هذا الأسبوع بنقل المواد من المخازن في المنطقة الحرة، حيث كان همّ التجار هو إنقاذ بضاعتهم.

ويورد التقرير، بحسب عربي 21 قول رجل الأعمال العراقي واثق العبادي (45 عاما) بينما كان يشرف على تفكيك مصنع المشروبات الغازية، الذي كلفه عشرة ملايين دولار، وقد أنشأه قبل ست سنوات، إنه ‘لا مستقبل هنا، لقد انتهى كل شيء’.

وتوضح الصحيفة أن العبادي كان يظن أن المنطقة فيها أمان أكثر من بلده الممزق. ولكن القتال في سوريا والعراق أثر كثيرا على المبيعات، وسيطرة الثوار على المعبر سرعت من خطته لنقل مصنعه إلى جنوب العراق.

ويذهب التقرير إلى أن إغلاق المنطقة أثر بشكل كبير على المجتمعات المحلية القريبة، التي تعاني من البطالة ووجود أعداد كبيرة من المهاجرين السوريين. فمثلا كان غالي سرحان (22 عاما) من قرية جابر القريبة يتاجر ببضاعة في المنطقة الحرة، والآن يفكر في الالتحاق بالجيش، كونه الخيار الوحيد أمامه. وقال سرحان بينما كان يجلس مع أصدقائه على تلة تشرف على مكان عمله السابق: ‘إن قرية جابر كلها كانت تعيش من المنطقة الحرة’.

وتقول وكالة الأنباء إن الزعبي انطلق من المنطقة محملا شاحنته بالذرة المعلبة، وهو أول عمل يقوم به منذ إغلاق المعبر، ويقول إنه يعيل 17 فردا، بينهم اثنان في الجامعة، مضيفا أنه يحتاج أيضا لدفع قسط شاحنته البالغ ألف دولار شهريا.

وبحسب رئيس اتحاد سائقي الشاحنات محمد داود، فإن أكثر من خمسة آلاف شاحنة من التي تذهب إلى سوريا والعراق، لا تعمل الآن.

وينقل التقرير عن داود قوله إنه قبل توسع تنظيم الدولة في حزيران/ يوليو الماضي كان هناك 700 شاحنة تحمل البضائع بين الأردن والعراق، ولكن العدد تراجع بانتظام مع ازدياد المخاطر على الطريق، الذي يمر عبر مناطق يسيطر عليها التنظيم بين الحدود ووسط العراق.

وتبين الوكالة أن آخرين اشتكوا من الجمارك التي يفرضها التنظيم، حيث قال التاجر محمد البستنجي إنه توقف عن بيع السيارات للعراق منذ ستة أشهر؛ لأن مقاتلي التنظيم يطلبون ألفي دولار عن كل سيارة ليسمحوا لها بالمرور من حاجزهم.

وينوه التقرير إلى أن الأردن منع السائقين الأردنيين من دخول العراق، وطلب منهم بدلا من ذلك تسليم بضائعهم لشاحنات عراقية؛ بسبب تنامي المخاطر، وقالت وزارة التجارة إن التفجير الانتحاري الذي حدث يوم السبت على الحدود العراقية يذكر بتلك المخاطر.

ويتابع التقرير بأن المشكلة امتدت إلى لبنان، الذي يعتمد على المعابر التجارية السورية الأردنية لتصدير البضائع إلى الخليج، حيث تراجعت تلك التجارة إلى النصف، بحسب زياد بكداش من اتحاد الصناعات اللبنانية.

وتؤكد الصحيفة أن المعبر مع سوريا لن يفتح حتى يستقر الوضع الأمني، بحسب المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، الذي يقول إن ذلك لا يبدو ممكنا ما دام الثوار، وبينهم منتسبون لتنظيم القاعدة، يسيطرون على المعبر.

وتختم ‘نيويورك تايمز’ تقريرها بالإشارة إلى أن وزيرة الصناعة والتجارة تقول إن الحكومة تفكر بطرق أخرى للتصدير، ولكن طريق البحر من العقبة مكلفة، ما سيفقد البضاعة الأردنية إمكانية المنافسة. بينما قال وزير الاقتصاد السابق جواد العناني إنه لا حلول سريعة للمشكلة، وعلينا البحث عن أسواق أخرى في شرق أفريقيا وروسيا، ولكن ليست لدينا خطوط تجارية مع تلك الدول، وبناء مثل هذه الخطوط والعلاقات سيأخذ وقتا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.